تعليق الأستاذ دالو بالدو
* محاولة تحقيق ماهية " الـربا " ملحق II *

عبد الرحمان حواش في الجمعة ١٢ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

*  محاولة  تحقيق  ماهية " الـربا " ملحق II  *

 

ــ التعـقيب على تدخل الأستاذ:  دالـو بالدو،والجواب على إشكالاته يستدعي -  ملحقا- حتى نستفيد ، إن شاء الله،  منه  جميعا.

ــ سلام  تحية  من  عند  الله  مباركة  طيبة.

ــ سبق أن أشرت، على تساؤلكم هذا : " ... ولكن هناك من يقول بأن الإقراض بالربا يمثل تشجيعا للذي يأكل الربا." وأعـيـد :

ــ ءاية واحدة، من كتاب الله المبين،الذي هـو : (... ونزلنا  عليك  الكتاب تبيانا لكل شئ وهـدى ورحمة  وبشرى  للمسلمين). تكفي، جوابا، على  تساؤلكم : عن كوننا  نشجع بذلك، الذي  يأكل الربا ؟ وذلك -  على الأقل -  قوله  تعالى  فـــي سورة ءال عمران 178.

( ولا يحسبن  الذين  كفروا  أنمانملي  لهم  خيرٌ  لأنفسهم  إنما  نملي  لهم  ليزدادوا  إثما  ولهم  عذاب مهين ). ( ... ما فرطنا  في  الكتاب  من شئ...). وما جاء  في  ءاية  القلم 44.

( فذرني  ومن يكذب  بهذا الحديث  سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم  إن  كيدي  متين ).  (... واتخذوا  ءاياتي  وما أنذروا  هزؤا  ).

ــ فهذه الآيات  وحدها، تكفي  حكما وجوابا على تساؤلكم ،  وعلى  تساؤل غيركم : أن كنا نشجع  بذلك المربي؟ !

ــ الإحتياج  للقرض، ضرورة، لا  تقبل التأجيل !ولا  حل  له، إلا العثور على من يـُنفس الكرب، واكتشاف من يـُــقرض،  أو  يـُـقرَض منه، فإن وُجد من يقرض -  قرضا  حسنا

فذاك  وإلا :  (...  فمن  اضطر  غير  باغ  ولا  عاد  فلا  إثم  عليه  إن  الله  غفور  رحيم ).

البقرة 173. جاء ذلك  ثلاث  مرات  في  كتاب الله  المبين،  وفي  دينه  القويم.

ــ فإن اللجوء إلى القرض  بالربا !لا  إثم  فيه،ولا يستوجب طلب  المغفرة من الله !تلكـم الآيات ( الإضطرار) لا  تطبـّـق عليه - كما ذكرت- وكما بينت، من كتاب الله المبين. وإنما الإثم، على المـُـقرض بالربا  وآخذه، وآكلـُـه  - فقط - والذي لا  يـُـطاق !بالنسبة للمضطر،إنما هو، تلكم الزيادة المنكرة، التي يربيها الرابيفي ماله.( في مال  عمــرو).

ــ وإن اللجوء، إلى القرض، والإستلاف  - بالربا -  لا دواء، له !لأنه إضطرار، كالجائع، ذي المخمصة، ولجوئه إلى  أكل  الميتة،  والدم، ولحم الخنزير،  فإنها حينئذ  حلال له. ( أكل الميتة، والدم ...) إن لم  توجد  إلا هـي !  ( ... فمناضطرفي  مخمصة  غير  متجانف  لإثــم  فإن الله  غفور  رحيم ).المائدة 3.

ــ في الوقت، أن المقترض،-  كما  وضحت -  لا ذنب له، ولا إثم عليه،  لأن  دفعه الزيــادة    ( الـــربا )للمربيليس ربــاً  -  بالنســبة إليه -  ولا يمكن أن تجعل عمليته،

-  كذلك -  بمثابة إضطرار، إلى أكل  الميتة  والدم،  ولحم  الخنزير، فشتان بينهما !لأن أكلها حرام ، ( أكل الميتة  والدم )  أما  المقترض  فلا  حرمة عليه. -  أبدا– كما بينت وبينت ...

ــ لا يمكن أن يكون الإضطرار، واللجوء  إلى القرض  بالربا  إعانة  إراديـــة  للمربي !

ــ فـأنا (عمرو) محتاج !فلا بـدّ علـيّ باللجوء، إلى من يقرضني،سواء بالإحسانأم بالربا !  وبكل  حـِـلـّــية ( حلال ).

ــ أما هـو، فالله الشديد العقابأنذره، على فعل ذلك: ( والذين  يأكلون  الربا  لا  يقومون إلا  كــــما يقوم  الذي  يتخبطه  الشيطان  من المس...  فمن جاءه موعظة  من ربه  فانتهى  فله  ما سلف ... ومن عــاد  فأولئك  أصحاب  النار  هم  فيها  خالدون يمحق  الله  الربا  ويربي  الصدقات والله لا  يحب  كل  كفار  أثيم ).275- 276  البقرة.

ــ قــد  يكون  اقتراض عمروهذا، ردعا  وتذكرة على أن  يــنتهي الرابي!  ويزكـّي ماله ويتوب،  -  أو على الأقل -  يقـــرضه  قرضا  حسناً. ( وأما الذين في قلوبهم مرض     فزادتهم رجساً  إلى رجسهم  وماتوا وهم كافرون). 125 التوبة . ( الذين كفروا  وصدوا  عن  سبيل الله زدناهم  عذابا فوق  العذاب   بما  كانوا يفسدون )88 النحل.                            ــ وهو الذي يقبل  التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات...) الشورى 25. ( ... كتب  ربكم  على نفسه الرحمة  أنه من عمل  منكم  سوءا  بجهالة ثم تاب  من  بعده  وأصلح  فإنه  غفور  رحيم ).الأنعام 54. ( ... وأما الذين استنكفوا  واستكبروا فيعذبهم  عذابا  أليما ...)النساء 173. إلى غير ذلك ...

ــ قولكم:(وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ولم يقل لهم بأن يذهبو ويقرضو المال).

ــ فـرق فارق، بين العفة، والإستعفاف،عند عدم وجود النكاح، وبين الإحتياج  إلى القرض !شتان بينهما.

ــ فالنكاح - غير ضروري -  كالإحتياج إلى القرض- إنما يطلب الإستعفاف، والصبر،  والفضل، من الله، الغنـي الكريم - فقط -  وصدق الله ،  العليم  الخبير . والإستعفاف، عدم اللجوء  إلى  الزنا  -  وخاصة -  القرب  منه.  وذلك  لكلي الجانبين : الذكر  والأنثى.

ــ أما القـرض،  فالحاجة  إليه، والإحتياج  إليه،  لقضاء ديون، أو  دعم  تجارة،  أو غير ذلك ....  ضرورة  قصوى ، ومن  مستلزمات  الحياة  الدنيا. وكل الناس، قد يضطرون إلى ذلك !

ــ قولكم : " ومثلا في الفقراء يقول الله  تعالى يحسبهم  الجاهل أغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم  لا يسئلون الناس  إلحافا) البقرة/273. ولم يقل لهم بأن يذهبو  ويقرضو  المال ".

ــ فلا  صلة -  تماما -  بين صورة  الفقر والفقير وصورة  القرض، والمقترض، فالأول  لا  يردّ  مال  الصدقة !وأما الثاني، فاستلاف ، مع  وجوب رده  في  أجل ما !

ــ الفقير، الذي لا يسئل  الناس  بإلحاف -  كما  ذكرتم -  إنما  ينتظر الصدقة، والإعانة، من غير ردّها، ولا  مورد  لـه لردها.

ــ أما الحاجة إلى القرض، والإقتراض ، فضرورة قصوى، لا يعلمها إلا المحتاج،  والمضطر إليه ، ولا بد  أن لديه  مورداً  يردّ  منه  ما  استلفه.

ــ فاحتياج عمروللقرض، ليس -  أبدا -   من أجل الفقر، وإنما  من أجل احتياج مال، لتسديد  ديون عليه، أو غير ذلك، أما الفقير، يطلب الصدقة، وليس لديه ما  يرد !  ولا يردها  لا  الرأسمال، ولا  أي زيادة .

ــ وأخيرا،سؤالكم: " ما هو الفرق بين الدين والقرض؟ من القرءان  الكريم"

ــ الــدين:هوما بذمة الإنسان  للغير،  يدفعه له، عند  حلول الأجل، أو عند الإستــــطاعة.يصير -  عادة -  بالإستلاف، أو جراء رصيد، بعد  محاسبة، أو غير ذلك .... ولقد جاء  بيانه وتفصيلة، في كتاب الله المبين، وفي دينه القويم، في  سورة  البقرة 282. ( يأيها الذين ءامنوا إذا  تداينتم بديــن ...) في  أكبر  ءاية،  في  كتابه  المبين. فهو واجب الكتابة، وواجب  تعيين  الأجل، وواجب  الشهودوالرهن  إن إقتضى ذلك ، أو : ( وإن كنتم على سفر ولم  تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ...).البقرة 283.إلى غير ذلك كما  هو مفصل  في  الآية  المذكورة.

ــ نلاحــظ : مقبوضة  = ( أثاث -  منتقل ...) لأنه على سفر...

ــ الديــن واجب الــرد  والإرجاع، - كذلك -  قبل  تقسيم  الميراث. ما جاء  في  سورة النساء، أربع آيات : في ( ... منبعد  وصية يوصي بها  أو  ديــن ...).

ــ أما القــرض : فهو استلاف  من الغير، لمبلغ مالي ما ، على نية رده، وإرجاعه وجوباً  في  أجل ما.

ــ عكس الدين،  فلا  يكون إلا بقصد.

ــ وفيه : القرضبالربــاالمنهي عنه، والقرض بدونه، سماه الله العليم  الخبير بـ : القرض الحسن  وأشاد به، ومدح  فاعله، عكس القرض  بالربا.  بل جاء  حتى  بالأمر بـه  في  ءاية  المزمل 20.( وأقرضوا  الله  قرضا  حسنا...).

ــ نلاحـظ : إضافة  القرض  الحسن،إلى  عظمتــه في كل مرة.

ــ وأخيرا، أرجو أنني  بهذا  القدر،  قد أجبت على  كل  ما  جاء  في  تعقيبكم،  أو على جلـّــه.  جعلنا  الله  جميعا  من  الذين ( إنما المؤمنون  الذين  إذا  ذكر  الله  وجلت  قلوبهم  وإذا  تليت  عليهم ءاياته زادتهم  إيمانا  وعلى ربهم  يتوكلون) .الأنفال 2.

 

*  واللــه  أعلــم  *

 

اجمالي القراءات 7845