لقد زاد الحياة إلي حبا ....

لطفية سعيد في الأربعاء ١٠ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 هذه القصيدة (لقد زاد الحياة إلي حبا )  (لأبي خالد القناني) من أحب القصائد إلى نفسي ، لأني أشعر فيها بحنان الأب  ،وخوفه  على بناته فيرجع لهن السبب في عدم خروجه للجهاد ـ مع حبه له ـ  لم تطاوعه نفسه أن يتركهن وهو الأب الحنون ، فهو يمثل لبناته القوة ، لأنه يراهن ضعاف ، ولاسيما في غيابه  حيث  سيتبدل بهن  الحال من رغد في المعيشة ورفاهية إلى فقر وعوز، وهذا مالا يرضاه لهن ، إذ  ينتج عن ضيق المعيشة، وضيق ذات اليد   انصراف الخطاب ونفورهم من بناته   ، لفقرهن الذي يترك طابعه الواضح على طريقة المعيشة ، وحسن المظهر ..  وسوف يندبن حظهن على غياب الأب ، والعائل  ومما يسبب لهن الحزن الشديد أيضا ما يشعرون به من اختلاف نظرة المحيطين لهن .. ويؤكد الأب الحنون لمن يلومه على عدم الخروج للجهاد ،  أنه لديه أسبابه القوية ـ سالفة الذكر ـ  التي تمنعه عن الخروج للجهاد ،و لولا  هذه الأسباب لأعد نفسه وجهز مهره للجهاد ،   وكان من دعاه للخروج  ولامه على القعود للجهاد هو  قطري بن الفجاءة المازني  الشاعر المشهور بحبه للجهاد ، وقد نقل لنا هذا الحوار عمران بن حطانو شعره هذا بخلاف شعر أبي خالد القناني و كان من قعد الخوارج أيضا و قد كان كتب قطري بن الفجاءة المازنييلومه على القعود :

أبا خالد أيقن فلست بخالد 
و ما جعل الرحمن عذرا لقاعد 
أ تزعم أن الخارجي على الهدى 
و أنتم مقيم بين لص و جاحد

فكتب إليه أبو خالدالقناني( أبو البنات )   ردا على قصيدته وعلى تأنيبه لعدم الخروج للجهاد      :

لقد زاد الحياة إلي حبا 
بناتي إنهن من الضعاف 
أحاذر أن يرين الفقر بعدي 
و أن يشربن رنقا بعد صاف 
و أن يعرين إن كسي الجواري 
فتنبو العين عن كرم عجاف 
و لو لا ذاك قد سومت مهري 
و في الرحمن للضعفاء كاف

أبانا من لنا إن غبت عنا

وأصبح الحي  بعدك في اختلاف

هذا خلاف ما قال عمران بن حطان نفسه  و عمران هذا أحد بني عمرو بن يسار بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عك بن بكر بن وائل و كان رأس القعد من الصفرية و فقيههم و خطيبهم و شاعرهم

  معارضا أبي خالد،  قال عمران بن حطان : :
لقد زاد الحياة إلى بغضاً ... وحباً للخروج أبو بلال
أحاذر أن أموت على فراشي ... وأرجو الموت تحت ذرا العوالي
ولو أني علمت بأن حتفي ... كحتف أبي بلال لم أبالي
فمن يك همه الدنيا فإني ... لها والله رب البيت قال

 

ويبدو ان شاعرنا وهو يعتذر عن الاشتراك في الجهاد بسبب بناته ،وحنوه عليهن يختلف عن نظرة معظم  العرب إلى الإناث  ،وتمييزهم للذكور ، وهذا ما نراه حتى يومنا هذا في واقعنا المعاش ، وقد نقلها لنا القرآن الكريم  في آياته،  فيحكي لنا القرآن عن حالة الأب الذي يرزقه الله ببنت ويوصورها  تصويرا تعجز الكلمات عن وصفه .. وكأنك ترى مشهد الحسرة  محققا أما عينيك باللون ،والحركة  تصويرا مبدعا قال تعالى   :

( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)النحل)

بل إن  البشر، ومع كرههم ، وتقليلهم لحجم  الأنثى ، نراهم يتهمون الملائكة بغير علم  بأنهم إناث ، والآيات ( 149 : 159من سورة الصافات ) اشتملت  على  أكبر عدد من الاستفهام والتوبيخ والاستنكار والنفي  ... ربما يحدث أثرا في نفوسهم ،  لأن القضية لا تتعلق فقط بزعمهم أن الملائكة إناث ،  بل بالتوحيد   .. لأنهم   يدعون  أنهم  (ولد الله) ....   ألا إنهم من إفكهم ليقولون  ماذا يقولون ... (ولد الله ) الدلالة والعلامة على  إفكهم كما  تقرر الآيات بوضوح شديد حقيقة ، لا تقبل الشك ، وهي مؤكدة بأكثر من مؤكد إن والضمير ، اللام في مقدمة اسم الفاعل  ( كاذبون ) .. وإنهم لكاذبون  ) (: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمْ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)الصافات،

لكن هل يقلل القرآن الكريم من شأن الإناث ، او لا يذكرهن في آياته الكريمة ؟؟  الإجابة نعرفها جميعا ... فرب العزة أرحم الراحمين يسوي بين الذكر والأنثى في الحقوق،  والوجابات .  في الثواب،  والعقاب،  ولو قرأنا  معا سورة النساء وتحديدا الآية : 23 من هذه السورة لرأينا كيف تفصل الآيات الكريمة  لأدوار الأنثى في المجتمع  ، والتي لايمكن أن يستغنى عنها مطلقا لانعدام البديل ،  فلا نتصور مجتمعا يخلو من هذه الأدوار ،  ولا تستقيم الحياة إلا بوجودهن ، ولا تعمر الدنيا إلا في وجودهن ، فوجودهن ضرورة  فد أثبتتها الإحصائيات التي تقول إن نسبة تواجد الإناث مقارنة بالرجال نسبة  كبيرة تصل إلى أكثر من أربعة أضعاف ، فالتواجد الكبير من المؤكد أنه ضرورة ، ولذلك كانت إرادة الله سبحانه له  .. وقد حددت آية واحدة من القرآن كل هذه الأدوار فهي : أم  ، وبنت  ، وأخت ، وعمة ،  وخالة ،  وبنت أخ  ، وبنت أخت ، وأم من الرضاعة ، وأخت من الرضاعة ،  وأم للزوجة  ، (وهل بوسع أحد الاعتراض على ما تقول ؟... )  وبنت الزوجة  ، وهي حليلة الابن ( زوجته ) الابن من الصلب وليس  من التبني  ... وكل هذه الأدوار جاءت  في سورة النساء  اعترافا  بمكانة النساء  ،  قال  تعالى :

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً23)النساء

ودائما ،صدق الله العظيم  

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 11794