إسلامنا وكفرهم ( ج 2 )

نهاد حداد في الإثنين ١١ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

باسم الله الرحمان الرحيم :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52). صدق الله العظيم ! 

لقد عصم الله تعالى أنبياءه من الزلل فهل فعل مع البخاري؟ 
ولأن محمدا خاتم النبيين والمرسلين ، ولأن الله سبحانه وتعالى عصمه من الناس ، وعصم " أمانيه" من الشيطان كما عصم أماني الأنبياء والرسل من قبله ؛ فقد كان لابد للبخاري أن يجد مخرجا يُأصل به لمنهجه ! ولأن الشيطان وقبيله يرون البخاري من حيث لا يراهم ، فلابد أنهم حاولوا أن يلقوا في أمنيته . لكن لا بأس ، لنفترض أن الشيطان أخذ إجازة بعمر البخاري ولم يعد للعمل إلا بعد وفاة هذا الأخير . 
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : ( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) وَفِي رواية ( ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ( رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1166) 
بهذا الحديث ، شرعن البخاري لأكبر إفك في التاريخ ، إفك ممنهج ومبوب ، لقد استمد مصداقيته من التأصيل للإستخارة ، استخارة رفعت مقامه إلى مقام النبيئين المعصومين .
مع أن الله عز وجل قال: " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ . " 
 ولو شاء العزيز الحكيم لكلمه من وراء حجاب كما فعل مع موسى والنبيين . فلماذا يودع وحيه في أضغات أحلام نائم قد يلقي فيها الشيطان ماشاء من الأماني ؟
 كما أن  القلم قد رفع عن النائم أصلا . وحديث رفع القلم وحده  ينسف أماني البخاري نسفا .
لكن انظر كيف قرب البخاري من النبي نفسه بحديث عائشة . ومع أن الأولى بحديث كهذا كان يجب أن يكون خديجة التي عاصرت الوحي وبداية الرسالة لكن لا علينا . لابأس . 
حدث البخاري فقال أن عائشة قالت بأن الرؤية الصالحة هي أول مابدئ به الوحي . فلم يكن النبي يرى رؤية إلا جاءت كفلق الصبح ، تماما كما سيحدث للبخاري بعد قرنين من الزمن بعد صلواة الإستخارة .عن  رؤاه الصالحة التي ستبثق عنها الأحاديث " الصحيحة " وهنا مربط الفرس .
 حكي عن البخاري أنه كان يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج، ويكتب الفائدة تمر بخاطره فيطفئ السراج، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبا من عشرين مرة . وكان يصلي في الليلة ثلاثة عشر ركعة ، وكان يختم القرآن كل ليلة في رمضان ختمة، وكانت له جدة ومال جيد ينفق منه سرا وجهرا . وكان يكثر من الصدقة في الليل والنهار ، وكان مستجاب الدعوة ، مسدد الرمية شريف النفس. 
مسألة حسابية بسيطة : إذا استيقظ البخاري عشرين مرة كل ليلة ، فقد كان يلزمه  صلاة أربعين ركعة للاستخارة كل ليلة ، آما عن ختم القرآن كل ليلة رمضانية ، فلن أدفع البلادة إلى أبعد من ذلك لأحسب كم لزمه من الوقت ليفعل ! ولن أتساءل  عن مصدر المال الذي كان ينفقه سرا وجهرا حتى أصبحت دعواته مقبولة لأنني سآتي على ذكر ذلك في فقرة تالية .
 ولكن أريد فقط أن أذكر بكلام المولى عز وجل عن رسوله الكريم:" قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )،
 أما البخاري ، فهو يعلم الغيب ، يعلم الصحيح والخطآ ويعلم ما حدث به الأولون وما سيحدث للآخرين فانظر أي إفك نسبه لرسول الله . حيث زعم أنه قال: " إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة" . 
فإن لم يكن الشيطان قد ألقى هذا في أذن البخاري ليلهيه عن ذكر ربه ، ترى ، من الذي فعل؟. 
لم يكن النبي الكريم برغم مكانته عند ربه مستجاب الدعاء دائما وأما البخاري فنعم. 
قال تعالى: " [التوبة : 80] اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ." 
وقد سُمع أن البخاري قال :" اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك"، فأرسل إليه أهل سمرقند كتابا يطلبون فيه الخروج إليهم ، فأجاب وتهيأ للركوب ووضع خفيه  وتعمم ولما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدابة ليركبها قال :" آرسلوني فآرسلوه ودعا بدعوات ثم اضطجع فقضى " . ولمادفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك ودام ذلك أياما! ثم جعلت ترى سواري بيض  من حذاء قبره .
 لن أعلق على هذا ، بل كفاني أن لاحول ولا قوة إلا بالله ، ولكنني سأورد فقط أسباب دعاء البخاري على نفسه بالموت ! لأننا إن كنا نحن اليوم مغفلون ، فإن التاريخ لم يخل من أناس عقلاء رفضوا ترهاته. 
طبعا لن نورد كلام مخالفيه حتى لايقال بأننا نتحامل عليه وإنما سنورد كلامه هو شخصيا : " أفوض أمري إلى الله فإن الله بصير بالعباد ، اللهم إنك تعلم أنني لم أرد الإقامة بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرياسة، وإنما أبت علي نفسي الرجوع إلى الوطن لغلبة المخالفين ، وقد قصدني هذا الرجل ( وهو يتحدث هنا عن أحد مخالفيه ) حسدا لما آتاني الله لا غير ". 
لقد رأى البخاري في مخالفيه حسادا لا أقل ولا أكثر ، ولكن لايهم كيف رآهم ، المهم أن المخالفين غلبوه وأحرجوه واضطروه للرحيل ، ولم يكن كلامه مقبولا لديهم ولا مقدسا كما هو اليوم .
 لذلك هاجر ليعيش في تبات ونبات إلى بخارى " حيث نصبت له القباب واستقبلته عامة أهل البلد ونثر عليه الدراهم والدنانيرفبقي مدة من الزمن ". لهذا ، لن تتساءلوا بعد الآن عن مصدر رزقه أو من أين كان يأتيه كل المال الذي كان ينفقه سرا وجهرا.   ( يتبع). 
 
ملحوظة : كل ما أوردناه من أقوال عن حياة وممات البخاري هنا مقتبس من مقدمة كتاب صحيحه ، أوردها محمد علي القطب ، دار النشر العصرية ، صيدا بيروت ، الطبعة الثالثة 2003) . 
اجمالي القراءات 6736