من مكاسب عاصفة الحزم

سامح عسكر في الأربعاء ١٥ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

أولاً: زيادة وعي الجماهير المصرية ..وأن السيسي ليس هذا الرجل الحكيم الذي لا يُخطئ ولا يورط نفسه وبلده ، بعد أن شاعت في أوساط العامة حكمة الرجل المطلقة..اليوم كنت في لقاء مع عدد من الأصدقاء جميعهم-بلا مبالغة-ضد هذه الحرب..حتى من نجح الإعلام في إشعاره بالقلق على باب المندب.. اتفق معي أن مصر لا يجب أن تحارب في اليمن.

ثانياً: أن التحالف السعودي ظهر أنه هشّ للغاية..وقيادتها رعناء...السعودية ليست لها حلفاء على الأرض بل مجرد داعمين من أجل المال، لكن تحالف بمعنى التحالف الاستراتيجي..هذا غير موجود.

ثالثا: تم تسليط الضوء على اليمن وكل من لا يعلم في الشأن اليمني بدأ الحديث فيه، وكما قلت قبل ذلك هذه علامة وعي مهما كانت النتيجة...ستفرز في الأخير معلومات حقيقية.

رابعاً: إنشغال السعودية والإعلام الخليجي عن الإفساد في سوريا والعراق، ظهر بسرعة في تحرير تكريت بعدما تأخر نسبياً جراء الهجمة الطائفية على الجيش العراقي التي صدرت من الأزهر والمملكة.

خامساً: ستُعطي عاصفة الحزم مساحة أكبر للتوافق في سوريا بين الحكومة والمعارضة، خصوصاً كلما تأخرت السعودية في الحسم، والسبب أن أمريكا مشغولة بالحسم الآن في اليمن خوفاً من تمدد القاعدة..وبالتالي ليس لها الوقت ولا الجهد للضغط على المعارضة السورية.

سادساً: يوجد تغير ديمغرافي وأيدلوجي كبير يحدث في هذا العصر، وعاصفة الحزم ستساهم في تسريع وتيرة هذا التغيير..ربما ينتج عنه قوى كبرى جديدة وبالتالي اختفاء قوى معاصرة..وهذا في صالح عملية التنوير المتجمدة جراء الوضع القديم.

سابعاً:وحّدت الشعب اليمني كثيراً عن ذي قبل، وكل حروب الداخل الآن تجري بين فصائل متحالفة مع القاعدة أو لها مصالح مع السعودية، وأخرى لا هذه ولا ذاك مجرد قبائل اندفعت في الحرب يجري الآن تدجينها وتطمينها من الجيش اليمني.

ثامناً: أظهرت للشعوب العربية أن لا فارق بين جرائم إسرائيل وجرائم السعودية، حيث بلاد الحرمين لها قدسية خاصة في نفوس المسلمين، ومثل هذه الحرب- وانتقال صور بشاعتها- سيُنمى من النزعة النقدية للذات، خصوصاً لو اجتمعت هذه الصور مع حالة التنوير ونقد التراث الشائعة الآن في الإعلام ، ربما يساهم ذلك في تسريع وتيرة التنوير والقضاء نهائياً على السائد وتحوّله لمجرد حالة.

تاسعاً: كشفت زيف التنوير والثقافة عند البعض، حيث أشعلت الجانب الهووي لديهم، وكل من لا ينتبه لهذا الجانب يقع في المحظور، فالإنسان المثقف على درجة من الخطورة كالإنسان الجاهل إذا تساوى معه في مقدار الهوية..ربما يُوجِد ذلك نزعة نقدية على غرار التي تحدث لكل من أيد ثورة سوريا ولم ينتبه لما يحدث أو عواقبه.

عاشراً: أوجدت حالة من الحرب الباردة بين.."السنة والشيعة"..وبين.."العرب والفرس"..سيُعزز ذلك من موقف المثقفين والأدباء لفتح خيالهم لرصد حقيقة ما يجري على الأرض دون تزييف، فقبل اندلاع هذه الحرب كان يوجد مجرد.."احتقان"..يُعززه موقف ثقافي محافظ، هذا الموقف الثقافي سيَضعف فور انكشاف الوضع بتجلياته الخطرة.

ربما يتفق معي البعض في هذه النقاط والآخر ربما سيختلف، لكن سنتفق جميعاً أن ما يحدث في اليمن ليس في صالح.."التسامح والتعايش"..وقد تعلمت أن أي واقع لا يفرض حالة التسامح أو على الأقل لا يدعو لها..هو واقع تاريخي مرتد على غرار نظرية المفكر أرنولد توينبي المعروفة بنظرية.."التحدي والاستجابة"..وملخص هذه النظرية أنه ما من حضارة تقوم إلا وتصفي حساباتها مع ماضيها، فتنشأ حالة من التحدي ويتوقف قيام الحضارة على سرعة وجَودة الاستجابة لهذا التحدي من الأمم..

نحن الآن أمام تصفية حساب مع الماضي بكل وضوح..

ونتيجة لهذه التصفية نشأ تحدي داعش ..التي هي الممثل الصادق والحقيقي للتراث السني، وجاءت حرب اليمن انعكاساً لأزمة الهوية في الضمير السني بالعموم ، وعليه –حسب كلام توينبي-لن تقوم لنا قائمة إلا باستجابة لهذا التحدي تقوم أولاً على خلع جذور هذا الماضي، فيما يسميه البعض.."بالمراجعات التراثية "..وإعادة إنتاج خطاب ديني جديد.

اجمالي القراءات 6250