الحركة الامازيغية و الحركة الاسلامية اية مقاربة ؟
الحركة الامازيغية و الحركة الاسلامية اية مقاربة ؟

مهدي مالك في الثلاثاء ١٤ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 
من ارشيف مقالاتي لسنة 2013 لكي يتعرف تياركم المبارك على حركتنا الامازيغية بشكل واضح . 
مقدمة  عمومية                                                 
منذ استقلال المغرب  طرحت المسالة الامازيغية بشكل بدائي للغاية مع تاسيس حزب الحركة الشعبية سنة 1958 بايعاز من القصر الملكي قصد احتواء امازيغي منطقة الاطلس المتوسط و جعلهم تحت الطاعة و الولاء حسب ما قاله استاذنا عصيد في  احد كتبه القيمة.
 يمكن القول ان النظام انذاك لم يكن يريد نهائيا ان يعترف بشيء اسمه الامازيغية كعمق هوياتي و كبعد ديني اصيل الخ من هذه الابعاد الواضحة لاي انسان يتوفر على قدر كبير من العقل و من الذاكرة التاريخية يمكنها لوحدها ان تكون ارضية لفهم من نحن حقيقة من الناحية الهوياتية و من الناحية السياسية حيث قبل الحماية الفرنسية للمغرب كانت اغلب القبائل الامازيغية لا تخضع لدولة المخزن التقليدي بل كانت تسيير شؤونها المحلية وفق اعرافها المناسبة مع مقاصد الشريعة الاسلامية بالرغم من هذا المعطى التاريخي فان الامازيغيين هم من الشعوب المدافعة على الدين الاسلامي كاخلاق و كاذاب عامة كما تشير كتب التاريخ و كما يؤشر عليه الواقع الاجتماعي و الثقافي للامازيغيين  .
و انطلاقا من هذه الارضية الرئيسية  يمكن التحدث عن هذا الموضوع بشكل عميق حيث ان هذا الاخير كتب حوله الكثير من المقالات النقدية في مختلف الاتجاهات و الجوانب و خصوصا في هذه المرحلة من حكم الاسلاميين في بلادنا على مستوى السلطة التنفيذية من طبيعة الحال لان العامة من الناس لا يفهمون جذور الخلافات الحقيقية بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية بحكم سيادة الفكر الاحادي لعقود من الزمان و سيادة الثقافة الدينية التي جاءت من السعودية عبر  خطابنا الديني و عبر الفضائيات المعروفة لدى الجميع في مجتمع نصفه يصدق كل ما يقال و خصوصا في مجال الشان الامازيغي ..
 ان المتأمل لمسار الحركة الامازيغية الطويل و العريض منذ سنة 1967 سيجد ان اغلب رموز هذه الحركة قد تخرجوا من التعليم العصري أي من الجامعات المغربية و من خارج الوطن لان هذا التعليم مفتوح على العلوم الانسانية بشتى انواعها و مداركها حيث يسمح للعقل ان يجتهد في العلوم الانسانية و الجوهرية في أي تقدم للمجتمعات الاسلامية بينما ما يسمى بالتعليم الاصيل اي التعليم الديني عندنا فهو يقتصر على تعليم العلوم الشرعية فقط  مع كامل احترامي الشديد لهذا التعليم الاصيل باعتباره يعبر عن اسلامنا المغربي غير ان هذا الاخير يحتاج الى التغيير الجذري قصد ان يواكب العصر و  الاعتزاز بالارض كانتماء عمره يتجاوز 12 قرنا اي منذ هروب ادريس الاول من المشرق الى 33 قرنا من التاريخ الحقيقي للمغرب اي منذ انتصار الامازيغيين على الفراعنة المصريين . 
ان التعليم الاصيل ظل يخدم الاتجاه السلفي منذ عقود بايعاز من السلطة قصد محاربة أي تقدم خارج المنهج السلفي السخيف بالنسبة لي حيث لا يكذب علينا احد بالقول ان السلفية في المغرب لم تعادي ابدا هوية المغرب الامازيغية بل انها شنت حربها الايديولوجية و السياسية ضدها منذ عام 1930 من خلال الادعاء ان الامازيغيين اخترعوا اعرافا لا علاقة لها بالدين الاسلامي نهائيا و انما لها علاقة بالجاهلية و كفى دون الرجوع الى المذهب المالكي نفسه الذي اقر بالمصالح المرسلة و القاعدة القائلة الضرورات تبيح المحظورات و دون الرجوع الى التاريخ الاجتماعي للقبائل الامازيغية و الغير الامازيغية لان العرف الامازيغي كان سائدا في مجموع التراب الوطني حسب ما قاله الاستاذ محمد بودهان في كتابه الجميل الظهير البربري حقيقة ام اسطورة .
و الادعاء ان الامازيغيين أرادوا التنصير و الفرنسة لمجرد صدور ظهير 16 ماي 1930 لتنظيم المحاكم العرفية أي ترسيم العرف الامازيغي بينما تم اصدار ظهائر خطيرة منذ  سنة 1912 الى 1930 حيث لا احد قد نظم اية مظاهرة ضد هذه الظهائر الاستعمارية في تلك الفترة المتميزة بمقاومة الامازيغيين الشديدة للاحتلال الفرنسي و الاسباني في الجبال و السهول بينما العائلات الفاسية كانت ترسل ابناءها الى فرنسا قصد التعليم و التكوين العصري تحضيرا لتسيير الامور بعد الاستقلال سنة 1956 حيث تم ايهام الامازيغيين  كبسطاء و كنخب دينية خصوصا في منطقتنا السوسية انذاك ان الدين الاسلامي يوحد جميع المغاربة و تعتبر العروبة هي الهوية الوحيدة للمغاربة و تعتبر الامازيغية هي مجرد نعرة جاهلية يجب القضاء عليها نهائيا لان فرنسا أرادت  تنصير البربر و فرنستهم من خلال احياء هذه النعرة الجاهلية حسب المنظور السلفي الجامد .
 ان هذا الطرح الايديولوجي قد استغل الدين الاسلامي بشكل حقير للغاية لإقناع هؤلاء البسطاء من العامة و من الفقهاء  و بينهم المرحوم الحاج المختار السوسي الذي كان اول وزير للاوقاف و الشؤون الاسلامية في  فجر الاستقلال و له مشروع لتعريب المحيط يتماشى مع تلك المرحلة و مات في سنة 1963 أي لم يعيش ظهور الحركة  الامازيغية بمفهومها الحداثي سنة 1967  ..
جذور الخلاف بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية ببلادنا 
عندما انطلقت الحركة الامازيغية في سنة 1967 أي في سياق تاريخي و سياسي شديد  الحساسية على مختلف المستويات و الاصعدة حيث وجدت نفسها في ظلام دامس يطبعه  من جهة قمع السلطة لكل ما هو امازيغي باستعمالها لأكذوبة الظهير البربري و من جهة اخرى هزيمة العرب في حربهم مع اسرائل و تداعياتها الخطيرة على المغرب حيث حدث تنامي كبير للشعور القومي لدى فئات واسعة من المجتمع المغربي نتيجة لتلك الهزيمة مما جعل النضال الامازيغي كفاعل جديد حينها يتهم بالعمالة لفرنسا و للصهيونية كاتجاه عنصري مثل القومية العربية و النزعة السلفية التي هي الارضية الرئيسية لجل مكونات الحركة الاسلامية في المغرب منذ تاسيس حزب الاستقلال سنة 1944 من طرف المرحوم علال الفاسي ذو الفكر السلفي حيث ان هذا الحزب له مرجعية سلفية واضحة للعيان لكنه ليس حزبا اسلاميا بل هو حزب عرقي ينطلق من العروبة حسب رايي المتواضع لاننا  نعيش في عهد الحقيقة و في عهد حرية التعبير بفضل الارادة الملكية من اجل التغيير حيث علينا ان نسمي الاشياء باسماءها الحقيقية خدمة للتاريخ  ..
و كانت بدايات الحركة الامازيغية الاولى هي بدايات البحث و جمع التراث الامازيغي بمختلف مكوناته الدينية و الثقافية و الفنية لا غير لكن معظم مكونات الحركة الاسلامية ظلت على جمودها السلفي و القومي منذ سنة 1967 الى حدود خطاب اجدير التاريخي من القضية الامازيغية لان الحركة الاسلامية في المغرب هي اصلا حركة مشرقية الانتماء و الهوية بينما الحركة الامازيغية هي اصلا حركة مغربية الانتماء و النشاة  و كذا الهوية حيث لم تكن ابدا ضد العرب كجنس خلقه الله مثل الاقوام الاخرى كالفرس  و الترك و الافغان الخ من هذه الاقوام المسلمة غير ان العرب هم مواطنين مغاربة  حيث حدث التناسل و المصاهرة بين الجانبان.
 و هذا يعني ان الحركة الامازيغية ليست ضد العرب و ضد اللغة العربية و انما هي ضد العروبة كايديولوجية تتوفر على وطن حقيقي الا و هو السعودية و قطر الخ من هذه الدول الخليجية .
 
و لم تكن الحركة الامازيغية ضد الاسلام ابدا باعتباره دين الاغلبية الساحقة من المغاربة و هو جزء جوهري من حياتهم الاجتماعية و الثقافية وفق اجتهادات اسلافنا الكرام كالعرف الامازيغي  و الكيد و السعايا أي اقتسام الثورة بين الرجل و زوجته و لشرض ن لطالب أي اجرة امام المسجد من طرف سكان دوار معين الخ من خصوصيات اسلامنا الامازيغي المغربي ان صح التعبير حيث لا يمكن للحركة الامازيغية ان تكون ضد الاسلام لان معظم امازيغي المغرب هم مسلمون أبا عن جد و اغلب عاداتهم هي عادات خالية من مظاهر الانحلال الاخلاقي و الشرك بالله الخ من هذه المظاهر لان البيئة الامازيغية اصلا هي بيئة محافظة بمعناها الايجابي و السلبي على حد السواء .
ان الحركة الامازيغية اصلا هي امتداد طبيعي لقيم هذا الشعب الدينية و الثقافية الاصيلة بمعنى انها لم تستورد أي شيء من المشرق او من الغرب لكن الغرب احب من احب او كره من كره قد ساهم بالعقل المتنور في انتقال الانسانية من عصر الكهوف الى عصر التطور المستمر من خلال عدة مراحل تاريخية حتى وصلت الانسانية لغزو الفضاء و الصعود الى القمر سنة 1969  بينما ظل المسلمين السلفيين يعيشون على اطلال الماضي دون أي افق مستقبلي.....
منذ سنوات تسعينات القرن الماضي حاولت الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي إجراء الحوار مع مختلف التيارات الحية بالبلاد حول الامازيغية كحقوق ثقافية فقط و خصوصا بعد خطاب 20 غشت 1994 الذي اتذكره و لو كنت طفل صغير حيث ان ذلك الخطاب قد دعا الى تدريس اللهجات فقط بمعنى ان هذا الاخير لم يذكر مصطلح الامازيغية قط ..
  و من بين التيارات التي جلست معها الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي الحركة الاسلامية على الاعتبار ان هذه الجمعية بدات منذ منتصف السبعينات مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي مع الفقهاء الذين كانوا في الجمعية امثال المرحوم عبد الرحمان الجشتيمي و المرحوم امحمد العثماني الذي تحدثت عنه و عن بحثه الواح جزولة و التشريع الاسلامي في العديد من مقالاتي..
 ان مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي يهدف الى ترجمة العلوم الدينية من السيرة النبوية و القران الكريم الى اللغة الامازيغية لكن الحركة الاسلامية انذاك كانت رافضة لاي حديث حول القضية الامازيغية كما طرحت وقتها لان جمودها السلفي و العروبي لم يسمح لها بالتعاطي بشكل ايجابي مع مطالب الامازيغيين الثقافية كما نص عليها ميثاق اكادير صيف سنة 1991 مثل الاعتراف بالامازيغية في الدستور كلغة وطنية و اخراج معهد الدراسات الامازيغية بمعنى ان الحركة الامازيغية لم تطالب بمطالب ذات عمق استراتيجي كالعلمانية الاصيلة بالنظر الى صعوبة تلك الظروف على مختلف المستويات و الاصعدة.
 و بالرغم من كل هذا ظلت الحركة الاسلامية انذاك تعادي كل ما هو امازيغي و تربطه بالجاهلية و بالاستعمار حيث ان نفترض ان كل ما تقوله الحركة الوطنية هو عين الحق حول الظهير البربري فاين تطبيق الشريعة الاسلامية منذ الاستقلال و اين محاربة مظاهر التغريب و الفرنسة في مختلف مناحي الحياة العامة منذ ذلك الحين  ..
المعارك الايديولوجية بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية بعد خطاب اجدير 
كانت محطة خطاب اجدير منعطف جوهري بالنسبة للقضية الامازيغية ببلادنا بعد انتقال العرش الى ملك محمد السادس و بعد صدور بيان الاستاذ محمد شفيق حول امازيغية المغرب بتاريخ فاتح مارس 2000 الخ من هذه المستجدات على الصعيد الوطني و الدولي .
و طبعا الحركة الاسلامية بدات تحت ضغط العهد الجديد تتعامل بحذر شديد مع الامازيغية بعد خطاب اجدير و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية باعتبارها ادركت ان الحركة الامازيغية لن تقف عند هذه المحطة الحاسمة في تاريخ المغرب المعاصر بل ستمشي نحو مطالب من صميم تاريخنا الاجتماعي كالعلمانية الاصيلة أي الفصل التام بين السياسة العمومية و الدين و ليس الفصل التام بين المجتمع و الدين مهما كان حيث لا يمكن تطبيقه على المجتمعات الغربية و بالاحرى تطبيقه على مجتمعاتنا الاسلامية.
ان عيوب الحركة الاسلامية في المغرب هي انها بعيدة عن الاعتزاز بهويتنا التاريخية و الدينية حيث لم تستطيع ان تكون حركة اسلامية مغربية مثل الحركة الاسلامية في تركيا كبلد مسلم يعتز  بهويته التركية و يحكمه حزب اسلامي في اطار علمانية الدولة التركية منذ سنة 1924 بينما في حالتنا المغربية هناك حزب اسلامي معلوم لدى الجميع و هو حزب العدالة و التنمية الذي حاول فرض الحرف الآرامي  أي العربي حرفا رسميا لتدريس الامازيغية كاول المعارك الايديولوجية بين الامازيغيين و الاسلاميين في سياق النهوض بهويتنا الام .
و لعل نقطة تحول في خطاب الحركة الامازيغية بعد احداث 16 ماي 2003 الارهابية على كل المقاييس هي مطالبتها علنية بالعلمانية لكن بعض مكونات الحركة الامازيغية كانت رافضة لهذا المطلب و من بينها الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي  ...
و من هذا المنطلق اصبحت الحركة الامازيغية في نظر نظيرتها الاسلامية حركة لا تتوفر على  جذور عميقة في المغرب بسبب اتجاهها العلماني المعلن منذ سنة 2003 غير ان الحركة الاسلامية لا تريد ابدا  الاقرار بما هو موجود قبل دخول الاستعمار الغربي الى المغرب لان هذا الاقرار سيعني  نهاية مشروع التيار الاسلامي ببلادنا و اهدافه الكثيرة و من بينها اسلمة المغرب على النمط الوهابي و بالتالي القضاء على كل المكاسب التي حققها المغرب منذ صيف سنة 1999 الى الان بفضل الارادة الملكية و بفضل مختلف التيارات الديمقراطية و العلمانية و  الحقوقية .
ان مسالة الاقلية اليهودية ببلادنا شكلت نقطة خلاف ايديولوجي عميق بين الحركة الامازيغية و نظيرتها الاسلامية حيث نحن نعيش منذ قرون طويلة مع اليهود في وئام و تعايش حيث كل واحد يحترم معتقد الاخر في عموم المغرب لكن عندما قرر مجموعة من الشباب الامازيغي تاسيس جمعية سوس العالمة لصداقة الامازيغية اليهودية سنة 2008 قامت الدنيا على هذه المبادرة النبيلة لان اصحابها هم من الامازيغيين الذين يجب عليهم عدم الخروج  عن الاطار السلفي و العروبي باعتبارهم خدام لهذه الايديولوجيات بينما المشارقة العرب يقومون بزيارات علنية و سرية الى اسرائل للصداقة و التعاون و عقد صفقات لتبادل الاسرى مثل الصفقة بين حركة حماس الاسلامية و اسرائل في العام 2011 بالضبط و هذا يعرفه الجميع عبر الفضائيات العربية حيث لسنا اغبياء نصدق ما يقال حول زيارة بعض النشطاء الامازيغيين لهذا البلد لحضور مؤتمر دولي ليس الا ..
و بعيدا عن هذه الامور السياسية فان مبادرة تاسيس جمعيات صداقة الامازيغية اليهودية هي بعيدة كل البعد عن خرافات الحركة الاسلامية من قبيل التطبيع مع كيان الاحتلال و انما هي مبادرة انسانية تنطلق من تاريخنا الاجتماعي لا اقل و لا اكثر...
المهدي مالك 
 
 
اجمالي القراءات 8479