وهل بنت الشاطئ تؤدي صلاة الجمعة ؟
اليوم العالمي للمرأة 8 مارس

يحي فوزي نشاشبي في الأربعاء ١٤ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

اليوم العالمي للمرأة

أرجح أن أغلبية خطباء الجمعة الذين تناولوا موضوع اليوم العالمي للمرأة لم يكونوا يرون تلك المناسبة بعين الرضا والإرتياح . وقد ظهر ذلك جليا في خطيبنا الذي كان مستخفا بكل الإجتماعات والمؤتمرات التي انعقدت أو التي ستنعقد والتوصيات التي تمخضت عنها مشككا في النوايا ومرجعا ذلك إلى نتيجة واحدة وهي تجاهل تعاليم الله والتشبث بعلوم الدنيا حسب قوله .

وإن المهم في الأمر هو تلك الأفكار والتساؤلات التي تكون حتما تشكلÊrc; وصالت وجالت في رأس كل مستمع من أولئك المستمعين الذين حضروا للمسجد بجدية وسعوا إلى ذكر الله. أما عن الذين جاؤوا لا لشئ أهم من أداء ركعتين اثنتين تحية للمسجد وعلى حساب الخطيب الذي يخطب ، والخلود بعد ذلك إلى ما يشبه أي شئ ما عدا الإنتباه ومحاولة التدبر ، فمن الراجح أنهم مصابون بفقر مدقع في مادة الإستفسار .

أما عن الخطيب فقد استرسل مستشهدا ببعض أقوال أو مواقف السيدة عائشة عبد الرحمان الملقبة بـبنت الشاطئ ، التي كانت راضية بتلك التعاليم الواردة في القرآن العظيم المتعلقة بالمرأة وحقوقها . وهذا شئ مريح جدا وهو المطلوب ، لكن التساؤل الذي يكون رفع رأسه هو الآخر هو :

هل كانت بنت الشاطئ نفسها تدرك تمام الإدراك الآية رقم : 09 من سورة الجمعة التي تحث أو تأمر الذين آمنوا إلى أن يسعوا إلى ذكر الله ويذروا البيع ؟

وهل بنت الشاطئ تؤدي صلاة الجمعة ؟ وإذا كانت تؤديها فذلك يعني أنها تعتقد أنها وجبت على الذين آمنوا من ذكر وأنثى ..

وإذا كانت لا تؤديها فيعني ذلك أنها تعتقد أنها غير واجبة على الأنثى .
وإذا كان الله العلي الخبير يقصد من أمره الرجال والنساء ،فلماذا لم يحرص الخطباء ومنهم ذلك الخطيب على تنبيه النساء إلى الواجب الذي أغفلنه حتى لا يتهمن الرجال بأنهم منعوهن حقا من حقوقهن المقرر من فوق السماوات السبع .

ولماذا لم يحاول الخطيب إطلاع المستمعين عن ذلك السر الذي عطل تلك الآية الصريحة بالنسبة للمرأة ؟

ألم يخطر على بال الخطيب أن هناك مستمعين له وهو يخطب وأنهم يحفظون أو يستمعون إلى آية السعي إلى ذكر الله من يوم الجمعة ويفهم منها أنها موجهة إلى الجميع دون استثناء ظاهر أو تمييز جنسي أو أدنى حرج ؟

أيريد الخطيب منا أن نستنتج هذه الجملة ونواجه بها المرأة : (( قل إن ما في الإلتزام بعدم الإكتراث بصلاة الجمعة خير لك من السعي إلى ذكر الله )) ؟

ألم يخطر كذلك على بال الخطيب في أية مناسبة أخرى أن هناك مستمعين يستمعون إليه وهو يكرر عليهم ما عرفوه ويعرفونه ويلقي عليهم كلامه بكل تشنج وعصبية تكاد تتحول إلى غضب عليهم وهو يخبرهم مثلا – أن الربا حرام - ؟ نعم ألم يخطر على باله أن الجميع متفقون على أن الربا حرام وأما غير المتفق عليه فهو ماهية الربا وتعريفه ؟

ألم ينتبه الخطيب إلى أن رأي معظم المستمعين الآخذين الأمر بجدية هو أنهم في الأخير كانوا عقب كل خطبة سواء من منبر الجمعة أو من وراء شاشة التلفزة كانوا – وبعد أن يملأةا صوتا منكرا وقد يتحول إلى سوط عذاب – كانوا يتركون على ( جوعهم ) كحالة من أعطي شيئا لا يسمن ولا يغني من جوع ؟

فما دام الخطيب نفسه والمستمعون إليه يجهلون جميعا على ما تجب صلاة الجمعة ويجهلون جميعا هوية وتعريف الربا وما دام الخطيب يفتقر إلى الجرأة والشجاعة والتفقه الكافي في موضوعه ، وما دام لا يسعه التصريح للناس بشئ من ذلك وما دام الخطيب نفسه والمصلون يتعاملون بالإجراءات البنكية انطلاقا من ذلك اليوم الذي يتبع يوم الجمعة وبدرجات متفاوتة من الحيرة والإرتباك .

نعم ما دام ذلك كذلك فتلك هي الكارثة حسب رأيي . نعم إن الكارثة هي أن نحتار في ماذا يمكن أن يملأ ذلك الفراغ الذي تحدثه فينا خطب وتوجيهات أولئك الذين تحملوا مسؤولية الإرشاد ، فاكتفوا بالسباحة على السطح وغير بعيد عن الشاطئ لأنهم يفتقرون إلى روح المغامرة والغوص .

أما عن السؤال الآخر الذي زاحم هو الآخر السؤال السابق ففرض نفسه بعد أن كان كلام الخطيب يوهم المستمع بأن هناك علمين اثنين : علما خاصا بالله وعبادته والإيمان به ، وعلما ثانيا دنيويا فقط لا يرقى إلى درجة الإهتمام به بله الإحتفاء به ، وهنا يلح التساؤل قائلا :

ماذا نفعل إذن بتلك الآيات القرآنية – وما أكثرها – عندما تأتي ملفتة النظر إلى ما سخره الخالق خصيصا لمخلوقاته في السماوات والأرض وفي عمق المحيطات وفي رحاب المجرات لاسيما وهو يحث الإنسان إلى الإنتباه إلى ما خلق من إبل وكيف رفع السماء وكيف نصب الجبال وكيف سطح الأرض ؟

وعندما يتلو الخطيب الآية التي يمجد فيها الله العلم والعلماء ، تلك الآية التي تجعل أعلى درجة في خشية الله درجة العلماء فماذا يقصد هذا الخطيب يا ترى ؟ ولا أتصور أن هذا الخطيب يكون يقول في قرارة نفسه الحمد لله الذي ذكر العلماء فقط ولم يقل والعالمات .

وهل هو يرتب علماء المحيطات وما تحت المحيطات والأرض والجيولوجيين وعلماء البراكين وعلماء النفس والفلاسفة وما إلى ذلك مما لا يعد ولا يحصى لاسيما الرصيد الذي تجمع في عصرنا الراهن - مع عدم الغرور ومع واجب الإقتصاد في الفرح والزهو، وعدم الغفلة بأن كل هذا وغيره لا يعلم تفاهته إلا الله الذي نبه إلى ذلك في الآية رقم 109 في سورة الكهف –

هل يضع هذا الخطيب كل ذلك في خانة علوم الدنيا فقط التي لا تزن كثيرا ؟
وإذا حدث أن كانت هناك امرأة وفقها الله في علم الطب مثلا أو لجيولوجيا أو علم النفس أو علم غزو الفضاء الواسع ، فهل يا ترى تكون تعدت حدود الله ؟ وما هو مصير هذه المرأة عندما يتناولها خطيب الجمعة في خطبته ؟

وفي الأخير يبدو أن ظاهرة هذه المواضيع المسكوت عنها إن عمدا أو جهلا أو تجاهلا أو تحرجا ، نعم إن هذه المواضيع المسكوت عنها على الرغم من أن الله لم يسكت عنها هي أسوأ وأخطر وأفدح بكثير من ظاهرة عدم الإلتزام بها .

والسؤال الأول والأخير هو لماذا يدخل بعض الرجال أو معظمهم حسب الظاهر في عراك ومصارعة أوامر الله الرحمن الرحيم وتجميدها بدعوى أنهم يفعلون ذلك غيرة عن المرأة ، ولا يغارون في كونها محرومة من حقوقها التي منحها الله إياها ؟ ولو حرص الغيورون على حصر قائمة حقوق المرأة المهضومة لفوجئوا بحجم القائمة ، ولو حرصوا على إظهار حق واحد من حقوقها مرة في السنة وليكن في مناسبة اليوم الثامن من شهر مارس لكفاهم غيرة .

وللعلم فنحن ما زلنا نقتات بما لا يسمن ولا يغني من جوع ، فهل من طاعم ومغذ سخي كريم ؟

اجمالي القراءات 12765