فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الإثنين ١٦ - فبراير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى.

 

عزمت بسم الله،

 

إن المستمع لأحسن الحديث ( القرءان العظيم) بقلب ليس فيه أقفال، يكون العقل حينئذ يعمل على الفطرة، وإن المستمع يلتقط بعض الآيات وكأنه سمعها لأول مرة، فيبدأ في العقل ازدحام غريب للأسئلة، فما على المستمع إلا فتح الكتاب، والتمعن في الآيات ومحاولة فهم معانيها، ولن يجد المتدبر الجواب عن أسئلته في تلك الآيات وحدها التي سمعها واستوقفته، بل عليه أن يبحث عن مشتقاتها في الكتاب كله، لأن القرءان العظيم قول الحق الذي يهدي السبيل. وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ(4).الأحزاب.

 

بالمناسبة أود أن أشرك أعزائي القراء هذه المرة في تدبر ما يلي:

   

لاحظوا معي أعزائي بداية التعليمات لآدم عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، كانت مباشرة بعد أن أورد الله تعالى لنا قصة أمر الله تعالى للملائكة بالسجود له، ومنهم إبليس طبعا، ـ لأنه كان من الملائكة ـ. وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى(116). فلما أبى إبليس أن يمتثل لأمر الله تعالى استكبارا، أخبرنا المولى تعالى فقال: فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(117)إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى(118)وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى(119)فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى(120)فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى(122)قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى(123)وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًاوَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124)قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا(125)قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى(126)وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى(127). طه.

 

الأسئلة التي تزاحمت في ذهني والتي أرجو أن تشاركوني التدبر فيها هي:

1.   لماذا وجه الله تعالى تحذيره لآدم عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، وحده، وعطف التحذير لزوجه؟  يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَوَلِزَوْجِكَ.

2.   هل يفهم من ذلك أن الذكر هو القائم على الأنثى؟ فكان الخطاب موجها إلى آدم دون زوجه. ولم يقل مثلا ( إن هذا عدو لكما).

3.   ولماذا في التحذير من الشقاوة والخروج من الجنة جاء الخطاب لهما معا؟ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى.

4.   ثم يأتي الخطاب لآدم مرة أخرى مفردا لما يلقى في الجنة. إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى. وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى. فما الحكمة من الخطاب الموجه إلى آدم دون زوجه؟

5.   ونلاحظ المزيد من الخطاب المفرد لآدم عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، قال تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى. هل وسوس الشيطان لآدم وحده ثم تبعته زوجته؟ لأن الآية التي تلي تذكر لنا أن آدم وزوجه أكلا من الشجرة. فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ. لقد أكلا من الشجرة لكن الخطاب والتأنيب دائما موجه إلى آدم دون زوجه!!! وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى. فما معنى ذلك ألم يأكلا من الشجرة؟

6.   وبعد ذلك اجتباه ربه فتاب عليه بعد أن اعترف أنه وزوجه ظلما أنفسهما. قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ(23).الأعراف.

7.   ونجد في سورة الأعراف قد وجه الله تعالى إنذاره لآدم وزوجه فقال: وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ(19)

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ(20)وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ(21)فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ(22)قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ(23).الأعراف.   

8.   في هذه الآيات الخطاب موجه للزوجين فما معنى ذلك؟

9.   ثم تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، ولم يذكر زوجه فما معنى ذلك؟

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(37). البقرة.

وفي الأخير أصدر الله تعالى أمره فقال: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(38)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(39). البقرة.

 

إن آدم وزوجه والشيطان هبطوا من الجنة، لينفذوا مشيئة الله تعالى التي أخبر بها الملائكة قبل خلق آدم عليه السلام. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(30).البقرة.

10.ما سر إشعار الله تعالى للملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة؟

11.أليس الله تعالى يفعل ما يريد ولا يسأل عما يفعل؟ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ(107). هود.

12.كيف حكم الملائكة على الخليفة في الأرض أنهم سيفسدون فيها ويسفكون الدماء، قبل أن يشهدوا ذلك؟

13.كيف عرف الملائكةأن الخليفة في الأرض سيفسدون في الأرض وسيسفكون الدماء؟

14.هل كان في الأرض قبل آدم وزوجه والشيطان من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟

 

هذه أسئلة أود مشاركتكم في الاقتراب من فهم بعضها أوكلها، لكن من داخل القرءان فقط، فإن لم نستطع الاقتراب من فهمها، فنحن مؤمنون بالغيب إذا لم نصل إلى فهم بعض الآيات، لأن القرءان العظيم معجزاته لا تنتهي إلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسماوات.

 

ختاما قال رسول الله عن الروح عن ربه:يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27). الأعراف.

 والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

 

اجمالي القراءات 19371