تعليقا على حرق داعش للطيار الاردنى
الاعدام حرقا فى الأديان الأرضية

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٤ - فبراير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 مقدمة  

1 ـ ينزل دين الله جل وعلا رسالات سماوية لاصلاح الناس ، ولكن من عادة البشر أن يؤسسوا لهم أديانا أرضية ينحتونها من طبيعتهم وأهوائهم وثقافتهم . وكل دين أرضى يعبر عن اصحابه .. الدين السماوى ينزل رحمة للعالمين ( الأنبياء 107 ). أما الدين الأرضى فقد يتطرف فى البغى والعدوان الى درجة إحراق الخصوم ، وذكر رب العزة مأساة حرق النصارى المُسالمين المؤمنين فى اليمن ( أصحاب الأخدود ) ، قال جل وعلا : (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10 )البروج ) 

2 ــ الأرثوذكسية المصرية تعبر عن طبيعة الشعب المصرى المُسالمة ، وكذلك التصوف لدى المحمديين ، هو ايضا يعبّر عن طبيعة المُسالمة لدى الشعوب النهرية فى مصر والهند . الكاثولوكية الأوربية تعبر عن العنف الأوربى ، كما إن الدين السّنى يعبر عن عنف الصحراء العربية والأفريقية . فى الأديان الأرضية العنيفة يتم القتل للمخالف فى الدين والمذهب ، وتشتعل الحروب الدينية باسم الصليب أو بشعار الجهاد ، ويتم غزو وإحتلال الشعوب بإسم الله جل وعلا زورا وبهتانا . هكذا فعل العرب فى فتوحاتهم وكذلك فعلت الكنيسة الكاثولوكية فى حروبها الصليبية ، وتم رفع الصليب فى الكشوفات الجغرافية وما نتج عنها من إبادة شعوب وإسترقاق أمم وإحتلال أوطان .

3 ــ  جماعة كلوكلكس كلان إحترفت إحراق بيوت السود فى أمريكا حتى الى عهد قريب ، وداعش الوهابية السنية قامت باحراق أسير. وأثار شريط الفيديو لاحراق هذا المسكين شجونا ، وجدلا فقهيا . داعش ترى أنها تنفذ شريعة سنية ، وآخرون يرون أن ما تفعله يخالف السّنة . وهو نفس الجدل تقريبا الذى دار حول جماعة كلوكلكس كلان الارهابية المتخصصة فى القتل والحرق

4 ــ . نعطى هنا أمثلة لجرائم القتل حرقا فى تاريخ المسلمين والمسيحيين  .

أولا : الكنيسة الأوربية .

1 ــ تسلطت بدينها العنيف على الأقباط المصريين إضطهادا ، فجعلتهم يرحبون بالغزو العربى وقائده عمرو بن العاص ، فكان الأقباط كالمستجير من الرمضاء بالنار .

2 ـ واشتهرت الكنيسة الكاثولوكية بمحاكم التفتيش تعاقب بها من تعتبرهم هراطقة ( أو مرتدين طبقا للدين السّنى ) . وكانت عقوبة الحرق للمتهم حيا ــ وعلنا ــ  اشهر وأفظع العقوبات . وبدأت محاكم التفتيش حوالى عام  1233  ، وكان الضحية طائفة الالينجنسين فى فرنسا ، ثم إنتشرت فى أوربا.  وقامت محاكم التفتيش بحرق 59 امرأة فىاسبانيا ، و 36 فى إيطاليا و اربعة فى البرتغال . وقامت محاكم مدنية بمحاكمة مائة الف إمرأة . أحرقت منهن خمسين ألفا . وهناك خمسة وعشرون ألفا تم إحراقهم فى ألمانيا من أتباع مارتن لوثر  . وكان استخدام وسائل التعذيب في حق من كان يُظن أنه من الهراطقه أمرا مألوفا كأسلوب بشع للعقاب من قطع أوصال وحرق الناس أحياء، فوصلت الأعداد التي تم تعذيبها ثلاثمئة ألف من البروتستانت ومئة ألف بلغاري وفرنسي وأرثوذكسي، كما تم تعذيب المسلمين المقيمين في بلاد الأندلس بعد سقوطها في قبضة المسيحيين.

3 ــ وكانت العادة أن يتم حرق المُدانين أحياءا فى الميادين العامة حيث يحضر الناس ليروا الضحية مربوطا فى عمود خشبى فوق منصة عالية . وكانوا يضعون خشبا جافا تحت قدمية ويشعلون فيه النار ، وتراقبه الجماهير وهو يتلوى الى أن يموت وتتفحم جثته ، ثم يتم تقطيع الجثة المتفحمة ، وتُلقى فى نار أخرى لتتحول الى رماد . وكان يتم تسجيل تكلفة عمليات الحرق من كميات الخشب وحبال الربط ومرتبات القائمين بالاعدام حرقا.  والراهب سافونا رولا أشهر من تم إعدامه حرقا بعد تعذيب بشع ، وكان هذا عام 1498 . وقد كان زعيم فلورنسا واشتهر مصلحا دينيا مع نزعة تزمت أخلاقية ، وكان السبب فى محنته هو خلافه مع البابا إسكندر السادس المشهور بمجونه وفساده .

4 ــ واشتهرت إسبانيا بمحاكم التفتيش طبقا لتعصبها المسيحى بعد طرد المسلمين منها وإرغام من بقى منهم على التنصر . وفى محاكم التفتيش الاسبانية مورست أفظع أنواع التعذيب المعروفة في القرون الوسطى ، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب. ومن أنواع التعذيب: إملاء البطن بالماء حتى الاختناق، وسحق العظام بآلات ضاغطة، وربط يدى المتهم وراء ظهره، وربطه بحبل حول راحتيه وبطنه ورفعه وخفضه معلقا سواء بمفرده أو مع أثقال تربط به، والأسياخ المحمية على النار، وتمزيق الأرجل، وفسخ الفك. وكثيراً ما كانت تصدر أحكام إعدام حرقاً، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان الملك فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات. وكان لهم توابيت مغلقة بها مسامير حديدية ضخمة تنغرس في جسم المعذب تدريجيا،  وكانوا أيضا يقومون بدفنهم أحياء، ويجلدونهم بسياط من حديد شائك، وكانوا يقطعون اللسان بآلات خاصة.

ثانيا : فى تاريخ المسلمين

1 ـ عمر يهدّد بحرق بيت (علي ) والسيدة فاطمة الزهراء :

فى بيعة السقيفة  قال عمر فى أحقية المهاجرين دون الأنصار : (هيهات لا يجتمع اثنان في قرن! والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبينا من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، ولنا بذلك الحجة الظاهرة، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته!  ). أى لم يحتج فقط بهيمنة قريش ولكنّ إحتجّ بالأهم ، وهو أن النبى من قريش ، فقال : ( ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، ولنا بذلك الحجة الظاهرة، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته! ). وبالتالى فعلى كلامه فإن الأحق بالخلافة هو ( على ) وليس أبا بكر .! . ولأنّ عليا هو الأحق بالخلافة ـ حسب كلامه ـ ولأن عليا رفض البيعة لأبى بكر وأيده جماعة من المهاجرين إعتصموا مع ( على ) فى بيته ، كان لا بد لعمر أن يتطرّف فى تهديدهم حتى يبايعوا أبا بكر. تقول إحدى الروايات : ( بقي علي وبنو هاشم والزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتى ماتت فاطمة، رضي الله عنها، فبايعوه.). وهناك روايات أخرى مختلفة فى المدة التى ظل فيها (على ) رافضا لبيعة أبى بكر . ولكن أغلب الروايات وأصدقها تؤكّد رفض (على ) مبايعة أبى بكر ، وأنه إضطر لذلك خوفا من عُمر . ويذكر الطبرى رواية عن تهديد عمر بحرق بيت ( على )  : ( أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة . فخرج عليه الزبير مصلتا السيف فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه. ). وفى تاريخ الطبرى رواية عن ندم أبى بكر عن أشياء ، منها ( ..  فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلقوه على الحرب ) .!  وبجانب الطبرى تواترت الروايات فى التراث السّنى تؤكد أن عمر كان على وشك أن يحرق بيت السيدة فاطمة الزهراء ، مع إختلاف فى التفاصيل . يروى البلاذرى فى ( أنساب الأشراف ): ( إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد بيعته، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقّته فاطمة على الباب  فقالت فاطمة: يا ابن الخطاب ! أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال : نعم ، وذلك أقوى ممّا جاء به أبوك.). وذكر ابن قتيبة  فى تاريخه (الامامة والسياسة ) أن عمر جمع حطبا ليحرق بيت (على ) لأن عليا تخلف عن بيعة أبى بكر ، فقيل له : إن فيها فاطمة . فقال : وإن .!). ويروى أبو الفدا فى ( المختصر فى أخبار البشر )  : ( فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار، فلقيته فاطمة رضي الله عنها، وقالت: إلى أين يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا ؟  قال : نعم، أو تدخلوا فيما دخلت به الأمة ).. ويذكر الشهر ستاني في الملل والنحل :(وكان عمر يصيح:  أحرقوا دارها بمن فيها! . وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين ).

2 ـ أبو بكر يحرق الفجاءة السلمى :

تقول الرواية التى أودوها ابن الأثير من الطبرى : ( وأما خبر الفجاءة السلمي، واسمه إياس بن عبد ياليل، فإنه جاء إلى أبي بكر فقال له: أعني بالسلاح أقاتل به أهل الردة. فأعطاه سلاحاً وأمره إمرةً، فخالف إلى المسلمين وخرج حتى نزل بالجواء، وبعث نخبة بن أبي الميثاء من بني الشريد وأمره بالمسلمين، فشن الغارة على كل مسلم في سليم وعامر وهوازن، فبلغ ذلك أبا بكر فأرسل إلى طريفة بن حاجز فأمره أن يجمع له ويسير إليه، وبعث إليه عبد الله بن قيس الحاشي عوناً، فنهضا إليه وطلباه، فلاذ منهما، ثم لقياه على الجواء فاقتتلوا وقتل نخبة وهرب الفجاءة، فلحقه طريفة فأسره ثم بعث به إلى أبي بكر، فلما قدم أمر أبو بكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمي به فيها مقموطاً ).

3 ـ على بن أبى طالب يحرق غُلاة الشيعة الذين قالوا له : أنت الله .

بدأ التشيع في عهد (علي ) بدعوة ابن سبأ اليهودي الذي زعم أن في على جزءا إلهيا وأنه سيعود بعد مقتله, وفي خلافة علي قتل جماعة من غلاة الشيعة وأحرقهم بالنار وأنشد :

 

            لما رأيت الأمر أمرا منكرا              أججت ناري ودعوت قنبرا

وقنبر هو مولي علي

4 ـ وجاء فى أحداث عام  225 هجرية أن الخليفة العباسى المعتصم أحرق غنّاما المرتد  

5 ـ وفى سلطنة قايتباى إشتهر الداودار يشبك بن مهدي بقسوته . وقد ظفر بأحد مشايخ الأعراب من بنى عدي فضربه بالمقارع وأمر بأن يشوى بين يديه بالنار وهو حى فصار يستغيث ولا يغاث وأخر الأمر أطلقه بعد أن قيل للأمير الداودار: لا يعذب بالنار إلى خالقها. حدث ذلك يوم الخميس 14 ربيع الأول 874.

أخيرا

ألا لعنة الله جل وعلا على داعش ، وكل من سار على دين داعش ، وكل من يسير على دين داعش . 

اجمالي القراءات 14071