حول دعوة الرئيس السيسى الى ثورة دينية

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٤ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

أهل القرآن بدءوا ( الثورة الدينية ) من عام 1977 ولا يزالون يحملون شعلتها

تفعيل الثورة الدينية فى مصر لا يمكن بدون مشاركة أهل القرآن

مقدمة

1 ــ يلفت النظر فى خطاب الرئيس السيسى الأخير فى مناسبة المولد النبوى أنه واجه شيوخ الأزهر بالدعوة الى ثورة دينية . جاء هذا الخطاب المباشر لهم فى حضورهم وأمام أجهزة الاعلام ليتوج بذلك دعوات سابقة له لهم بتجديد الفكر الدينى ، وقد ردّ عليها شيوخ الأزهر بالتمسك بعدم الهجوم على ( داعش ) . 

2 ــ ويلفت النظر فى خطابات الرئيس السيسى عموما تلك النبرة الدينية والايمان بالمسئولية أمام الله جل وعلا يوم القيامة ، وقد زادت هذه النبرة الدينية فى خطابه الأخير فى قوله إنه سيحاجج شيوخ الأزهر يوم القيامة أمام رب العزة جل وعلا ، أى سيكون لهم خصما .

وأقول :

1 ــ إن الله جل وعلا لا يكلف نفسا إلّا وسعها . فهل قام الرئيس بما فى وسعه لتجديد الفكر الدينى ؟ وماذا سيدافع السيسى عن نفسه يوم الحساب أمام رب العزة ، وقد كان فى إمكانه أن يفعل الكثير ؟

نحن نتحدث هنا عن الممكن الميسور فى إصلاح الأزهر وفى تجديد الخطاب الدينى . وقد كتبنا هنا فى هذا كثيرا ، ووجهنا له رسائل بهذا . وواضح أنه يعرف كاتب هذه السطور ، فقد إستشهد ببعض مؤلفاتى فى ورقة بحثية كتبها حين كان طالبا فى الدراسات العليا العسكرية فى أمريكا . ولا يمكن لمسئول عمل فى المخابرات أن يجهل ( القرآنيين ) وجهادهم ومعاناتهم ، وهم مرصودون من أجهزة الدولة حتى الآن بعد أربع موجات من الاعتقال ، وهذا مع إستمرار منع فكرهم من الظهور فى الاعلام المصرى . وهو الفكر الحقيقى الذى يمثل ( ثورة دينية ) فى مجال إصلاح وتجديد وتطهير الفكر الدينى . إستمرار هذا الوضع فى اضطهاد أهل القرآن وتجاهل كتاباتهم الاصلاحية ( الثورية )فى عصر الرئيس السيسى يتناقض مع دعوته لتجديد الفكر الدينى .

ويصل التناقض الى قمته حين يضع الرئيس السيسى مسئولية تجديد الفكر الدينى مسئولية فى عنق أعداء أهل القرآن ، المعارضين لإصلاح المسلمين سلميا بالقرآن الكريم . هؤلاء هم من أسميتهم فى مقالات سابقة بشيوخ داعش داخل الأزهر. لن يسمح أولئك الشيوخ بتجديد الفكر الدينى وهم المدافعون عن الثعبان الأقرع وحد الردة وحد الرجم وحديث ( أمرت أن أقاتل الناس .. ) وحديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره .. ) وفقه تحقير المرأة وقتل الأسرى و إضطهاد الآخر المختلف فى المذهب والدين وأنصار الإكراه فى الدين ، وهم الذين يطاردوننا بالتكفير والتحريض والمصادرة والقوانين المصرية التى تصادر حرية الدين والرأى والفكر ، وأهمها ( إزدراء الدين ) .

إن وضع الرئيس السيسى هذه المسئولية فى أعناق شيوخ داعش الأزهريين  ينطبق عليها المثل الشعبى المصرى ( حُطّها فى رقبة عالم وإطلع سالم ) ، مع إنه لم يضعها فى رقبة عالم بل شيوخ تمكّن منهم الجهل . يكفى أنهم يدافعون بكل ضراروة عن ( صحيح البخارى ) دون قراءة له ، وقد أصبح ( صحيح البخارى ) مادة للسخرية على الانترنت ، من الشباب الذى يقرأونه ويسخرون منه ، بسبب وضوح تناقضه مع العقل والقرآن . ولكن شيوخ الجهل لم يصلوا الى درجة الوعى عند شباب الانترنت .

ثم هذا الذى أفنى عمره متمسكا بالتقليد مدافعا عن خرافات وأكاذيب التراث يعتبرها دينا  ، هل تنتظر منه مرة واحدة أن يقفز فى أرذل العمر من حضيض التقليد والجهل الى قمة الاجتهاد والعقل ؟ حتى لو أراد ذلك فلن يستطيع . وهناك من الشيوخ المطيعين الموظفين الطامعين فى الترقى من سيستجيب ، ولكنه فاقد للأهلية العلمية ، فقد أمضى عمره فى إستجلاب رضى الحاكم ، ولم يكن ولن يكون لديه وقت للبحث والاجتهاد . أى سيكتفى فى إصلاحه المزعوم ببعض القشور .

2 ـ الرئيس السيسى ــ  وهو أقوى رجل فى مصر الآن ـــ  حتى الآن لم يفعل ما فى وسعه وما فى إمكاناته فى تجديد وتطوير الخطاب الدينى ليعبر عن القيم العليا للإسلام الذى هو دين السلام والعدل والحرية والرحمة وكرامة الانسان .  فى وسعه تحقيق ما طلبناه منه ، وهو الآتى :

2/ 1 : رفع الحظر عن أهل القرآن ونشر مؤلفاتهم التى تمثل ثورة دينية حقيقية وفتح الطريق أمامهم للمشاركة فى الاصلاح الدينى السلمى .

2 / 2 : محو القوانين التى تكبل حرية الرأى والفكر والتظاهر السلمى ، والعفو عن المعتقلين السياسيين وأهل الرأى .

2 / 3 : عزل شيخ الأزهر وبقية شيوخ داعش . طبقا لقانون الأزهر هم يستحقون العزل لأنهم برفضهم تجديد الفكر الدينى ينكرون حقائق الاسلام فى الحرية والسلام والعدل والرحمة، ويسلكون مسلكا يُزرى بمكانتهم كعلماء فى الأزهر .  

2 / 4 : تعيين اساتذة من الجامعة الأزهرية ذوى ميول إصلاحية محل الشيوخ الدواعش . وتكوين لجنة متخصصة لاصلاح قانون الأزهر ومناهجه . ولدينا تصور كامل فى هذا سبق نشر بعض ملامحه أكثر من مرة .

3 ـ لم أكن يوما فى منصب تنفيذى . يعلم الرئيس السيسى أننى كنت عضو تدريس فى جامعة الأزهر أُطبق واجبى الذى يفرضه قانون الأزهر فى تجلية حقائق الاسلام . وفعلت كل ما فى وسعى فى تجديد الفكر داخل جامعة الأزهر وتعرضت لاضطهاد داخل هذه الجامعة استغرق فترتين: ( 1977 : 1980 )، ( 1985 : 1987 ) ، وتعرضت للعزل وللسجن ، ولم أتراجع .

وأقول إننى لم استغل المُتاح لى شرعا بالتقية عند الاضطهاد ، بل صممت على التمسك بالحق وسط كل الأهوال التى مررت بها . ولا زلت ماضيا فى طريقى وأنا على وشك بلوغ 66 عاما وعلى حافة القبر . وحين أموت سأكون ــ إن شاء الله جل وعلا ــ قد فعلت ما فى وسعى . وحين ألقى ربى جل وعلا يوم القيامة ــ وهو الذى لايضيع أجر من احسن عملا ــ سأكون خصما ـ بعونه جل وعلا ــ لشيوخ الأزهر والسلفية الوهابية ، وسأكون خصما لكل من إضطهدنى فى الدين من اصحاب السلطان من مبارك وغيره ، وسأكون خصما لكل مسئول كان فى وسعه تحقيق الاصلاح ولم يفعل مكتفيا بالتصريحات .

4 ــ يعلم الله جل وعلا اننى أتحرّج من الحديث عن النفس . ولكن أضطر لقول حقيقة تاريخية ملموسة لأنه يجحدها ويتجاهلها الخصوم : إننى أول من قام بتجديد فكرى كامل ، لأول مرة فى التاريخ الفكرى للمسلمين منذ بدأ فى القرن الأول الهجرى وحتى الآن . المنشور فى موقعنا يشهد بذلك ، ولا يزال نشر الانتاج العلمى مستمرا وقد يستغرق سنوات أخرى. أى هى ثورة حقيقية فى التفكير الدينى من شيخ أزهرى مصرى بدأ بها عام 1977 واستمر يحمل شعلتها حتى الآن ، وتكونت حوله وبسببه  ــ فى بلاد المسلمين والجاليات المُسلمة فى الغرب ــ تيارات ما يسمى بالفكر القرآنى بدرجات مختلفة ، وبسببه تمهد الطريق أمام الجميع لنقد المقدسات السنية والشيعية والصوفية .

5 ــ يتجاهل الرئيس السيسى هذا الشيخ  الذى أفنى عمره فى تجديد الفكر عند المسلمين والذى وضع فاصلا بين الاسلام دينا ( القرآن الكريم ) وبين التراث بإعتباره فكرا بشريا ، موضحا التناقض بين القرآن الكريم فكر المسلمين . هذا الشيخ الأزهرى ( المصرى ) تجاهله الرئيس ( المصرى ) السيسى ، ويتجه الى شيوخ داعش يطلب منهم ثورة فكرية .

6 ـ لا بأس .. فموعدنا أمام الواحد القهار ليحاسب كل نفس على ما كسبت وعلى قدر ما آتاها . 

7 ــ يقول الله جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود )

ودائما : صدق الله العظيم ..وكذب دواعش الأزهر ..

اجمالي القراءات 12095