فتح العرب أم غزو العرب مصر؟

سامح عسكر في السبت ١٣ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كلمة.."فتح مصر"..لها مدلول طيب عند المسلمين، ومدلول سئ عند المسيحيين، فالمسلمون يعتقدون أنه فتحاً لنشر الإسلام، والمسيحيون يعتقدون أنه احتلالاً عربياً خالصاً....

ليس لي شأن بهذا ولا ذاك..

أنا باحث في التاريخ ، والتاريخ يؤكد أنه ثمة مقاومة قد حدثت في دلتا مصر وفي بابليون والاسكندرية أخرت نجاح عمرو بن العاص 3 سنوات من تاريخ انطلاق الحملة سنة 20هـ إلى سنة 23هـ...

وهذا في المفهوم السياسي معركة حربية أدت لانتصار أحد الفريقين

لو تعصبت لدينك وقلت أنه فتح إسلامي..

قلت فاقرأ عن .."ثورات البشموريين"..وهي ثورات شعبية مصرية قامت ضد العرب وحكام المسلمين بدأت بالثورة البشمورية الصُغرى في عهد هشام بن عبدالملك في بداية القرن الثاني الهجري.

وانتهت بالثورة البشمورية الكبرى في عهد الخليفة العباسي المأمون ، وقُتل في هذه الثورة عشرات الآلاف من المصريين على يد جنود الخلافة، ولك أن تعلم أن مصر كلها في هذه الثورة كانت ثائرة في الشوارع على غرار ثورات يناير ويونيو، لكن شاء الله أن يقمع الخليفة العباسي الثورة وينجح في القضاء على التمرد المصري.

يقول المخالف: ما بين غزو عمرو بن العاص لمصر إلى أول ثورة شعبية عشرات الأعوام، هذا يعني تضامن الشعب المصري مع جنود الخلافة.

قلت: وما بين غزو الانجليز لمصر وأول ثورة شعبية ضدهم 37 عام، ما بين عامي 1882إلى 1919، هل هذا يعني تضامن المصريين مع الاحتلال؟

الخلاصة: نعم العرب لم يفتحوا مصر، بل غزوا مصر، وقتلوا من أهلها الآلاف، والتاريخ يشهد على الجميع، ولا مفر من الاعتراف بأن ما تُسمى.."بالفتوحات الإسلامية"..كانت عمليات توسع سياسي ظالمة في حق الشعوب، وهي وهم كبير عشنا في رحابه سنوات، واعتقدنا أننا نُرضي الله.

ثم إذا جاءت داعش تكرر ما قلناه ونعتقده نثور ونغضب على جهالة، والحق أن داعش تفعل ما نؤمن به، لكن نخاف من التصريح لئلا نُتهم في أدياننا وضمائرنا...

يقول المخالف: لماذا تقول ذلك وأنت مسلم؟..أنت المفروض في رقبتك دينُ لعمرو بن العاص، لأنه لولاه ما كنت مسلماً..

قلت: الصحابي عمرو بن العاص نفسه أسلم بعد هزيمته في موقعة الأحزاب وقد كان جندياً في جيش المشركين، وبالتالي فلو نجح في القضاء على الإسلام لم يكن مسلماً ولما وصل الإسلام مصر من أصله...!

ياأخي الإسلام دين... أي قناعة وفكر، والأفكار لا حواجز جغرافية لها، ومثلما اخترق عمرو بن العاص مصر بقوته العسكرية...اخترق التجار والدعاة بلاد الهند وآسيا وأوروبا ونشروا الإسلام بقوتهم العقلية والروحية..

ديني أسمى من أن يُنسب لمعركة حربية وسلب ونهب باسم الدين

الخيرية معيارها التقوى لا فضل لعربيٍ على أعجمي، والعرب كغيرهم من الشعوب لهم مطامع وحماقات، فلا فائدة من الدفاع عن أخطاء العرب القديمة لاعتقادنا أن ذلك في صالح الدين.

المسلمون أكثر من مليار ونصف المليار شخص، أغلبهم ليسوا عربا، العرب منهم قلة لا تتعدى 400 مليون مواطن، أي أن ثلثي المسلمين حول العالم ليسوا من العرب.

نحن نحتاج لفصل جرئ ما بين العروبة والإسلام كي نرى التاريخ بشكل دقيق، ولكي لا نظلم شعوبنا والشعوب الأخرى، على الأقل لنفهمهم كي لا نقبل في حقهم ما لا نقبله على أنفسنا.
 
اجمالي القراءات 11541