وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ

لطفية سعيد في الخميس ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

(فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً (النساء 35)

وحتى لا نكرر ما نوقش قبلا من موضوعات ، فقد قررت بكامل إرادتي ...  ألا أناقش موضوع القوامة ،  فقد  قتل بحثا،  فليس موضوعي الذي أقصد على كل ... الموضوع الذي أود الحديث  عنه هنا  هو : ( النشوز الخاص بالمرأة   )من خلال آيات القرآن  تحديدا( الآية 35من النساء ) ، والله نسأل التوفيق .

بداية الانطلاق من الآية الكريمة (النساء 35 ) بعد حذف الجزء الخاص بالقومة  طبعا ،  يبدأ  بذكر علامات المرأة الصالحة من قنوت ، وحفظ للغيب  )   لايخفى عليكم الفرق بين القنوط بالطاء

مثل  : (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (الروم 36) و القنوت  المحبب الى النفس المطمئنة فهو  علامة من علامات الصلاح ، و من الآيات التي جاء فيها لفظ القنوت  : ( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِيلِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) آل عمران، ) ، (  وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33)الأحزاب

 أما ( حافظات )  من  حفظ ، والتي تدور حول تمام السيطرة  والتحكم  ( والله أعلم ) فعلى سبيل المثال لا الحصر جاءت في  : (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)الصافات

 (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)الصف

(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ الأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ225(  البقرة ) 

ثم  تليها جملة  ( بما حفظ الله ) تقوم بحفظ  الغيب متبعة  ومهتدية في ذلك بأوامر الله سبحانه  (والله أعلم ) .. ، ثم  نأتي لبداية المشكلة : (واللاتي تخافون نشوزهن )  وإن كان الفعل المستخدم   ( تخافون ) مضارع يدل على  أن هذا التخوف  حديث عهد، ولكنه وقع بدليل وجود الحلول المقترحة في الآية والتي لا نستطيع غض الطرف عنها ، و  (نشوزهن ) الخروج عن الحالة السلوكية السابقة  ، من القنوت والحفظ .. من الآيات التي جاءت فيها هذه الكلمة  : (وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا) تتحدث الآية عن وجوب الطاعة في مجالس العلم  ، و بعض الآداب المتبعة في تلك  المجالس ، فتذكر مرحلتين الأولى ، ( التفسح في المجالس )   :  التوسعة ( والله أعلم ) ، لكن الأمر لم يهدأ فمازال هناك خلاف بين الجلوس بفعل العوامل البشرية  مما يتسبب في  ضياع الوقت والجهد .يَا ..  إذن وجب النشوز،  أي الخروج من المجلس وطاعة الأمر  قال تعالى  : (( يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة 

وسؤال القرآء هنا : في أي مكان كانت تقام مجالس العلم قبل لإقامة المساجد ؟ وحتى بعد إقامة المساجد ظلت مستخدمة فلماذا ؟ وما الدليل على ما تقول ؟

الآية التالية  التي جاءت فيها كلمة ( ننشزها ) تتحدث عن معجزة البعث وإثباتها لدى متلقي أنكرت نفسه البعث ، بقوله :  (أنى يحيي هذه الله ) فكان موته مائة عام ، ثم بعثه عمليا ليرى بأم عينيه البعث ، قد عرفنا من آيات القرآن مراحل خلق الإنسان  ، وأن العظام هي المكون الأساسي للجسد ، فاللحم يخرج من داخل العظام  ، مما يعني أن  اساس الإنسان هو العظام ،  فتخرج العظام بأمر الله سبحانه ثم تكمل كسوها لحما :

(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَنُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة

والدليل على أن الذي سيخرج أولا ويجمع هو العظام قوله تعالى:(أيحسب الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)القيامة

 

وبعد فقد قدمت الآيات الكريمة حلولا للقضاء على مشكلة النشوز في بدايتها (لمن أراد )  حفاظا على الأسرة ، مكلفة من له حق القيام على الأمر بالبدء في خطوات العلاج ،  أولها الوعظ ،إذا لم يتغير السلوك كان الهجر في المضاجع ، وأخيرا الضرب  ، وبحسب فهمي ليس الضرب المتعارف عليه البدني  الحسي ، وقد أفاض الفقهاء كعادتهم في تحديد حدته وشكله وقعدوا له قواعد  ... لا لا  ، بل  البعد  ومغادرة المكان ، أي عدم تواجد الزوجين المتشاكسبن في مكان واحد...  وبرأيي هذا أقوى من أي ضرب عضوي هو ضرب معنوي (ابعدوهن ) كردع أخير للمشكلة ، ولو نظرنا في الحياة العملية سنجد ان هذا يحدث فعلا بأن تترك الزوجة أو الزوج البيت ، إذا حدث  طاعة فالواجب عودة الزوج عن كل ما اتخذه من مواقف ، و بدون تعالي أو كبر ،  لأن العلو والكبرياء لله وحده ... وإذا  لم تنته المشكلة ووصلت إلى شقاق وخرجت من الأسرة الصغيرة إلى دائرة الأهل ، فوجب اختيار حكمين ينوبان عن الزوجين لحل المشكلة ، وإرادة الإصلاح تأتي من الطرفين معا ومن ينوب عنهما ،  وعليه يكون توفيق الله سبحانه ، وهذا واقع في علم الله سبحانه وخبرته بمن خلق . .,

وبرأيي أن هذا النشوز  انحراف عن الهداية مطالب الزوج فيه أن يقوم بدوره  في إرجاع الأمور إلى نصابها ، وهذا الخروج  يستوجب تنبيها لا تعنيفا ...  فالإسلام  يعطي حرية الإيمان والكفر  ، لكن ما نتحدث عليه هنا أمور لا تخص طاعة الله فقط  ، بل تؤثر على المحيطين  وتلحق الضرر بهم ...  فمن حق الزوج أن يرفض أن تكون شريكة حياته  هكذا أخلاق  ... أكاد أسمع بعض القراء يطالب بالدليل على ما أوصلني لهذه النتيجة، (وهو بحسب فهمي وقد أتعبته معي )  أن الرجل مطالب بأن بأمر أهله بالصلاة ، لكن في حدود الكلمات  ...  ، والآية التي تدل على وجوب الأمر بالصلاة  في سورة طه ، قال تعالى :

(  وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)طه.

ودائما صدق الله العظيم   

اجمالي القراءات 15042