كفى إمتهانا للإسلام

آحمد صبحي منصور في الخميس ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

1 ـ أمس الأربعاء 22 اكتوبر 2014 إقتحم مواطن كندى مدمن للمخدرات وصاحب سوابق إسمه " مايكل زهف بيدو "مبنى البرلمان الكندى فى العاصمة أوتاوا ، وقتل قبلها جنديا كنديا يحرس النصب التذكارى . وظلت القناة الاخبارية (سى إن إن ) المشهورة بحيادها تكرر فى إذاعة تفاصيل الخبر يوم أمس أن الجانى قد إعتنق الاسلام قبل إقدامه على عمليته الارهابية ، وجاءت التعلقات تترى تربط بين داعش وبين هذا الارهابى ، وربط هذا الحادث بحادث سابق ، وأنباء عن منع أمريكيين وغيرهم من اللحاق بداعش ، والتوقع بأن هذا المنع سيجعل أو لئك الراغبين فى اللحاق بداعش يقومون بأعمال إرهابية فى أمريكا وكندا وأروربا .. وانتشر الرعب من داعش فى أمريكا وفى ولاية نيويورك بالذات التى تتاخم كندا ، وتواترت أنباء عن تعاون أجهزة الأمن الكندية والأمريكية فى مواجهة الخطر الداعشى ، وتكلم أوباما داعيا الى الحذر والتنسيق الأمنى بين أمريكا وكندا . ولنا تعليق على هذا :   

2 ــ واضح أن أى مواطن أمريكى أو كندى ناقم أو صاحب سجل إجرامى أو يريد الدخول فى مغامرة أو يريد الانتحار ـ فإن من السهل عليه إعتناق الاسلام يتخذ منه مبررا لما يريد أصلا أن يفعله . هناك فتيات مراهقات من النمسا وتونس وغيرها لحقن بداعش لأسباب مختلفة من المال والجنس والرغبة فى المغامرة وكراهية المجتمع .. وهناك شباب فعلوا ويفعلون نفس الشىء. وهناك من يفعل ذلك عن إقتناع بأن داعش هى الاسلام وأن الاسلام هو داعش. المفهوم من هذا إن ( الاسلام ) أصبح شعارا وملجأ للشباب الناقم والمحتجّ والمعارض ، بغض النظر عن جنسية هؤلاء الشباب وأعراقهم وثقافتهم .

3 ـ منذ قرن مضى كانت الشيوعية هى الملاذ لأولئك الشباب الساخط . سقطت الشيوعية فأصبحت الوهابية التى تزعم إحتكار إسم الاسلام هى الملاذ . أمريكا نجحت فى إسقاط الاتحاد السوفيتى فيما يُعرف بالحرب الباردة ، أسقطته بدون طلقة رصاص واحدة. أسقطته بنوعيات أخرى من الحروب ، منها سباق التسلح ، ولكن أخطرها هو ( الحرب الناعمة ) أو ( الحرب الفكرية ) خلال الإذاعات الموجهة ، ثم عندما تمكنت وسائل الاتصالات الغربية من إقتحام السور الحديدى للأتحاد السوفيتى وأصبح بإمكان المواطن السوفيتى والمواطن الأوربى فى شرق أوربا أن يشاهد ويسمع الاعلام الأمريكى والغربى من برامج ودراما سقطت العقيدة الشيوعية فى قلوب أولئك الناس فتهاوى الاتحاد السوفيتى .

4 ـ  والعادة أنه بعد الحروب الكبرى فإن التحالفات السابقة تنهار وتنشأ تحالفات جديدة ، وخوفا من بروز إنقسامات بين أمريكا واروبا بعد إنهيار الاتحاد السوفيتى وتفككه واستقلال أوربا الشرقية عنه فقد كان حتميا صناعة عدو جديد ، يتحد ضده الجميع ، وبدأ تضخيم ايران ( الجمهورية الاسلامية ) لتكون العدو الذى يتّحد الغرب كله فى مواجهته ، ولكن إيران تخلت تدريجيا عن راديكاليتها بعد موت الخومينى ، علاوة على أنها تمثل أقلية شيعية ( الإمامية الإثناعشرية ) التى هى فرع من ( الإمامية ) والامامية نفسها هى فرع من التشيع الذى يضم طوائف كثيرة منها الزيدية فى اليمن و النصيرية فى سوريا .. ومذاهب وطوائف شيعية شتى فى لبنان وسائر بقاع العالم . بعد إيران وقع الاختيار على الوهابية التى انتشرت بفضل البترول تحمل إسم الاسلام فى دول الشرق الأوسط واوربا وأمريكا .

الوهابية بكل أطيافها تنقسم الى قسمين : الوهابية التى تسير فى ركاب السلطان من الشيوخ الذين يمتطيهم المستبد العربى ، والوهابية الناقمة المعارضة على إختلاف تكتياكاتها ، منها وهابية معارضة ( منافقة ) تزعم الاعتدال كالإخوان المسلمين وشتى أخواتها العاملين فى السياسة للوصول للحكم بالانتخابات ثم إلتهام السلطة ، ومنها الوهابية الصريحة التى تمارس الارهاب ، وتعلن هدفها صرحة فى قلب أنظمة الحكم فى بلاد ( المسلمين ) و قتل الآخر غير الوهابى وغير المسلم  . تمخّض إختيار الغرب للوهابية عن نتيجتين : توثيق التحالف بين المستبد العربى الوهابى فى السعودية والخليج وفى مصر ضد الوهابية الارهابية ، وإعتبار الوهابية الارهابية هى العدو الأكبر الذى يجب أن تتحالف ضده كل دول الغرب ودول الشرق الأوسط أيضا .

5 ـ والعادة أيضا أن الذى يلعب بالسياسة مع الوهابيين بالذات لا بد أن يكتشف نفسه فى النهاية جالسا فوق خازوق يصل من ( إسته ) الى ( أنفه ) وفى النهاية قد يلقى حتفه . قتل الاخوان المسلمين كل من تلاعب معهم بالسياسة من النقراشى وماهر و السادات ، وحاولوا قتل عبد الناصر . وتلاعب الامريكان بالمجاهدين العرب الوهابيين واستخدموهم فى حرب السوفييت فى أفغانستان فانتهى الأمر بابن لادن والقاعدة ، وما ألحقته القاعدة بأمريكا وأروبا . هذا هو الخازوق ، وما أفظعه .!!  .

6 ــ الوهابية الارهابية ــ من القاعدة وغيرها ــ لا تزال تنتقل من نجاح الى نجاح . السبب يرجع الى أنها  تستخدم الحرب الفكرية ضد خصومها ، وفى هذه الحرب الفكرية تستعمل أبدع ما أنتجه الغرب من مخترعات وهو الانترنت ، كما تستخدم أفظع خطايا الغرب السياسية فى التعامل مع القاعدة ومثيلاتها . ومنها أن الغرب يحارب الوهابية الارهابية ــ من القاعدة وغيرها ــ  بالجيوش ،  وهى أصلا هيكل فكرى دينى ، يعتمد على تجنيد البشر باسم الاسلام ، الأكثر حمقا أن الغرب يوافقها على أن الوهابيين هم ( إسلاميون ) وبالتالى فهم بشهادة الغرب والشرق يمثلون لاسلام، وبالتالى فإنّ من يعاديهم فهو عدو للاسلام ، وهذه أهم نقطة تستخدمها القاعدة فى حربها الفكرية ضد أعدائها من المسلمين والغربيين والاسرائيليين . وفى عصر ثورة الاتصالات والمواصلات وإتقان الارهابيين الوهابيين لفنون التسلل الفكرى والدعوى عبر الانترنت وغيره فقد أصبح للقاعدة وأخواتها أتباع كثيرون داخل الغرب وأمريكا . وينضم اليهم كل ناقم على وطنه ، وحتى لو كان غير مسلم فمن السهل أن يعتنق الاسلام ــ الذى لا يعرف عنه شيئا ـ ويلتحق بداعش ، فإذا منعوه من السفر ارتكب عملا ارهابيا فى الداخل . هذا هو الخازوق ، وما أفظعه .!!  .

7 ـ اوباما فاشل فى سياسته فى التعامل مع الارهاب ، وقد عبّر بنفسه عن هذا الفشل حين أعلن القضاء على الارهاب ، تصور أنه بقتل ابن لادن فقد قضى على الارهاب . بعدها فوجىء بداعش فأعلن أنه ليس لدية استراتيجية لمواجهة داعش ، ولجأ الى تحالف دولى ليحارب معه داعش . وهذا فى حد ذاته عار ألحقه أوباما بأمريكا .! أن تلجأ أكبر قوة فى العالم الى التحالف مع العديد من أقوى دول العالم كى تحارب داعش ..! .. ثم يُقال أن حرب داعش ستأخذ وقتا طويلا .!هل داعش أقوى من أمريكا وحلفائها ؟ ام أنها الخرب الخطأ .

8 ـ هى الحرب الخطأ لأن الحرب الفكرية من داخل الاسلام هى وحدها الكفيلة بالقضاء على داعش والقاعدة وجبهة النصرة وحماس والاخوان ..وسائر التنظيمات الارهابية ما ظهر منها وما بطن .

9 ــ هذه الحرب الفكرية لا تعنى قتل الخصم بل حقن دمه وإنقاذ حياته بإقناعه من داخل دينه الذى يؤمن به أن ما يفعله يجعله عدوا لله جل وعلا ورسوله ودين الاسلام . بإقتناعه ينقذ نفسه وينقذ ضحايا كان سيقتلهم .

10 ــ أمريكا واتباعها فى أوربا وفى مصر ــ أيضا ــ يفعلون العكس ، ينشرون الوهابية على أنها الاسلام ، ويُفسحون المجال لشيوخ الوهابية ليسيطروا على التعليم الدينى والاعلام والمساجد ، ويُطلقون على الوهابيين الارهابيين لقب ( إسلاميين ) تكريما لهم . ثم إذا صدّق شاب مسلم برىء ما يسمعه فى الاعلام وفى التعليم وقرر أن يطبق ما يسمعه وما أصبح يؤمن به فوجىء بالأسلحة تقتله أو تطارده ..

11 ـ ليس لأوباما أى عذر . فالقرآنيون هم أصحاب خبرة فى الحرب الفكرية الاسلامية السلمية العقلية ، ووصل صوتى اليه والى أعوانه ، بل حين كنت أستاذا زائرا لمعهد ( وودرو ويلسن ) الذى يشارك فى صناعة القرار الأمريكى ،كتبت بحثا بالانجليزية بعنوان ( قواعد الحرب الفكرية ضد الجهاديين ) وضربت فيه أمثلة لما نقوم به فى موقع ( أهل القرآن ) ، وكتبت رسائل شخصية الى أوباما ، ثم نشرتها بموقعنا . كل ذلك دون جدوى . قبله وفى رئاسة جورج بوش وصلت الى مكتب ديك تشينى أعرض نفس المشروع فى أن تتولى أمريكا الحرب الفكرية فى مواجهة القاعدة وغيرها ، وهى حرب ستوفربلايين الدولارات وستنقذ آلاف الناس ، وجدت تفهما ، ولكن الظروف السياسية فى العراق وقتها لم تٌتح الفرصة. وجاء أوباما فتم حذف مصطلح الحرب الفكرية تماما من سياسته .

12 ـ هى دعوة أوجهها حرصا على حياة الأبرياء ، وحرصا على تبرئة الاسلام من هذه الوهابية وشتى الاستغلال السياسى ، أرجو أن يقف معنا الأحبة فى توصيل رسالاتنا ، وهى أنه آن الأوان لشن حرب فكرية ضد داعش والقاعدة وأخواتها يقوم بها خبراء مسلمون ، وهى حرب قليلة التكاليف جدا ، بل لدينا مشروعات تجعل هذه الحرب فعّالة ومُربحة إقتصاديا أيضا . المهم أن نجد من يسمع لنا . والاستماع لنا ينفع ولا يضر. فقد ثبت أن عدم الاستماع لنا قد كلّف الغرب آلاف الأنفس ومئات البلايين ..

أرجوكم ساعدونا فى أن تصل صرختنا الى من يهمه الأمر فى أوربا وكندا وأمريكا ..

اجمالي القراءات 9462