أولوا الألباب
قياما وقعودا وعلى جنوبهم!

نسيم بسالم في الثلاثاء ٢١ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

من أعظَم صِفات أولي الألباب في سُورة آل عمران؛ أنَّهُم قوم يذكرُون الله قيامًا وقعُودًا وعلى جُنوبِهم! أي في كافَّة الأوضاعٍ التي هُم عَليها؛ نتيجَة توجُّه فِكرهم الدَّائِم إلى التَّأمُّل في ملكوت السَّموات والأرض؛ ليقُولوا في النهايَة: ربَّنا ما خلقتَ هذا باطلا!! :oops: :oops: 
في سُورة يُونس عليه السَّلام - وفي سياق الحديث عَن كافري النِّعم الإلهيَّة والمُسرِفين -؛ يتحدَّثُ الله عَن حالَة أولئك، وهُم في حالَة ضُر ومُصيبَة فيقُول عزَّ مِن قائل: (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً) [يونس : 12].
في آل عمران نقرأُ (قيامًا وقعودا وعلى جنوبهم)؛ لأنَّ الباري عزَّ وجل يتحدَّث عن الحالَة العاديَة مِن الصِّحَّة والنَّشاط، وفي يونس نقرأُ عكسُ هذا التَّرتيبِ تَمامًا (على جنبه أو قاعدًا أو قائمًا)؛ لأنَّ السياق سياقُ ضُرٍّ وعذاب؛ عادَة ما يكُون الإنسان طريح الفِراش يُعاني مِن تباريحِه وآلامِه!! :oops: 
بالجَمع بين الآيتين الكريمتين نفهم أنَّ الباري عزًّ وجل يقُول لَنا - باختصار- أن يا عبادي إنَّه لَمن الخَير لكُم أن تذكرُوني وتُسبِّحُوني وتُعظِّمُوني؛ وأنتُم في بحبُوحَة وسعةٍ مِن أمركُم؛ حتَّى تُحقِّقُوا شُكري وعبادَتي ودُعائي؛ شأن مَن أثنيتُ عليهِم من أولي الألباب!! :idea: 
أمَّا إن أعرضتُم واستنكفتُم ونأيتُم بجَنبكُم؛ فسأضطرُّكُم إلى ضُرٍّ مُقعِد، يهدُّ أوصالكُم؛ لا تجدُون مَن تستغيثُون بِه حينئذٍ إلاَّ أنا العَزيز القهَّار!! فتتحاملُون على أنفُسكم وأنتُم مُمدَّدين على الأسرَّة؛ في بيُوتكم أو في المُستشفيات؛ أو قاعِدين كالعَجزَة والهَرِمين لا تستطيعُون الحِراك؛ أو قيامًا في حالات قليلَة إذا كانَ الضُّر خفيفًا غير مُعيقٍ عَن المشي والسَّعي؛ فاختارُوا لأنفُسكُم ما تشاؤُون!! :!: 
(أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الأنعام : 40]؟!!

اجمالي القراءات 6300