حوار مع الأصدقاء والقراء على الفيس بوك (3)

سامح عسكر في الثلاثاء ٠٩ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

السؤال التاسع من Nidall Aljaouni
هل تعتقد بوجود طريقة او الية لانهاء الصراع السني الشيعي ؟ اذا كانت الاجابة بنعم ، ماهي؟ وبكل الاحوال وبعيدا عن التنظير والتمني ما هي توقعاتك ونظرتك المستقبلية لهذا الصراع؟

الجواب: كنت قديماً منغمس في تيار التقريب بين المذاهب، وهذا التيار ربما تغلب عليه النزعة العاطفية والوحدوية ، لذلك تجد أكثر المنتمين إليه من ذوي الطبائع الهادئة ومحبي السلام والتواصل، ولكن اكتشفت مؤخراً أن هذا لا يكفي، لأنه وبعد الاطلاع الجيد تبين أن المشكلة أعمق من العاطفة وأصعب من الحلول الوقتية، المشكلة راسخة وصعبة الزوال بالطُرق التقليدية العادية، لابد من حلول غير تقليدية تنسف ما تعارف عليه أًبناء السنة والشيعة من قواعد يختلفون عليها، ليس ذلك معناه الدعوة إلى هدم المذهبين، ولكن هي دعوة لإبراز كمّ الخرافات الهائل في المذهبين.

السني كما الشيعي إذا اعتقد أن ما عليه ليس مقدساً وعلى الجانب الآخر توجد آراء محترمة وجديرة بالثقة سيعزل نفسه تدريجياً عن مذهبه، وستقل لديه حدة التعصب، أتحدث عن عموم الناس وليس الغُلاة الذين ينشأون من رحم أي صراع، معركتي الفكرية-إن جاز التعبير-هي ضد هؤلاء الغُلاة، لأنهم يستخدمون أسلوباً عاطفياً في الحشد المذهبي والتحريض الديني، سلاحي في مواجهتهم هو التنوير، بشيوع التنوير ستقل سطوة الغُلاة ربما في تقديري إلى أقل من 10%، بينما هي الآن تتجاوز ال70% على أقل تقدير، وهذه النسب هي من خيالي أستطيع بها كشف الواقع والتنبؤ بمستقبل أي أمة، وعن طريق هذه النسب تبين لي في الماضي أن ما يحدث في سوريا-مثلاً-ليس بثورة، بل هو مشروع طائفي حقير ستجني سوريا منه الويلات، وستمتد آثاره إلى دول الجوار القابلة لهذا النوع من الصراع.

بالنسبة لتوقعاتي في المستقبل فأنا متفائل جداً...ولكن شريطة أن يستغل العرب ما يحدث لهم الآن من كوارث وعبر ليخلقوا نوعاً من التحدي يهزمون به الإرهاب والانحطاط، أنا وغيري يجتهدون في توصيف الواقع ومحاكاته وتقريبه للإنسان البسيط كي يعلم من يعلم على بينة، وأزعم أننا قطعنا شوطاً كبيراً في التوعية، ما كان محذوراً منذ سنوات لم يعد موجوداً الآن، قديماً كان الأزهر كعبة المصريين، الآن أصبح موضعاً للنقد وتوجيه اللوم عليه شئ عادي، كذلك في السعودية وشتى البلاد العربية توجد انتفاضة تنويرية ستكون نتائجها جيدة...ولكن يجب قبل كل شئ العمل والاجتهاد والصبر.

السؤال العاشر Nidall Aljaouni
يرى كثيرون ان الاسلام بشكله الحالي هو دين يشجع للقتل والعنف ، دين عنصري يقلل من شأن كل من يخالفه ، وهم يستندون لكثير من الايات والاحاديث بغض النظر عن تأويلها وسياقها ، وجد من يؤلها ويسوقها في هذا الموضع ، ،، سؤالي ما تقييمك لهذا الرأي وما هو الرد عليه ، او الحل للتحدي الذي يطرح؟

الجواب: لي مثال بسيط وهو عندما يبني أحدهم بناءً لا يستوفي الشروط ثم يسقط هذا البناء، هل هذا يعني أن جميع الأبنية لا تستوفي الشروط وستسقط؟!....بالعكس توجد أبنية في كل حي وفي كل مدينة وفي كل شارع هي أبنية قوية وصالحة ومؤسسة على قواعد سليمة.

الذين يرون أن الإسلام هو دين إرهاب وعنصرية هم يرون كل أبنية الحي والشارع لا تستوفي الشروط وستقع، قياسهم غير سليم، يُخطئون في الاستدلال، يحكمون بالجزئيات على الكليات، إذا أرادوا محاكمة الإسلام فليعودوا إلى تاريخ المسلمين في فهمه، سيجدون خلافاً واجتهاداً ليواكب العصر ويستوفي شروط العدالة.

السؤال الحادي عشر من السيدة Lamar Paradis
من هم داعش ؟ وهل يتم تصنيفهم دينيا أم سياسيا كتنظيم إرهابي متطرف ؟؟؟ 2-ماالذي يحكم أو ينظم الفكر السياسي السني ؟؟ 3-ماهي أهم الفوارق بين الفكرين السياسيين السني والشيعي ..وكيف تطورت الإثني عشرية من انتظار الغائب محمد الحسن العسكري لولاية الفقيه؟؟ 4-متى وكيف نشأ الفكر السياسي السني؟ وكيف تطور من فترة ﻷ-;-خرى ومن شكل ﻵ-;-خر ؟ وهل هو قائم على مصدر اﻹ-;-جماع فقط؟ وهل هو مدني ديمقراطي بالمعنى الصحيح؟؟ 5-أين تتفق وأين تختلف المذاهب اﻹ-;-سلامية المعاصرة مع أصول الفقه السياسي سني كان أو شيعي ؟؟ 6-هل يحل اﻹ-;-جماع محل باقي مصادر التشريع ؟؟

الجواب: داعش هي جماعة فكرية عقائدية قوامها الفهم السلفي والتقليدي للتراث، لذلك أراها –ويراها غيري- أنها التجلي الحقيقي للتراث السني، هي لا تبعد عنه قيد أنمله، ما قاله وقرره شيوخ السنة قديماً تفعله داعش، الفارق أن داعش ظهرت في عصر الحضارة وظهر معها التخلف والانحطاط السني، لكن قديماً لم يكن هذا يظهر بشكل جيد لطبيعة الحياة وقتها التي كانت تتسق مع مفاهيم كثيرة لهذا التراث.

الفكر السياسي السني بدأ مع الدولة الأموية وشيوع التحديث والراوية، وقمع الأساتذة والمفكرين من أمثال غيلان الدمشقي ومعبد الجهني والجعد بن درهم والجهم بن صفوان وغيرهم، كل مفكر كانوا يتهمونه بالمروق لأنه خالف شريعة الأمويين في الجبر والتحديث عن الرسول، تطور هذا الفكر كثيراً على يد ابن تيمية، وتم إحياءة مرتين بعد ابن تيمية الأولى مع محمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية والثانية مع حسن البنا في مصر، لذلك فالصراع الحالي- والحروب التي تشهدها- الأمة هي بين مدرسة ابن تيمية المطورة ومجدديها وبين الحضارة المعاصرة بالكلية.

أما عن الإثنى عشرية فالمقال فيهم يطول وأرى أنه ليس موضع نقاش، ولكن سأحيلك إلى رأي الشيخ أحمد الكاتب وهو من شيوخ الإمامية المجددين، لديه كتب متنوعة تجيب على هذا السؤال وأسئلة غيره كثيرة، وستجدين معه مقارنةً منطقية بين التراثين السني والشيعي السياسي.

أما عن الإجماع فهو ليس دليل حقيقي بل هو دليل متوهم، لم يحدث أن اجتمعت الأمة على شئ سوى أصول الدين المحكمة في القرآن، لذا فالاحتجاج به هو ضربُ من الدجل والكذب، وغالباً ما يحتجون به لقمع المفكرين والمتأملين في الدين، قديماً كان العلماء منشقون في أمر هذا الدليل أشهرهم ابن حزم الأندلسي الذي نفى إمكانية تحقق الإجماع بالكلية.

أخيراً فالتراث السني ليس ديمقراطياً بل هو يعتمد الشورى القائمة على بيعة أهل الحل والعقد في اختيار الخليفة، لذلك عندما كفّرت داعش كل من يؤمن بالديمقراطية كانت عن خلفية سنية محضة، ومخالفوها غالباً ما يؤمنون بما تؤمن به داعش من كفر الديمقراطية..لكنهم يستغلونها للصعود إلى السلطة وفور صعودهم سيعلنون كفرهم بها صراحة، لذلك قلنا أن داعش هي الأصدق في تمثيل المذهب السني بحذافيره، داعش هي السنة والسنة هي داعش، ومن ينكر هذا الكلام فعليه بالدليل، أولاً: أن يطرح تعريفه للحاكمية والخلافة وعلاقة الدين بالسياسة ووظيفة الشعب من خلال التراث السني، أما ثانياً: فعليه أن يطرح مفاهيم الحضارة المعاصرة من الدولة إلى السلطة إلى الشعب ووظيفة كلٍ منهم ، حينها نعلم من الصادق.

اجمالي القراءات 6041