لطائف القطوف -1
ومضات تأملية في قطوف قرآنية

محمد خليفة في الجمعة ٢٢ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

 
القطوف القرآنية هي عبارة عن لقطات أو لمحات أو إشارات مـُركـَّزة تدور حول كلمة قرآنية، أو جملة مقتطفة من الذكر الحكيم، أو آية أو أكثر، أي منها  قد  يحتوي معلومة، أو يعرض لرأي أو يكشف عن معنى جديد بل ومتجدد، فهو دائما يحتمل المغايرة وهو قابل باستمرار للتغيير والإضافة والتعديل حسبما تكشف العلوم عن الحديث فيها، وعما تسفر آراء المجتهدين المتدبرين لآيات الله من أفكار ودلالات، وامتثالا لفهمنا للآية الكريمة

{  سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} سورة فصلت

 

وأهم ما في هذه القطوف، هو ظهورها في كلمات موجزة جدَّ مركزة حيث أنها سوف تحتوي معلومة مـُغـلـفة في ( كبسولة )، وهي في ذات الوقت نتيجة مختصرة لبحث كبير في ذات الموضوع ، ولسوف يشار بإذن الله إلى الموضوع التفصيلي إذا ما شاء أحد القراء استعراض التفاصيل.


 كما أننا سوف نرمي إلى إيجاد الرابط بين المعاني التي سوف يتم التوصل إليها وبين مدى ما يمكن أن نحققه من المدد والقرب والصلة مع الله، وكذلك الجـَنى الحياتية من تفعيل هذه المعاني وتلكم الروابط.

ومن المهم أن نلفت الانتباه إلى أننا سوف نكتفي بآية قرآنية أو اثنتين على الأكثر ، وذلك حين استدعاء الآيات القرآنية التي تدلل على ما هو قيد البحث من النقاط، وذلك تحقيقا للتركيز وامتثالا للإيجاز.

 

 كما سوف نعرض لبعض الومضات البراقة، والأفكار الجريئة، والتي يمكن أن تصل إلى حد الاستهجان أو المعارضة العنيفة من تحجرات الفكر السلفي، وسدنة أوثان هذا ما ألفينا عليه آباءنا،  لكنها في حقيقتها أفكار مجتهد، ومن حقه علينا أن نناقش أفكاره في ضوء عدم الخروج إلى دائرة محظورة، فالمبادئ والحدود القرآنية معلومة ومحددة، لكنها قد تكون تلك الأفكار على صورة تأويل بشري قابل للطعن والتغيير.


 فنرجو من الله التوفيق بين تلك الغايات، ولا يكون نصب أعيينا إلا المقصد الطيب والخيرية الشاملة، ونسأله جل وعلا أن يلهمنا الصواب وأن يجزل لنا الثواب، فإنه نعم المولى ونعم النصير.


 


 لطائف قرآنية ونظرات تحليلية

النظرة الأولى  :  سورة المجادلة

بين يدي السورة:
سورة المجادلة سورة مدنية، تقع في الجزء 28 في الحزب 55 في ربعه الأول،
 ترتيبها التوقيفي  058 ، وترتيبها التنزيلي  105 ،عدد آياتها 22 آية
وترتيبها من حيث عدد آياتها هو 076 ،
 ورمز درجة توافقها  4 أي أنها زوجية الترتيب التوقيفي وزوجية عدد الآيات
ورمز استفتاحها 4 أي أنها بدأت بجملة خبرية حيث بدأت بـ  قد سمع الله...
{
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا
   إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) }

وتميز هذه السورة مميزة خاصة، ذلك أن لفظ الجلالة قد ظهر في كل آياتها مرة على الأقل
ملحوظة 1 :  عن ظهور لفظ الجلالة

·   خمس مرات في آية واحدة في الآية 22

·   أربع مرات في آية   واحدة في الآية 1

·   ثلاث مرات في ثلاث آيات 6 ، 11 ، 13

·   مرتين في خمس آيات  4 ، 7 ، 8 ، 10 ، 21

·  ولمرة واحدة  في اثنتي عشرة آية وهي 2 ، 3 ، 5 ، 9 ، 12 ، 14 ،
                                              15 ،16 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20

ملحوظة 2 :
               ظهور لفظ الشيطان ثلاث مرات في آية واحدة وهي الآية
{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُالشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَالشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) }
وهذه الظاهرة تفردت بها في هذه السورة.

ملحوظة 3 :
              ظهر لفظ الجلالة بالثلاثة أشكال الإعراب سويا
( المرفوعة بالضمة اللهُ ، والمنصوبة بالفتحة اللهَ ، والمجرورة بالكسرة اللهِ )
في الآيتين (1) ، (22)
{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) }

{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) }


النظرة الثانية  :  لطائف القطوف

1.      عدد سور القرآن (114) سورة، منها (86) سورة مكية، (28) مدنية النزول

ويتصور البعض أن السور مكية النزول يعني أنها تلك السور التي تنزلت في مكة، وكذا السور المدنية هي تلك التي تنزلت بالمدينة، وهذا تصور بعيد عن الصحة، ذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ينتقل من مكان إلى آخر عرضا للدعوة، فلا يمكن أن نقول مثلا طائفي  لتنزل الآيات في الطائف ، ولا يستقيم أن ننسبها إلى خيبر إذا ما تنزلت بها، وواقع الأمر أن التقسيم هنا هو تقسيم زمني وليس تقسيم مكاني، بمعنى أن  السور المكية هي السور التي تنزلت قبل التهجير ( والتي أطلق عليها عرفا الهجرة)، والمدنية هي تلك السور التي تنزلت بعدها.

 

2.     عدد آيات القرآن (6236) آية، ولسهولة تذكرها نقول وبالله التوفيق

2.1.     أن أول سورة في القرآن  بحسب ترتيبه التوقيفي - وهو الترتيب الذي عليه المصاحف الآن - هي سورة الفاتحة، حيث يبلغ عدد آياتها (7) حيث هي السورة الوحيدة التي تشكل البسملة فيها آية قائمة بذاتها وتأخذ الترقيم (1) في تفرد مطلق، وبذلك تكون عدد آيات سورة الفاتحة دون البسملة هو (6) آيات.

2.2.     أن آخر سورة وردت في القرآن هي سورة الناس، وهي أحد سبعة عشر سورة تميزت بانتهاء جميع آياتها بذات الحرف، وعدد آياتها (6).

2.3.        الثابت أن مدة تنزل الذكر الحكيم هي (23) عام، منها (13) سنة قضاها الرسول في مكة، و (10) منها قضاها الرسول في المدينة.

2.4.         لابد من تذَّكر أن العددية المطلوبة رباعية التكوين الرقمي، أي تقع في أربع خانات رقمية، فلو وضعنا الرقم (6) في أول خانة كإشارة رقمية لعدد آيات أول سورة ( الفاتحة ) فتصبح على الشكل (0006)، وكذا سجلنا نفس الرقم في الخانة الرابعة كإشارة لعدد آيات آخر سورة ( الناس ) فسوف تأخذ الشكل (6006)، ثم حشرنا بينهما العددية (23) وهي مدة تنزل القرآن لتكون لدينا العددية (6236) وهي العددية الدالة على عدد آيات القرآن.

 

3.        أكبر سور القرآن من حيث عدد الآيات هي سورة البقرة، وترتيبها التوقيفي (002)، والتنزيلي (87)، وعدد آياتها (286)، وتتميز بخواص ظاهرية خمس  :

3.1.     أننا لو جزءنا العددية ثلاثية الرقمية الدالة على عدد الآيات، وسلطنا الضوء فقط على الرقمين في أقصى اليمين فسوف نقرأ هذا الجزء (86) وهو العدد الدال على تلك السور الموصوفة بالمكية.

3.2.     وبنفس الكيفية لو اجتزأنا الرقمين على أقصى اليسار فسوف نقع على العدد (28) وهي تماثل تماما العدد الدال على السور الموصوفة بالمدنية.

3.3.         أننا لو قسمنا العدد (286) إلى نصفين، فسوف نحصل على العددية (143)، وبالبحث عن الآية التي تحمل هذه العددية، لوجدنا أنها تتحدث عن الأمة الوسط   { وكذلك جعلناكم أمة وسطا.......}

3.4.         أن هذه السورة تحتوى على أطول آية وردت في القرآن، وتسمى آية الدين وجاءت في الترقيم (282)، وعدد كلماتها (128) كلمة.

3.5.     تحتوي السورة أيضا على آية ذات وقع مميز خاص عند المسلمين من قراء القرآن، ألا وهي آية الكرسي. 

 

4.            أصغر سور القرآن هي سورة الكوثر، وترتيبها التوقيفي (108)، والتنزيلي (015) فهي من أوائل السور التي تنزلت على رسول الله، وأحسب أن نزولها لم يتعدى العام البعثي الأول، وهي أحد (16) سورة انتهت جميع آياتها بنفس الحرف، عدد آياتها (003)، وعدد كلماتها (010)  كلمات، نصفهم خصت به سورة الكوثر، أي أنها لم تظهر فيما عداها من السور

       وهي الكلمات ..أَعْطَيْنَاكَ.. الْكَوْثَرَ (1) .. .. وَانْحَرْ (2).. شَانِئَكَ .. الْأَبْتَرُ (3)

      والخمس كلمات الأخرى تكررت في غيرها من السور

      منها ثلاثة أدوات وهي إِنَّا .. .. (1) .. .. .. (2) إِنَّ .. هُوَ .. (3)

      ولفظين وهما .. .. .. (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ .. (2) .. .. .. .. (3).

 

5.            أصغر آية في القرآن من غير الاستفتاحات المقطعة هي الآية، {ثُمَّ نَظَرَ (21) }

سورة المدثر، حيث هي مكونة من كلمتين، وعدد حروفهما خمسة أحرف، أما أصغر آية مكونة من كلمة واحدة فهي { الرَّحْمَنُ (1) } من سورة الرحمن وعدد حروفها ستة أحرف.

 

6.            السور التي انتهت كل آياتها بنفس النهاية

6.1.        سور انتهت جميع آياتها بنفس الحرف وهي (15) سورة

6.1.1.  حرف الألف  وورد له (5) سور وهي الكهف & الفتح & الطلاق & الجن &    الإنسان.

6.1.2.  حرف الراء  وورد له (4) سور وهي  القمر & القدر & العصر & الكوثر.

6.1.3.  حرف السين وورد له (1) سورة وهي سورة الناس.

6.1.4.  حرف اللام   وورد له (1) سورة وهي سورة الفيل.

6.1.5.  حرف الدال  وورد له (1) سورة وهي سورة الإخلاص.

6.1.6.  حرف النون وورد له (1) سورة وهي سور المنافقون.

6.1.7.  حرف الياء وورد له (1) سورة وهي سورة الليل.

6.1.8.  حرف التاء المربوطة وورد له (1) سورة وهي سورة الهــُمـَـزة.

 سور انتهت جميع آياتها بحرفين، وهما حرفي الهاء والألف وعلى الصورة "....ها" وهي سورة واحدة في سورة الشمس، ولم تتكرر هذه الظاهرة ثانية في القرآن 

7.            تلك عشرة كاملة

{  وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) } البقرة

 

الثلاثة وحدها، وكذلك السبعة وحدها وليستا متداخلتين (أي أن الثلاثة ليست ضمن السبعة)

فيه الإشارة إلى عملية الجمع الحسابية ، فالفرائض في الإسلام ظاهرها التكليف، لكنها في مفهومها العميق نعمة من الله، حيث يدلنا الحق على وسيلة التواصل الدائم معه، وعلى عبادته حق العبادة، والثابت أن أخر فَرض فـُرض في الإسلام هو فريضة الحج، ( فرض الحج في العام التاسع الهجري، وحج الرسول حجته المتفردة في العام العاشر الهجري حيث خطب خطبته الشهيرة والتي سميت خطبة الوداع.

 

8.            الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) } المائدة

 

الإكمال  :  الأصل في نعمة الإسلام موجود لكن الإكمال للأفرع الناقصة، والدين قد اكتمل بعد فرض فريضة الحج،  وبذلك يكون من مات من المسلمين قبل فريضة الحج مسلما، لأن الأصل هو اليقين بوحدانية الله والإيمان بذلك وهو موجود

الإتمام   :  نعم الله الكثيرة كانت ناقصة لنعمة الحج الأصل في النعمة ناقص والتمام كان بفرض فريضة الحج، وهي تمام نعمة الفرائض 

رقم التمام ( سبعة )، رقم الكمال ( تسعة ) وهو نهاية الأرقام، حيث أن الذي يليها عدد هو

( عشرة ) لأنه مكون من رقمين .

الرقم  : هو كم حسابي ذو طبيعة فردية، يعبر عنه برمز خاص، ويكتب في خانة نظامية واحدة.

العدد  :  هو عبارة عن حزمة من الأرقام - أقلها رقمين - ويربط بينها نظام رقمي خاص.    


 النظرة الثالثة  :   الاستفتاحات المقطعة

9.            بلغ عدد السور القرآنية التي استفتحت بالأحرف المقطعة (29) سورة

      ( ملحوظة  : عدد كلمات سورة الفاتحة (29) كلمة )

      وقد وردت على نسقين

9.1.    النسق الأول  : السور التي تشكل الاستفتاحة فيها آية منفصلة قائمة  بذاتها وعددها (19) سورة

9.1.1.    استفتاحة خماسية عدد الأحرف (كهيعص) وتفردت بها سورة مريم.

9.1.2.    استفتاحة رباعية عدد الأحرف (المص)    وتفردت بها سورة الأعراف.

9.1.3.  ثلاثة استفتاحات ثلاثية التكوين الرقمي

9.1.3.1.    (الم) وقد وردت على رأس (6) سور وهي  البقرة & آل عمران

&  العنكبوت & الروم  & لقمان & السجدة.

9.1.3.2.        (طسم) وقد وردت كاستفتاحة لسورتين الشعراء & القصص.

9.1.3.3.        (عسق) وقد وردت كآية استفتاحية ثانية في سورة الشورى في

       تفرد   مطلق.

9.1.4.     ثلاثة استفتاحات ثنائية التكوين

9.1.4.1.       (حم) وقد وردت كاستفتاحة لـ (7) سور سميت بالحواميم وهي

         غافر & فصلت & الشورى & الزخرف & الدخان & الجاثية & الأحقاف.

9.1.4.2.       ( طه) وتفردت بها سورة طه.

9.1.4.3.       (يس) وتفردت بها سورة يس.

 

9.2.        النسق الثاني  : السور التي تشكل الاستفتاحة فيها أول الآية الأولى كتصدير لها وكجزء منها، أي أنها آية متصلة وعددها (10) سور

9.2.1.      استفتاحة رباعية عدد الأحرف (المر) وتفردت بها سورة الرعد.

9.2.2.      استفتاحة ثلاثية التكوين الرقمي (الر) ووردت في (5) سور يونس & هود &

 يوسف & إبراهيم &  الحجر

9.2.3.      استفتاحة ثنائية التكوين (طس) وتفردت بها سورة النمل

9.2.4.      ثلاثة استفتاحات مكونة من حرف واحد (ص....) في سورة ص & (ق.....) في سورة ق     &  (ن......) في سورة القلم.

 

9.3.        عدد الاستفتاحات المبنية من الأحرف المقطعة  - بعد رفع التكرارات - هي أربعة عشر استفتاحة، وبمعنى أخر سبع من المثاني أي سبعة أزواج ثنائية

 منها ثمانية وردن كآية منفصلة  وهن

 كهيعص & المص & الم & طسم & عسق & حم &  طه & يس

 وستة متصلة أي أنهن وردن كآية متصلة أو أن الاستفتاحة تتصدر الآية وتشكل جزءا منها وهن         المر & الر & طس & ص & ق & ن

 

9.4.        عدد الأحرف المكونة للاستفتاحات (78) حرفا، وبعد رفع التكرارات سوف نجد أنها (14) حرفا، فهي الأخرى تشكل سبعا من المثاني وهي على الترتيب الألفباتي

        ا، ح ، ر ، س ، ص ، ط ، ع ، ق ، ك ، ل ، م ، ن ، هـ ، ي

 وهي تكون في حد ذاتها العديد من الجمل ذات المعني والمضمون، لكن أشهرها على الإطلاق           " نص حكيم له سر قاطع " أو" نص حكيم قاطع له سر". 

 

9.5.        لو شكلنا مجموعة الأحرف الألفباتية على شكل مصفوفة ثلاثية الصفوف، الصف الأول مكون من تسعة حروف،والصف الثاني مكون من عشرة حروف، والصف الثالث مكون من تسعة حروف، ووضعنا خط تحت الحرف المستخدم في بناء الاستفتاحات لحصلنا على الآتي

      ا   ،  ب  ،  ت   ،  ث   ،  ج   ،  ح   ،  خ  ،  د  ،  ذ  ،   

     ر  ،  ز   ، س   ،  ش  ،  ص ،  ض  ،  ط  ، ظ   ، ع  ، غ  

     ف ،  ق  ، ك    ،   ل   ،  م    ،  ن    ، هـ  ،  و  ، ي        

سوف نلاحظ أن

 الصف الأول اختير منه (2) حرف وهما ( ا  ، ح ) وترك (7) حرف، بنسبة ( 2 / 9 )

  والصف الثاني اختار منه الأحرف غير المنقوطة،  وترك الأحرف المنقوطة، وبذلك اجتمع لدينا الأحرف  ( ر ، س  ، ص ،  ط  ، ع  ) والاختيار فيها تم بنسبة ( 5 / 10 )

   والصف الثالث تم اختيار (7) حرف من التسعة وهي الحروف

( ق ، ك ، ل ، م ، ن ، هـ ، ي )    والاختيار فيها تم بنسبة ( 7 / 9 )

  والتي تشكل في مجموعها أربعة عشر حرفا، وكما سبق وأشرنا.

               

9.6.        نستطيع أن نميز ما بين الاستفتاحات المقطعة من النوع الأول  ( المنفصل ) والنوع الثاني ( المتصل )، ذلك لأن الأخيرة - وهي تقع في عشر سور وكما ذكرنا - يميزها ثلاثة مميزات لا  تخطئها العين المجردة

9.6.1.      احتواء الاستفتاحة على حرف الراء في ستة سور منها.

9.6.2.      الاستفتاحة تتكون من حرف واحد في ثلاث سور ( ص ، ق ، ن )

9.6.3.      تبقي استفتاحة واحدة ثنائية التكوين وهي (طس) وهي تعلو سورة النمل،

وهذه السورة تتميز بمميزات ثلاث  :

9.6.3.1.    أنها السورة الوحيدة التي احتوت على بسملتين في أولها ، وفي

                   الآية  (30) منها

9.6.3.2.    أنها أحد سورتين ميزتا بين الكتاب والقرآن ( الأخرى هي سورة

                        الحجر).

9.6.3.3.     يتمثل فيها أحد اللفتات الإحصائية القرآنية، حيث أننا بهدي الاستفتاحة (طس) ولو أحصينا عدد الكلمات التي تحتوي حرف الطاء في سورة النمل لوجدناها (26) كلمة، وبإضافة الطاء الأولى والتي وردت في الاستفتاحة لصار العدد (27) وهو يمثل ترتيب سورة النمل في القرآن، وكذلك لو أجرينا نفس الإجراء على الكلمات التي تحتوي حرف السين لوجدناها (92) كلمة ثم يضاف إلى هذه العددية حرف السين الذي ظهر في الاستفتاحة فيكون العدد (93) وهو بذاته عدد آيات سورة النمل، لا يمكن أن يكون هذا الذي ذكرنا مجرد صدفة...!!

النظرة الرابعة  :    الإحسان :

أوضح النبي في ما معناه في حديثه إلى عبد الله بن عباس عن الإحسان

قال...................... (أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك)
 ويصعب علي رجل الشارع العادي أن يدرك المعاني التي جاءت في هذا التعريف ولتوضيح ذلك نقول أن الإحسان ثلاثة مراتب أو ثلاث طبقات.

أولها : إحسان التطوع

وقد يسرها الله بان جعل لكل فرض من الفروض المفروضة علي المسلم نافلة من نفس نوعها.

فالصلاة نافلتها صلاة التطوع / والزكاة نافلتها الصدقة / والحج نافلته العمرة / والصوم نافلته الصوم التطوعي.

فمؤدي النوافل تطوعا قد أدرك احدي مقامات الإحسان فهو محسن بأداء النوافل إلي نفسه وتقرباً إلي خالقه.

ثانيا : إحسان الإتقان

وهذا النوع من الإحسان هو أكثر الأنواع بعداً عنا والأجدر بنا كمسلمين أن يكون ذلك عنوان أداءنا للأعمال ، ونبدأ بالإشارة إلى التوجيه الإلهي  بوجوب تحري الإتقان حيث قال الحق في محكم التنزيل

 {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ

 صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} سورة النمل
 أيضا يحضرنا من توجيهات رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في هذا الخصوص، أن الرسول أشار في حديثه فيما معناه

 [ إن ذبحتم فأحسنوا الذبحة ].

أي إن شرعتم في ذبح أي ذبيحة فأحسنوا ذلك بشحذ السكين وإضجاع الذبيحة علي جنبها وعرض الماء عليها قبل الذبح ولا يصح أن تذبح ذبيحة أمام ذبيحة وهكذا من شروط صحة الذبيحة والمقصود هنا أن نتقن كل ذلك ونؤديه بإخلاص قلبي طمعاً في نول الجزاء جزاءً إحسان الإتقان.

[ لذا يوصينا الرسول فيما معناه إذا عمل أحدكم عملا فليتقـنه ]

ويعني ذلك أن الوصول إلى الإتقان، يتطلب

أولا : تحديد الهدف أو الحلم المفروض تنفيذه وبدقة

ثانيا : وضع خطوات لتنفيذ الهدف وتحديد خطة زمنية للأداء.

ثالثا : وضع مواصفات محددة ، ودقيقة،  وجازمة.

رابعا  : وضع معايير ضبط جودة تنفيذ المواصفات، على مستوى الخطوات

           ،ثم أيضا على المستوى التجميعي ، ثم على المستوى الكلي

خامسا : إخلاص النية لله ، وقصد الخيرية، وأن يكون الله في قلبك أثناء

            التنفيذ.

 

ففي الإتقان تنفيذ لوصية الرسول ومحاولة للوصول الي الكمال هو مستحيل لكنه محاولة وتوصف هذه المحاولة بانها أحسن وهي من مراتب الاحسان وفيها مرضاة الرب.

 

ثالثها : إحسان التفضل

وهو ما تعارف عليه الناس بأنه العمل الطيب ودماثة الخلق، فصلة الرحم إحسان، وعيادة المريض إحسان، ومساعدة الكَلْ والمريض والضعيف إحسان، والصدق إحسان،  والأمانة إحسان،  كل ذلك يدخل في دائرة هذه الطبقة من مقامات الإحسان.

 

 

 

وأوضح مثال على ذلك هو ما جاء في  سورة يوسف من تكرار لفظة المحسنين لخمس مرات وصفا ليوسف لممارسته  للثلاثة مقامات  ، فهي تصف يوسف بأنه يعرف ويمارس ويعيش بمقامات الإحسان الثلاثة ويملك مواجيد الإحسان الثلاثة. ولقد سبق الحق في صدر السورة أن أشار إلى أحكمها وأكثرها حاجة للمسلمين أن يمتثلوا إليه ( الإتقان)  حيث قال  في الآية الثالثة منها

 

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} سورة يوسف

 

ولقد وردت صفة المحسنين وصفا لنبي الله يوسف في خمسة مواقع من السورة

{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) }
{  وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) }

{  وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) }

{ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)}

{  قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَالْمُحْسِنِينَ (90)}

 

 

فهو محسن  بالتطوع

بالقيام بالفروض من العبادة والنوافـل ودوام ابقاءة للصلة مع الله كائنة ، فالله في قلبه دوما

ومحسن بالإتقان

بأداء العمل علي أكمل وجه بحيث تجيء النهايات كنتيجة منطقية للمقدمات

ومحسن بالتفضل

فهو الخلوق المبتسم الهادئ المساعد للمريض والكل والكبير والحكم العدل و ............. و.........

 

 


 

اجمالي القراءات 15534