الأخوة وعقوق الوالدين وكيف نرى الله جهرة
قصتي مع والديَ وإخوتي

أنيس محمد صالح في الإثنين ٢٦ - مايو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور دنيانا والدين.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. والصلاة والسلام على والدينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

                      

-         الأخوة وعقوق الوالدين

-         كيف نرى الله جهرة !؟

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا(30) الكهف

وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(115) هود

هذه قصة حقيقية واقعية حدثت معي شخصيا وليست من نسج الخيال كما قد يعتقد البعض.. أردت من خلالها أن يأخذ الناس العبرة منها والموعظة, وبأن الله جل جلاله محيط بنا ويسمع ويرى ويستجيب برحمته, وليعود الناس الى الله جل جلاله وليتمعنوا وليتدبروا آياته جل جلاله وحده لا شريك له أو قرين معه وليتخذونه وليا لهم من دون الناس.. وحتى يرى الناس, الله جهرة, من خلال تدبُر آيات الله عز وجل والتمعُن فيها وصدقها وتطابقها مع معيشتهم وحياتهم اليومية.. آملا أن يترك الناس أديان آبائهم وأجدادهم الأرضية الوضعية المذهبية الشركية ( السُنية والشيعية ) والتي تتخذ من دون الله أولياء وليقربونهم الى الله زلفا !! وبما لم ينزل الله بها من سلطان في القرءان الكريم.

بداية ومن داخل محيط أُسرتي الصغيرة الكريمة المتواضعة, المكونة من إثني عشر من الأخوة – ثمانية من الأولاد الذكور وأربعة من البنات –, يأتي ترتيبي بين إخوتي خامسا حيث يكبرني ولدين وبنتين.

حينما لاحظ والديَ الفقيرين وأمي المريضة, منذ وقت مبكر, إن, إخوتي الكبار من الذكور, وهما مهتمان كثيرا بمظهرهما الخارجي وبأنفسهما وبالأنانية وحًب الذات !! ومنغمسان بالحياة الدنيا الظاهرية ولبناء حياتهما ومستقبلهما, وبعيدان كثيرا عن إهتمامهما بإخوتهم الصغار من بعدهم والسؤال عن قُرب بمستقبلهم وإحتياجاتهم !! وبعدما كتب الله للبنتين الكبيرتين أن يتزوجا في وقت مبكر بحفظ الله, ويهتمان بحياتهن وأزواجهن وبيوتهن وأولادهن... وحينما أصبحت, الإبن الثالث من الذكور, وتقع على عاتقي جل المسئولية, وتحوُل العبئ والمسئولية عليَ شخصيا ومباشرة في أن أرعى وأحرص وأكمل مشوار الوالدين الفاضلين الفقيرين إرضاءا لله جل جلاله ورسوله.. لم آلو جهدا للحرص على ذلك بإذن الله والعمل به ما أستطعت اليه سبيلا.

لا أمدح نفسي عندما أقول, بأنني كنت بارا بوالديَ. كان والدي عاطلا عن العمل لأربع سنوات متواصلة وكنت عوضا عن ذلك أبا حنونا وأُما عطوفا على جميع أخوتي - كبيرهم وصغيرهم وذكورهم وإناثهم - ولم آلو جهدا للرعاية والإهتمام بهم جميعا – مع العلم إنني كنت شابا يافعا لم أبلغ حينها من العمر سبعة عشر عاما ( 17 عاما ), وفي السنة الأولى من مرحلتي الدراسية الثانوية العامة, عندما فاجئني أبي أثناء فترة الغذاء أمام عشرة من أخوتي وهو يطلب مني أن أترك الدراسة والبحث عن عمل!؟ لكي أستطيع من خلاله أن أصرف وأعيل وأساعد أبي ولإعالة والديَ وإخوتي الفقراء المحتاجين من بعدي, نزل عليَ الخبر نزول الصاعقة؟؟ هل عليَ ان أضحي بمستقبلي ودراستي من أجل والديَ وإخوتي من بعدي!!؟؟

كنت حريصا أشد الحرص على أن يستقيم أخوتي أخلاقيا ويتفوقوا دراسيا وخوفا عليهم من التشتت والضياع – وكنت على يقين حينها إنه لن يتأتى ذلك أو يتحقق هذا إلا بالصبر والمثابرة - والتوكُل على الله الحي القيوم -  ومواجهة صعوبات وضغوطات الفقر والحياة حينها, ما أدى بالنتيجة الى إنني ظللت أبحث عن مصدر عيش ورزق لإعالة والديَ وإخوتي, ظللت أبحث عن عمل مسائي أستطيع من خلاله أن أدرس صباحا وأعمل فيها مساءا – وتحقق ذلك بإذن الله - حرصا مني على أن أسد بعض إحتياجات المأكل والمشرب للأسرة الكبيرة الفقيرة وسد بعض الإحتياجات الضرورية في نفس الوقت الذي فيه أستطيع أن أُكمل دراستي, وأتذكر حينها إنه  كانت تأتي عليَ بعض الأحيان واللحظات والضغوط, التي أضطر فيها لأكون قاسيا مع أحد إخوتي - مصلحة له – وليس لأنني أقسوا على أخوتي الذين أحبهم حبا شديدا, بل لأنني كنت أخشى عليه أن يخرج عن الطريقة الأخلاقية المُثلى.

مرت عليَ ثلاث سنوات صعبة شاقة وأنا على هذا الحال .. أدرس صباحا وأعمل مساءا !! وأستطعنا خلالها من أن نحل كثير من الأمور الضاغطة ونتغلب على كثير من الصعاب الشاقة.

مرت السنين سريعة شاقة. عندما كبر الجميع.. وكلهم أصبحوا أصحاب درجات وشهادات علمية وعلى إستقامة وخُلق ويفخر بهم الآخرون ولهذه الأسرة الكريمة المتماسكة المتحابة الفاضلة الرائعة... توفيت والدتي مُبكرا ومن بعدها والديَ في ظل غياب أخوتي الكبار الأنانيون والمنغمسون بحياتهم الخاصة الذاتية بعيدا عن والديهم وإخوتهم من بعدهم, وظللت مواصلا لمشواري وليطمئن قلبي على إخوتي جميعا, حتى لم يعد أي منهم بحاجة لي.

لا أدعي بأنني كنت مَلكا من السماء.. إلا انني أدعي بأنني كنت بارا مخلصا لوالديَ وإخوتي جميعهم, حتى إنني بعد زواجي, وبعدما رزقني الله بخمسة من الأبناء – أربعة من الأولاد الذكور وبنت واحدة – إلا إنني وبعد عُمر طويل, ظللت أفرح كثيرا لفرح أخوتي وأحزن كثيرا لحزن أخوتي وظل بيتي عامرا مُرحبا مفتوحا لإخوتي جميعهم دونما إستثناء, ومقدما العون لهم ما أستطعت.

على الرغم من كل ما ذكرته سلفا.. إلا إنني ومن خلال التجربة والمعايشة, لاحظت جحودا غير مسبوق من بعض إخوتي !؟ لم يبادلونني الحب بالحب والصدق بالصدق والوفاء بالوفاء!! ولم أطالبهم أن يردوا لي بعضا من ما قدمته لهم من تضحيات – متوكلا ومستعينا فيها على الله جل جلاله - ؟؟ وظلت الصورة عندهم مبنية ( للأسف الشديد ) على إنني مقتدر ماليا ومرزوق من عند الله بدعوة الوالدين!؟ وظلت الصورة عندهم مبنية على إنني انا الغني وهم الفقراء – ليس لشيء بل لأن بيتي ظل دائما مفتوحا مُرحبا للجميع – بينما بيوتهم مغلقة !؟ ولأنني أنا من يقدم العون والمساعدات لإخوته !؟ والعلاقة بيننا ظلت مبنية على إنني انا من يجب عليه أن يتكلف ويتحمل ان يصرف على مساعدة إخوته ولرعايتهم!! وهم ليسوا معنيون بأن يتحملوا جزءا من المسئولية تجاه بعضهم بعضا ؟؟ ومع مر السنين والأعوام, تملك الجشع والطمع والبُخل واللؤم والأنانية بعضهم!! وأُنتزعت الرحمة من قلوب بعضهم... وأخيرا.. وجدت نفسي حزينا.. لا أملك إلا أن أقول.. حسبي الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.. واللهم لك الحمد ولك الشكر على كل حال ونعمة .. اللهم أعننا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك.

كبرتُ وكبر أولادي الخمسة.. وهنا تأتي العبرة والموعظة من وراء نشري لهذا.. على الرغم من إنني في الحقيقة أفقر إخوتي مالا وأغناهم صدقات وإحسان وتقربا الى الله, فلاحظت كيف أن ربي خالقي قد رزقني ذرية صالحة طيبة متماسكة متحابة.. حتى بعدما تزوج ولداي الكبيران الخريجين من أعلى الكليات والجامعات, ورزقهما الله أطفالا .. ووجدت أحد أبنائي – الثاني - وهو يتعامل مع والديه وإخوته كما كنت تماما أتعامل مع والديَ وإخوتي, أبا حنونا وأُما عطوفا لوالديه ولأخوته جميعهم دونما إستثناء!!؟؟ – يا سبحان الله – جلت قدرتك يا أرحم الراحمين.. حينما يقول ( وقوله الحق ):

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا(30) الكهف

وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(115) هود

عندما وجدت الجحود من أخوتي.. وجدت الله جل جلاله شاكرا غافرا كريما.. وهنا تأتي الحكمة وكيف اننا نرى الله جهرة .. عندما يصبر الإنسان, وبعدما يعمل عملا صالحا مرضاة لله ورسوله, فما يكون لنا إلا ان نجد الله جل جلاله أمامنا جهرة, من خلال قوله الحق وآياته الكريمات, وقد شرح الله لنا صدورنا.. وعندما نرى قول الله الحق في القرءان الكريم واقعا حقيقيا مُعاشا.. حينما يقول لنا: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.. وَاصْبِرْفَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ... يا سبحان الله جل جلاله وحده لا شريك له أو قرين معه.

مؤخرا.. وبمناسبة تخرُج ولدي الثالث محمد من الجامعة, فإذا بولدنا الحنون العطوف الثاني, يبادر طواعية لدفع جميع تكاليف ونفقات وتجهيز أخيه الصغير محمد للزواج !!؟؟ يا سبحان الله .. رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ(193) آل عمران... رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء(38) ابراهيم

- أنشر هذا متعمدا, وخاصة إنني أرى بأم عيني, كيف إن أولاد بعض إخوتي هم من العاقين للوالدين الغافلين الضالين سلوكا وخُلقا ( للأسف الشديد ).

هذه القصة الحقيقية الواقعية .. نشرتها للعبرة والموعظة الحسنة للجميع .. ولمن أراد أن يأخذ منها العبرة والموعظة... والله من وراء القصد...

فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(101) يوسف

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60) غافر

صدق الله العلي العظيم.. جل جلاله وحده لا شريك له أو قرين معه, رسولا كان أو نبيا كان أو مذهبا كان أو ملكا كان أو ولد.

اجمالي القراءات 20789