رأي في قطع اليد في حد السرقة
تناسب العقوبة حسب المركز الاجتماعي والجُرم

Ezz Eddin Naguib في الخميس ١٠ - أبريل - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

تناسب العقوبة حسب المركز الاجتماعي والجُرم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

نجد في كتاب الله أن العُقوبة في الزنا هي الجلد مائة جلدة للزانية والزاني

آ{ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُوا۟ كُلَّ وَٰحِدٍ مِّنْهُمَا مِا۟ئَةَ جَلْدَةٍ ۖوَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَ‌أْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّـهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ‌ ۖوَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}﴿٢﴾ النور
 

ولكن بالنسبة لأزواج النبي فهي الضعف أي مائتي جلدة

آ{يَـٰنِسَآءَ ٱلنَّبِىِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَـٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَـٰعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚوَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّـهِ يَسِيرً‌ۭا}﴿٣٠﴾ الأحزاب

وبالنسبة لمن أُحصنت بالزواج من الإماء فهي النصف أي خمسون جلدة.
آ{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُم مِّن فَتَيَـٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ۚوَٱللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَـٰنِكُم ۚبَعْضُكُم مِّنۢ بَعْضٍ ۚفَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ بِٱلْمَعْرُ‌وفِ مُحْصَنَـٰتٍ غَيْرَ‌ مُسَـٰفِحَـٰتٍ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ ۚفَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَـٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَـٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ۚذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِىَ ٱلْعَنَتَ مِنكُمْ ۚوَأَن تَصْبِرُ‌وا۟ خَيْرٌ‌ۭ لَّكُمْ ۗوَٱللَّـهُ غَفُورٌ‌ۭ رَّ‌حِيمٌ} ﴿٢٥﴾ النساء

وكذلك نجد أن الله جعل أربع عقوبات للإفساد في الأرض، وترك لولي الأمر أن يُعاقب بواحدة منها حسب الجُرم. وهذه العقوبات هي: 1- القتل 2- الصلب 3- قطع الأيدي والأرجل من خلاف 4- النفي من الأرض (والذي يُمكن أن يكون نفيا عن المُجتمع بالسجن)
آ{إِنَّمَا جَزَٰٓؤُا۟ ٱلَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ ٱللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْ‌ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓا۟ أَوْ يُصَلَّبُوٓا۟ أَوْتُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ‌جُلُهُم مِّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْا۟ مِنَ ٱلْأَرْ‌ضِ ۚذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا ۖوَلَهُمْ فِى ٱلْـَٔاخِرَ‌ةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ﴿٣٣﴾ المائدة

 

وفي عقوبة السرقة نجد أن الله سُبحانه أمر بقطع أيدي السارق والسارقة
آ{وَٱلسَّارِ‌قُ وَٱلسَّارِ‌قَةُ فَٱقْطَعُوٓا۟ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءًۢ بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلًا مِّنَ ٱللَّـهِ ۗوَٱللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}﴿٣٨﴾ المائدة
ونجد أن اليد في التعبير القرآني قد تعني الذراع كله إلا لو تم تحديد الجزء
ففي آية الغٍُسل (الوضوء) نجد أن الله حدد مكان الغُسل في الأيدي إلى المرافق فقط
آ{يَـٰٓأَيُّهَ اٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغْسِلُوا۟ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَ‌افِقِ وَٱمْسَحُوا۟ بِرُ‌ءُوسِكُمْ وَأَرْ‌جُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَيْنِ ۚوَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَٱطَّهَّرُ‌وا۟ ۚوَإِن كُنتُم مَّرْ‌ضَىٰٓ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ‌ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَـٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا۟ مَآءً فَتَيَمَّمُوا۟ صَعِيدًا طَيِّبًا فَٱمْسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚمَايُرِ‌يدُ ٱللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَ‌جٍ وَلَـٰكِن يُرِ‌يدُ لِيُطَهِّرَ‌كُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُۥ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُ‌ونَ}﴿٦﴾ المائدة
وفي الآية التالية غالبا تعني الأصابع فقط
آ{وَلَوْنَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَـٰبًا فِى قِرْ‌طَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُ‌وٓا۟ إِنْ هَـٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ‌ۭ مُّبِينٌ} ﴿٧﴾الأنعام

وفي الآية التالية قد تعني الذراع كله
آ{يَـٰٓأَيُّهَاٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱذْكُرُ‌وا۟ نِعْمَتَ ٱللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوٓا۟ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ۖوَٱتَّقُوا۟ ٱللَّـهَ ۚوَعَلَى ٱللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} ﴿١١﴾ المائدة

والرِّجل كذلك قد تعني الطرف السفلي كله إلا لو تم تحديد الجزء (إلى الكعبين) كما في آية الغُسل (الوضوء)

وقد انتشرت بعض الآراء تستفظع قطع اليد فقال البعض إن معناها هو منع السارق من السرقة بتوفير احتياجاته مثلا أو بعقوبة كالحبس، وقال البعض أن القطع معناه عمل جرح صغير في اليد ولا يصل إلى البتر.
وهذه الآراء لم تُقنعني لأن الله وصف قطع اليد بأنه (جزاءً بما كسبا) أي عُقوبة على ما فعلاه من السرقة، وكذلك بأنه (نكال من الله) وهو العقاب الذي يكون عبرة للآخرين فيتعظوا ولا يفعلوه. وكذلك فهذه الآراء تتعارض مع آياتي قطع الأيدي والأرجل من خلاف كما فعل فرعون وكما في آية الإفساد في الأرض.

آ{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْ‌جُلَكُم مِّنْ خِلَـٰفٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} ﴿١٢٤﴾الأعراف
آ{إِنَّمَا جَزَٰٓؤُا۟ ٱلَّذِينَ يُحَارِ‌بُونَ ٱللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْ‌ضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓا۟ أَوْ يُصَلَّبُوٓا۟ أَوْتُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْ‌جُلُهُم مِّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْا۟ مِنَ ٱلْأَرْ‌ضِ ۚذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا ۖوَلَهُمْ فِى ٱلْـَٔاخِرَ‌ةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ﴿٣٣﴾ المائدة

 

ما أراه استنادا إلى:
1- تدرج العقوبة في آيات الزنا (حسب المُستوى الاجتماعي)
2- تنوع العقوبة في آيات الإفساد في الأرض (حسب شدة الجُرم)
3- عدم تحديد الجزء الذي يُقطع من اليد في حالة السرقة
هو أن على القاضي أن يُحدد الجزء الذي يُقطع حسب كُل حالة بناءً على:
1- المُستوى الاجتماعي للسارق (فمن يسرق لأنه جائع أو لأن أطفاله جائعين فهذا ذنب المُجتمع ولا يجب أن يُعاقب، أما ميسور الحال فيجد أن تُشدد العقوبة عليه، وتصل إلى أقصاها لو كان السارق من أولي الأمر)
2- قيمة المسروقات
3- حجم الجُهد الذي بذله السارق للوسول إلى المسروق (فمن يسرق شيئا من خزانة غير من يجد شيئا غفل صاحبه عنه، الخ)
4- وجود جرائم مُصاحبة (كالتهديد بالسلاح أو إصابة المجني عليه أو القتل الخ)
5- وجود سوابق للسرقة
وبذلك يُمكن أن تكون العقوبة مُجرد قطع لعقلة إصبع أو أصبع كامل أو عدد من الأصابع أو الكف أو الذراع إلى المرفق أو إلى الكتف.

هذا رأي أراه حسب تدبري واستقرائي لآيات الله أعرضه للنقاش
والله أعلم

اجمالي القراءات 17979