هذا العار ..الى متى ؟!

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٣ - مارس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :

1 ـ ليلة أمس  ـ وأثناء رياح عاتية لا تزال حتى وقت كتابة هذا المقال تضرب منطقة واشنطن وما حولها ـ سقط فرع شجرة على بيتى  ـ وهو ايضا مقر المركز العالمى للقرآن الكريم ـ فتهشم جزء من سقف البيت . استدعينا المطافى وقمنا باللازم ، وتبين أن علينا دفع مبلغ مفزع .

2 ـ لست قلقا لأننى أومن أن الله جل وعلا لايُخلف وعده ، وهو القائل جل وعلا : (  وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)النحل ). لست قلقا لأننى تعودت على أن الله جل وعلا يرزقنى من حيث لا أحتسب :( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)(الطلاق ). لست قلقا لأننى عانيت الكثير فيما مضى ، وكانت رحمة الله جل وعلا تأتى فى وقتها . عرفت هذا  منذ صممت على قول الحق فى الأزهر ، ورفضت العمل فيه خوف أن أكون ممّن قال فيهم رب العزّة جل وعلا :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة )  .

3 ـ لست قلقا ولكن أكتب هذا تسجيلا لموقف أمام الأجيال القادمة ليعرفوا العار الذى يعيش فيه هذا الجيل . أتمنى حين تقرأ لى الأجيال القادمة ـ  التى ستتطهر من عار هذا الجيل الراهن ـ أن تتعرف على معاناتنا  مع جيل العار فى عصر العار.  

ثانيا :

1 ـ : المركز العالمى للقرآن ـ  بكل ما له من صيت وسُمعة طيبة ـ ليس له مقر سوى بيتى هذا الآيل للسقوط .!. هذا مع أن مراكز تافهة ومجهولة لها مقرات فى العاصمة الأمريكية ، ومزودة بطاقم من السكرتارية والمساعدين والباحثين ، ويأتيهم التمويل رغدا من كل مكان، من الوهابيين والأمريكيين  . بينما أقوم بنفسى وحتى الآن بعد بلوغ الخامسة والستين بالتأليف والاشراف على الموقع والمركز والرد على الفتاوى دون مساعد أو سكرتير. ومع هذا فقد نشرت عدة آلاف من المقالات والأبحاث والفتاوى والكتب ، وهناك آلاف غيرها ينتظر النشر . وكلها  تأتى بفكر اسلامى جديد غير مسبوق .

2 ـ هذا التفرغ للبحث ليل نهار يحتاج الى عون مالى ، يؤّمن قسط البيت والمعيشة فى أمريكا والتى تتجاوز خمسة آلاف دولار شهريا ، يتحمل أغلبها  أولادى ، ولكن حساب الكوارث لا يدخل هنا ، بما فيه متطلبات العلاج ، حيث لا وجود لتأمين صحى لى ( حتى الآن ) .

ثالثا  :

1 ـ ليس هذا عريضة للشكوى ، بل هو إثبات لحال العار الذى يعيش فيه هذا الجيل من العرب والمسلمين ، الصامتين منهم والناشطين .

2 ـ هناك مترفون من الشيوخ ( القرضاوى مثالا ) ـ شيوخ الإفك والبهتان ـ يتبولون فى عقول الملايين ، ويمتلكون البلايين ، وبسببهم تتفجّر دماء المسلمين ، وهناك مئات الآلاف من المترفين من العرب والمسلمين الذين ينفقون الملايين على الراقصات والعاهرات وفى صالات القمار والحانات  ، وهناك البلايين التى يتم إنفاقها سنويا على مساجد ومراكز وجمعيات وجماعات تعمل ليل نهار فى تشويه الاسلام وتدمير المسلمين .

3 ـ ووسط هذا العار يقف المركز العالمى للقرآن الكريم وأهل القرآن بسواعدهم العارية يحاولون الاصلاح السلمى ، لا يفرضونه على أحد ، ودون مساعدة من أحد .

4 ـ فالذين يكرهون الاسلام  يمتعضون من أهل القرآن لأنهم يبرئون الاسلام من مساوىء المسلمين . وفى الجانب الآخر ، تجد المتطرفين الوهابيين البتروليين الذين ينسبون أنفسهم زورا وبهتانا ويستخدمون إسمه العظيم فى الصراع حول حُطام الدنيا . هم يمقتون أهل القرآن لأنهم يؤكدون أن المتاجرين بالاسلام هم أعدى أعداء الاسلام . أهل القرآن يتمتعون بكراهية المتطرفين الارهابيين وايضا بكراهية خصوم التطرف والارهاب من المتطرفين العلمانيين والملحدين والمتعصبين من أهل الديانات الأخرى .

5 ـ هذا هو موقعنا ، وهذا هو حظُّنا فى هذه الدنيا . لذا لا يأتى للمركز العالمى للقرآن الكريم تمويل أمريكى  ومستحيل أن يأتيه تمويل وهابى . هذه هى عقوبة من يعمل فى الاصلاح فى زمن العار . أن يتم تكفيرك وإحتقارك وتجويعك ومحاربتك فى رزقك لأنك تجاهد فى إصلاح المسلمين سلميا . مفارقة غريبة تحمل عنوانا ثابتا هو ( العار ) .

أخيرا

1 ـ : تعاملت مع هذا العار منذ تم تعيينى معيدا فى جامعة الأزهر  فى ديسمبر 1973 وحتى الآن . أكثر من أربعين عاما ولم يتغير الموقف ؛ أرى الشيوخ يتقاتلون حول حطام الدنيا وفى التقرب للسلطان أو فى التآمر على السلطان .

2 ـ وإخترت طريقى عارفا ما ينتظرنى .. والحمد لله رب العالمين وقد بلغت الخامسة والستين هذا الشهر ، ولا زلت أدفع أقساط  بيت أمريكى آيل للسقوط ، ولكن أفخر بأننى نظيف اليد ، لم أشتر بآيات الله ثمنا قليلا .

3 ـ وبعونه جل وعلا ـ سنتجاوز هذه المحنة كما تجاوزنا محنا أكبر منها من قبل . وسيظل ( أهل القرآن ) شهودا على عصر العار .

4 ـ كلنا سيموت . سيذهب أهل الملايين والبلايين بمالهم السُّحت ، ونرجو أن نخرج من هذه الدنيا ونغادر عصر العار هذا وقد تكرّم علينا رب العزّة برحمته ومغفرته .  

أحسن الحديث :

1 ـ ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186) ( آل عمران )

2 ـ ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 16239