تلك أدلتي من القرآن
ما من زاعم ان التوراة نزلت بالخط الهيروغليفي -ج8

نبيل هلال في السبت ١٥ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

وإذا كنا نقدر عدد جميع بني إسرائيل وقت الخروج بستمئة وخمسين فردا - وليس 650 ألفا كما تروى التوراة- فإن بعضهم فقط -وليس كلهم- من آمن بموسى وخرج معه,
اسمع الله يقول :" {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ }يونس83 , (فبعض) قوم موسى هم من آمن به , لذا أوضح التعبير القرآني أن هذه القلة المؤمنة كانت متخوفة من فرعون و(ملئهم) وليس (ملأ)فرعون ,مما يشي بأن هناك من قوم موسى من لم يؤمن به ولم يخرج معه وكان مصدر تخوف للقلة المؤمنة . والقرآن الكريم يشهد أنهم كانوا شرذمة قليلة:"فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء (لشرذمة قليلون)"الشعراء 54 , وفرعون إذ يحشد الجنود من المدن المجاورة , لدليل على أنه ليس ذلك الملك القبطي العظيم الذي تأتمر الجيوش النظامية الجرارة بأمره فورا دون استنفار وحشد للناس من المدن المجاورة , وإذ كان عددهم بهذه القلة فلا يمكن لملك مصر (وادي النيل) أن يخرج بنفسه لمطاردة هذه الشرذمة القليلة المتمردة , وهو من يخرج- عادة- على رأس الجيوش الجرارة لقتال أعداء إمبراطوريته , وكان يكفيه تكليف بضع مئات من جنوده المسلحين بالعجلات الحربية للقضاء عليهم ,"كذلك فإن هروب أكثر من مجموعة صغيرة جدا من السيطرة المصرية في عهد رعمسيس الثاني (المظنون أنه فرعون الخروج) , يبدو أمرا مستبعدا جدا مثل عبور تلك المجموعة للصحراء ودخولها إلى كنعان ( مؤلفا كتاب التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها - مرجع سابق - يعتبران كنانة (كنعان) في بلاد الشام كالسائد المعروف , في حين أنها منطقة تقع بجوار مكة ) , لأن مصر- وادي النيل- في القرن الثالث عشر قبل الميلاد كانت في قمة سلطتها , بل كانت القوة المهيمنة في العالم وكانت القبضة المصرية على كنعان قوية , وكانت الحصون المصرية مبنية في أماكن مختلفة في البلاد , وكان المسؤولون المصريون يديرون شؤون المنطقة . وفي رسائل تل العمارنة التي يعود تاريخها إلى قرن قبل ذلك , ذُكر أن وحدة من خمسين جنديا مصريا كانت كبيرة بما يكفي لقمع أي اضطراب في كنعان " (المرجع السابق). وتذكُر التوراة أن ملك المصريين لما خشي زيادة أعداد بني إسرائيل في مصر أمر قابلتيْ بني إسرائيل -أي المرأتين المكلفتين بتوليد النساء - بقتل كل مولود ذكر :" وكلم ملك المصريين قابلتي بني إسرائيل , واسم إحداهما شفرة والأخرى فوعة , وقال لهما: إذا استولدتما النساء فانظرا عند الكراسي-كانت الحامل عند توليدها تجلس على كرسي التوليد- فإن كان ذكرا فاقتلاه , وإن كانت أنثى فاستبقياها , فخافت القابلتان الرب , ولم تصنعا كما قال لهما ملك مصر, فاستبقتا الذكران ....فأمر فرعون جميع شعبه قائلا:كل ذكر يولد لهم فاطرحوه في النهر, وكل أنثى فاستبقوها" ( المرجع التوراة). والنص التوراتي يبين أن بني إسرائيل كان يقوم على توليد نسائهم قابلتان اثنتان , وهما كافيتان لعدد عشيرة بني إسرائيل وقتها وعددها حوالي 650 فردا كما أسلفنا , ولو كانوا 650 ألفا كما يزعمون لاحتاجوا لعدد كبير من القابلات ولم يكن النص التوراتي ليذكر أن الملك أصدر أوامره للقابلتين شفرة وفوعة وحدهما. يقول الحبيب المصطفى: " يُبعث النبي بلغة قومه ", وهذا منطقي فمن غير المعقول أن يحادث النبيُ قومَه بغير لغتهم , ولو كان موسى في مصر بلاد النيل بحسب المتواتر , لوجب أن تكون التوراة قد نزلت عليه باللغة (المصرية : القبطية) القديمة وبالخط الهيروغليفي , الأمر الذي لم يزعمه أحد , فالتوراة نزلت باللغة السريانية , وليس من زاعم أنها نزلت بالخط الهيروغليفي الذي ظل لغة مبهمة حتى القرن التاسع عشر إلى أن فك طلاسمه شامبليون الفرنسي , والتوراة كانت متداولة بلغتها المعروفة . "والنص السبعيني للتوراة أتى باللغة اليونانية , ولو قيل إنه مترجم عن العبرية إلا أن هذا النص العبري مفقود ,وبعد ذلك بخمسة قرون ظهر نص عبري ,لكن كاتبه يوناني ولا أحد يعلم من أين أخذه " (المرجع : د.أحمد داود -تاريخ سوريا القديم -تصحيح وتحرير - الجزء الأول– ص 577 ). انتهى المقال الثامن ويتبعه إن شاء الله تعالى المقال التاسع . بتصرف من كتابنا .......بين القرآن والتراث - 

اجمالي القراءات 11234