كتاب الميراث : لمحة عن المعروف وتطبيق الشريعة الاسلامية

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٧ - يناير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : مفهوم المعروف

1 ـ هو نقيض المنكر ، ونفهم هذا من فريضة ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) التى تكررت فى القرآن الكريم فى السور المكية والمدنية :( يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (17) لقمان ) ، ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104) ،( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) آل عمران )

2 ـ المعروف بمعنى العدل والاحسان ونقيض الفحشاء والمنكر والبغى جاء فى قوله جل وعلا :( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل ). وتشريع الميراث متضمن هنا إذ يقوم على العدل والاحسان وإيتاء ذى القربى ، ومن يخالفه يقع فى المنكر والبغى,

3 ـ  المعروف هو نقيض الظلم : ومصطلح ( الظلم ) ورد كثيرا فى القرآن ، ليؤكد على أن الله جل وعلا لا يريد ظلما للناس  (آل عمران 108 )( غافر 31 ).ويصف جل وعلا من يتعدى حدوده وتشريعاته بالظلم :( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (229)البقرة )، وتشريعات الميراث من حدود الله جل وعلا ، ومن يتعداها فهو خالد فى النار يوم القيامة : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) النساء 13  14 ).

والظلم قرين للكفر:( وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ (254) البقرة ). والذى يختار الظلم مصمما عليه لا يمكن أن يهديه الله جل وعلا :(البقرة  258) (آل عمران 86 )( المائدة 51)( الانعام 144 )(التوبة 19، 109 ) ( القصص 50 )( الاحقاف 10 )( الصف 7 )( الجمعة 5 ). والله جل وعلا لا يحب الظالمين: ( آل عمران (57) ( 140 )( الشورى 40). والظالمون ملعونون يوم القيامة ( الأعراف 44 : 45 ) ( هود 19 )

 ولأن العدل هو أساس الحكم فى الاسلام : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ )(58)( النساء )، ولأن تشريعات الرحمن أساسها العدل فإن من لم يحكم بها ويطبقها يكون كافرا فاسقا ظالما :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)  ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47) المائدة ). ومن العجيب أن شريعة الدين السّنى مؤسسة على الظلم ، ثم هم يستشهدون بالآيات الكريمة السابقة يزعمون أن شريعتهم ( إسلامية ) بينما هى فى مبناها قائمة على الافتراء على الله جل وعلا ورسوله . وقد وصم رب العزة من يفترى على الله كذبا ويكذّب بآياته بأنه أظلم الناس ، وأنه لا يفلح أبدا يوم القيامة : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) الانعام ). وبعد هذا لا يزال الناس غافلين عن حقيقة أولئك الظالمين المفترين ، ولا يزالو ينسبونهم للاسلام ، ويطلقون عليهم ( إسلاميين ) ..ونستغفر الله العظيم .

إنّ المعروف ( العدل ) هو نقيض الظلم . وعن الظلم والصلة بالميراث يقول جل وعلا :( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء ). فالذى يأكل مال اليتيم هو ظالم وسيصلى سعيرا .

ثانيا : أنواع المعروف

1 ـ  المعروف القولى : إذا لم تُعط السائل صدقة فعلى الأقل قُل له قولا معروفا حسنا ، فهذا خير من أن تعطيه ثم تمنّ عليه وتؤذيه : ( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) البقرة ). وأمر الله جل وعلا نساء النبى أن يتحدثن بجدية خالية من الأنوثة ، وأن يقلن قولا معروفا :( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32) الاحزاب ). ودعا جل وعلا المنافقين بأن الأولى لهم الطاعة وقول المعروف : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) محمد ).

والمعروف القولى له صلة بالميراث ، فأمر رب العزة أن يُقال لأولى القربى قول معروف حين التصدق عليهم إذا حضروا القسمة : ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ) أى يأخذون الصدقة من التركة مشفوعة بقول معروف ، دون منّ أو أذى . ونفس الحال مع الوريث السفيه ، يأخذ مرتبا وكسوة من دخل أمواله مع القول الحسن : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5) النساء )

2 ـ وهناك ( فعل المعروف) أى التصرف بالعدل والخير والاحسان ، مثل معاملة الوالدين  بإحسان ، وحتى لو صمّما على إضلال الابن ، فعلى الإبن أن يصاحبهما بمعروف وإحسان ، مع تمسكه بالهداية : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) لقمان ). ومن ( فعل المعروف ) الأمر بالصدقة والاصلاح بين الناس والأمر بالعدل والحق ، حتى لو كان هذا سرّا وبالنجوى بين شخصين وأكثر : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) النساء ) . وعن ( فعل المعروف ) للأنصار والأولياء والأتباع يقول جل وعلا : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً (6) الاحزاب )

3 ـ والله جل وعلا يُلخّص كل أوامر الاسلام فى كلمة ( المعروف ) ، فمن ضمن بنود العهد والمبايعة على إقامة الدولة جاء فيما يخص النساء فى الطاعة لأوامر الرحمن : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) الممتحنة ). (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) يعنى إن الطاعة  لولى الأمر مقيدة بالأوامر الالهية ( المعروف ) وليست طاعة لشخصه ، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق جل وعلا ، حتى لو كان هذا المخلوق هو النبى عليه السلام .

ثالثا :المعروف من المقاصد الى القواعد والتطبيق

1 ـ قلنا إن العدل من مقاصد وأهداف التشريع ( تحت مصطلح القسط ) ، وهو أساس قواعد التشريع ، وتطبيقه تحت مصطلح ( المعروف ) ، ثم هو من الوصايا العشر وضمن أوامر التشريع تحت مصطلح ( العدل ) ومشتقاته .

2 ـ وفى السور المكية كان التركيز على نقاء العقيدة ( لا اله إلا الله ) وسمو الأخلاق ، فجاءت التشريعات موجزة وبالعموميات ومرتبطة بأنه لا اله الا الله ، كالوصايا العشر فى سورة الأنعام ( 151 : 153 )،  والأوامر التشريعية والأخلاقية فى سور الاسراء ( 22 : 39 )، والفرقان ( 63 ـ  ) ولقمان ( 13 : 19 ) والشورى(   36 : 43 ). ثم تأسست للنبى عليه السلام دولة فى المدينة ، فنزلت تفصيلات التشريعات مرتبطة بتطبيقها ، فكثر إستعمال مصطلح ( المعروف ) مرجعية لتطبيق التشريعات بالعدل .

3 ـ  إن للمعروف ( أى العدل ) دخلا فى جانب التشريع النظرى لأن التشريعات الاسلامية القرآنية تركت جانبا واسعا للتشريع البشرى بشرط أن يخضع لمقاصد التشريع وأن يصدر فى دولة الشورى الاسلامية ( التى تعنى الديمقراطية المباشرة ) وتحقق ( المعروف ) أى المتعارف على أنه ( حق وعدل وتيسير ورحمة وخير وإحسان ) والتى تبتعد عن ( الظلم والبغى والفحشاء والمنكر ). أى إن المعروف يدخل فى المجال التشريعى ، فى سنّ القوانين فى الإطار الاسلامى المشار اليه ، كما يدخل فى المجال التطبيقى سواء للتشريعات القرآنية أو فى التشريعات البشرية التى تسنّها الدولة الاسلامية فى إطار مقاصد وقواعد وتنفيذ الأوامر التشريعية القرآنية .

رابعا : نماذج لتطبيق للمعروف خارج الميراث :

1 ـ تقوم الدولة فى الاسلام على أساس عقد أو بيعة بين الأفراد جميعا رجالا ونساء وبين المُختارين لتأسيس هذه الدولة . ومن بنود هذه البيعة الطاعة فى تنفيذ المعروف ، أو كما قال جل وعلا ( وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) 12 الممتحنة ). وكان هذا من أوائل ما نزل فى المدينة . وبعدها توالت آيات التشريع يتخللها مصطلح ( المعروف ) للتأكيد على أن يكون التطبيق بالمتعارف على أنه عدل وخير .  وقد يحتاج التطبيق ذاته الى قانون أو ( لائحة تنفيذية ). ونعطى لذلك أمثلة :

2 ـ فى تشريع الدية بديلا عن القصاص ، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) البقرة ) هنا لا بد من لائحة تنفيذية تُحدّد مقدار أو مقادير الدية وكيفية أدائها ، ثم سنّ قانون بعقوبة من يعتدى بعد ذلك ، سواء من أهل القتيل بعد أخذ الدية أو من جانب القاتل نفسه بعد دفعه الدية .

 3 ـ فى تشريع الطلاق لا بد من إشراف السلطة الاجتماعية ، أى لا بد من شاهدى عدل عند بدء الطلاق ، ويراقبان معاملة الزوج لمطلقته أثناء إقامتها فى بيت الزوجية فترة العدة ، والتأكيد على عدم طردها من بيتها طيلة العدة إلا إذا وقغت فى جريمة الزنا وكانت مثبتة عليها ، فإذا تصالحا وقت العدة انتهى موضوع الطلاق ، فإذا انتهت العدة بلا صلح بينهما وجاء وقت خروجها من بيتها يحضر الشاهدان ، ليراجعا الزوج فإن إستبقاها واتفقا على إعادة الحياة الزوجية الى مجاريها انتهى موضوع الطلاق وأصبحت زوجته ، ولكن تُحسب عليه  طلقة . وعلى الشاهدين التأكُّد من انه يعاملها بالمعروف والعدل والاحسان فى فترة العدة ، وانه حين ( يُسرحها ) بالاتفاق التام بخروجها النهائى من بيته أن يكون ذلك بالمعروف والاحسان ، وأنه حين يتمسك بها فلا بد من التأكد انه يُمسكها بمعروف وإحسان وليس للإضرار بها . الدولة مُمثّلة فى السلطة القضائية أو الاجتماعية المختصة عليها تطبيق هذا ، وأن تضع له قوانين تفصيلية أو مذكرات تفسيرية . يقول جل وعلا :  ( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2 الطلاق ) ( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) البقرة )

ويلاحظ هنا أن المعروف جاء مرادفا للإحسان ، يظهر هذا فى المقارنة بين آيتى سورة الطلاق البقرة : ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ  ) (229) البقرة ) (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) ( الطلاق ).

3 ـ ولا بد من إصدار قانون يمنع الأهل والزوج السابق من ( عضل المرأة ) أى منعها من الزواج ، إذا كانت مطلقة ، تطبيقا لقوله جل وعلا : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) البقرة( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (19) النساء ) أو إذا كانت أرملة  : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة ) .

وقد تعرضنا بالتفصيل لتشريعات المعروف وإمكانية التشريع البشرى الواسعة فى كتاب ( نظام القضاء بين الاسلام والمسلمين ) . ونتوقف مع تطبيق المعروف فى تشريع الميراث والوصية  .

اجمالي القراءات 9792