ثقافة الشعوب ليست دينا
ثقافة الشعوب ليست دينا

رمضان عبد الرحمن في الثلاثاء ٠٣ - ديسمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ثقافة الشعوب ليست دين

 

هناك خلط كبير في هذا الموضوع المهم، فالمعروف تاريخياً وعلى مر تاريخ البشر أن القليل من البشر هم الذين لا يشككون في أديان الله المنزلة على أنبياء الله المصطفين الأخيار من الواحد الأحد القهار فوق عبادة وفوق كل شيء . الله سبحانه وتعالى هو الغني عن العالمين، كان الهدف من الأديان منذ أن أراد الله هو تحسين سلوك البشر في كل زمان ومكان بسبب طغيانهم على بعض، وأن لا يطغوا على بعض بعد ذلك، ولكن ثقافة الشعوب دائماً مع مرور الوقت كانت وما زالت تحاول طمس كل شيء يدعو إلى المساواة  والعدل بين البشر واتهام المصلحين على مر التاريخ أنهم أقلية، وكيف نتبع أقلية والأغلبية تمشي في طريق ما؟!.. ولأن الأقلية هم الذين يحثون الناس على التعايش السلمي والعدل أغلبهم لا يملك غير لغة القلم، ومعظم الناس لا تبالي ولا تسمع، وإن سمعت يوم يرجع في اليوم التالي كما كان، ومنهم من يصبح خصما لمن ينصحه دون مقابل، ويركض معظم الناس خلف من يتاجر بهم وبحياتهم ومستقبلهم، وأحياناً يكون الناس وقود صراع بين أطراف متحاربة على السلطة والمال باسم الأديان، وفي كل الأديان تحدث هذه المأساة، وأن البشر عموماً مهما تقدموا بالعلم لا يمكن لهم أن يأتوا بدستور أو قانون يساوي بين الناس  مثل دين الله الذي تعهد الله بحفظ هذا الدين إلى يوم الدين، كما أوضح لنا المولى عز وجل:

((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) سورة الحجر آية 9.

 

وإذا كان الله الذي خلق هذا الكون بكل ما فيه تعهد أن يحفظ هذا الدين، أليس ذلك يدعو كل عاقل أن يفكر أن كل كلمة انذرنا بها الله في هذا الدين سوف تصبح واقعا يوم الدين ولا مجال للهروب من الله أو الحوار، أنت سوف تكون مسيطرا عليك وليس لك غير أعمالك، إما ناجح وإما ساقط، وليس يوم الدين دور ثاني لكي تعيد كما كنت تفعل في الجامعة أو المدرسة في الحياة الدنيا، وليس هناك فهلوة ولا ذكاء خارق كما كنت تدعي حين تركت السلوك الحسن والعمل النافع  وتكبرت على من قال لك في يوم ما ابحث عن الحقيقة .

واترك ثقافة الشعوب، ثقافة الشعوب ليست دينا وليست منزله من عند الله ، وانك مهما جمعت وتمتعت في الدنيا سوف تترك كل شيء وتصبح لا شيء، كما ترك الذين من قبلك وأصبحوا لا شيء، إلى أن يأذن الله  وتصبح شيئا آخر، وتسأل على كل ما فعلت في حياتك الدنيا يوم القيامة، كما قال الله تعالى:

((إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ)) سورة هود، آية 103.

 

ماذا يغني عنك في هذا اليوم؟!.. وإن الكثير من الناس تتجاهل وعد الله، ولن يخلف الله وعده، يقول الله لكل البشر:

((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ))سورة المؤمنون آية 115.

 

سوف ترجع إلى الله أيها الإنسان دون أن تدري متى، كما أتيت إلى الدنيا دون أن تدري أيضاً، الشيء الصادم في الأمر أن فى يوم القيامة ليس لك أدنى شيء من الحرية أو من الاختيار، ولا يوجد محامي شاطر يدافع عنك ويزور أوراقك أو يرشي أحد من أجل تخليصك مثلاً، لأن كل شخص مشغول بنفسه فقط وما سوف يحدث له، بل أن موضع الاعتراض في يوم الحساب غير موجود من الأصل لأن الذي يحكم ويحاكم جميع البشر هو من خلق البشر جميعاً، وهو الله، هو الذي يحكم وليس بعد حكم الله تعقيب، كما قال الله لمن يعقل كلام الله: 

((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ))سورة الرعد آية 41.

 

ليس عند حكم الله استئناف ولا تبديل لقول الله، الاستئناف كان في الحياة الدنيا بين أهلك وأصدقائك وسلطتك، وبمالك كان من الممكن أن تظلم البعض وتأكل حقوق البعض، إما يوم يحكم الله انتهى الأمر، وليس لك غير أعمالك التي سوف تحدد مكانك وحسابك، ولن تظلم عند الله في ذرة، يقول تعالى:

((مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ))سورة ق آية 29.

 

ومع ذلك نرى الكثير من البشر لا تعتبر ولا تبالي بيوم لن يحدث غير مرة واحدة، يوم الحساب، يوم الحساب لن يتكرر مثل حياتك الدنيا،  لن تتكرر. 

اجمالي القراءات 11445