برنامج باسم يوسف متقدمون أم منحطون(4-3)

سامح عسكر في الجمعة ٠١ - نوفمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

من أكثر الملاحظات والانتقادات للبرنامج هو إسفافه الواضح وتجاوزه اللاأخلاقي واستخدامه مفردات وتلميحات جنسية، ولكن هذا الإسفاف موجود منذ نشأة البرنامج وأنا لن أناقشه ليقيني بأن طبيعة الشعب المصري تتفاعل مع مثل هذه النوعية من الأعمال، فالانتقادات حينها لن تخرج من وجوب الأشياء على مستواها الأخلاقي وهذا لا يعتد به البرنامج لطبيعة الروح الساخرة التي تُجيز التحوير والتبرير لهدف الإضحاك، ونعترف بأن هذا الأسلوب ربما يُسقط رموز ذات قيمة لمجرد خطأ أو سهو غير متعمد ..لذلك فالاستمرار فيه-دون تمييز- هو هدم حقيقي للرموز وللأخلاق على حدٍ سواء.. ومن هنا تأتي خطورة البرنامج التي توازي خطورة الإباحية على المجتمعات.

في السياسة-أو حين تناولها-لا يمكن تحييد نزعات الغضب والشهوة عن مشهد البرنامج، أما قوة العقل فلا أعتقد أنها أثرت في باسم يوسف فعقله كما هو، ولكن ما اختلف ربما كانت عاطفته التي أثرت في غضبه وفي شهوته حتى رأوه الناس مغرورا...بمعنى أن هناك ثلاث قوى رئيسة تتحكم في سلوك الإنسان..القوة العاقلة ومنها تتفرع قوى الخيال، والقوة الغضبية ومنها تتفرع قوى العاطفة، والقوة الشهوية التي تؤثر على قدرة الإنسان الأخلاقية..فأصاب البرنامج قوة الغضب بما رأوه من .."ظلم "..على جماعة الإخوان، وقوة الشهوة بما حصلوا عليه من رفعة وجماهيرية فوصل بهم الحال إلى الغرور، وهذا ما كان يحذر منه البعض من كثرة الظهور ودوامه أسبوعياً.

فالشهوة تشق طريقها للنفس من قلة الموضوعات وضيق مساحة الإبداع، فيلجأ الإنسان إلى حصر خياراته فيما هو موجود حسياً دون تحقيقه عقلياً، وربما كان هذا هو المطب الذي وقع فيه باسم يوسف ومعدي البرنامج، فظهر من نقدهم انحيازهم لفصيل إرهابي يردد شعارات ضد الدولة ، وباندماج العاطفة مع الشهوة خرج البرنامج في اتجاهٍ خاطئ نال سخط الذين يفكرون بالعقل الأممي والوطني، فقديماً كان الرفض للبرنامج ممن يفكرون بعقل ديني أيدلوجي هم مرضى بفوبيا الآخر دون تمييز، فنال البرنامج شهرة وجماهيرية واسعة نظراً لأن العقل الأممي والوطني أوسع من العقل الأيدلوجي..بمعنى أن الشعب في خطوطه العامة يفكر بعقلية أممية ..وهي التي شعرت بقُرب البرنامج من وجدانها العام لرفضها أصحاب الأيدلوجيا والدونية التي اعترت أبناء جماعة الإخوان.

باسم يوسف -حسبما أقرأ له- هو من التيار التنويري والتجديدي المتأثر بثقافة وقيم الغرب، وهي ليست كلها صواب أو خطأ، بل ما ينقصه هو إسقاط قيم ومعايير الشرق على الأزمات ، بمعنى أن الاستقرار يؤثر في شعوب الشرق حتى يجعله أكثر قابلية للأفكار والمناهج –على تنوعها-ولكن في الأزمات لا يقبل إلا ما توافق مع كيانه وأعرافه، فكان من الضروري تحكيم البرنامج للقيم والأعراف الشرقية في الشأن المصري طالما يعترف بأن الأزمة موجودة، والدليل على صحة هذا الرأي هو أن الشعب المصري تقبل البرنامج في أزمة حُكم الإخوان لأن الإدارة حينها مسّت الكيان المصري وأعرافه بانحطاط أخلاقي وتهديد للدولة وحياة الناس، أما الآن فالسلطة يصعب القول أنها انحرفت أخلاقيا، والدولة أصبحت أكثر تماسكاً والعدو أصبح واضح، وعليه كان تقبل الشعب للسخرية أقل من ذي قبل وهو ما ساهم في تلك الحملة الموجهة ضد البرنامج.

 

اجمالي القراءات 7394