دخول العوام فى الدين السنى فى العصر العباسى الأول مهّد لأساطير الشفاعة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٩ - أكتوبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )
الباب الثالث : تتبع موضوع الشفاعة فى تاريخ المسلمين الدينى
الفصل الخامس: الأرضية التاريخية التى نبتت فيها أساطير الشفاعة :
( 2 ) دخول العوام فى الدين السنى فى العصر العباسى الأول
أولا : رعاية العباسيين للموالى
1 ـ ألغى جمال عبد الناصر الباشوية والبكوية وقضى على طبقة الاقطاعيين والرأسماليين ، وحقّق المساواة بين المصريين. وجعل التعليم مجانيا والتوظيف متاحا ، وأصبح المجال مفتوحا لأبناء الفلاحين والعمال للترقى بالتعليم المجانى ليدخلوا الجامعة وكلياتها الرئيسة والعسكرية ، ليس بالواسطة ولكن بالمجموع فى الثانوية العامة ومن خلال مكتب التنسيق ، وبالتفوق فى الجامعة يتعين ابن العامل والفلاح معيدا ويترقى بكفاءته ليصل الى أرفع المناصب . بهذا أصبح الشعب المصرى فى عصره ( ناصريا ). هذا تقريبا ما عملته الدولة العباسية مع الأغلبية المقهورة من السكان من غير العرب ، والذين عانوا من قسوة الأمويين وظلمهم . وقد كانوا العوام والأغلبية الساحقة المظلومة فى العصر الأموى . ونُطلق عليهم هنا إختصارا ( العوام ).
2 ـ المعيار فى الدولة الأموية تركّز حول القبيلة ومدى قوتها العسكرية ، ومدى ولائها للأمويين . بهذا شارك زعماء القبائل فى إدارة الدولة وقيادة حملاتها العسكرية داخليا وخارجيا . فى هذا المعيار القبلى ( نسبة للقبيلة ) لا يهم من هو زعيم القبيلة . مثلا : إشتهر ( الأقرع بن حابس ) بأنه ( الأحمق المُطاع ) لأنه كان مُطاعا فى قبيلته ، قالوا إنه كان إذا غضب ، غضب لغضبه مائة ألف سيف لا يسألونه لماذا غضب .؟! هذا الأحمق الحمار دخل التاريخ ليس بكفاءته ولكن بثقافة العصبية القبلية التى أحيتها وتأسست بها الدولة الأموية ، ثم أسهمت هذه العصبية القبلية فى إسقاط الأمويين . وسنعرض لذلك فى بحث قادم .
المهم ، أنه من خلال هذا المعيار القبلى تعصب الأمويون للعرب ، واحتقروا السكان غير العرب من الموالى والأقباط والأنباط والبربر. ومهما بلغ شأن غير العربى فى العلم والتقوى والمكانة فهو من الدرجة الثانية ، وهو مشبوه تترصده أجهزة الأمن الأموية القوية ، لهذا عاش الحسن البصرى فى خوف ووجل من الحجاج ، وغيره كثيرون . وحتى من كان يدخل فى الاسلام كان الأمويون يأخذون منه الجزية لأنه لا عبرة بالاسلام ، العبرة بأنه غير عربى .
3 ـ لذا كان التغيير الذى أحدثه العباسيون هائلا فى حياة السكان الأصليين . تم رفع الجزية عمّن يُسلم ، وتتفتح له أبواب التوظيف ، بل يمكن له طالما كان مواليا للعباسيين أن يكون منحلا خلقيا وزنديقا ملحدا سواء دخل فى الاسلام أم ظل على دينه الأصلى . والعلماء الموالى غير المسلمين تمتعوا بمكانة متميزة فى العصر العباسى الأول ، وخصوصا الأطباء فى البلاط العباسى مثل آل بختيشوع .
4 ـ واكب هذا توقف الفتوحات الخارجية وانتهاء الخوارج وفسادهم وقطعهم الطريق فأصبحت الرحلة آمنة فى طلب العلم ، واستعادت المراكز العلمية نشاطها فى الرها والاسكندرية وجندياسبور وانطاكية ، وقامت برعاية العباسيين حركة ترجمة للمؤلفات اليونانية والسريانية وغيرها ، وبدأ الانفتاح على الثقافة العالمية يأخذ المنحى الفلسفى والبحث فى العلوم الطبية والطبيعية والفلكية ، كما بدأ علم (عقلى ) فى المجالات الدينية متأثرا بهذا الانفتاح على الفلسفات الهلينية ، ويحاول التقريب بينها وبين القرآن كما فعل المعتزلة ، وأثار هذا جدلا فى موضوعات الالوهية والنبوة والقضاء والقدر وصفات الخالق والمادة والجوهر ..الخ يحاكى الجدل الفلسفى الذى كان قبل نزول القرآن الكريم . مقابل هذه العلوم العقلية والطبيعية كان هناك (علم) وهمى ولكن حاز على إهتمام العباسيين هو ما أصبح يعرف بالحديث والسنة ، والذى كان أساس الفقه والتفسير وما يسمى بعلوم القرآن .
ثانيا : الايدلوجية الدينية السُّنية للدولة العباسية
1 ـ الدولة الأموية فى عمرها القصير والذى يعجّ بالفتوحات الخارجية والحروب الداخلية لم يكن لها وقت تلتقط فيه أنفاسها للتفقه فى الدين أو إستخدام دين أرضى لتوطيد سلطانها ، بل إن ثقافتها العربية البدوية ولجوءها للسيف سريعا واعتمادها على القوة العسكرية للقبائل والتعصب القبلى ـ كل ذلك همّش إتخاذها ايدلوجية دينية تواجه بها الايدلوجيات الدينية للمعارضة السياسية للخوارج والشيعة . تركزت الايدلوجية الدينية للأمويين على ما إعتادوه فى عصر النبوة فى رفضهم للاسلام بأن هذه هى ارادة الله ، أو أن ما يفعلونه هو قضاء الله وقدره ، أى ( الجبرية السياسية ) . أى كان الصراع فى الدولة الأموية بين خصمين أحدهما يملك السلاح والعتاد والسيطرة والحكم ، والآخر يملك الايدلوجيات ، وهم الموالى والشيعة بالذات ، ثم نجح ايدلوجية المزدكية للموالى والشيعة فى تجنيد مئات الألوف تحت قيادة أبى مسلم الخراسانى ، فجمع بين الايدلوجية والقوة العسكرية فانهارت بسهولة الدولة الأموية . وتأسست الدولة العباسية بايدلوجية دينية هى الحديث ، أو بالأحرى ( إختلاق وصناعة الحديث ) وبالتالى لا بد أن يكون هذا الحديث ( علما ) . فجعلته الدولة العباسية علما ليسندها بفقهائه .
2 ـ وكان أرباب الدولة العباسية من ( علماء الحديث ) . قبل أن يكون خليفة وأثناء عمله السّرى فى الدعوة ( للرضى من آل محمد ) كان الذى تسمى وتلقب فيما بعد بالخليفة أبى جعفر المنصور من طالبى ( الحديث ) ورفيقا لهم. وبهم تمت صناعة وصياغة كثير من الأحاديث التى تمهّد لقيام الدولة العباسية ، ثم كان هؤلاء ( المحدثون ) من المقربين لآبى جعفر المنصور فى خلافته . وبهذا إنفتح المجال لكل طموح من ( الموالى ) لأن يتخصّص فى ( الحديث ) ليحصل على مناصب الدولة من القضاء وغيره ويصبح صاحب نفوذ فيها . وفى مقابل هذا كانت الدولة العباسية لا تتسامح مع ( الفقيه ) الذى يعارضها فى ايدلوجيتها ، فالقتل ينتظره باسم ( حد الردة ) . ومهما بلغت مكانته فالقتل مصيره ، وهذا ما حدث لأبى حنيفة الذى إشتهر بعلمه ومكانته ونضاله ضد الأمويين ومعاناته منهم ، ومؤازرته للثائرين على الأمويين ، فصار عالى الشأن فى الدولة العباسية وكبير الفقهاء فيها . ولكن لأن لأبى حنيفة شخصيته المستقلة فقد عارض أبا جعفر المنصور ، فتعرض للضرب والسجن والقتل بالسُّم . وتعلم تلميذاه الدرس فدخلا فى خدمة العباسيين بكل خنوع ، وهما أبو الحسن الشيبانى وأبو يوسف . وكانت مكانة مالك بن أنس فى المدينة والحجاز عالية ، ولكن لأنه أيّد ثورة محمد النفس الزكية تعرض للتعذيب والاهانة فاضطر للإعتزال فى بيته الى أن مات ، بعد أن عهد للشيبانى وغيره بكتابة ( الموطّأ ) والمدونة .
3 ـ كان من حق العباسيين ( سياسيا ) أن يتصرفوا بهذه الطريقة . فهم يعرفون أن ( الحديث ) أو ما سُمّى بالسنة لم يكن علما على الاطلاق . هو إختلاق لأقوال للنبى لم يقلها ، وهم يشجعون أولئك الذين يختلقون تلك الأحاديث لأنهم كدولة دينية كهنوتية تتأسّس على ذراعين ( العسكر ) و ( رجال الدين ). وبالتالى لا بد لرجال دينها الذين يكذبون من أجلها أن يُخلصوا فى ولائهم لها .
ثالثا : إختلاق روايات السُّنة وتدوينها فى العصر العباسى
1 ـ لم يكن هذا فى الدولة الأموية التى كان نجومها من الخلفاء وزعماء القبائل فقط بينما كان ضحاياها من أئمة الموالى المتعلمين . وحتى فإن المتأخرين من الصحابة والذين أدركوا الدولة الأموية لم تستفد منهم الدولة الأموية كما ينبغى فى سبك وصناعة أحاديث مؤيدة لها . صحيح أن أبا هريرة تحالف مع الأمويين وصنع أحاديث لهم فى حربهم ضد ( على ) ولكن مات أبو هريرة عام 59 فى خلافة معاوية ، وقد قضى معظم عمره فى المدينة ، بعيدا عن التأثير فى موطن المعارضة للأمويين فى العراق . ومات أبو هريرة بعد أن ترك شهرة استمرت بعده فى عصر الرواية الشفهية ، إذ لم يهتم الأمويون بتدوين ما صنعه لهم من أحاديث . فالأمويون تجاهلوا الناحية العلمية والتدوين فقد كان إنشغالهم وتركيزهم على الحروب الداخلية والخارجية . ولقد عاش ( انس بن مالك ) فى البصرة ، وكان آخر من مات من الصحابة ، إذ مات فى خلافة سليمان بن عبد الملك عام 93 / 712 . وكان ( انس بن مالك ) حسبما يبدو من تاريخه قد أثرى وصار صاحب ضياع وقصور فى البصرة من أعطيات الأمويين ، ولكنهم لم يستفيدوا به كما ينبغى ، مع أنه تكسّب من الحديث عن النبى وقصده الناس فى عصره بشبب شهرته وأنه أخر من عاش من الصحابة بعد موت كل الصحابة ، ولزعمه أنه كان يخدم النبى .
2 ـ جاءت الدولة العباسية تحتاج الى تأسيس كهنوت دينى لها مؤسس على الأحاديث ، وكان جيل الصحابة والتابعين وتابعى التابعين قد انتهى . ولم تبق من ذكريات الصحابة والنبى والأحاديث سوى روايات شفهية يتداولها القُصّاص ، يرجع معظمها الى من مات متأخرا من الصحابة واشتهر بالقصص والرواية عن النبى ، مثل ابى هريرة وأنس بن مالك . و مشكلة أخرى أن منبع تلك الروايات الشفهية كان فى المدينة التى إنتقلت منها الأضواء الى مصر والشام والعراق وايران ، ولم يعد لديها ما تفخر به سوى ذكريات عهد النبوة ورواياتها الشفهية . لذا عهد الخليفة المهدى الى ( محمد بن اسحاق ) ليكتب سيرة للنبى محمد . كما قام مالك بن أنس بتأليف أول كتاب فقهى مبنى على الأحاديث الشائعة فى المدينة والتى ينسبها مالك للنبى محمد حينا وللصحابة والتابعين أحيانا . وبسيرة ابن اسحاق وموطأ مالك تمّ وضع أساس الدين السُّنى . هو أساس واه يقوم على الكذب والاختلاق ولكن إقيمت عليه المؤلفات اللاحقة فى السيرة والحديث والتفسير فى العصر العباسى الثانى وما تلاه .
3 ـ مالك وابن اسحاق كانا خصمين يعادى كل منهما الاخر ، وكان ( مالك ) كان منحرفا عن الدولة العباسية بينما كان ابن اسحاق عميلا للعباسيين ، وقد هاجر من المدينة حين ثارت على العباسيين فى حركة محمد النفس الزكية ، وعاش فى بغداد فى رعاية الخليفة المهدى ، بينما ظل مالك فى المدينة يضمّد جراحه الجسدية والنفسية بعد التعذيب والاهانة التى ألحقهما به العباسيون . المُشترك بين الرائدين المتخاصمين مالك وابن إسحاق هو الكذب والاختلاق فيما روياه من أحاديث ، و أن كليهما أسند معظم هذه الروايات الى ابن هشام الزهرى .
4 ـ والواقع التاريخى يؤكد أن كلا من ابن اسحاق ومالك لم ير ولم يصاحب ابن شهاب الزهرى ولم يسمع منه برغم زعمه أن كليهما يزعم الرواية عنه . لقد مات الزهرى فى العصر الأموى عام 124 . وكان قد فارق المدينة ولحق بخدمة الأمويين ولازمهم معظم حياته بعيدا عن المدينة التى ولد فيها محمد بن اسحاق عام 85 .ولقد ذكر فى ( تاريخ المنتظم ج 7 وفيات 124 ) فى ترجمة ابن شهاب الزهرى إنه غادر المدينة وهو شاب والتحق ببلاط الخليفة عبد الملك بن مروان ، فأمره عبد الملك بالرجوع ليستفيد من علم التابعين من الأنصار فرجع الى المدينة طالبا ليستزيد علما ، ثم لحق بدمشق يخدم الخليفة عبد الملك الى أن مات عبد الملك عام 86 ، ثم ظل يعلم أولاده فى البلاط الأموى الى أن مات . وهذا ما حكاه الزهرى عن نفسه . وحين كان الزهرى فى دمشق متفرغا لخدمة عبد الملك بن مروان ( عشر سنوات قبل موت عبد الملك عام 86 ) شهدت المدينة مولد ونشأة محمد بن اسحاق عام 85 ومولد ونشأة مالك بن أنس عام 93 هجرية . فمتى وكيف التقى كل منهما بالزهرى ؟ .
5 ـ والتفاصيل فى بحث لنا قادم بعون الله جل وعلا عن سيرة ابن اسحاق وأباطيله فيها ، وكيف رسم صورة للنبى محمد عليه السلام تعطيه ملامح الخليفة العباسى فى تآمره وعشقه للسبايا وقتله الأسرى ، مما أتاح لمن جاء بعده أن يطوّر هذه الشخصية المزيفة للنبى محمد لتصبح مسوغا شرعيا فى الدين السّنى لارتكاب الكبائر بحجة أن ذلك هو ما كان يفعله النبى بزعمهم .
6 ـ مالك بن أنس فى ( الموطأ ) أعطى صورة مزيفة أخرى عن النبى ، خصوصا فى النواحى الدينية والفقهية ، فقد كان أول من ذكر حديثا فى الشفاعة ، واول من قال بكراهية دخول أهل الكتاب للمدينة و أول من رسم ملامح التقديس للمدينة وتقديس القبر المنسوب للنبى . وبلغ عدد الأحاديث التى ذكرها مالك فى ( الموطأ ) 1008 فقط ، منها الكثير المنسوب للصحابة وليس للنبى . هذا فى النسخة التى كتبها الشيبانى باملاء مالك . ثم جاء الشافعى تلميذا لمالك فأملى كتابه الضخم ( الأم ) وملأه بآلاف الأحاديث إصطنعها بأسانيد منها ما هو مأخوذ عن مالك ، ومنها ما إصطنعه من دماغه . ثم خلال ثمانين عاما تقريبا بعد موت مالك تضخم عدد الأحاديث ليصل الى مئات الألوف فى عهد البخارى الذى يقول انه انتقى أحاديثه ( حوال 3000 ) من بين 700 الف حديث متداولة ، تم نشرها بين موت مالك عام 179 وعصر البخارى .
رابعا : دخول ملايين الموالى فى دين الكذب السّنى
1 ـ المحصلة النهائية أن الدولة العباسية فى سعيها لتأسيس ايدلوجية لها شجعت الكذب على النبى وجعلت هذا الافتراء طريقا للوصول للجاه والثروة والمناصب . وبعد أن كان الموالى يعانون الاضطهاد أصبح الطريق مفتوحا أمامهم للترقى والثروة بمجرد أن يتصدّى أحدهم ليحدّث الناس أنه سمع فلانا يروى عن ا فلان عن فلان عن فلان عن الصحابى فلان أن النبى قال كذا وكذا . ثم لا يراجعه أحد فى قوله ولا يطالبه بدليل ،إذ لا يوجد دليل أصلا . بل يزدحم عليه طُلّاب ( العلم ) ليسمعوا منه ، وليتخرجوا على يديه ، ثم يكتبوا ما قاله فى عصر التدوين . ومن الطبيعى أن يتم تسجيل بعض ما تناقل من روايات شفهية حبكها مخضرمى الصحابة الذين أدركوا العصر الأموى كأبى هريرة وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر ت 73 هجرية . ومن الطبيعى ايضا أن يتم تحريف وتغيير تلك الروايات المنقولة شفهيا . ومن الطبيعى أيضا أن تنتج ماكينة الكذب فى الأحاديث آلافا مؤلفة تنسبها لنفس أولئك الصحابة الذين لم يعرفوا شيئا عن هذا الاسناد ولم يعرفوا شيئا عن هؤلاء الرواة ولم يعرفوا شيئا عن العصر العباسى . ومن الطبيعى فى النهاية أن يتقرب رواة الأحاديث بنسبة آلاف الأحاديث الى عبد الله بن عباس جد الخلفاء العباسيين .
2 ـ كان صعبا أمام ابناء الحرفيين ( أهل الحرف ) فى الطبقة الدنيا من المجتمع أن يتخصصوا فى ( الحكمة ) التى كانت تعنى الفلسفة والطب والعلوم الطبيعية والتى إحتكرتها عائلات معينة ، ولكن كان سهلا عليهم أن ينتسبوا الى حلقة راو للأحاديث و( يسمعوا ) منه وينقلوا عنه ، ثم يصير أحدهم أكثر شهرة وأكثر ثروة من الطبيب الفيلسوف . كل الموهبة المطلوبة هى القدرة على الكذب ، والقدرة على نشره ونسبته زورا للنبى عليه السلام . ومن هنا دخل الفقراء من الموالى فى دين السّنة أفواجا .
13 ـ ونعطى مثلا بالشيوخ الذين أخذ عنهم المؤرخ ( المحدّث ) محمد بن سعد الذى توفى قبيل العصر العباسى الثانى ،أى عام 230 هجرية . شيوخ محمد بن سعد المشهورون هم 1 محمد بن عمر الواقدي.و2 عفان بن مسلم. 3. أبو نعيم الفضل بن دكين. 4. يزيد بن هارون. 5. وكيع بن الجراح. 6. محمد بن عبد الله الأنصاري. 7. معن بن عيسى القزاز. 8. عبد الله بن نمير. 9. عبيد الله بن موسى العبسي. 10. سفيان بن عيينة. 11. سليمان بن حرب. 12. عارم بن الفضل. 13. محمد بن عبد الله الأنصاري..
أمّا من روى عنهم فهم كثيرون حوالى السبعين . منهم : أحمد بن إبراهيم الموصلي، نزيل بغداد (ت 236هـ) ، أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي (ت227هـ) اسحاق بن سليمان الرازى : كوفي نزل الرّي (ت199هـ) ، إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي (ت195هـ)، إسماعيل بن إبراهيم الأسدي الكوفي المعروف بابن علية (ت193هـ) ، إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني (ت226هـ)، إسماعيل بن أبي مسعود، ، الحجّاج بن محمد المصّيصي الأعور، الترمذي الأصل، سكن بغداد ثم تحول إلى المصّيصة، (ت206هـ) الحجاج بن منهال البصري (ت217هـ)، الحسن بن موسى الأشيب البغدادي (ت209هـ)، حفص بن عمر الحوضي البصري (ت225هـ)، حمّاد بن أسامة الكوفي (ت201هـ)، خالد بن مخلد القطواني الكوفي (ت213هـ)، روح بن عبادة البصري (ت205 أو 207هـ)، سعيد بن عامر الضُّبعي البصري (ت208هـ)، سعيد بن محمد الثقفي الكوفي، نزيل بغداد ، سعيد بن منصور المروزي، نزيل مكة (ت227هـ) سفيان بن عيينة الكوفي، نزيل مكة (ت198هـ)، سليمان بن حرب الأزدي البصري، ثم المكي (ت224هـ)، سليمان بن داود الطيالسي البصري (ت204هـ)، سليمان بن عبيد الله الرقي ،سويد بن سعيد الحدثاني الأنباري (204هـ)، شبابة بن سوار المدائني، وأصله من خراسان (ت204هـ)، عارم بن الفضل البصري (ت223هـ)، عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي (ت192هـ)،عبد الله بن بكر السهمي البصري، نزيل بغداد (ت208هـ)، عبد الله بن جعفر الرقّي (ت220هـ)، عبد الله بن مسلمـة بن قعنب الحارثـي المدني، نزيل البصرة ثم مكة (ت221هـ)، عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي (ت199هـ)،عبد الرحمن بن يونس المستملي البغدادي (ت224هـ)،عبد الملك بن عمرو العقدي البصري (ت204هـ)،عبد الوهاب بن عطاء العجلي البصري، (ت204هـ)، عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي (ت213هـ)، عفّان بن مسلم البصري (ت220هـ)، علي بن عبد الله بن جعفر المديني البصري (ت234هـ)،عمر بن سعد الحفري الكوفي (ت203هـ)، عمرو بن عاصم الكلابي البصري (ت213هـ)، عمرو بن الهيثم أبو قطن البصري (ت198هـ)، الفضل بن دكين أبو نعيم الكوفي (ت219هـ)، الفضل بن عنبسة الخزّاز الواسطي (ت بعد 200هـ،) ، قبيصة بن عقبة الكوفي (ت215هـ)، كثير بن هشام الرقّي، نزيل بغداد (ت207هـ)،مالك بن إسماعيل الكوفي (ت217هـ)، محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني (ت 200هـ)، محمد بن حميد العبدي البصري، نزيل بغداد (ت182هـ)، محمد بن عبد الله الأسدي الكوفي (ت203هـ) ، محمد بن عبد الله الأنصاري البصري (ت215هـ)، محمد بن عبيد الطنافسي الكوفي (ت204هـ)، محمد بن عمر الواقدي المدني، قاضي بغداد (ت207هـ)، محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي (ت195هـ)، محمد بن يزيد الواسطي (ت190هـ)، المعلّى بن أسد البصري (ت218هـ)، معن بن عيسى القزاز المدني (ت198هـ)، موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري (ت223هـ)، موسى بن داود الطرسوسي، نزيل بغداد (ت217هـ)، هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي البصري (ت227هـ)، هوذة بن خليفة البصري، نزيل بغداد (ت216هـ)، وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي (ت197هـ)، الوليد بن مسلم الدمشقي (ت195هـ)، وهب بن جـرير البصري ( ت206 )، يحيى بن سعيد الأموي الكوفي، نزيل بغداد (ت194هـ)، يحيى بن عباد الضبعي البصري، نزيل بغداد (ت178هـ)، يحيى بن معين أبو زكريا البغدادي (ت233هـ)، يزيد بن هارون الواسطي (ت206هـ)، يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري المدني، نزيل بغداد (ت208هـ) ، يعلى بن عبيد الطنافسي الكوفي (ت209هـ)، أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني (ت202هـ)،أبو معاوية الضرير محمد بن خازم الكوفي (ت195هـ). ولقد نقلنا هذه الأسماء لشيوخ محمد ين سعد لنضع عليها الملاحظات الآتية :
1 ـ كان الانتساب فى العصر الأموى للقبيلة ، ولكن بدخول سكان الأمم المفتوحة فى الاسلام ظهرت نوعيتان جديدتان من الانتساب ، هما الانتساب للبلد وللحرفة. الانتساب للبلد كالحسن لبصرى والطبرى والبلاذرى والدنيورى والواسطى والغزالى ومكحول الدمشقى والمدائنى والاصفهانى والحرانى وياقوت الحموى والرازى( المفسر والطبيب ) وحميد بن جابر الشامي ( ت151هـ) وشقيق البلخي (ت153هـ) . والانتساب للحرفة مثل المبرد والزجّاج والانماطى وابن الزيات وابن الجصاص وأبو عتبة الخواص (ت 162هـ). وبالنظر الى شيوخ محمد بن سعد نجد معظمهم من الموالى المنتسبين للمكان والمنتسبين للحرفة ، ومنهم من ينتسب الى اكثر من بلد بسبب تنقله ورحلته من هنا الى هناك .
2 ـ كتاب محمد بن سعد ( الطبقات الكبرى ) كان نوعية جديدة من التأريخ ( التأريخ للنبى وطبقات الصحابة والتابعين ). وهذه النوعية من الكتابة لم تكن من النوعيات المفضّلة للدولة العباسية ، كما إن ابن سعد نفسه ـ على خلاف شيخه الواقدى ـ لم يكن محبوبا لدى العباسيين ، ومع هذا نجد هذا العدد الضخم من شيوخه فى هذه النوعية من التأريخ ، فكيف لو كان يكتب فى موضوع مُحبّب ؟
3 ـ أولئك الشيوخ من الموالى كانوا النابغين المشهورين ممّن دخل آباؤهم الاسلام ، وبالتأكيد فهناك ملايين غيرهم من ( الأغلبية الصامتة ) التى لم تحظ بالتسجيل التاريخى . وبالتالى فهذا مؤشر هام على دخول الموالى أفواجا فى دين السّنة فى العصر العباسى الأول ، وكونهم قادة هذا الدين الأرضى ، إستجابة لرغبة العباسيين فى خلق مجتمع من ( رجال الدين ) يؤيد ذراعهم العسكرية .
 

اجمالي القراءات 13180