بسم الله الرحمن الرحيم
ولكم في القصاص حياة

عمرو توفيق في الإثنين ١٦ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿البقرة: ١٧٩﴾

القصاص مصدر قاص يقاص من قص أثره إذا تبعه، ومنه القصّاص لمن يحدث بالآثار والحكايات كأنه يتبع آثار الماضين، فتسمية القصاص بالقصاص لما فيه من متابعة الجاني في جنايته فيوقع عليه مثل ما أوقعه على غيره.

الآية على اختصارها وإيجازها وقلة حروفها وسلاسة لفظها وصفاء تركيبها من أبلغ آيات القرآن في بيانها، وأسماها في بلاغتها فهي جامعة بين قوة الاستدلال وجمال المعنى ولطفه، ورقة الدلالة وظهور المدلول، وقد كان للبلغاء قبلها كلمات في القتل والقصاص تعجبهم بلاغتها وجزالة أسلوبها ونظمها كقولهم:

(قتل البعض إحياء للجميع)

وقولهم: (أكثروا القتل ليقل القتل)،

وأعجب من الجميع عندهم قولهم: (القتل أنفى للقتل).

غير أن الآية أنست الجميع ونفت الكل:

(ولكم في القصاص حياة)

فإن الآية أقل حروفا وأسهل في التلفظ، وفيها تعريف القصاص وتنكير الحياة ليدل على أن النتيجة أوسع من القصاص وأعظم وهي مشتملة على بيان النتيجة وعلى بيان حقيقة المصلحة وهي الحياة، وهي متضمنة حقيقة المعنى المفيد للغاية، فإن القصاص هو المؤدي إلى الحياة دون القتل. فإن من القتل ما يقع عدوانا ليس يؤدي إلى الحياة، وهي مشتملة على أشياء أخرى غير القتل تؤدي إلى الحياة، وهي أقسام القصاص في غير القتل، وهي مشتملة على معنى زائد آخر، وهو معنى المتابعة التي تدل عليها كلمة القصاص بخلاف قولهم: (القتل أنفى للقتل)، وهي مع ذلك متضمنة للحث والترغيب فإنها تدل على حياة مذخورة للناس مغفول عنها يملكونها فعليهم أن يأخذوا بها نظير ما تقول: لك في مكان كذا أو عند فلان مال وثروة، وهي ذلك تشير إلى أن القائل لا يريد بقوله هذا إلا حفظ منافعهم ورعاية مصلحتهم من غير عائد يعود إليه حيث قال: ولكم.

اجمالي القراءات 11012