أمانى ... فى دستور دولة مدنية

مصطفى فهمى في الخميس ٢٥ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة: التوازن السياسى والاقتصادي والاجتماعى هو جوهر الحرية

القيود الخارجية على الحرية بحكم القانون، والتي يفرضها الحاكم بموافقة المجتمع، فهى تكون واجبة حين يضعف المعنى النفسي في نفوس بعض الناس سواء كانوا حكاما أو محكومين، والتى هي في الواقع حماية للحرية وليست قيودا، إلا للذين انطلقوا غير مراعين حقها، وحق الغير في أن يتمتع بحريته سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا في ظل نظام سياسي عادل، بحيث إذا اختل هذا التوازن، فقدت الحرية قيمتها الحقة وبعدها الإنساني الشامل.

غير أن التوازن السياسى لا يتحقق في المجتمع، ولن تظهر آثاره على أرض الواقع، إلا في ظل نظام قانوني عادل، يضمن للمحكومين حرية اختيار أحسن الحاكمين بإرادتهم الحرة المعبرة، والعارية عن أي شكل من أشكال الضغط والإكراه، والخالية من أي لون من ألوان الغش، والتزوير، مهما كان نوعه، وكيفما كان مصدره ودواعيه. و كذلك يضمن لهم القدرة على محاسبة الحاكم، وبغير سلوك هذا الطريق، فإن الأمور ستؤدي حتما إلى فقد الثقة بين الحاكم والمحكوم، وبالتالي زعزعة قيمة الحرية، بمعناها الإنساني الشامل، وعودة الصراع من جديد، بمعناه السياسي، وذلك كنتيجة طبيعية ورد فعل معاكس للقهر السياسي الذي تمتهن بسببه حريات الفرد وحقوقه، وتصادر فيه إرادته، وما ينتج عن كل ذلك من استغلال واستبداد اقتصادي واجتماعي لأفراد الوطن

إن ثورة 25 يناير و ما بعدها من نظام حكم الذى أنتج ثورة 30 يونيو، وكذلك كثرة الشواهد التاريخية ماضيا وحاضرا، خير دليل على تأكيد هذا الخلل، في ظل النظم الدكتاتورية أو الفاشية الدينية، التي تمنع الفرد من حرية نقدها والخروج على منهجها، وتنكر عليه التمتع بممارسة حقوقه وحرياته السياسية فعلية.

أما على الجانب الاقتصادى، فإن الاختلال وعدم التوازن في العلاقات الاقتصادية، وما يولده من نتائج سلبية، يجعل المفهوم الاقتصادي للحرية يبرز، ويطغى على ما سواه، كنتيجة طبيعية لعدم التقارب الاقتصادي، وكرد فعل حتمي للفوارق الجسيمة بين الفئات الاجتماعية، بحيث تهتز القيم الاجتماعية والسلام السياسي في الدولة، ويصبح الصراع والصدام هو المحصلة النهائية في المجتمع، نتيجة عدم المساواة الاقتصادية.

إن ثمرة الحرية ودرجتها مرتبطة إلى حد كبير بمدى تقدم الوطن اقتصاديا، وتوافره على عوامل الثروة، وانتعاشه المالي، شريطة قيامه بتنظيم وتوزيع أكثر عدالة للثروة، وتأمين الأمن المادي والمعنوي لمختلف الطبقات الاجتماعية. ذلك أن عدم المساواة في توزيع ثمار العمليات الاقتصادية بين أفراد الوطن، سيؤدي لا محالة، إلى إنكار الحرية كحقيقة واقعية، ويفقدها قيمتها الجوهرية الحقيقية بمفهومها الإنساني والشامل.

أما على الصعيد الاجتماعي، فإن الحرية ستكون مفرغة من معناها الحقيقي ما لم تستند إلى نظام اجتماعي عادل، ينظر إلى أفراد الوطن، نظرة إنسانية متساوية، لا تمييز بينهم بحسب الجنس، أو اللون، أو اللغة، أو العقيدة، شريطة أن لا تمارس أى جماعة تنتمى إلى جنس أو لون أو لغة أو عقيدة أو مذهب أو فئة ممارسات فاشية على أرض الوطن و أفراده

الدولة المدنية النموذج الأمثل لشعب مصر

التعريف الأنسب في التعبير عن " الدولة المدنية " ،  هي الدولة التي يحكم فيها أهل الاختصاص و العلم في الحكم والإدارة والسياسية والاقتصاد ... الخ، وليس "علماء الدين" بالتعبير الإسلامى أو " رجال الدين " بالتعبير المسيحى، وكذلك هي الدولة القائمة على قاطنيها الأصليين وهم غالبا ينحدرون من عرق واحد أو عرق غالب وإن تعددت عقائدهم ومذاهبهم

أركانها الأساسية:

1- الشعب صاحب السيادة

2- حق المواطنة

3- حرية إبداء الرأي

4- الفصل بين السلطات

5- التمثيل النيابي للشعب

6- بشرية الحاكم وعدم قداسته

7- احترام القانون و سيادته

الدولة المدنية: يجب أن يكون دستورها بشرى و ضعى أى إن كان مصدرة و يلبى تلك الأركان الأساسية و لا يسمح بأى شبهة تيسير أو تغليب حكم أو فكر دينى أو مذهبى أو دكتاتورى أو فاشى و لا يُسمح فيه بأى ثغرات نصية أو أسلوب صياغة يؤدى لذلك

الدولة المدنية: السيادة فيها للشعب

الدولة المدنية: تحافظ وتحمي الوطن و كل أعضاء مجتمعه من تغول أى من بعضهم على البعض

الدولة المدنية: الفرد فيها لا يُعرف بمهنته أو بعقيدته أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعّرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن

الدولة المدنية: تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات

الدولة المدنية: تضمن حقوق جميع المواطنين

الدولة المدنية:لا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل طرف آخر

الدولة المدنية: بها سلطة عليا هي سلطة الدولة والتي يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك

الدولة المدنية: هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم

الدولة المدنية: تضمن حماية الوطن و حريات الفرد من الحكومةو تضع حدوداً للحكومة بحيث لا تستطيع إساءة استعمال قوتها أو تتدخل في حياة مواطنيها أو تهدد أمن الدولة أو حدودها

الدولة المدنية: تستقر فيها الثقة و القوانين اللازمة لعمليات التعاقد والتبادل المختلفة

الدولة المدنية: تكفل مسكن و مأكل و رعاية صحية لكل فرد فى الدولة

الدولة المدنية: لاتعادي الدين أو ترفضه أو تُكره عليه، بل تقبله و تقوم على مبدأ التعدد

 الدولة المدنية: لا تتأسس أو تقبل بخلط الدين بالسياسة أو استعماله أو استعمال رموزه لتحقيق أهداف سياسية أو استعماله بطريقة تؤدي إلى حقد أو كراهية

الدولة المدنية: لا تقبل تحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة الإلهية وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية البشرية الضيقة

 الدولة المدنية: لا تقبل إلصاق ذمة البشر بذمة الله

الدولة المدنية:  تقوم بحماية حريات الفرد من تعنت أو إخفاق الحكومة  وتضع حدوداً للحكومة بحيث لا تستطيع إساءة استعمال قوتها تجاه المواطنين أو تتدخل في حياة مواطنيها.

الحريات المدنية

الحريات المدنية تشمل حرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع، وحرية المعتقد و حرية ممارسة الشعائر الدينية  وحق التعبير، و حرية التعبير، الحق في محاكمة عادلة وفق المعايير الإنسانية و الأصول القانونية أمام القاضى الطبيعى، و الحق في الخصوصية و الحق في الحصول على التعويض فى حال الضرر، والحق في الحرية الشخصية، والحق في حرية التنقل الاستقرار والحق في الحماية المتساوية والمساواة و فى  الحقوق أمام القانون و حرية الحركة التي يزاولها الفرد بهدف تحقيق مصالحه الخاصة الفردية ، والحقوق العائلية كحق الزواج وحقوق الأطفال، والحماية والأمن وحق الحياة كالكرامة وعدم الاستعباد والسلامة الشخصية، واحترام حرمة السكن وسرية المراسلات و المكالمات.

السلطة التنفيذية

رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء و الوزراء و المسئولين التنفيذيين مسئولين مسؤولية تضامنية أمام الشعب و كل منهم مسئول عن أفعاله و أعماله  و عن أفعال و أعمال من يليه مباشرة فى خصوص أعمال الحكم التنفيذية

المرشح لرئاسة الجمهورية )و لا يشترط جنسه) يجب أن يقدم كتابة رؤية عامة و تصور لما يريده لمصر على المدى الطويل  و خطة متوسطة الأجل مدتها ثمان سنوات و خطة تنفيذية قصيرة الأجل قابلة للقياس مدتها أربع سنوات

يحاسب رئيس الجمهورية المنتخب على تقصيره فى تنفيذ الخطة القصيرة الأجل بآلية فاعلة يترتب عليها استمراره أو إقالته

رئيس مجلس الوزراء المكلف يجب أن يقدم خطة تنفيذية سنوية منبثقة من خطة رئيس الجمهورية قابلة للقياس و يحاسب و رئيس الجمهورية على تقصيرهما فى تنفيذها بآلية فاعلة يترتب عليها استمرار أى منهما أو إقالته

السلطة التشريعية

مجلس نيابى واحد مدته مماثلة لمدة رئيس الجمهورية أربع سنوات

المرشح للمجلس النيابى يجب أن يقدم كتابة رؤية عامة و تصور لما يريده لمصر و دائرته الانتخابية على المدى الطويل  و خطة تنفيذية قصيرة الأجل قابلة للقياس مدتها أربع سنوات و يحاسب على تقصيره فى تنفيذها فى حال انتخابه

على المرشح للمجلس النيابى توضيح انتمائه السياسى و لا يجوز تغيره فى حال انتخابه و إلا وجبت عليه الاستقالة أو الإقالة و تعاد الانتخابات فى دائرته

لا يجوز تحصين لعضو المجلس النيابى إلا فيما يقول داخل المجلس، و يبت فى شأن تقديمة للتحقيق من عدمه عن أى فعل آخر خارج المجلس بواسطة قاضى تحقيق

السلطة القضائية

هى السلطة الوحيدة صاحبة القضاء

لا يجوز المساس بالقضاة إلا من داخل هيئاتهم

يتم تكوين المجلس الأعلى للقضاء بدون أى تدخل أو رقابة من السلطة التنفيذية أو التشريعية

تقوم  السلطة التشريعية بتنظيم نفسها و لا يجوز إصدار أى قوانين تخصها أو تنظمها إلا أن تكون مقدمة من مجلسها الأعلى

لا يجوز منازعة المحكمة الدستورية العليا فى الرقابة على دستورية القوانين أو إلزامها باتباع مشورة من خارجها من أى جهة سواء كانت تلك الجهة مدنية أو دينية أو فئوية

يجوز لأى مواطن الطعن على دستورية أى قانون أمام المحكمة الدستورية العليا أو الشكوى أمامها، فى حال إهدار أى حق من حقوقه الدستورية سواء كان هذا الإهدار مباشر أو غير مباشر، واقع أو مستقبلى و يكون حكمها ملزم التنفيذ للسلطة التشريعية بتعديل القانون أو ملزم التنفيذ للسلطة التنفيذية برفع الضرر، و تقوم المحكمة الدستورية العليا بتنظيم آلية ذلك

مصطفى فهمى

تم تقديم تلك الأمانى إلى لجنة العشرة لوضع الدستور بتاريخ 26-07-2013

 

اجمالي القراءات 9124