هل يصح لى الآن ان اقول " مبروك "؟

زال الكابوس وإنكشحت الغمة وتحررت ألأمة

لقد ذكرت فى سلسلة " تأملات فى الشارع المصرى " الجزء الأول أنى سأواصل سرد أحداث الشارع المصرى، ولكن كانت ألأحداث تتحرك بسرعة أكثر مما كنت أتصور.

فقررت أن أوجه التهانى لشعب مصر الحبيب وجيشها الباسل الذى لم ولن يتخاذل عن تلبية مطالب الشعب – الشرعية – ورجال الأمن الذين تعلموا من الدروس السابقة فإنضموا مع إخوانهم وأخواتهم فى الشارع والدفاع عنهم والسير على قدم واحد.

وأنا أكتب إليكم من أرض مصر الحبيبة، وإن سمحتوا لى أهل القرآن أن أوجه إلى الأمة رسالة مختصرة فى ظل هذه المناسبة السعيدة.

لقد زال الكابوس وإنكشحت الغمة وتحررت الأمة، أصبح الشعب والجيش والأمن والقضاء والإعلام والشباب – مسلمين وأقباط ، يدا واحدة وكما أرى بعينى الشوارع مكتظة بالفرحة والتهانى والسعادة. ترى فى وجوه البسطاء من حولى نضرة وسرور وحرية، حتى لو كان هذا الشخص لا يملك قوت يومه لأن ما حدث بعد 30/6 أزال الكابوس الذى كان يخيم على وجوه نفس الناس ، فسبحان الله مغير الأحوال.

وأقول والله أعلم، أن مجيئ الإخوان – ولا استسيغ أن أقول الإخوان المسلمين، لا أستسيغها على الإطلاق – إلى الساحة السياسية ولإنتخاب د. مرسى رئيسا ، لم تكن بمحض الصدفة ولا بالصندوق، ولكن بمشيئة الله سبحانه وتعالى، لكى يفضح هؤلاء الذين يتاجرون بالدين ويبغونها عوجا. اظهرهم الله سبحانه حتى لا يخرج علينا من يقول لماذا وضعوا فى السجون ولماذا أعتبرت هذه الجماعة جماعة إرهابية منحلة. لم يكن عبد الناصر مفتريا ولم يكن السادات مفتريا ولم يكن حسنى مبارك أكثر ولا أقل ممن سبقوه. جماعة تستتر وراء شعار التدين والتمسك بالشرعية ، فأى شرعية تتكلمون عنها فهناك شرعية وهناك شريعة وشتان.

شعار هذه الجماعة هو" من يوالينى فهو منى ومن لا يوالينى فهو عدو لى " هذا شعارهم ومبدأهم فى التعامل فى كل المجالات. لقد قالها الشيخ محمد عبد المقصود علنا وعلى منصة رابعة العدوية قال " هؤلاء الذين سيخرجون فى 30/6 كفار منافقين " وقال صفوت حجازى من على نفس المنصة قال " الذى يرش مرسى بالمية نرشه بالدم " وثالث معه قوة ربانية وصكوك أمان من المرشد قال " إذا خرجوا يوم 30/6 سنسحقكم " . هذا على مسمع ومرأى من جميع طوائف الشعب وعلى مسمع العالم بأسره. والله سبحانه وتعالى يقول:

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) " (سورة المائدة 27 – 30

وفى موضع آخر : ".....  مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ... "(سورة المائدة 32

ويقول أيضا: " وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا " 93النساء

من خبرتى لمدة 25 عاما فى مثل هذه الأحداث أوجه نصيحة لجميع افراد الأمة، لا تفرحوا كثيرا ولكن إفرحوا قليلا وأعدوا العدة وتخلصوا من العادات الفاسدة التى تعودنا عليها سنين لا تعد ولا تحصى وإعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وبعدها إفرحوا كثيرا. هؤلاء أصحاب أجندات تحركهم اصابع خفية فى الداخل والخارج لا تعلموها ولكن الله يعلمها، تحصنوا بالقرآن الكريم والعمل الصالح الجاد الذى يبنى ولا يهدم وأنذروا بالقرءآن الكريم من يخاف وعيد. السوس لا زال يجرى فى الخفاء فلا تجعلوا أنفسكم لهذه الفريسة الفتاكة لأنها مازالت ولا تزال تنخر فى المجتمع ككل. فبعد التخلص من هذا السوس، هنا إفرحوا ما شئتم :

" أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) "(سورة الزخرف 32

الله يخلق الأسباب وعلينا أن نتكشف هذه الأسباب بشفافية وتدبر حتى يمكن تحقيق المشيئة التى تقودنا إلى مرضات الله سبحانه. فلا تفرحوا ولا تحزنوا، هذه هى البداية وليست النهاية ولكن هى بداية النهاية.

سوف بإذن الله تعالى أستكمل ما بدأته بالجزء الأول " تأملات فى الشارع المصرى " قريبا بإذن الله تعالى ولكن بعد إنقضاء ما يحدث الآن على الساحة الداخلية وبالطبع أنا فى الوقت الحاضر متأثر بها.

يقول رب العباد :

" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) " (سورة البقرة 204 - 209

وأختم كلامى بهذه الآية الكريمة:

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) " (سورة يونس 57 - 58