رسالة مفتوحة إلى أحبابنا .. شركاء الوطن!

محمد عبد المجيد في الثلاثاء ١٨ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

إمارة مصر الإخوانية مقبلة على راوندا جديدة، والمتطرفون الارهابيون لن يكتفوا بمشاهدة جثث معارضيهم وهي تطفو على سطح النيل، لكنهم لن يتركوكم في سلام، ولن تستطيعوا الهروب إلى الحدود الليبية أو الغــزّية أو السودانية فالعدو أمامكم والعدو خلفكم.
تسألونني وأنا المدافع عن همومكم لأكثر من ثلثي عمري عن الحل فلن أبخل عليكم به ولو وضع الكثير منكم أصابعهم في آذانهم.
عليكم أن تتوقفوا عن عرض قضاياكم المصيرية منفصلة، فأنتم أصحاب حق، ولكم مع مسلميكم ملكية وطن لا يفرق ترابه بين مسلم وقبطي، في الحياة والموت، فوق الأرض وتحتها.
التحموا مع المسلمين، واشتركوا في مناهضة الحكم الارهابي، فأنتم قوة لا يستهان بها، بل تستطيعون الخروج بمليونية ناجحة شريطة عدم رفع أي شعار ديني أو مطلب طائفي.
الحل هو التوقف عن التعاطف أو مساندة أي مواقع متخلفة تقارن بين الدينين الكبيرين، وأي حوارات كراهية تنال من عقيدة مسلميكم أو تذم مقدسات اخوانكم أو تتحدث بسوء وتهكم عن نبينا الكريم، صلوات الله وسلامه عليه.
قضيتكم الوحيدة والعادلة هي مصر الحرة، والمستقلة، والديمقراطية، والمدنية، والتي لا يربح فيها أحد نقاشا لأنه استعان بكتابه المقدس.
كل يوم تفصلكم الحكومة المستبدة الاخوانية عن وطنكم، وآخرها منع تدريس الأقباط اللغة العربية، وسينتهي الأمر، إذا زاد صمتكم، بجعلكم تسيرون بجانب الحائط في مكان ضيق لئلا تزعجوا المسلمين.
الصمت القبطي لثلاثين عاما على حكم المخلوع، ثم المشير قاتلكم في ماسبيرو وغيرها، ثم حكم المرشد الذي سيحيل حياتكم إلى جحيم، كان خسارة كبيرة للوطن لأنكم أقوياء بعددكم وعدتكم وإيمانكم ومصريتكم، وضعاف إذا تحولت القضية إلى صراع بين الدينين، وإلى البحث في كتب الأقدمين عن عُمر السيدة عائشة يوم زواجها، أو عن أحاديث ضعيفة ومدسوسة ومكذوبة نسبوها زورا وبهتانا لنبينا الكريم، وتلقفها بعض المتخلفين، المسلمين والأقباط، لترويجها.
أقباطنا .. أحبابنا،
قضيتكم أعدل قضايا مصر فلا تفرطوا فيها بغباء البعض ووضعها في حالة عداء مع الإسلام وخاتم الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه.
اخرجوا مع مسلميكم، تملينوا في التحرير، طالبوا بحقوق كل المصريين ففيها كل حقوق الأقباط، دافعوا عن إسلامكم المعتدل.. دين شركائكم ضد قوى الظلام الاخوانية والسلفية والارهابية.
عندما وقفتم مع الوطن كله واحتضن الصليب الهلال في 25 يناير سقط الطاغية بعدها مباشرة، وعندما اكتشف المسلم والقبطي أن الآخر مختلف عنه، سرق الأوغاد الثورة منكم.
وطن واحد.. شعب واحد.. نيل واحد، كنيسة ومسجد متلاصقان، أذان وجرس متناغمان.
نحن في العد التنازلي قبل أن يحرق المتطرفون الجهاديون السلفيون والاخوان ومافيا المرشد وبقايا الجنرالات وحثالة فلول مبارك وطنكم الذي هو وطننا جميعا، فماذا أنتم فاعلون.
الخطوة الأولى القناعة بأن إسلام مسلميكم لا علاقة له بالعصابة الحاكمة، والخطوة الثانية الإيمان بأن حكم البغي المرشدي سيتخلص منكم بعدما يقوم بتصفية المسلمين المعتدلين.
أما الأهم فوأد الفتنة الطائفية بالتوقف عن مقارنة الدينين الكبيرين وستكتشفون أن القرآن الكريم هو الذي يقوم بحمايتكم من هوس وعنف وحقد وعفن ونتانة التيارات الدينية التي تتحدث باسم الله وهي ألد خصوم رب العرش العظيم.
أقباطنا .. شركاء الوطن،
حقوقكم محفوظة في صدور محبيكم فلا تفرطوا فيها بالصمت أو بالبحث عن سلبيات الإسلام أو بالانشغال بصغائر حمقاء مدفونة في كتب غبراء كتبها مجهولون.
لن تنجح مليونية أو مئة مليونية ضد حكم الارهاب الديني بدون أقباطنا شريطة أن يتركوا الصليب في البيت أو يضعوه داخل الصدور و.. ليس فوقها.
ملايينكم يمكن أن تصنع معجزة تحرير مصر إذا ربتت برفق ومحبة وحنان على الإسلام والمسلمين المعتدلين، ويمكن أن تمزق الوطن إذا فــُـصلت قضاياكم العادلة عن قضية مصر الواحدة التي لا يستطيع أي مشاهد غريب أن يميز بين المسلم والقبطي في الشكل والمظهر واللغة واللهجة والتاريخ والجغرافيا ...
عندما يختبيء القبطي في كنيسته، يخسر المسلم في مسجده!
مازلت عند قناعاتي اليقينية التي لم أتزحزح عنها قيد ذرة، وهي حقوق المواطنة كاملة غير منقوصة.
التواجد القبطي في الشارع المصري لا يتناغم مع قوة الأقباط ، فهو ينحصر في مطالب صغيرة، وينزوي في تجمع يميز أصحابه وكأنهم أقلية ضعيفة، لكنهم في الحقيقة كتلة هائلة مصرية تصغر إذا تأطفت، وتكبر إذا تمصرت. تتقزم إذا ظنت الإسلام دين الوجوه الحاقدة والاخوانية والسلفية، وتتعظم إذا آمنت أن الإسلام ليس دين مرسي أو المرشد أو الشاطر أو أبي إسلام أو محمود شعبان أو وجدي غنيم أو صفوت حجازي أو الحويني أو يوسف البدري، فكلهم دخلاء .. وكلهم خصوم الإسلام من داخله.
أقباطنا .. أحبابنا،
إسلامكم المتسامح والسماوي والعصري والعقلاني والحافظ لحقوقكم يدعوكم أن تقفوا مع المسلمين ضد الفاشية المتمسحة باسم الإسلام والحاكمة، ويظل الخيار الأخير لكم.
مخادع نفسه من يظن أن الإسلام أو المسيحية يستطيع أيٌّ من الدينين أن يقضي على الآخر!
صراع الأديان هو الحرب الوحيدة التي يخسر فيها كل معتنقيها واصحابها!
عليكم أن تجعلوا الهلال والصليب يتحولان إلى كلمة واحدة من ثلاثة أحرف، فهل وصلت رسالتي؟
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 6 ابريل 2013

اجمالي القراءات 8116