إن الله يريد أن يتوب عليكم
إن من بعض البيان والوعظ ما لا يسمن ولا يغني من جوع

يحي فوزي نشاشبي في الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

بسم  الله  الرحمن  الرحيم

إن  من  بعض  البيان  والوعظ  ما  لا  يسمن ولا  يغني من  جوع

        كان الواعظ  هادئا  في  إرشاداته  وحديثه ، وكانت الأعناق مشرئبة  منتبهة  إلى كلامه ، لاسيما وهو يتعلق  بالتوبة  وبأن الله  الرحمن الرحيم  يريد  أن  يتوب  على  عباده . {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمً}(النساء: ) 27

        وتداعت المعاني  وانتقل  الموضوع  إلى جزئية أخرى ،  إلى حقوق  الناس ومنها  الدَّين ، وكيف  أن  محمدا  الرسول ( عليه الصلاة والتسليم )  امتنع عن  الصلاة  على  ميت  لما  سأل  وأخبر بأن  على الميت  دينا .

        وتمنيت لو أن هذا  الواعظ  المحترم  صان  حديثه  وإرشاده  وقوله،  تمنيت  لو أنه  اكتفى بتفسير حديث  الخالق  الرحمان الرحيم وكفى ، واكتفى، وبدون أي  شريك آخر، وتمنيت لو أنه لم يجنح  أو لم  يتقهقر إلى  تلك  المرويات والمفتريات الأخرى، اللهم إلاد إذا كان  هذا المحدّث  آخذا في  الحسبان  بأن الأغلبية  الساحقة  من المسلمين يرتاحون كثيرا إلى ما يُـنسبُ من افعال وأقوال إلى رسول الله (عليه الصلاة والتسليم ) أكثر مما  يـُحدثه  فيهم  الإستشهاد  -  فقط -   بحديث  خالق  رسول الله.

        تمنيت لو اكتفى المرشد  - مثلا- بلفت النظر والإنتباه إلى الآيتين  المشهورتين في  سورة  البقرة ( 282-283) المتعلقتين بالحرص على أخذ  الدّين مأخذ جد، والحرص على كتابته بكل وضوح ودقة مهما كان حجمه أو وزنه، والحرص على تعزيز ذلك بالشهيدين، وباختصار إلى لفت الإنتباه  إلى الأهمية القصوى والحيوية .

تمنيت  لو أن  المرشد  عـلّـق على الآية رقم 38 في سورة المائدة، التي تتحدث عن السارق  والسارقة ،  وإلى  تلك  العقوبة المعبرة  أبلغ تعبير عن  قضية الإقتصاد والتحذير من  مغبة الإستخفاف  بعرق الناس وبحقوقهم ، وما  إلى  ذلك .

        وتساءلت ،  كم  هم  يا  ترى ؟ أولئك  المستمعين  المنصتين  الجالسين  أمام  المتكلم  الذين تكون اخترقت أذهانهم تلك  التعليمة  الربانية  الخالدة  والتي  وردت  في  سورة الزمر الآية 17-18 ( ...  فبشّـر عباد الذين  يستمعون  القول فيتبعون  أحسنه  أولئك  الذين  هداهم  الله  وأولئك  هم  أولوا  الألباب  ) .

        وكم  يا  ترى هم  أولئك  الذين  تذكروا أن  هناك  رواية  تزعم  أن  النبئ  محمد (  عليه  الصلاة والتسليم ) عندما  توفي  قيل  إنه  كان  ذرعه مرهونا  عند  شخص مقابل كمية من مادة غذائية  شعيرا أو غيره ،  ولم  يتمكن من تسديد الثمن وهو على قيد الحياة.

        وتساءلت، وهل يعتبر ذلك رهنا،  وليس  دينا،  ولكن  ألا  يكون هناك  نسب  ما  أو  علاقة  ما  بين  حالة  الرهن  والدين ؟

        وتساءلت  أيضا  كم  هم  يا  ترى  أولئك  الذين  كانوا  تساءلوا  في  قرارة  أنفسهم: إذا  كانت  صحيحة  تلك  الرواية، أي رواية  الدين  وإحجام  النبي  عن الصلاة على  ذلك الميت  المدين ،  فهل  يعتبر النبي نفسه  مدينا  عندما  توفي ؟ أم  هناك  فرق  بين  الدين  والرهن ؟  ومن  هو يا  ترى ذلك  الذي  يكون تشجع وأدى صلاة  الجنازة  على  النبئ  وهو يعلم أن  ذرعه  مرهونة  ؟

        ألا  تكون الرواية  مفتراة من الأصل،  من  بين  المفتريات التي قد  لا  تـُعدّ  ولا  تُحصى ؟

وأخيرا تمنيت  لو أن  الواعظ  المرشد  فطن  وتنبه  إلى  مغبة  وعظه  وإرشاده  تمنيت  لو أنه  استغلها  فرصة  لينبه  المستمعين  أمامه  بل  وكل المستمعين ، لو أنه  حرص على أن  يسوّي عقولهم  ونفوسهم  وأن  يُلهمها  أسباب  تزكيتها  بكلمة  حق شجاعة يقولها وهي أن  رواية وفاة  النبئ  وهو مدين  أو ودرعه  مرهونه  لم  تكن إلا افتراء وبهتانا مقصودا وهجاء على الرغم  من  ورودها  في  أي  صحيح  كان. وانتابني ضيق وأسف وقالت لي نفسي إن  من  البيان  والوعظ  ما  لا  يسمن  ولا  يغني  من  جوع .

        

اجمالي القراءات 7737