..
تابع معركة التراث الأصفر-3

نبيل هلال في الثلاثاء ١٢ - مارس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

ومباحث فقيه التراث بعيدة عن عوالم الناس وآلامهم وآمالهم, فبدلا من مواجهة واقعهم البائس من انتهاب أموالهم وضرب أعناقهم وتكميم أفواههم وضرورة مسايرة العصر وامتلاك أسباب القوة والتحضر, يبحث فقيههم من توافه الأمور , مثل الزنا بقضيب الطفل والقرد ! فصاغوا عقل المسلم البائس في أنماط تفكير محدودة قوامها السذاجة والبلاهة . وعند حدوث خطأ في كتاب علمي , يأتي من يصححه في كتاب تال , وذلك لا يحدث مع الكتب الموصوفة بأنها دينية .
والمتاجرة بالدين هي المهنة الوحيدة التي يعرفها فقيه التراث الأصفر وليس له مصدر رزق غيرها. وعلينا أن نثق أن شدة إيمان البعض بهذا التراث لا يجعله حقيقيا أو مقدسا , ولا يوجب إيمان الناس به , حتى مع قدرته الكبيرة على صياغة ثقافة غليظة تتولى حماية لا عقلانيته وعلى الرغم من جهود فقهاء التراث لصناعة الحيل المؤدية إلى بقائه بشكل فعال . وذلك التراث الأصفر البائس يضرب الإسلام بسيف كليل , إلا أنه يقطع . فكدر الماء لا يُغلب بصفوه , وصفوه مغلوب بكدره .
ولم يكن باستطاعة الأجيال الأولى من فقهاء المسلمين المؤسسين للمعارف الدينية , القفز فوق معارف عصرهم وتجاوز المستوى المعرفي السائد في زمانهم ,لذا فإن كل منجزاتهم -شأنها في ذلك شأن أي منجزات أخرى- يجب النظر إليها في حدود عصرها . لذا علينا تصفح أوراقنا بأنفسنا ونستبعد منها ما لم يعد صالحا لمسايرة العصر وما يخالف العقل والمنطق , وتنقيحها يحتاج إلى فضل معرفة , حتى يؤخذ منها ما يؤخذ , ويترك منها ما يترك . والدين غير التدين والمؤسسة الدينية , والدين غير الموروث الديني , فمسلم اليوم لا يؤمن بالإسلام بقدر إيمانه بموروثات اصطنعها الفقيه منذ ألف سنة ويزيد وطالبنا بالتفكير بعقول أجدادنا والنظر إلى واقعنا بعيون أُغمِضت من قرون . فما هو أشد قداسة في نظرك , مشهد المجرات البعيدة في جوف الكون وهي ترسل ضوءها منذ ملايين السنين الضوئية , وما هو أصدق دليل على عظمة الخالق من تأمل نبتة صغيرة في البرية , ذلك أم خطبة عصماء من واعظ جاهل يتاجر بالدين يزعم أن الله يهبط إلى السماء الدنيا يوميا وهو يسأل عمن يريد المغفرة .

اجمالي القراءات 6811