كيف تقنع المصري بالخطر؟

محمد عبد المجيد في الثلاثاء ٠١ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

كيف تقنع المصري أن الخطر يحيط بأهله وأحبابه وأولاده؟

 

يقترب منك ذئبٌ فتـَربت علىَ ظهره!

تدخل بيتــَـك فتجد فيه لصاً، فإذا بك تــَـدُلــُّـه على غرفة لم يدخلها بعد!

ينشل أحدُهم ما في جيبك، فتراه، ثم تطلب منه أنْ ينشل أيضا الجيب الآخر!

أنا أتحدى أيَّ مصري يعرف القراءة والكتابة ويتابع الأخبار ثم يزعم أنه لا يعرف على الأقل خمسمئة جريمة قذرة لنظام الحُكم الحالي، وكل واحدة منها تستحق أن يلتف حبل مشنقة غليظ حول كل أركان الحُكم الظالم!

كلنا نعرف.. كلنا على يقين .. كلنا شاهدنا، ورأينا، وقرأنا، وسمعنا، وقلة نادرة منا هي التي تتقي الله في الوطن، فمصر على وشك الافلاس، ومملكة الاخوان المسلمين المالية ستجعلنا نزحف على بطوننا، وسنلطم وجوهنا ما بقي لنا من عمر عندما نستيقظ على خبر بيع أصول دولة مُفلسة إلى خيرت الشاطر والمرشد وإسرائيل وحسين سالم ومبارك وابنيه وأحمد عز وغيرهم.

لو كان في قلبك ذرة شرف وكرامة وتقوى وإيمان وحب الوطن لتابعت، وتتبعت خبراً واحداً، يدُلــُّـك على عشرات، وتنتهي إلى مئات فآلاف لتكتشف في النهاية أن المخطط هو سلسلة في رقبتك، وسوط في يــدِ كلبٍ من كلاب الحُكم، وصكّ استعبادك أمامه، وماض جميل لوطن عريق اسمه مصر استبدلنا به نصّابين ومحتالين وشياطين وأوغاداً ولصوصاً وضعوا المصحف الشريف بدلا من كل قرش سرقوه، وكل قطعة أرض نهبوها، وكل زنزانة قمعوا فيها ابناً لنا، وكل رصاصة قنصت عين شاب مصري، وكل صفحة من تاريخ مصر مزّقوها بحجة الشريعة الإسلامية.

ومع ذلك فالمصري لا يشعر بالخطر!

لم يبق إلا أن يقف الرئيس في شرفة قصره ويقول: لقد قررنا نحن الحكام الأسياد أن نغتصبكم وأولادكم وأهلكم واحداً تلو الآخر تماما كما فعل عسكر المشير وضباط مبارك، فهل منكم من لديه القدرة على الغضب؟

ومع ذلك فالمصري لن يغضب، وسيحيلك إلى ثورة قام بها بعد ثلاثين عاما من صمت آبائه، فقام بتسليمها إلى مساعد الطاغية المخلوع وبعد عام ونصف العام باعها الجنرال للصوص العصر مقابل زبيبة ولحية وجلباب وأن يتركوا الجنرالات بملياراتهم وصفقاتهم.

ومع ذلك فالمصري لا يشعر بالخطر، والمفترض أن تصل نبضات قلبه المرتعشة إلى عنان السماء.

لصوص الوطن باعوا للمعارضة مقاعد في الشورى، وسيبيعونهم مقاعد في مجلس النواب، تماما كما يبيع عصام العريان مصر إلى أولاد العم.

ومع ذلك فالمصري سينام نوماً هنيئاً بعد قراءة تلك الكلمات.

في مصر يتقدم لفتاة طيبة شاب قادم لتوّه من غرزة مخدرات ويؤكد للأسرة أنه من البيت إلى المسجد ولا يعرف غيرهما، فيمنحونه ابنتهم وفوقها بوسة.

وفي مصر تجمع كل المتطرفين والارهابيين والمتشددين والعنصريين والكارهين لمصر وتاريخها وتراثها وعــَـلــَـمها ونشيدها الوطني وأقباطها ومتسامحيها ومعتدليها المسلمين، فيسرقون ثورتها وقصر الحُكم ويبلطجوا دستورها، ويتعمدوا إلحاق الأذى والخسائر باقتصادها توطئة لشراء الوطن المُفلس، ومع ذلك فالمصري لا يشعر بالخطر!

قولوا لي، رحمكم الله، كيف أقنع أهل بلدي أنهم في مواجهة خطر أكبر وأشرس وأعفن وأقذر وأسفل وأحط من خطر الاستعمار؟

كيف لا ترتعش كل مسامات جسد المصري حتى يوم الخامس والعشرين من يناير 2013؟

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو في 2 يناير 2013

 

اجمالي القراءات 7984