مرسي للمصريين: موعدنا يوم الزينة!

محمد عبد المجيد في الجمعة ٢٨ - ديسمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

مرسي للمصريين: موعدنا يوم الزينة!

صدّقوني إذا قلت لكم بأنني أشفق عليكم كثيراً وحتى وأنتم تقولون بأنني ( إستبن) فإذا بذكائي الاستبني يفوق ذكاء واحدٍ وخمسين مليونا يملكون الحق في التصويت.
كنتم تعرفون أنها صفقة زكمت أنف كل واحد منكم، لكنكم أعطيتم ظــهوركم لثورتكم ووضعتم ثقتكم الحمقاء في عجائز فشلوا في تحريك مبارك لثلاثين عاماً، ولم ينجحوا في تحريك المشير لعام ونصف العام، وسرقوا منكم قيادة الثورة، وتعاملوا مع شبابكم تعامل المتعالي المغرور مع طفل غض غرير لم يبلغ الحلم بعد.

كل الدلائل كانت ترقص أمام أعينكم وإذا جمعتموها فهي تكفي لتحويل أوراق قيادات الاخوان والسلفيين إلى فضيلة المفتى، فالاعدام لنا أخف الأحكام، لكنكم لم تتوقفوا عن غيكم، وسلمتم رقابكم مناصفة بين معارضة تبيعكم لنا وبين تيارات إسلامية تشتريكم منهم وكان آخرها تعييني عشرات من قياداتكم خدماً لي تحت اسم أعضاء مجلس الشورى.
كنتم تصدقون حناجرهم ولو نطقت وجوههم بهتاناً ونفاقا وكذباً، حتى أجبرتكم إلى البدء من الاعلان الدستوري تمهيدا للافراج عن عائلة مبارك وكل الذين قتلوا أولادكم وفقأوا عيونهم.
لو كان هناك جماد ينطق لآتاكم بآلاف القرائن والشواهد على تفاصيل المصيدة، من الشهور التي قضاها المخلوع في شرم الشيخ، ومن السماح لسوزان مبارك أن تكون حرة لتحافظ لعائلتها على أموالكم المنهوبة، ومن الاستفتاءات والانتخابات وسباق الخيل لثلاثة عشر متسابقاً مع وعدٍ منــّـا لكل حصان بقطــعتي سكر، ولما وصل لقرب النهاية كربجناه على ظــهره.

لم نحقق لكم، الجنرالات والإخوان، في عامين مطلبا واحداً من مطالب الثورة التي سرقناها منكم، فنحن لا يهمنا شهداؤكم، ولا عيون فلذات أكبادكم، ولا ملياراتكم المنهوبة، ولا احتجاجاتكم، ولا امتناع قضاة مصر عن الاشراف عن الانتخابات، ولا اعتصاماتكم، ولا مليونية واحدة في أي ميدان فأنا معبودكم رغم أنوفكم، ويحمي ظـــهري ملايين الغوغاء والجهلة والمغيبين دينيا وهم جماعات من البشر ظاهراً لكنهم تحت خط الإنسانية التي أعطاها اللــه العقل والفكر والفهم.
هل رأيتم وجوههم واحمرار أعينهم وقبضاتهم وهي تلوح صارخة في الهواء؟

هل رأيتموهم في التلفزيون والنت واليوتيوب وقد ظــهرت أسنانهم الصفراء من داخل أفواه كأنها كهوف صغيرة تنفث أتربة؟
إنهم رجالي وحراسي وعبيدي وخدمي، أطــعمهم أوهاما تحت زعم أنها من الدين، وأروي ظمأهم وعوداً كاذبة بأن الجنة لمن يعطــي قفاه لأمير المؤمنين، وأستشهد بآيات قرآنية لا علاقة لها بمطالبهم فإذا بهم قد تحولوا إلى أسرى مطيعين إذا بصقت في وجوههم عرّوا لي ظــهورهم.
كم يقوم قادة المعارضة الكبار بتحليل المهانة، وتوسعة نطاق المذلة، وجعل الاستجداء قاعدة لا مهرب منها إلا إليها، وقبل عدة أيام كان حمدين صباحي كأنه جمال عبد الناصر الجديد، فلما قمنا بتزييف الدستور زعم أنه يوافق عليه وسيدخل انتخابات مجلس الشعب/النواب ليسقط الدستور من تحت قبة البرلمان.

كان البرادعي على مرمى حجر من رئاسة مصر، وكان المصريون منذ عامين على استعداد أن يُقبّـلوا يديه، فجعل يخطو خطوة إلى الأمام ثم يتراجع اثنتين، يطلب مئة ألف توقيع ليقدمها لمبارك الذي قال عنه أنه رئيس دمث الخلق، فلما جمعتموها رفعها إلى ربع مليون ثم إلى مليون، وكلما خرجتم إلى الشارع حجز تذكرة طائرة، وكلما هرب منكم وجدتم له سبعين تبريراً. في النهاية أصبح تويترياً يكتفي بجملتين في كل يومين، ويرفض الدستور والاستفتاء، فلما قمنا بتزوير دستوركم قال بأنه سيحارب من داخل قاعة مجلس النواب.
نحن جماعة لا ترى لها مرشدا غير بديع، وهو لا يعترف بغير حسن البنا، والطز العاكفية ماتزال سارية المفعول، ونحن نملك الأسلحة والجيش والأمن ومليشيات يكفي أن أشير إلى أحد فتنهش جسده ولو كان في بروج مشيدة.

لم تشعروا بعد بالخطر الأعظم فنحن وضعنا أيدينا على وثائق مصر وأسرارها واتفاقاتها السرية والعلنية وأموالها وبترولها وغازها وقناتها ونيلها وتحويلات أبنائها وهي لم تعد مِلكا للشعب المصري لكنها في عهدة وذمة جماعة الإخوان المسلمين ومن يدورون في فلكهم.
أقسم لكم بأن تاريخكم الوثني والفرعوني والقبطــي وحتى الاسلامي الذي لا نرضى عنه سنجعله ذرات من التراب تذروها الرياح.
أنا أكبر من كل جنرالات مصر ورتبها العسكرية والأمنية ومخابراتها، وأستطيع أن أبيع جيشكم وثرواتكم وسيناءكم وحتى انتصاراتكم لمن يدفع أكثر.
نعم، نحن كاذبون ومنافقون ولصوص ثورتكم، ولكن قوتنا في ذاكرتكم المثقوبة، واستمرارنا راكبين إياكم مرهون بنسيانكم جرائمنا.
كنتم تقولون عني بأنني استبن، والآن أنا الثعلب وأنتم الأرانب الخائفة.

اخرجوا في مليونية جديدة وسيقوم زعماء المعارضة بتسليمنا رقابكم بثمن بخس، مقعد في البرلمان، منصب وزاري، شرب قدح من القهوة في قصري.
في خمسة آلاف عام لم يحتقركم زعيم مثلي، ولو حاصرتم الاتحادية، واعتذر تسعون من أعضاء السلك القضائي عن الاشراف على الاستفتاء، وأشرف البنك المركزي على الافلاس، واعتصم أولادكم في التحرير وأمام مقر اقامتي فإنني أملك أمضى وأقوى وأعظم سلاح يـُـخرسكم ويفجر طاقة العنف والعدوان في عبيدي الغوغاء وخدمي الأوغاد.
هل شاهدتم كتيبة الإعلام الديني التي ملأت شاشات التلفزيون؟ إنهم مصاصو الدماء الجدد، وسيسلخونكم إذا اقتربتم من قدسيتي، فأنا الدين والمصحف والمسجد وأمير المؤمنين والخليفة حتى لو أطــَـلــَّـتْ عليكم في دقيقة سبعون كذبة يشهد على كل واحدة منها شعب بأكمله.
أنتم الذين قمتم ببيع ثورتكم قبل أن نسرقها، ولم تقوموا بحماية شبابكم، إنما طلبتم من الذئب أن يرعاها، ويتقدم بمطالبهم إلينا، فجاءت الذئاب لبيعهم إلينا.
عبقريتنا شغلتكم بالدستور، وذكاؤنا تقدم إليكم بالاستفتاء، وسذاجتنا جعلتكم تصدقون أننا قمنا بتغيير بعض مواده، وأمخاخكم المثقوبة لم تعد تتعرف على مطلب واحد من مطالب الثورة.

أنا أتحدى مصريا واحدا في الداخل أو في الخارج يتذكر هذه الكلمات أكثر من عدة ساعات أو من يوم أو بعض يوم، بل سيأتي أسيادكم، أي عبيدي من كل فج عميق ليشهدوا على صاحب هذه المقالة أنه لا يريد الخير لكم.
أمامكم وأمام جيشكم وضباطكم الصغار حتى الخامس والعشرين من يناير 2013، فإما أن تتحالفوا مع صغار الضباط غير الملوثين وتنهوا إلى الأبد عصرنا، أو تسلموا لنا رقابكم وأقفيتكم وظــهوركم العارية وأيضا نساءكم وبناتكم، فلدينا أصحاب كشوف العذرية يرتعون في حرية وحماية أعضاء الجماعة.
إما أن تستعيدوا مصر منا بالعودة إلى 11 فبراير 2011، أو نختطفها إلى يوم الساعة!

نحن قادرون كما فعلنا في العراق وأفغانستان ومالي والسودان والجزائر وتونس ونيجيريا وإيران وغيرها أن نجعلكم تمشون على أربع، ومرشدنا وحازمنا وبرهامنا وشاطرنا يستطيع أي منهم أن يستدعي مئات الآلاف بسيوفهم وأسلحتهم النارية وغضبهم الكاليجالي المخيف فيجعلون مصركم أو طزكم ( وفقا لأدبياتنا العاكفية) قاعا صفصفا تطير به الرياح إلى أركان الأرض الأربعة.
لا تنسوا بأنني سأبدأ في اشغالكم بالانتخابات التشريعية، وسيصدقني هــُـبْـلٌ بالملايين، وستنشغلون بالافراج عن مبارك أو بجنازته العسكري، وبخروج جمال مبارك رغم أنفكم كما خرج صفوت الشريف وفتحي سرور، وأنا لدي وعد من المشير وأعضاء المجلس العسكري أن نقوم بحمايتهم وملياراتهم من صفقات السلاح، ويقومون هم بابلاغي بأي تحرك عسكري من ضباط صغار يعشقون تراب مصر وأهلها.

بيني وبينكم شهر واحد فقط، إذا جعلتم 25 يناير 2013 للاحتفال والرقص وبعض الاحتجاجات فيمكنكم تهنئتي مسبقا باغتصابنا وطنا من أعرق أوطان الدنيا تحت سمع وبصر أبنائه، وإذا جعلتموه يوم حسرتنا على خداعنا إياكم فقد انتهينا تماما من المشهد المصري.
نحن نملك حيوانات متوحشة ومفترسة لا تحتاج منا إلا إلى اشارة واحدة فتغرس أنيابها في أعناق أولادكم.
نحن نلعب بالمصحف، وأنتم تؤمنون به، فمن الغالب؟

نحن لدينا من يخطط لنا في السفارة الأمريكية وفي إسرائيل ولدى الجماعات الدينية في العالم كله ولدينا جنود من حماس ينتظرون إشارة منا فيقتحمون الأنفاق ليأخذوا بأيدينا، وأنتم لديكم خيام وشباب ينام فيها فإذا اشتاق إلى دفء البيت جمع حاجاته وعاد إلى أحضان الأم والأب.
نحن حلمنا ثمانين عاما بالخلافة واستعباد المصريين وظلت ذاكرتنا قوية، وأنتم حلمتم بالتخلص من مبارك، وسقطت من ذاكرتكم كل مطالب الثورة.
نحن لا نأمن على أحلامنا إلا وهي بين أيدي أعضاء الجماعة ومن تبع خطواتهم، وأنتم تنجحون في ثورتكم ثم تقومون بتسليمها إلى كباركم .. بائــعـيـكم!
بيننا وبينكم شهر واحد، وسنرى من يكسر عنق الآخر.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 26 ديسمبر 2012

اجمالي القراءات 8358