الرئيس مرسي يرسم للمصريين مستقبلهم!

محمد عبد المجيد في الخميس ١٣ - ديسمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ألم أقل لكم أنني الحاكمُ بأمر الله؟
أقسم لكم أنني سأمزق بلدكم قطعاً متناثرة يظن سكان كل واحدة أنهم الأصل في سلالات المصريين!
هل رأيتم فطاحل قوى المعارضة وهي تقدم تنازلات، وتتغزل في الاخوان وهي تشتمهم، وتمتدح فيهم وهي تعارضهم، وتــُـشهد الشعب أمام الله أنها تتحدث باسمه، لكنها كانت تغمز لنا من وراء ظهوركم.
كنت خائفا أرتعش والشاطر يهديء من روعي، والمرشد يقرأ عليَّ الرقية، لكن القيادة الفعلية للتيارات الإسلامية كانت تعلم أن كباركم سرقوا المعارضة منكم.
الآن يقولون بعدما واصلوا الليل بالنهار أياما طويلة مع ( لا ) تصل إلى عنان السماء، فإذا بها أقصر من أرنب، وأخف من فأر، وأكثر هشاشة من غزل البنات وهو يذوب في فم طفلة صغيرة لا يكاد لعابها يكفيه!
الذي يشاهدهم وهم يتراصون، ثم يتزاحمون أمام الميكروفونات وكل واحد منهم سعيد لأن أهله يشاهدونه في التلفزيون بدلا من المسلسل اليومي، تماما كما فعلت أنا في الأيام الأولى وأنا أترنح غبطة بالمنصب الذي لو جاءني في الحلم لما صدقته قبل استيقاظي ، لظن أنهم سيناضلون ضدي وضد عشيرتي الاخوانية إلى أن تنتهي آخر نفحات الإيمان في قلوبهم، ثم نكتشف أنهم يرفعون سقف مطالبهم الشخصية حتى لو احترق الوطن علي يديَّ وأمام ناظريهم.
الآن وافقوا على الاستفتاء بشروط عجيبة كأن جيري يوافق على الخروج من جــُـحره شريطة أن يبتعد توم مترين وثلاثة سنتيمترات.
أما أنا فثابت على موقفي رغم أنني استبدل رأيا برأي قبل أن أقوم من مقامي، ويكفيني فخراً أن عشرات الآلاف من أتباعي يستعدون للجهاد ضد المصريين الآخرين والرافضين لوضع أعناقهم تحت أحذيتنا الدينية بعدما عفرتها أحذية العسكر بعد ثلاثة عقود من الصمت المذل في عهد المخلوع.
لم أضحك في حياتي مثلما ضحكت يوم أن وقف حمدين صباحي والبرادعي وحسين بعد الغني وأيمن نور وعمرو موسى وثلة كبيرة من رموزكم المخضرمة، وغاب عن المشهد الشباب، أصحاب الثورة التي سرقناها منهم، وعلمت وقتها أنهم سيبحثون عن أعذار واهية للهروب من استعراض العضلات إلى أن يأتي اليوم قبل الاستفتاء، رغم أنفكم وأنفهم، ثم يشترطون الموافقة على الاستفتاء شريطة أن تكون الشمس ساطعة، وسعر الطماطم ليس مرتفعاً، وأن لا يحترق قطار في الصعيد، وأن يظل أبو الهول في مكانه!
زعماؤكم هم الذين يضعون الكرباج في يدي، وهم الذين يعرّون ظهوركم لي، ويشجعونني على احتقار كل من يعارضني.
أخاف منكم في حالة واحدة وهي تصفية معتصمي ومتظاهري التحرير والاتحادية من عجائز المعارضة ورموز التحريض الكبار، وعندما يبقى الشباب فقط .. الذين خلعوا مبارك وجابهوا المشير وواجهوا جماعتنا التي كانت مسلحة بالمصحف والسيف، فيمكن حينئذ بدء العد التنازلي لأيامي في الحُكم!
نحن ميليشيا مسلحة وصلت إلى الحكم بمعرفة البيت الأبيض والكنيست الإسرائيلي وكل قيادات الارهاب الديني المتناثرة في تورا بورا وقندهار وبيشاور ومقديشيو والصحراء الجزائرية ودارفور والخرطوم وأصفهان وقم وبعض المدن والقرى في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسيناء، وأنا في حماية جيش الاخوان وربيبه الغزي.
أما المدافعون عنا بأرواحهم وصدورهم ودمائهم وصيحاتهم القعقعاية المدوية فهم جماهير خدّرناها بالدين، وأقنعناها أننا مسلمون يرفعون راية الجهاد، وأننا شرعية حاكمة تضع لهم دستورهم حول أعناقهم.
أقسم لكم بأنني لن أرحمكم، وسيأتي اليوم الذي نجلدكم فيه فردا .. فرداً، وكل المعارضين العلمانيين والليبراليين والناصريين والاشتراكيين والأقباط والمغتربين، وستكون جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعها طالبان أكثر رقة ولطفاً من نسمة ربيعية هادئة إذا قارنتموها بنا وبعهدنا.
أما الذي يختبئون خلفنا من تيارات إسلامية صارمة وسلفية رجعية فستجعلكم تندمون على يوم سقطتم من بطون أمهاتكم، وسيصرخ أبو الهول وهو يتناثر أمامكم حجرة .. حجرة، وسيقطعون أي وثني يقف احتراما للعلم المصري، وأي خليع ينصت بميوعة للنشيد الوطني المصاحب لمعازف الشيطان.
استهبلوا أكثر، وضعوا ثقتكم العمياء في رؤساء الأحزاب الذين سيسلمون رقابكم لسيوفنا، فنحن أعرف بهم منكم، ونحفظ أسعارهم عن ظهر قلب.
استعدوا لأيام قادمة، مع افتراض أن شبابكم عادوا إلى بيوتهم وجامعاتهم أو تركوا عجائز المعارضة يعرضون مطالبهم، وستتحسرون على سجون مبارك ومعتقلاته وعدالة العادلي وشفقة شفيق ونظافة نظيف وسرور سرور.. دورة بعد أخرى لاثنتين وعشرين مرة.
سأطلب من الدكتور ياسر أن يبني لي صرحاً لعلي أطلع إلىَ إلهكم، وسأشكر البلتاجي الذي أفزعكم من مذابح رواندية مصرية قادمة، وستذهبون إلى صناديق الاستفتاء وحتى لو وضع كل منكم في الصندوق مئة لا، فأنا سيدكم الذي يحدد النتيجة.
ناقشوا، وجادلوا، وانقسموا سبعين قسماً، وقولو نعم أو لا، وبرروا شريعتي وحُكم الأخوان، وتوهموا أننا أقرب إلى الله منكم، وتخيلوا جنة لن تشموا ريحها لو ساهمتم في تمزيق وطنكم، واضحكوا على أنفسكم وأنتم تتلون دستوراً لم يقرأه واحد في الألف من المستفتين عليه، لكننا لن نتخلى عن سلطة حلمنا بها منذ ثمانين عاما.
أيها الثوار،
أين أنتم؟
هل تستطيعون مجابهتي وأنتم لم تختاروا بعد قائدا من بينكم؟
ألم تفهموا قواعد اللعبة، وأننا، الإخوان المسلمين، والعسكر والفلول وزعماء المعارضة أقنعة مختلفة لوجه واحد نقوم بحمايته في مشفاه الفاخر؟
أنا أنام على ريش نعام في القصر، وأنتم تعتصمون في خيام متهالكة وتتعرضون للبرد والرياح والأمطار والجوع والأمراض، ولنرى متى تنتهي لعبة عض الأصابع!
نحن نملك القوة لأننا نفسر الدين للساذجين والطيبين والعبط والمتخلفين وأيضا للبلطجية، ورغم أن إيمانكم أقوى من إيماننا إلا أن البقاء للكاذب الذي يزعم أن الله معه، وليس للصادق الذي يحب الله سراً!
زبيبة الصلاة الظاهرة أكثر تأثيرا في المواطن من مئة ركعة صلاة في غرفة مظلمة ومغلقة.
صدقوني إذا قلت لكم بأنني لو اشترطت صفعة على القفا لكل من يعطي صوته في الاستفتاء فسيطلب زعماء المعارضة الفطاحل أن تكون الصفعة خفيفة، ولا تلهب القفا!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 13 ديسمبر 2012

اجمالي القراءات 8257