الشفاعة

عفاف صبري في السبت ٠٣ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

على بركة الله،

نتكلم دائما عن الشفاعة بمفهومها المعروف والشائع على أنها قول يقوله نبي لله عز وجل يوم القيامة فيغفر الله به لكل من انتمى لهذا النبي مجرد انتماء، يعني مهما كانت أفعال هؤلاء القوم فهم من المغفورين لهم فقط لأنهم من ملة رسول من الرسل وأقول ذلك لأن هذه الظاهرة لا توجد عندنا فقط بل هي قديمة جدا ونجدها عند اليهود والمسيحيين . ما شاء الله .

وباتباع أمر الله بتدبر كتابه سأحاول معكم الى الوصول للمعنى الحقيقي لكلمة الشفاعة.

يقول الله الحكيم:

"يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(47)وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)" البقرة

"يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(122) وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(123)" البقرة

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ(254)" البقرة

"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(30)" التوبة

من هذه الآيات الكريمة نتفطن بأن هذه الظاهرة وجدت قديما من عهد اليهود فكلهم يعتقدون كذبا وهم يعلمون، أنهم مهما فعلوا من ذنوب فسوف يغفر لهم لأنهم يتبعون رسلا جعلوا منهم أبناء لله وحشاه أن يكون له ولد سبحانه.

وقد نهى الله المؤمنين عن ذلك كما نرى في الآية، ويا خوفي من أن يأتي يوم يجعلون فيه محمدا ابنا لله.

1)المعنى الأول للشفاعة:

نحن نعلم أن النصر يأتي فقط من عند الله:

"وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ(8)" الشورى

الله هو النصير بمعنى الولي أيضا وبمعنى الشفيع كذلك ويتبين ذلك في قوله عز وجل:

"وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ(70)" الأنعام

ونستخلص هذا المعنى من الواو التي تفيد نفس المعنى.

ولي= نصير= شفيع.

وبطبيعة الحال فبما أن النصر لا يأتي إلا من عند الله فالشفاعة كذلك كما قال بديع السماوات الأرض:

"أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ(43) قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(44)" الزمر

2)نأتي الآن لمفهوم ثان للشفاعة:

يقول الحق:

"فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً(84) مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا(85)" النساء

لا أعتقد حسب فهمي المتواضع لهذه الآية أن مفهوم الشفاعة هنا هو "النصر".

فما هو المفهوم الثاني لهذه الكلمة على ضوء هذه الآية الكريمة؟

فعل يشفع هنا يعني يسعى أي من يسعى بعمل أو قول حسن فله نصيب منه على حسب نوع السعي وأقول هذا لأن الشفاعة هنا ليست يوم القيامة وذلك من سياق الآية السابقة.

واحتمال أن تكون الشفاعة سيئة فذلك يعني أن المعني يجب أن يكون لفعل يحتمل أن يكون حسنا ويحتمل أيضا أن يكون سيئا.

3)أما المفهوم الثالث لهذه الكلمة فنستخرجه من الايات التالية:

"يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا(109)" طه

"اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ(255)" البقرة

"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ(26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ(27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ(28) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ(29)" الأنبياء

على ضوء هذه الآيات نفهم أن فعل يشفع المنتسب للبشر يوم القيامة هو بمعنى يتكلم أو يقول بقصد الدفاع يعني يكون لسان دفاع.. ولن يقبل من أحد كلام أو قول إلا بإذن الله حتى ولو كان نبيا أو رسولا.

الحمد والشكر لله..وحده يهدينا سواء السبيل..

اجمالي القراءات 21321