من مقالات الشيخ حسن فرحان المالكي نقلا من موقع الشيخ حسن فرحان المالكي
الرد المفصل علي السلفيه

على على في الأحد ٢٥ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

كتابة قديمة لي : إذا انكشفت السلفية قامت الساعة:

لأن أسرار الشيطان كلها ستنكشف! ولا داعي لبقاء الابتلاء والتمحيص.

ورغم أن هذا الواقع هو واقع السلفية كلها من حيث المعرفة، إلا أن فيهم المعتدل والمغالي، لكن رموزهم في الجانب المعرفي دون الصفر، لأنهم ليسوا جاهلين فقط، بل يلجؤون لتعليم الجهل والتعصب له ورعايته والتأليف فيه ونشره وتزيينه ...الخ.

فهم لا يكتفون أنهم لم يحرروا لفظة واحدة محورية، ولم يتدبروا آية، ولم يدققوا في حديث نبوي ولا حدث تاريخي ولا ترجمة مفردة ولا حالة نفسية أو اجتماعية ولا برهان عقلي، بل شوهوا هذا كله، فهناك فرق بين الجهل بالشيء وتشويهه.

ولي كتابة قديمة أيضاً:

قبل نحو السنة، لا أردي أقلتها لله خالصة أو شابها بعض حظوظ النفس، لكن سأوردها للبحث والتأمل وقد تتأكد مع الزمن أو تنتفي قلت فيها ما خلاصته:

( السلفية أجهل الفرق على الإطلاق في ما يسمونه بالعقيدة، أما في الفقه فلهم مشاركات كغيرهم، وهذا تلبيس إبليسي، فهو لا يهمه أن يوافقوا غيرهم في الفقه، وإنما يهمه أن ينفردوا بعقيدة ترى كفر المسلمين وكراهيتهم، وتمنع من تدبر القرآن وتذم العقل، وتجفف الضمير وتقسي القلوب، وتكره دعاة الجنة وتحب دعاة النار ...الخ.

وأظن أنني من القلائل جداً في هذا العالم الذي يعرف السلفية بعمق، وأنا مع بغضي مدح نفسي إلا أنني أضطر أحياناً أن أُسمع من لم يسمع، بأنني لا أتكلم من فراغ، وكل التراث السلفي قرأته بوعي، مع فضل عظيم من الله ( لتدبر لكتابه ومحبة نبيه وأهل بيت نبيه والصالحين من أمته)

قد تجد للسلفية خصوماً كثيرين، لكنهم لا يستطيعون الإجابة على سؤال :

كيف تكونت السلفية؟ من أين أتت؟ ولماذا بقيت رغم كل هذا الجهل والحمق؟

الباحثون غالباً يرجعون ذلك لبني أمية وبني العباس وهذا لا يدعمونه بالوثائق رغم أنها موجودة، بينما أرجع أنا الأمر لأكثر من عامل، منطلقاً من القرآن نفسه وكشفه أسرار إبليس ومنهجه وأسرار النفس البشرية المعقدة وأثر السادة والكبراء والقادة..الخ، ومن أبرز تلك العوامل الشيطان ( الذي يهمله خصوم السلفية عند مهاجمتهم لها كما تهمله هي في مهاجمتها لهم) ثم صنائع إبليس من رجال السياسة والعلم والحديث والقضاء والدهماء والتدوين والجرح والتعديل ... الخ.

فللشيطان نصيب من هؤلاء جميعاً، مع العوامل الأخرى النفسية والاجتماعية والاقتصادية والبلدانية إلا أن الشيطان يمسك بهذا الزمام من أعلى، وسبق أن كتبت في بعض التغريدات أنه إن تم كشف السلفية فستقترب الساعة ويرتفع الابتلاء فهي أقدم وآخر أسرار إبليس، التي يحرص على تدعيمها بإطفاء كل نور، مع مظاهر سلفية خداعة من وعظ وبكاء وأشكال ومال وإعلام وجلد على العمل لا يكل صاحبه ولا يمل.

وقلت في ذلك الوقت:

((كشف السلفية يعني كشف إبليس

وكشف إبليس يعني كشف السلفية)).

فالشيطان والسلفية متلازمان علمياً، فهما وحدهما يلتقيان في العداوة لكل نور، نور القرآن ونور السنة الصحيحة ونور صالحي المؤمنين، ونور العقل والحس ونور العلم والمعرفة ونور المعاملة والأخلاق ونور الحقوق ونور التدبر والتأمل ونور التنمية والإبداع.

وقلت أيضاً":

وكل فرقة من فرق المسلمين يلحقها من السلفية تشوهات إما بردة فعل غير علمية أو مطاوعة غير علمية.

فكل تشوه لحق الإخوان مثلاً وحزب التحرير والحركات فمن السلفية

والتشوه الذي لحق القاعدة من السلفية

والتشوه الذي لحق السلاطين من السلفية

والتشوه الذي لحق النظرية الاقتصادية من السلفية

والتشوه الذي لحق البطء في المعرفة من السلفية

كما أن من الغلو في الفرق والمذاهب الأخرى كانت نتيجة ردة فعل للسلفية

غلو الشيعة في أهل البيت ردة فعل للسلفية التي سبهم أوائلها كمعاوية.

وغلو الشيعة في ذم الصحابة نتيجة ردة فعل للغلو فيهم من السلفية.

وغلو المرجئة بأحاديث سلفية ( بل كان اسمهم القديم هو المرجئة)

وغلو الجبرية مأخوذ من أحاديث السلفية.

وتشويه صورة النبي ( آيات سلمات رشدي ورسوم الدنمارك وفيلم الأقباط) جله من روايات السلفية.

وتعلمن العلمانيين نتيجة تحجر السلفية.

وإلحاد الملحدين نتيجة تشويه وجود الله وأعماله وعدله ومنعها كشف أسراره وسننه في الخلق.

المقصود أنها السر الأخير والخطير والقديم والراسخ لأبليس.

وقلت:

لو انكشف السر لصلح العالم كله، وشبع الجوعى وتوقف القتل وذهبت الكراهية وأنزلت السماء بركاتها وأخرجت الأرض كنوزها وسلمت عليكم الملائكة في الطرقات)) اهـ

هذه خلاصة أقوالي وكلامي الذي لا أتبناه حالياً ولا أستبعده، ويحتاج لبحث، ولا أدري هل كانت شهادة في لحظة تجلي أم خالطني حظوظ نفس بسبب ظلمهم لي.

 

مع فقرتهم الثانية:

((( طعنه في أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين والصحابة الكرام الميامين- رضي الله عنهم- ولمزهم واتهامهم بالتهم الباطلة، وقوله بنفاق معاوية وأبيه رضي الله عنهما، واتهامه بعض رواة الصحابة بالكذب أو التدليس.. كما أنه يرى عدم عدالة الكثير منهم)) اهـ.

 

أولاً: أول من بدأ بالطعن سلفهم

أول من بدأ بالطعن في كبار الصحابة وبعض أمهات المؤمنين ( مع تحفظي على المصطلحين) هو معاوية وجماعته التي يدافعون عنها، وتبعهم من تبعهم من سلفهم الصالح حتى بقي آثار ذلك في اتهامهم لبعض أهل بدر بالنفاق والضعف في الحديث، وهذا كله لا يعرفونه، لأن سلفهم الذي كان يطعن في بعض الصحابة قال لهم إن الشيعة فقط من يطعن في الصحابة، والواجب هنا أن نحدد من هو الصحابي أولاً؟ ثم من هو الصحابي الذي لا يستحق الذم ثانياً، فإن فعلنا فسنجد ابن تيمية وسلفهم الصالح يطعنون في من تحقق فيه معنى الصحبة ومعنى الفضل، وطعنهم واضح بأن هؤلاء منافقون أو أصحاب دنيا أو ضعفاء في الحديث أو يتم لعنهم، كما فعل معاوية وبني أمية ( وهم سلف هؤلاء الأساسيون) مع الإمام علي وعمار وأمثالهم، وكما فعل أبو حاتم وأبو زرعة في تضعيف بعض أهل بدر، وتبعهم ابن تيمية ومدرسته ( كل هذا لا يعرفونه لأن سلفهم المعاصر لا يعرف ذلك، أو يتجاهله).

هم أيضاً لا يعرفون معنى ( الصحبة والصحابي) فتعريفهم مذهبي لا شرعي، وقد فصلنا نقد هذا التعريف المذهبي في كتابنا ( الصحبة والصحابة بين الإطلاق اللغوي والتخصيص الشرعي، فليراجعه من يشاء وهو في الموقع).

ثانياً: تعميمهم كاذب

ثم هم يكذبون هنا في هذا التعميم الجائر، فهم لم يقولوا ( بعض الصحابة) ولا ( بعض أمهات المؤمنين) وإنما أطلقوا القول ( طعنه في أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين والصحابة الكريم) وهذا كذب على كل المستويات.

ثالثاً: عدم دقتهم في المعنى

ماذا يقصدون بالطعن؟! ما هو بالضبط؟؟

هل هو التخطئة أم التكفير أم ماذا ... الخ

- وقد فصلت في ( معنى الطعن) في رد مفرد ولكن هنا لا بد من تقرير ما يلي:

إذا كانوا يقصدون بالطعن التكفير فهذا هو الكذب بشحمه ولحمه وقرونه، فلم أكفر أمهات المؤمنين ولا الصحابة الكرام الميامين – حسب لغتهم- ولكن الغلو يشجع أصحابه على استباحة الكذب على الخصوم ويرى شرعيته، فهم يكذبون لوجه الله ، وكأن الله محتاج إلى كذبهم وبهتانهم - تعالى الله عن ذلك- وإلا فدينه في خطر، هم لا يقدرون الله حق قدره، وإنما يقدرون المذهب فوق قدره، فالله لا يأمر بالكذب فهو غني عنه، ولكن الغلو المذهبي ضعيف ولا يستغني عن الكذب في تدعيم جذوره والتشنيع على مخالفيه، ومن هنا يفترق طريق الله عن طريق المذاهب والتيارات والأحزاب.

و على كل حال هم يعرفون أني لم أكفر الصحابة ولا أمهات المؤمنين، وإنما كما قلت لكم سابقاً أن من منهجهم في التحريض أنهم يحشرون الصحابة وأمهات المؤمنين للزينة فقط، يزينون بهم دعاة النار، وليس همهم تبرئتهم وإنما همهم استجاشة العواطف بهم للدفاع عن همهم الأكبر كمعاوية وأبي سفيان فقط، كل الغلو السلفي يدور حول معاوية وأسرته، وكل كلامهم عن الدفاع عن ( الصحابة وأمهات المؤمنين والملائكة والمرسلين) مجرد خدعة يخدعون بها العامة والبسطاء، إنما هم عندهم مجرد مزهرية يزينون بها معاوية فقط.

رابعاً: هل طعن القرآن في بعض الصحابة ؟؟

إن كانوا يقصدون التخطئة، ويسمونه طعناً، وهذا هو الأقرب إلى مرادهم، فهذه التخطئة لبعض الصحابة وأمهات المؤمنين موجودة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أظنهم يجترءون أن يقولوا أن الله يطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين وعلى هذا فهو عندهم رافضي، أو أن النبي رافضي، ما أظن أن يبلغ بهم التعصب هذا المبلغ، لكنها الحماقة قاتلها الله.

لكل داءٍ دواء يُستطبُّ به ..... إلا الحماقة أعيت من يدوايها!

خامساً: سؤال يعجزون عنه

فإذا كان الطعن هو التخطئة فماذا يقولون في قوله تعالى عن عائشة وحفصة (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) [التحريم] ) هل هو طعن أم لا؟!

أريد جواباً... ولن يجيبوا..

وهل من يقول بمضمون الآية، من أن بعض أمهات المؤمنين كعائشة وحفصة ارتكبا ذنباً يوجب التوبة، ومالت قلوبهما عن الحق، هل من يقول هذا يعتبر طاعناً؟؟ كلا، لأن هذا قول الله، ومن صدّق الله فهو المؤمن، ومن كذّبه فقد كفر، كما أن من أراد أن يكون منطقه أورع من منطق الله فقد كفر، ومن ظن أنه أفضل من الله قولاً فقد كفر، ومن تورع عن أمر قاله الله فقد كفر.

هب أن هؤلاء الحمقى يبدعون الله ورسوله فهل يجترؤون على تبديع عمر؟ وقد قال أن هاتين المرأتين هما عائشة وحفصة ففي صحيح البخاري - (ج 2 / ص 871) حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال

: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتين قال الله لهما { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } . فحججت معه فعدل وعدلت معه بالإداوة فتبرز حتى جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتان قال الله عز و جل لهما { إن تتوبا إلى الله } . فقال واعجبي لك يا ابن عباس عائشة وحفصة) اهـ المراد، فهل عمر عندهم رافضي؟!

ماذا يريدوننا أن نفعل؟؟

نكذب القرآن؟

نتهم النبي ؟؟

نتهم عمر وابن عباس والبخاري بالرفض؟؟

ماذا يريدون بالضبط؟!

وكذلك قوله تعالى عن الصحابة :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) [الصف/2-4] ) هل هو طعن أم لا؟!

فإن كان طعناً فما نوعه؟ تكفير أم تخطئة؟ فإن كان لا يتعدى التخطئة فهل يجوز لنا أن نتلو الآية أم لا؟ هل يجوز أن نقول بمضمونها أم لا؟

وكذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) [الممتحنة).

هل هذا عندهم طعن أم لا ...

أريد جواباً.. ولن تجيب السلفية برمتها!

والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً..

وكذلك الحديث في هذا المعنى كثيرة جداً..

وأنصح بالعودة لكتابي ( الصحبة والصحابة) فهو مفيد جداً في هذا الباب، لأن موضوع ( الصحابة) من الموضوعات المذهبية للمزايدة على الشيعة في أهل البيت.

سادساً: سلفهم كابن تيمية يطعن في بعض كبار الصحابة:

سلفهم المغالي كابن تيمية يطعن في بعض الصحابة الفضلاء من أهل بدر كمعتب بن قشير ومدلاج بن عمرو السلمي بينما يغالون في الدفاع عن البغاة ودعاة النار ممن ليست لهم صحبة شرعية وهذا قد بيناه كثيراً.

فهم مخادعون في هذا الباب ومخدوعون، هم يدافعون عن المشهور مذهبياً، ولو وردت النصوص بذمه كما يفعلون هنا في أبي سفيان ومعاوية، بينما يهاجمون من لم يرد نص بذمه، بل بعضهم بدريون وآخرون رضوانيون، كمعتب بن قشير ومدلاج بن عمرو والربيعة بن مسعود القاريء ووديعة بن ثابت الأنصاري وغيرهم.

كل هذا تجدونه في كتاب الصحبة والصحابة، ومن قرأ هذا الكتاب فسيكتشف خدعاتهم في هذا الباب، وأنا أضمن لكم أن القرن الخامس عشر الهجري سيكون قرن كشف الخداع السلفي.

من مقالات الشيخ حسن  فرحان المالكي نقلا من موقع الشيخ حسن  فرحان المالكي

اجمالي القراءات 27915