خالد منتصر يعيش الجوجليون ويسقط الدجالون

خالد منتصر في الإثنين ١٢ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ن يريد أن يغلق «جوجل» بالقضاء كمن يريد أن يحجب الشمس بأصابعه!، يعيش «جوجل» ويسقط كارهوه، لأن كارهيه هم من يكرهون أكسجين الحرية ويفضلون عليه غازات الكبت والقمع والقهر السامة، هم من يفضلون العيش فى الظلام كالخفافيش، هم من يفضلون حياة القطيع ويكرهون حياة الحرية والانطلاق والإبداع، هم من يفضلون النسخ المكررة والتلقين الممل والحنجرة الباردة ويكرهون الابتكار والخروج عن النص والتغريد خارج السرب.

«جوجل» قصة إبداع تلخص عالم اليوم القائم على سماء الطموح التى بلا سقف، كيف لعاقل أن يفكر فى غلق هذا الكنز؟!، «جوجل» أهم من كل الأحزاب، «جوجل» أهم من اللجنة التأسيسية، «جوجل» أهم من تليفزيون ماسبيرو كله!!، «جوجل» يستحق مظاهرة نهتف فيها: يعيش الجوجليون ويسقط الدجالون، علينا أن نعرف من هو الصديق «جوجل» أهم أصحابنا فى هذا الزمان.

إنه العلامة التجارية رقم ٧ فى العالم والذى بلغت عائداته فى الربع الأول منذ عامين خمسة مليارات ونصف مليار دولار وصافى أرباحه ملياراً ونصف المليار دولار، كيان اقتصادى جعل صاحبيه لارى وسيرجى بعد سنوات قليلة يحتلان الموقعين ٢٥ و٢٦ على قائمة أغنى رجال العالم!، «جوجل» تلك الفكرة العبقرية التى ولدت فى جامعة ستانفورد الأمريكية سنة ١٩٩٥ على يد شابين يهوديين يدرسان الدكتوراه فى علوم الكمبيوتر، لم يتجاوز عمر كل منهما ربع القرن ولكن ما فعلاه وحلما به وتحقق لا يفعله من عاش ألف عام، الفكرة بدأت بسؤال فرض نفسه، هناك منجم وكنز اسمه الإنترنت فرض نفسه على عالمنا، لكن كيف ننقب فى دهاليز هذا المنجم الرهيب؟.. هذا هو السؤال الذى جنّد لارى وسيرجى نفسيهما للإجابة عنه، كيف تسبح فى المحيط وتصل إلى ضفاف تلك الجزيرة النائية بأسهل بوصلة؟، إنها بوصلة «جوجل» وقارب «جوجل» وقبطان «جوجل»، هذان هما من أخذا بأيدينا فى محيط المعرفة المتسع بلا حدود.

طرق الشابان أبواب جميع الشركات، حملا حلمهما الجنينى القابع فى تلافيف المخ الذى يحتاج من صاحب الشركة إلى خيال مكافئ لخيالهما لكى يفهم أبعاد هذا الحلم الذى سيحتضن أطراف العالم فى نقرة ماوس!، رفضت شركة «ياهو» أن تتبنى حلم «جوجل»، فقرر لارى وسيرجى أن يصنعا الحلم فى حجرة أضيق من مكتب أى موظف أرشيف فى مؤسساتنا الحكومية الميمونة!. اختيار الاسم له دلالة، فكلمة «جوجل» مقتبسة من الرقم واحد وأمامه مائة صفر، ومعنى هذا أن الحلم ليس له سقف وليست له شطآن، فالحجرة تحولت إلى مؤسسة باتساع حى كامل، والعشرة آلاف ملف تحولت إلى مليارات الملفات، والثلاثون موظفاً تحولوا إلى عشرة آلاف موظف، واللغة الإنجليزية تحولت إلى ثلاثين لغة، وصار العالم كله من أقاصى الصين حتى أطراف الأمريكتين، ومن جليد سيبيريا حتى أحراش الكونغو، يبحث عن ضالته فى «جوجل».

جوجل «شبيك لبيك أسطورية» وعصا إنترنت سحرية تفعل المعجزات»، فأنت تعرف عنوان عملك الجديد من «جوجل» وتحجز السينما من «جوجل»، وتطلب البيتزا وترسل البريد وتبحث عن الصور والفيديوهات وتكشف عند أفضل طبيب متخصص طبقاً لترتيبات «جوجل»، وتكسب إذا جمعت إعلانات وأنت فى بيتك من «جوجل»، وحتى قصور الملوك والرؤساء تتجول فيها وتدخل غرف نومهم بكل حرية عبر «جوجل إيرث»، ورغم أنف الحراس ورجال الأمن!، التقدم لن تصنعه الرفاهية وحدها ولا المال وحده ولكن يصنعه قبل هذا وذاك العقل الحر من قيود الأيديولوجيات الجاهزة، العقل المبدع هو صانع الرفاهية والتحضر، و«جوجل» مجرد سطر فى قصة طويلة اسمها قصة العقل الجرىء، برومثيوس الجديد سارق نار المعرفة من آلهة الأولمب.

اجمالي القراءات 8728