مقدمة كتاب لم ينشر عن المعارضة السعودية

آحمد صبحي منصور في السبت ١٠ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

مدخل

1 ـ يتعرّض موقعنا ( أهل القرآن ) لمعتدين قد تفرغوا للتسلل للموقع كالحشرات الزاحفة يحاولون حجبه وتدميره ، ونحن نلاحقهم بسدّ المنافذ . هذا الصراع مستمر من أسبوع ، وقد يطول الأمر .هى حرب إعتدت عليها منذ 1977 ، تختلف فصولها وأماكنها ولكن تظلّ صراعا بين قلم حرّ يناقش الخرافة الدينية ومنتفعين من الخرافات الدينية يريدون وأد القلم الحرّ بكل ما يستطيعون . انتقلت المعركة الآن الى فضاء الانترنت . هم بكل ما لديهم من إمكانات دول وأنظمة وبلايين الأموال وملايين الأتباع يعجزون عن مواجهتنا بالحجة فيلجأون للقوة ، وكانت من قبل بالقوة المادية والاعتقال ، فأصبحت ـ ونحن فى بلد الحرية بعيدين عن أيديهم ـــ يتعقبوننا خلال الانترنت يريدون حجب وتدمير موقعنا البسيط بإمكاناته .

لو كنا نخاف ما إستمررنا خمسة وثلاثين عاما.فى الحقيقة فإننى أدين لخصومى بالفضل ، أستفيد بحمقهم وجهالتهم . إنّ باحثا معدوم الامكانات مثلى يحتاج الى نباح الكلاب حتى يلتفت اليه الغافلون ، ومنذ أن سارت قافلتنا والكلاب تتبعها بالنباح فإتسعت شهرتنا وتعاظم إنتاجنا العلمى . لقد منّ الله جلّ وعلا على شخصى الضعيف بقدرة هائلة على التحدّى . لذا كنت ولا أزال أقابل حمقهم فى التعدى بالانكباب على البحث ، فوصلت كتاباتى المنشورة على موقعنا أكثر من ألفين ، ما بين مقال وفتوى وبحث وكتاب،هذا عدا غير المنشور،وهذا أيضا عدا المؤلفات الدرامية .

2 ـ يتألّق التحدى عندما يتعاظم الاعتداء . وهذا يذكّرنى بواحدة من أفظع فترات الإضطهاد التى مررت بها فى مصر قبيل هربى بحياتى الى أمريكا ، تألّق التحدى وقتها فأنتجت فيها أكبر بحث عن المعارضة السعودية . ولولا تلك المحنة وإصرارى على مواجهتها ما كان هذا الكتاب . لقد ألّفته مدركا باستحالة نشره ، ألّفته ردّا على إضطهاد ظالم ، وأنا وقتها فى مصر أعانى فقرا ومعاناة من الارهاب الحكومى والسلفى كنت أتغلّب عليها بأن أشغل نفسى بهذا البحث عن ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ).  كتبته إصرارا على التحدى موقنا بأن الشّدة ستزول مهما طالت ، وأن ما أكتب لن يضيع . وهكذا كانت ظروف كتاب ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ).

3 ـ فى عامى 2000 : 2001 عشت وسط معاناة هائلة وتخوّف من الاعتقال، كانت ـ ولا تزال السفارة السعودية فى مصر ـ هى التى تتحكّم فى ( ملف القرآنيين ) ، وكان لنا وجود فى مركز ابن خلدون حيث كنت أدير ندوته الاسبوعية ( رواق ابن خلدون ) وأشرف على نشاطاته البحثية ومنها برنامج اصلاح التعليم المصرى و برنامج تعليم المصريين حقوقهم السياسية . كان مبارك قد أغلق مركز ابن خلدون الذى كنت أعمل فيه واحصل منه على راتب منتظم ، ووضع مبارك د. سعد الدين ابراهيم فى السجن فى يونية 2000، واعتقل بعض العاملين معه ، كما أعتقل طائفة من إخوانى القرآنيين ، ونشرت جريدة الاخبار أنهم إعتقلونى . ولكنهم تركونى مؤقتا لأعانى القلق منتظرا مجىء الشرطة لاعتقالى فى أى وقت، وكانت قوة من الشرطة تابعة لقسم المطرية تعسكر أمام العمارة التى أسكن فيها تراقبنى وفى إنتظار الأوامر بالقبض علىّ . كنت ـ وأنا مشغول بهذا الكتاب أجمع مادته وأصيغها ـ  أفزع عندما يدق أحدهم الباب ، كنت أخشى من مجىء الشرطة فتبعثر مجهودى وأنا وسط أوراقى كما حدث عند القبض علىّ فى نوفمبر 1987 .  وأنهيت هذا البحث خلال عام من الاضطهاد من إغلاق مركز ابن خلدون فى  ( يونية 2000 الى  يونية 2001 ) .

4 ـ يبحث الكتاب المعارضة الوهابية لآل سعود ، بدءا من تأسيسها على يد عبد العزيز آل سعود والتى قام بها ( الإخوان ) أو جنود عبد العزيز الوهابيين المتشددين الذين أقاموا له دولته ثم اختلفوا معه وحاربوه  وتغلّب عليهم ، الى المعارضة النبيلة السلمية التى قام بها ناصر السعيد المناضل الحقوقى المعتدل ، وكان سنيا معتدلا ، ثم معارضة الفقيه الوهابى جهيمان العتيبى وحركة إحتلال الحرم المكى فى مطلع القرن الهجرى الحالى ، وأخيرا المعارضة التى  أقامتها اللجنة الشرعية بعد حرب الخليج بقيادة المسعرى وصفر الحوالى و سعد الفقيه ، والتى أنجبت فى النهاية ابن لادن . أى أبحث المعارضة للسعودية من داخل الوهابية نفسها ، للتأكيد على حقيقة هامة تكرر دائما ، وهى إن الدولة الدينية تعانى من المزايدة عليها من الداخل ، وتجد من داخلها من يثور عليها ، حدث هذا فى السعودية وحدث فى أفغانستان . وسيحدث فى مصر بعد كتابة هذا البحث بأكثر من عشرة أعوام .

5 ـ بعد تأليف هذا الكتاب وقبيل القبض علىّ بيوم واحد ، نجحت فى الهروب برغم الرقابة البوليسية ، وأتذكّر سعادتى حين فى الطائرة يوم الاثنين 16 اكتوبر وهى تغادر مصر، وأنظر بارتياح من الشباك الى الصحراء المصرية ، كانت كل ذرة من كينى وقتها تحمد الله جل وعلا أن أنجانى من القوم الظالمين . ومن وقتها وأنا أنعم بفضل الله جل وعلا أبحريتى وكرامتى فى أمريكا .وفيها إنطلق موقع أهل القرآن ، فعادت حربهم ضدى ، وفى موقعنا نشرت فيه فصولا من هذا الكتاب ، منها ما يخصّ الاخوان المسلمين الذين أسسهم فى مصر عملاء عبد العزيز آل سعود عوضا عن الاخوان النجديين ، ومنها الفصل الخاص بناصر السعيد الذى أعتبره من أعظم الشخصيات التى أنجبتها الجزيرة العربية خلال ألف عام مضت . وبقيت أبحاث أخرى لم تنشر .

6 ـ وفى ظروف التعدّى الحالى على موقعنا إستعدت أجواء التحدّى التى صاحبت تأليف هذا الكتاب ، فوجدت من المهم أن أنشر مقدمتة وخاتمته ، ليس فقط للردّ على المعتدين على موقعنا هذه الأيام ، ولكن أيضا لإعطاء فكرة عن الوضع فى المنطقة قبيل الهجوم على أمريكا فى 11سبتمبر 2001 ، ولنقارنه بما تلاه من تغييرات كان آخرها الآن ما يعرف بالربيع العربى الذى يوشك أن يتحول الى ليل حالك السواد بالوهابية وتتارها ومغولها . وسيجد القارىء الكريم إنّ ما كتبته فى مقدمة الكتاب وخاتمته لا يزال صالحا للإستهلاك الآدمى فى وقتنا الراهن .

أخيرا : نحن لا زلنا فى المعركة ، وبيدنا منذ عام 1977 زمام المبادأة والمبادرة ، نبدأ بالاجتهاد فيردون بالاعتداء ، وكلما إعتدوا إزداد إصرارنا وتألق إجتهادنا ، وإتّضح الفارق بيننا : نحن نكتب ونجتهد فى توضيح حقائق القرآن المنسية ، وهم يجتهدون فى الصّد عن سبيل الله جل وعلا . وهنئيا لكل فريق بما إختاره لنفسه . وموعدنا أمام الواحد القهّار يوم القيامة. وصدق الله العظيم : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) ( غافر). وكل منا سيلقى عاقبة عمله ، فما تفعله ستجده أمامك تحمله على ظهرك يوم القيامة إن خيرا وإن شرا : (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12)( الانشقاق ) عندها ستكون حسرة المعتدين المكذ!ّبي بالقرآن هائلة (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)  ( الأنعام )

والآن ننشر مقدمة  كتاب ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ) الذى كتبته فى وقت عصيب منذ 11 عاما.

بسم الله الرحمن الرحيم

( تصدير )

أنا والسعودية  :  القلم الجاف في مواجهة بئر البترول

                                                                   - 1 –

ان لي ثأرا مع المملكة السعودية ..
وطالما أسجل تاريخها، فلابد ان اسجل تاريخها معي ، وتأثيرها السئ في حياتي منذ عام 1984 وحتي الان .

والبداية حين كنت مدرسا مساعدا في قسم  التاريخ والحضارة بجامعة الازهر اناضل ضد اعيان الصوفية وكبيرهم وقتها شيخ الازهر د. عبد الحليم محمود ، حيث رفضوا مناقشة رسالتي للدكتوراة عن اثر التصوف في مصر في العصر المملوكي لأنها تنتقد التصوف و لا تبرر اثاره السيئة في العصر المملوكي دينيا واخلاقيا وسياسيا وثقافيا وحضاريا واجتماعيا واستمر الاضطهاد ثلاث سنوات ( 1977-1980) وانتهي بحصولي علي الدكتوراة بمرتبة الشرف الاولي بعد حذف ثلثي الرسالة ، ومناقشة الثلث الباقي ، وتهيأت بعدها لاستكمال الابحاث في الفجوة بين الفكر السني والقرآن الكريم اسوة بما فعلت مع التصوف وتناقضه مع القرآن الكريم ، واثناء عملي مدرسا في جامعة الازهر كانت المغريات السعودية تحيط بي خصوصا بعد ان اصدرت كتابي ( السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة ) سنة 1982 والذي كشفت فيه حقيقة السيد البدوي كمتآمر سياسي تخفي بالتصوف لاسقاط نظام الحكم الايوبي ثم الحكم المملوكي في مصر . وقد تلقت السعودية وجمعياتها المصرية الكتاب بالترحيب خصوصا مع تاريخي في مناوأة التصوف ، وبعضهم ارسل نسخة من كتابي ( السيد البدوي ) الي الشيخ ابن باز ، فكتب فيه تقريظا واقترح بعض التعديلات ، وجاء برسالة ابن باز مستبشرا ، فقلت له ثائرا : قل له انني لا اعمل خادما عنده حتي اكتب له ما يريد ، الم يعرف انني تعطلت ثلاث سنوات في الرسالة ولم اقم بأي تعديل فيما كتبت . وبعدها جاء دوري في الاعارة منذ سنة 1983 ، وفي الوقت الذي كان يتنافس فيه الاساتذة والعمداء علي الاعارة ، ويريق احدهم ماء وجهه- وما هو اكثر دون ان تتحرك شعرة في رأس اللجنة السعودية الموفدة لفحص الاساتذة واختبارهم واختيارهم ، في هذا الوقت كانت تحرص كل لجنة موفدة علي اغرائي بالموافقة علي الاعارة دون جدوي ..

واذكر ان صهري يرحمه الله غضب حين تركت القاهرة وذهبت عنده فرارا من الالحاح ، ولا ادري كيف عثروا علي عنوان صهري الذي يختلف عن عنواني بلدتي ، وارسلوا لي برقية لاقابل اللجنة قبل سفرها ، وغضب صهري بسبب تركي لأهم باب للثراء السريع الذي يتنافس فيه الجميع ، وافهمته ان هناك نقاط اتفاق ونقاط اختلاف بيننا في الفكر،  وقد ابهرتهم نقاط الاتفاق بيننا الخاصة بالهجوم علي التصوف ، ولكن البحث في الفكر السني اوجد نقاطا للخلاف معهم ، واذا ذهبت للاعارة عندهم فلن استطيع ان اكتم هذا الخلاف ، وهم يريدون اجيرا يعمل عندهم يقول لهم ما يريدون ، ولا يريدون استاذا يعلمهم ما لا يعلمون ، وكان ذلك في 1984 .

وكنت منذ 1982 قد انضممت الي احدي الجمعيات السلفية المشهورة واصبحت الامين العام لها ، ومدير تحرير المجلة التي تصدرها ، وسافر رئيسها في اعارة للسعودية سنة 1984 فأصبحت المسيطر الفعلي علي الجمعية ، وكان تمويلها يأتي من السعودية ، وبهذا التمويل تقيم المساجد فيما بين القاهرة والجيزة وطنطا ودمياط والمنوفية وتنفق علي المجلة والدعاة ، وكان الممول السعودي مقيما في القاهرة يعمل في التجارة ، وكان يقلقه اشد القلق انني ارفض ان اخذ اجرا مقابل عملي معه في تحرير المجلة او في الدعوة حيث كنت الخطيب الاول فيها بعد اعارة رئيسها الي السعودية . وفي هذا العام 1984 بدأت اخطب في مساجد الجمعة أؤكد بالقرآن الكريم ان النبي عليه السلام لا يشفع يوم الدين ، وان عصمته بالوحي فقط وانه لا يصح ان نفضله علي الانبياء لأن ذلك مرجعه لله تعالي يوم الدين ، و بدأ الدعاة في داخل الجمعية يقتنعون بما اقول ، ووصلت الاصداء الي السعودية فسارعوا بأرسال رئيس الجمعية لمواجهة الموقف ومعه عشرات الالوف من الجنيهات التي فرقها علي اعضاء مجلس ادارة الجمعية وكبار الدعاة فيها ، وبعدها عقد الرئيس مجلسا لمناقشة ما اقوله في الخطب وخروجها عن سياسات الجمعية ، وفوجئت بأن اعضاء مجلس الادارة والدعاة كلهم ينقلبون ضدي بعد اعجاب سابق استمر عاما .. فقدمت استقالتي وتركتهم ..

وفي هذه الاثناء كنت قد ادخلت تلك القضايا المشار اليها ( الشفاعة ، العصمة ، التفضيل بين الانبياء ) ضمن مقررات الدراسة علي الطلبة في العام الدراسي ( 1984- 1985) وذلك في خمسة كتب هي ( الانبياء في القرآن الكريم ، العالم الاسلامي بين عصر الخلفاء الراشدين وعصر الخلفاء العباسيين ، حركات انفصالية في التاريخ الاسلامي ، غزوات المغول والتتار ، دراسات في الحركة الفكرية في الحضارة الاسلامية ) ، وفوجئت بالجامعة تصدر قرارها في 5/5/1985 بايقافي عن العمل وحرماني من السفر ومن الترقية واحالتي الي التحقيق .وشعرت بالنفوذ  السعودي خلف ما يحدث ، وبدأت ضغوطهم علي لاتراجع ،  ورفضت تلك الضغوط ، فأحالوني الي مجلس التأديب ، وقدمت لهم أدلة قرآنية اضافية فأصدروا قرارا باستمرار وقفي عن العمل ومنعي من السفر و الترقية ومن الحصول علي مستحقاتي المالية المتأخرة الي ان اذعن لهم واتراجع ، فقدمت لهم استقالتي سنة 1986 فرفضوها ، فرفعت ضدهم دعوى في مجلس الدولة لالزامهم بقبول استقالتي ، وعندما قارب مجلس الدولة علي اصدار قراره بادروا باصدار قرار العزل لمن قدم الاستقالة من قبل ، وكان قرار العزل في مارس 1987 .وانهالت الضحف والمجلات السعودية داخل المملكة وخارجها تنشر فقرات من التحقيق الذي تم معي دون ان تنشر دفاعي مما اتضح معه ان للاجهزة السعودية دخلا فيما يجري ، حتي مع قطع العلاقات وقتها بين مصر والرياض .

وعقدت السعودية وعملاؤها من الشيوخ مؤتمرا في اسلام آباد ، وناقش المؤتمر كتابي ( الانبياء في القرآن الكريم ) وكتاب الدكتور ( الطيب النجار ) عن الانبياء ، وقرر المؤتمر اعطاء جائزة للدكتور النجار  في حفل حضره ضياء الحق رئيس باكستان وقتها ، وتم تعيين د. النجار  بعدها رئيسا لمركز السيرة والسنة ، مع تمويل للمركز قدره اربعة ملايين جنيه حتي يستطيع ذلك المركز مواجهتي ، وانتهى ذلك المركز وتمويله الي حيث لا يعرف احد ... وكان القرار التالي هو اتهام مؤلف كتاب ( الانبياء في القرآن الكريم ) بالردة والتأكيد علي محاكمته وعقوبته . وأكد مؤتمر اخر في (جدة ) هذه القرارات ، وبدأ الضغط علي الحكومة المصرية لانزال العقوبة بي ، وكنت قد تفرغت للخطب في المساجد ، وفي كل خطبة اناقش احد ملامح التطرف في الفكر السني ومناقضته القرآن ، مما حتم التدخل لردعي خصوصا بعد اصداري كتاب ( المسلم العاصي : هل يخرج من النار ليدخل الجنة ؟) وتأهبي لاصدار الكتاب الاخر وهو ( النسخ في القرآن الكريم يعني الاثبات والكتابة وليس الحذف والالغاء ) ، وهكذا تم القبض علي في شهر نوفمبر بتهمة تكوين تنظيم لانكار السنة ، وهي تهمة مضحكة ، فكيف تكون تنظيما من اجل قضية فكرية خلافية لا شأن بها بالحكم والسياسة والحياة الدنيا ، وانما تتعلق بتصحيح المفاهيم طبقا للقرآن الكريم ، وتهتم اساسا بما يختص به يوم الدين ؟ ، وقضية كذلك تجلب لك العداء من الناس لأنها تخالف ما وجدوا عليه آباءهم  . والذي يثيرها يطلب الاجر من الله تعالي ويتحمل الاذي من الناس ، وبالتالي لن يكون له مطمح دنيوي او سياسي ، فكيف يقيم لذلك تنظيما ؟ والعادة ان التنظيمات تسعي للحكم والسيطرة والصراع علي الحطام الدنيوي فتتقرب للعوام بما يحبون .. وفي تحقيقات النيابة العليا معي اسقطت الاتهام بتكوين تنظيم ، اذ لم يكن لديهم أي دليل علي وجود تنظيم ، بل علي العكس وجدوا هناك اختلافا في الرأي بيني وبين الذين قبضوا عليهم ممن كانوا يحضرون معي صلاة الجمعة ، وانتهي التحقيق بالافراج عني دون كفالة ودون الاحالة الي المحكمة ، وذلك بعد شهرين من الحبس في مزرعة طرة ، وعرفت بعدها ان القبض علي وسجني كان في اطار عودة العلاقات المصرية السعودية ولارضاء المتطرفين والشيوخ الذين ازعجهم انني اظهر الفجوة بين فكرهم المتطرف والقرآن ، وسيأتي اوان كشف كل الاسرار فيما بعد ، وقد اتضح منها مكافأة السعودية لوزير الداخلية زكي بدر الذي لفق لي تلك التهمة ، فجعلوه مستشارا امنيا لهم بعد عزله من وزارة الداخلية المصرية .

ولا يزال ملف تلك القضية مفتوحا حتي الان برعاية السعودية ونفوذها داخل بعض الدوائر ، مع ان كل ما قلته وكان مفاجئا سنة 1985 : 1987 اصبح الان معروفا ومتداولا ، يقوله بعض الشيوخ في الازهر دون تحرج ، ولكن يظل الاضطهاد مستمرا لكاتب هذه السطور ويسهم في اشعاله بعض المأجورين لكسب الريال السعودي .وشهدت التسعينيات من القرن الماضي انقلاب السحر علي الساحر ، فالحكومة المصرية التي استباحت اضطهاد مفكر مسالم وطني لترضي المتطرفين داخل مصر وخارجها مالبثت ان دفعت الثمن في هجمات المتطرفين بعد عودتهم من افغانستان ، ولا تزال تعيش في رعب منهم . والمملكة السعودية خصصت رابطة العالم الاسلامي لجمع المتطوعين للحرب في افغانستان ، وكان رئيسها رأس حربة في التحريض ضدي فيما بين 1985 : 1987 وربما بعدها ، وما لبثت المملكة ان عانت من التطرف فانقلب عليها اسامة بن لادن واصحابه ، وعانت من تفجيرات التطرف . ولا تزال تعيش في رعب منها .

 ومن هنا تشعبت ابحاثي ودراساتي لتمتد من العصور الوسطي الي العصر الحديث والمعاصر ، ولتشمل ليس فقط التراث السني للائمة من العصر العباسي الي العصر المملوكي ، ولكن تضيف له اساطين التطرف وعقائدهم وفكرهم السلفي في عصرنا . ومنها بحث عن جذور التطرف الديني في مصر ، قدمته اساسا فكريا للحركة الشعبية لمواجهة الارهاب التي شاركت في تأسيسها سنة 1993 ، ثم توسع البحث ونشرته بعض الدوريات ، وقد اثبت هذا البحث ان جذور التطرف في مصر ترجع الي جهود الدولة السعودية الوهابية الثالثة ومؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ، وشجعني هذا البحث علي الاستمرار في بحث الجذور داخل تاريخ الدولة السعودية نفسها في عصر عبد العزيز حيث انشأ الاخوان ثم ثار عليه الاخوان ، ثم انتعشت الشهية العلمية ببحث حركات معارضة اخري من جهيمان الي المسعري .. وعندها قررت بحث المعارضة السنية في الدولة السعودية في القرن العشرين في دراسة اصولية تاريخية . وتأهبت للبحث ولازلت احمل ثأرا ضد الدولة السعودية .

                             -  2   -

في اوائل التسعينات كان الارهاب علي اشده في مصر ، وكانت سيطرة التطرف في ذروتها .. وكان الضنك الذي اعيش فيه يجعلني اتمني العودة الي السجن ، وكنت أؤلف كتابا عن ( القرآن والعلمانية ) فجف ريق القلم وعجز عن استكمال الكتابة .. فأوقفت تأليف الكتاب لعجزي وقتها عن شراء قلم جاف ثمنه حينئذ خمسة قروش ‍‍!!.في هذا الزمن العسير سمعت خطيبا بائسا يقول ( ان النبي عليه السلام قد وُلد بالسعودية ) ، وكانت فجيعتي في هذه الكلمة تعدل فجيعتي في الضنك الذي اعيشه وتعدل معها فجيعتي في وطني الذي تنفجر فيه القنابل بفعل بعض ابنائه من ضحايا الفكر السلفي .واذكر انني وقتها طفقت احلل مدلول هذه الكلمة ( ان النبي عليه السلام قد ولد في السعودية ) في ثقافة الجيل الذي اعايشه ومدي تأثره بالنفوذ السعودي الذي اعتبره سبب البلاء لي ولوطني ..

ان هذا الخطيب البائس يظن ان الدولة السعودية يمتد عمرها من العصر الجاهلي حتي عصرنا الراهن ، ويظن ان الجزيرة العربية التي شهدت مولد خاتم النبيين عليه وعليهم السلام ليس لها من اسم سوي السعودية ..

ومع انه له ثقافة معقوله مكنته من ان يحصل علي شهادة علمية ويتصدي لالقاء الخطب فأن الزخم السعودي الذي سيطر علي عقله جعله لا يعرف حقيقة المملكة السعودية ، وهي انها دولة قامت ثلاث مرات وسقطت مرتين ، وانها مرشحة للسقوط للمرة الثالثة .. وان الدولة السعودية الثالثة التي اقامها عبد العزيز آل سعود فيما بين ( 1902 1932 ) هي احدث دولة في منطقة الشرق الاوسط ( بعد اسرائيل )..

ومع ان لهذا الخطيب البائس ثقافة معقوله مكنته من ان يحصل علي شهادة علمية ويتصدي لالقاء الخطب فأن الزخم السعودي الذي سيطر علي عقله جعله لا يعرف حقيقة وطنه مصر ؛ مصر اقدم دولة في العالم ، والتي تعلم منها الانسان الكتابة والعمارة والزراعة والسياسة وبناء المعجزات .. مصر التي سبقت وجود العرب في الجزيرة العربية ، بحيث انهم حين فتحوا اعينهم وجدوا العمران المصري مخالفا للحياة البدوية ، فجعلوا كلمة مصر تعني في اللغة العربية "( المدينة المتحضرة ) ومنها كلمة ( امصار ) جمع مصر . مصر البلد الوحيد الذي تحدث عنه القرآن في قصص الانبياء وابان ما فيها من حضارة ومدائن وجيوش ونظم علي نحو ما فصلناه في كتابنا ( مصر في القرآن الكريم ) .مصر اقدم دولة واقدم حضارة في العالم والدولة الوحيدة التي تحدث عنها القرآن في تاريخها السحيق ولا تزال حية بنفس الخصائص  مصر هذه تتعرض في الربع الاخير من القرن العشرين الميلادي لمؤثرات فكرية من دولة حديثة هي السعودية ، عمرها الزمني اقصر من عمر جريدة الاهرام واقصر من عمر شركة عمر افندي او صيدناوي .. بحيث ان ذلك الخطيب البائس يتعرض لغسيل مخ يجعله ينسي بلده ويقول ان السعودية هي البلد الذي ولد فيه النبي محمد عليه السلام ..

اضيفت فجيعتي في هذا الخطيب البائس ضحية المؤثرات السعودية الي فجيعتي الشخصية وفجيعتي في ضحايا الفكر السلفي الوهابي الذين ينشرون الارهاب علي انه الجهاد ، واعتبرت ان لي ثأرا آخر لدي الدولة السعودية .. ثأر كمصري مهموم ببلده ، كتب في تاريخها ولأجلها كل مؤلفاته وابحاثه المنشورة وغير المنشورة وآن له ان يكتب في تاريخ المملكة السعودية وخصومها السنيين للعظة والاعتبار .

3

ولكن هذا الثأر الشخصي والوطني هل يؤثر في كتابتي عن السعودية ؟

ان الكتابة عن السعودية بالذات لا تعرف الموضوعية .. بسبب الريال الذي استقطب المثقفين المأجورين ، وبسبب ايدولوجيتها الوهابية الحادة التي تستجلب لها عداء المثقفين العلمانيين ، وبين المدح والقدح تضيع الموضوعية في الحديث عن المملكة العربية السعودية .. والثأر الشخصي الذي احمله للسعودية يرشحني للتطوع للانحياز ضدها ، وهذا حق مشروع ،لأن اغلب ان لم يكن كل الكتابات في العلوم الانسانية وفي القضايا الخلافية لا تعرف الموضوعية ، حتي لو زعمت في كل سطر تمسكها بالموضوعية .ويعزز من هذا خصومتي المعلنة للفكر الوهابي ، وهذه الخصومة تحتم علي كتاباتي ان تنحاز مقدما ضد الفكر الوهابي ودولته السعودية ، خصوصا وان معي من الادلة القرآنية والتراثية ما اعجز الفقهاء السلفيين عن الرد ، وجعلهم يلجأون لسلاح السطوة والاكراه في الدين ، ومن الطبيعي ان انتقم منهم بالقلم الذي لا املك سواه بعد الايمان بالله تعالي واليوم الاخر .إذن لي كل المبررات التي تدفعني للانحياز ( الموضوعي) ضد الدولة السعودية وخصومها السنيين معا .. ولا بأس من التغني بالموضوعية والتأكيد علي التمسك بها .. خصوصا واننا نعتمد علي مصادرهم واقوالهم وتاريخهم ..

وبالتالي فأن منهجنا  في كتابة هذا البحث عن المعارضة السنية للدولة السعودية يجب ان يبدأ بفصل تمهيدي نؤكد فيه من خلال ( بعض) ايات القرآن ان الدولة السعودية تفتقر الي الشرعية ، هكذا من البداية ، لأن مبدأها الوهابي يتناقض مع القرآن حين استحل دماء المسلمين واموالهم واعراضهم ، ثم بعد الفصل التمهيدي و عند الحديث عن المعارضة السنية في عهد عبد العزيز نسلب دولة عبد العزيز الشرعية لأنه استحل ومعه الاخوان الدماء والاموال في غزو بلاد الاخرين ، ونسلب الشرعية ايضا من الاخوان لأنهم كانوا اكثر تطرفا من عبد العزيز ، ونسلب الشرعية ايضا عن خصومهم جهيمان العتيبي الذي اقتحم المسجد الحرام ، ومن لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية ، لقيامهما معا علي الاكراه في الدين ، ثم نختم البحث بتأكيد اللعن للدولة السعودية وخصومها علي السواء .. وبذلك انال ثأري الشخصي والوطني من الدولة السعودية وخصومها الاكثر تطرفا منها ، ومهما كنت منحازا فأن احدا لن يستطيع الرد العلمي لأنني اعرض الدولة السعودية واراء خصومها علي القرآن واحاكمهم وفق اياته ، والقرآن اياته معروفة وقاطعة الدلالة ، والمادة العلمية عن الدولة السعودية وعلمائها السنيين وخصومها السنيين لا يستطيع احد انكارها ، لأنها من مصادر سعودية منشورة ومشهورة .وحتي يمتلئ البحث بالتوابل والمشهيات فلا بأس من زيادة جرعة القصص الفكاهية الساحرة وروايات الفضائح فيه ، وذلك بنقل ما يكتبه المعارض السعودي د. المسعري في  فضائح الاسرة المالكة السعودية ، ويعزز ذلك بالاسماء والارقام والزمان والمكان .ويتجاهل السعوديون الرد عليه ، وهنا يمكن اعتبار السكوت علامة العجز عن الرد ، ونأخذ ما يكتبه المسعري  وغيره حقائق تاريخية تدين آل سعود ، خصوصا وان هذه الوقائع تغري بالنشر وبالتحليل ثم تغري بالتوزيع الاكثر للكتاب .. أي نكسب الكثير ولا نخسر الموضوعية

4

ولكني قررت ان اكون موضوعيا فعلا .. وابحث المعارضة السعودية السنية وعلاقتها المعقدة بالدولة السعودية من خلال بحث تاريخي محايد ، ودراسة اصولية ايدولوجية محايدة ، لا ازعم فيها ابدا انني قلت الكلمة الاخيرة ، او انني املك الحقيقة المطلقة ، ولكنها اجتهادات فيما تيسر لي علمه وفيما تيسر لي بحثه ، وقد اخطئ فيها او اصيب ، وهذا ما وضعته نصب عيني حين بدأت كتابة البحث بعد جمع مادته العلمية ، لأن المعاناة والخصومات وقتيه ، اما ما يكتبه الباحث او المؤرخ فيظل بعده حيا يحكم له او يحكم عليه ، ثم ان كل انسان سيلقي رب العزة يوم القيامة ، والايمان بالله تعالي وباليوم الاخر يحتم علي كل مؤمن ان يتحري العدل فيما يقول وفيما يكتب عن اصدقائه او عن اعدائه .

وبانحيازي الي قيمة العدل والقسط ( اهم حقائق الاسلام الكبري ) تضاءلت امامي كل متاعبي السابقة والراهنة بسبب السعودية والسلفية ، وبدأت بتجميع المادة العلمية في فحص جوانب البحث وعايشت شخصياته فلم استطع ان امنع نفسي من الاعجاب بالملك عبد العزيز ، بعد ان كنت اعتبره شيطانا مريدا ، ولم ينافسه في اعجابي به سوي المعارض السعودي ناصر السعيد مع اختلاف المواقع بينهما .. وبطريقة القاضي الملتزم بالعدل اصدرت احكاما تاريخية حسبما تيسر لي معرفته من حقائق تاريخية ، وارجو ان تكون صحيحة .. واحيانا كنت افتقد وجود محامي يدافع عن المتهم فاستخلص من اقوال الخصم ما يمكن الدفاع به عن المتهم نفسه . فعلت ذلك في قضية المسعري مع الدولة السعودية ، اذ لم ترد المملكة علي اتهاماته ، وكان لابد من فحص اتهاماته والاستعانة بشهود اخرين محايدين لتوضيح الرأي والرأي الاخر في القضية ، طالما اثرت السلطات السعودية عدم الرد ، أو آثرت عدم الحضور في المحكمة ..!!

هذا عن الوقائع التاريخية .. اما في البحث الاصولي فالمنهجية فيه واضحة ، وهي الاحتكام الي القرآن الكريم فيما تتنازع فيه الطوائف والمذاهب ، مع عدم التكفير لأحد ، ولقد انقسم تدين المسلمين الي تشيع وتصوف وسنة ، ولكل منهم تأويلاته وتراثه الخاص به ، ومنذ خصومتي مع الفكر السلفي في منتصف الثمانينيات فقد وجدت الحل في العودة الي القرآن الكريم والاحتكام اليه في كل تراث المسلمين بأنواعه .. وذلك بقراءة القرآن الكريم بمصطلحاته هو قراءة موضوعية تتبع الايات الخاصة بالموضوع المراد بحثه ، ثم استخلاص حقائق الاسلام منها.

وبنفس المنهج سرت في البحث الاصولي لحركة المعارضة السنية في الدولة السعودية .

بدأته بفصل تمهيدي عن الشرعية الالهية كما ينبغي ان تكون ،والشرعيات السياسية التي اقام بها المسلمون دولا في تاريخهم ، او اقامت بها المعارضة حركات ثورية ، وكيف انتجت هذه المشروعيات السياسية مذاهب دينية ونوعيات من التدين اصبح لها تأويلات دينية ، وكيف دخلت هذه الشرعيات السياسية الدينية في صراعات ، كان ابرزها الصراع الشيعي السني ، والصراع السني الصوفي ، ، ثم كانت الدولة السعودية في العصر الحديث احدي تجليات الصراع السني الصوفي والصراع السني الشيعي ، وفي هذا الفصل التمهيدي الشائك اعتبرت كل النظم السياسية مشروعيات ، أي ان لها مشروعية سياسية طالما يتجمع حولها الانصار والاتباع ، كما اعتبرت الحركات الثورية مشروعية ايضا بما لها من انصار واتباع ، وذلك طبقا للرجوع الي ايات القرآن الكريم وابتعادا عن منهج التكفير الذي ترمي به كل فرقة الفرقة الاخري .

وبعدها كان بحث المعارضة السنية في عهد عبد العزيز وابنائه سعود وفيصل وخالد وفهد ، وفي البحث الاصولي لايدولوجية المعارضة كنت احتكم الي القرآن الكريم بدون تكفير لأحد -  فيما يزعم فيه احدهم ان الاسلام يقول كذا ، مخالفا للقرآن ، وفي الخلافات الفكرية والسياسية الاخري في داخل المذهب السلفي والوهابي ، كان التحليل ينصب علي توضيح وجهات النظر وظروفها التاريخية ، ويوازن بينها ، حسبما يظهر بين ثنايا البحث ، ثم تفرعت الخاتمة للتفكير في مستقبل الدولة السعودية الثالثة والعوامل التي ترجح سقوطها وسبل العلاج ، وبعد خاتمة البحث كانت الملاحق ، وهي صفحات من بعض المصادر التي اعتمد عليها البحث ، وطبقا للمنهج العلمي فأن هذه المصادر والوثائق يجب ان يؤتي بها كما هي وبنصوصها دون تغيير . ولهذا فاننا نعتذر مقدما عما بهذه النصوص من اتهامات مرسلة وبذاءات وهجوم مقذع للملوك والامراء السعوديين بأسمائهم و القابهم  ونعلن من الان اننا لا نوافق علي ما فيها . الا ان الاتيان بها ضرورة علمية منهجية ، وهي فرصة لكي يعرف القارئ كيف تعاملنا مع هذه النصوص بموضوعية ، ولم نأخذها مأخذ التسليم برغم ما يبدو فيها من صدق . الا اننا استخرجنا من هذه النصوص وجهة النظر الاخري طالما ان المتهمين لم يدافعوا عن انفسهم ، و تشمل الملاحق صفحات من كتاب تاريخ آل سعود لناصر السعيد ، ومن رسائل جهيمان العتيبي ومن منشورات المسعري ومن وثائق منظمات حقوق الانسان .

وبعد .. لقد كتبت هذا البحث اساسا لاشباع رغبتي العلمية في ان اعرف اولئك الذين نالني منهم انا واولادي ووطني- الكثير من المتاعب .. واحسب ان ما اكتبه لن يرضي السعوديين .. ولن يرضي خصومهم السنيين الاصوليين .ولكني ارجو ان يكون ما كتبته مما يرضي ربي عز وجل ..وكفي بالله تعالي وليا ونصيرا .والله تعالي المستعان .

د. احمد صبحي منصور

القاهرة 26 يونيه 2001

أخيرا

هذه هى مقدم بحث ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ) وفى المقال القادم نعرض خاتمة البحث . 

اجمالي القراءات 12268