اعترافات فوق الصراحة!

محمد عبد المجيد في الإثنين ٠١ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

هذه بعض الأصوات التي تناهت إلى سمعي وتبينتُ منها أصحابَها كأنهم يقفون متراصين أمامي، وهي ليست أضغاثَ أحلام، ومن الصعب أن يقوم أحد بتكذيبها لأن هناك ملاين من المصريين الذين سمعوها لكنهم لم يفصحوا عنها.

كان ما التقطته أذناي هو الآتي:

المخلوع: حتى الآن لا أفهم من هو المخلوع أنتم أم أنا؟ مَن الأغنىَ، أنتم أم أنا؟ من الذي لا يستطيع المشير أو الرئيس الاخوانجي أو حتى المرشد العام أن يقترب منه، أنا أم أنتم؟

المشير: كنتُ خيرَ مَن حافظ على المباركية، وتركته عدة أشهر لتسوية مسروقاته في شرم الشيخ، ورفضت محاسبة سيدة مصر الأولى حتى تتمكن في الخارج من الحفاظ على مليارات المصريين المنهوبة، ولم أحاسب بلطجيا أو قناص عيون أو قاتلا أو لصا.

المستشار أحمد رفعت: التزمت حرفيا بأوامر الأسياد، وكذبت على الله وعلى الشعب عندما قرأت ستين ألف صفحة عن جرائم عائلة مبارك فحكمت بالبراءة على اللصيّن الصغيرين، وأرسلت والدهما إلى جناح فاخر بأموال المصريين الغلابة، وكان سندي هي سذاجة وعباطة المصريين الذين يقولون بأن القضاء المصري شامخ ونزيه حتى لو سفّفهم التراب.

الكتاتني: لن أعيد للمصريين السيارات الفارهة والأموال والقروض التي ضربنا الناس على أقفيتهم لنحصل عليها، فنحن برلمانيون نؤذن للصلاة في القاعة، ونأكل السُحت في أمعائنا. أما الثواب والعقاب في الآخرة فهي أوهام الطيبين.

الرئيس محمد مرسي: الحمد لله الذي أرسل إليَّ ساذجين يبررون أيَّ عمل، أو لا عمل لي، ويظنونني عبقريا بعد كل خطبة سياسية لا علاقة لها بالسياسة، ويُخـَـدّرون المصريين بالصبر والانتظار.

ثورة يناير أجهضها المجلس العسكري، وأضعفها تخاذل الاخوان، وخسرتْ في حيرة الأقباط بين الانحياز للتطرف السلفي والاخواني أو الالتصاق بالفلولي، أو الصمت المؤلم المنافي للوطنية، فمصر ليست بلد المسلمين فقط، لكن المصريين لم يفهموا بعد أن ليس هناك مسلم أو قبطي يملك شبرا واحدا في أرض مصر أكثر من الآخر.

ضابط شرطة فلولي ومشيري وإخوانجي: كل الزعماء يحتاجون إلى قبضتي ووحشيتي وقسوتي ليحافظوا على هيبة الحكم، ومبارك كالمشير لا يختلفان عن مرسي، وكل واحد يرفض محاسبة أي منا، فنحن سوط كل واحد منهم الذي يلهب به ظهر الشعب، وأنا أتحدى أي رئيس أن يحاسب ضابطاً أو حتى جنديا قنص عين شاب مصري، فقد تعلمنا من سادتنا أن المصريين حشرات ندهسها في أي وقت ومكان.

المواطن المصري: لقد سرقوا الثورة أمام عيني، واختلسوا أموالي، ونزعوا اللقمة من فم أولادي، وأنا ساهمت بتمزيق مصر فأصبحت إسلاميا، وسلفيا، واخوانيا، وقبطيا، وليبراليا، وعلمانيا، وسلبيا صامتا، ويائسا يقبل بما فرضه عليه الواقع، ولو دعت أي جهة لمليونية فلن أخرج فيها.

عهد مبارك كارثة. عهد المشير فاجعة. عهد الإخوان المسلمين مصيبة. عهد أحمد شفيق، لو أصبح رئيسا، سجن كبير. عهد عمرو موسى، إذا أصبح رئيسا لا قدر الله، فساد في كل شيء.

أشعر بأن المزايدة الدينية وصلت أقصاها، وأخشى أن يأتي اليوم الذي يؤسس فيه تجار المخدرات (جمعية الدفاع عن الإسلام بدون الالتزام بالسلوك).

لقد حصر المصريون الإسلام في الأشخاص والمؤسسات والجمعيات و( الجماعة) والرئيس، أما الدين والرسالة السامية وكلمة السماء فهي في ذيل قائمة اهتمامات المصريين.

إذا انتقدت شخصية دينية فأنت تكره الإسلام، ومن هنا نصنع أصنامنا، ونعبد أوثانا قد تكون اللات والعزى أطهر من بعضها.

وأخيرا يقول المواطن المصري: أنا لا أمانع أن أسجد لله تعالى بجوار مقلب زبالة، وأصفق لرجل يرفض الافراج عن ابني المظلوم، ويطلب لي قرضا بفائدة عوضا عن إعادة أموالي المسروقة، وأفرح لأن رئيسي يحتفظ في رجال أمنه بقتلة ومغتصبي بناتنا ومعذبي شبابنا.

ألم أقل لكم أنني مصري حتى النخاع؟

عندما يقول أحدهم بعدما يقرأ هذه الاعترافات بأنها مناهضة للإسلام، فليبحث له عن كرباج، ويقوم بتسليمه للقيادة السياسية أو الدينية حتى تختار له من يسلخ قفاه!

محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو في الأول من أكتوبر 2012

اجمالي القراءات 10159