التفرقة بين الدين والدولة
بين الحكم الديني والحكم السياسي

عوني سماقيه في الأحد ٢٨ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

FONT-FAMILY: 'Simplified Arabic'; mso-bidi-language: AR-EG; mso-ascii-font-family: Tahoma; mso-hansi-font-family: Tahoma; mso-hansi-font-familFONT-FAMILY: 'Simplified Arabic'"> وأود أن أسأل فضيلة المفتي عن اسم أية رئيس اسلامي بمصر أم أية صلاة! لقد ولدت في زمن الملك أحمد فؤاد الأول ومر علي من حكام مصر من تلوه الي أن تركت البلاد لأنجو وعائلتي من حكم جمال عبد الناصر ولم أشهد أحدا منهم يؤم أية صلاه. ولا أدري يقينا بأن محمد حسني مبارك يقوم بامامة الصلاة ولكني أستبعد ذلك.

 كذلك قرأت علي صفحات الانترنت ما يفيد بأن الرئيس المصري محمد حسني مبارك تقدم باقتراحات لتعديل الدستور ضمت بينها منع قيام أحزاب يمينيه علي أسس ومرجعية دينيه. واعتبر المهندس سعد الحسيني الأمين العام لكتلة الاخوات المسلمين أن "الحزب الوطني الحاكم يستند على مرجعية دينية مستشهدا بصفحات كاملة في برنامج الحزب تتحدث عن الدين وعن الاهتمام به وبالأخلاق وبناء عليه يجب حله طبقًا للتعديلات الدستورية الجديدة المقترحة"

 

وقد أثارت هذه الأخبار بعض التساؤلات عندي بشرعية فصل الدين والحكم السياسي في الدين الاسلآمي.

ولقد أثيرت أخيرا مناقشات عدة في الولايات المتحدة الأمريكية عن معني ووجوب التفرقة بين الحكم الديني والحكم السياسي وكان ذلك اثر اعتراضات من الكثيرين علي بدئ الاجتماعات الرسمية للحكومات, سواء علي مستوي الولايات أو علي المستوي الفدرالي , بتلاوة مختصرة من الانجيل المسيحي. وكنت, وما زلت, من المحبذين لهذا الفصل, نظرا لضمان حرية الأديان المكفولة بالدستور الأمريكي ولحماية الأقليات باختلاف عقائدها الدينية.

ومن معرفتي المحدودة بالتاريخ الاسلامي, فابان حكم النبي (صلعم) وما تلاه من الخلفاء الراشدون, كانت السلطة الدينية والسياسيه مجموعة في يد الرسول ومن خلفه. ولكني أعتقد، وقد أكون مخطئا، أنه ابتداء من الحكم الأموي وما تبعه, كان هناك دائما من يصدر الفتاوي الدينية للخليفة الذي كان له حق الموافقة عليها قبل اصدارها وكان الخلفاء في بعض الأحيان يجبرون علماء الدين علي اصدار فتاوي تتمشي مع مصالحهم الشخصية والسياسية.

 ومن الأفكار التي أعجبتني من كتابات محمد سعيد العشماوي "الاسلام والسياسه؛ والخلافة الاسلامية" أنه من الجائز أن تطبق الحكومة المدنية بعض أحكام الشريعة؛ في حين أن الحكومة الدينية الاسلامية تلتزم بجميع أحكام الشريعة وبدون الخروج عنها مهما كانت الأحوال. وهنا يكون سؤالي عن مصداقية الأحكام الشرعية في مصادرها وعن الالتزام بتفاسير من بشر قد يخطئ وقد يصيب! ان الحاكم المدني, بالطبع، غير معصوم؛ ولذا كانت القوانين المدنية غرضة للتغيير اذا استدعي الحال، وبعد مناقشات عده من الهيئة التشريعية؛ أما الحاكم بالشريعة فلا يجوز له ادخال أية تعديلات عليها مهما كانت الدواعي.  

الخلافة الاسلامية في الأصل نظام مدني ذلك أنه لا القرآن الكريم ولا السنة النبوية قد أمرا بها أو نظماها. وقد بدأت الخلافة الاسلامية بهذا المفهوم المحدد – مجرد رياسة للجماعات وأود أن أؤكد أن من جاء بعد النبي (صلعم) كان خلفا له وليس خليفته يرث حقوقه. وبعد الخلفاء الراشدين بدأت الرياسة تتغير في  مضمونها الي أن أصبحت نظاما دينيا بحكم الواقع. ويقول المسشار محمد سعيد العشماوي "الاسلام غير تاريخه. الاسلام هو المبادئ والتعاليم التي بشر بها النبي (صلعم) والكائنة في القرآن الكريم أو القائمة في السنة الثابتة الصحيحة. أما تاريخ الاسلام فهو التاريخ السياسي، والاقتصادي من رؤي متباينه، وتاريخ الحركات الثورية والسرية – من كتابات متنوعة؛  وتاريخ المذاهب – من زوايا عدة، وتاريخ الفكر – من اتجاهات متغيرة، وهذا التاريخ وقع من بشر، وسجله بشر له أفكاره ومطامعه ومطامحه ودوافعه وأغراضه وأسبابه؛ فهو قد يصيب وقد يخطئ، وقد يصح وقد لا يصح؛ ذلك أنه عمل بشري يختلف عن الاسلام ذاته"

من تاريخ الاسلام مثلا، أحداث الفتنة الكبري، وموقعة الجمل، ووقعة كربلاء ومساوئ الحجاج بن يوسف الثقفي، ومظالم الخلفاء، الأمويين وغير الأمويين، وضرب الكعبة بالمنجنيق، واستباحة دماء وأعراض المسلمين، والصراع بين الأمويين والهاشميين، وفرض الجزية علي المسلمين غير العرب، والحروب بين طلاب السلطة ... وهكذا. فهل تكون هذه الواقعات, كلها أو بعضها أو غيرها، هي شريعة الاسلام أم أنها تاريخ الاسلام قد يصح وقد يخطئ؟ ولو كان ضروريا ذكر كل هذا عند تدريس تاريخ الاسلام فيجب الايضاح بأن كل هذا ليس لع علاقة بالدين ذاته وأنه لا يمت الي جوهر الدين الاسلامي بصلة. ولعل ذكر هذا التاريخ خطا بأنه من جوهر تسبب  في الانشقاق والفتن والحروب القائمة بين المسلمين وأن يحل البعض دم البعض الآخر من المسلمين وغير المسلمين كما تشهدنا الاحداث الجارية.

لو نظرنا الي تاريخ الاسلام بدقة لوجدنا أنه كان من الممكن أن يتخذ شكلا آخرمثلا لو أن سعد ابن عباده، زعيم الخزرج، قد ولي أمر المؤمنين بدلا من أبي بكر الصديق؛ ولو لم يحارب أبو بكر القبائل التي رفضت أن تعطي له الصدقة؛ ولو لم  يقتل عثمان ابن عفان؛ ولو لم تحدث واقعة التحكيم؛ ولو لم يعهد معاوية بالخلافة الي ابنه يزيد فيجعلها وراثية بعد أن كانت تقوم علي المبايعة أو الاختيار.

ولا بد من الجزم بأن الخلط بين الاسلام وتاريخه يعتبر خطأ كبير بالرغم من أن البعض يقدس تاريخ الاسلام ويعتبر أن من ينتقده يعد خارج عن صوابه وعن ايمانه بالدين. واني لأتساءل هل هذا البعض يستطيع أن ينكر بأن الأحداث السابق ذكرها لا تتمشي مع جوهر الاسلام بأي وجه!

ان الخلط بين الخالف والخليفة وبين خالفة النبي (صلعم) وخلافته أدي الي تحويل نظام جماعي الي نظام دكتاتوري. لقد أثبتت الأحداث, والي عصرنا الحالي, أن وضع السلطة المطلقة في يد واحدة لادمي نتيجتة الظلم والاستبداد وكما يقولون أن السلطة تفسد. وهذا بدون جدال ليس من الاسلام في شيئ.

لو كنا نري علامات من الازدهار في أوقات من تاريخ الاسلام، كالعصر العباسي مثلا، فيجب أن نتذكر في نفس الوقت موبقات عدة حدثت في نفس العصر مثل الفسوق والتمادي في الأهواء الجنسية ومحافل الرقص وشرب الخمروما بها من فساد في القصور؛ الي الصراع البشع والوحشي الذي نشب بين ولدي هارون الرشيد، الأمين والمأمون للتصارع علي الحكم والذي أدي الي أن الأخ أمر بقتل أخيه وفصل رأسه عن جسده. (وهذا الصراع سيأتي ذكره بالتفصيل في مقال آخر يسرد فيه بعض الحوادث التاريخية في العصر الذهبي للدولة العباسية) ويحضرني في هذا المجال قول رجل مسلم ورع، هو بشر ابن الحارث، عن بغداد عاصمة الخلافة العباسية في أوج مجدها "بغداد ضيقة علي المتقين لا ينبغي لمؤمن أن يقيم بها"

 وفي الختام أعرض السؤال التالي: هل تسبب نظام الخلافة في وحدة شمل للعالم الاسلامي؟ ولنتذكر قبل الاجابة علي السؤال أنه عندما جاء عثمان ابن عفان في الخلافة ، وكان  مشهورا في تعيين أقاربه في المناصب الهامة للحكم، قرر لسبب أو لآخر أن يعزل عمرو ابن العاص من ولاية مصر وأن يعين في مكانه أحد أقاربه. فغضب عمرو وقرر أن ينضم الي معاويه ابن أبي سفيان في الشام وليقود جيشه فيما بعد لمحاربة الخليفة علي ابن أبي طالب. المسلمون يقتتلون وتهدر دماؤهم ... ولم؟ لأطماع سياسية لا علاقة لها بدين الله الحنيف ومخالفة لتعاليم القرآن الكريم والتي تحرم قتل المسلم، أو حتي غير المسلم، بغير حق. وهل يمكن القول بعد ذلك بأنه بعد مقتل علي ابن أبي طالب وقيام معاوية ابن أبي سفيان باعلان خلافته من دمشق، هل يمكن القول بأن معاوية  يعتبر خليفة لرسول الله (صلعم) ؟

واني أتذكر منذ وقت قريب عندما هاج علماء الأزهر علي شخص، كان من الجرأة أن كتب بضع الحقائق عن عمرو ابن العاص، ونعتوه بالكفر بدون مجادلته فيما كتب وبدون تبين الحقائق التاريخية. هذا ما وصل اليه حال مصر من سيطرة أفكار خلايا الاخوان المسلمين والتي تنادي بوجوب اقامة دين الله في الأرض، لا في البلاد الاسلامية فحسب بل في جميع أقطار الأرض ولن يهدأ لهم بال الا بعد تحقيق هدفهم!

وهل يتعارض ذلك مع قول القرآن الكريم والذي علي مدي فهمي حض علي التواجد والتعايش السلمي بين المسلم وغيرالمسلم بغير فرض العقيدة علي الغير:

"  قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ  لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ "

 

اجمالي القراءات 18269