في البحرين..تجلي النفاق الدولي

نزار حيدر في السبت ٠١ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

نــــــــــزار حيدر معلقا على سكوت العالم ازاء ما يجري:

في البحرين..تجلي النفاق الدولي

   اتهم نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، المجتمع الدولي بممارسة النفاق بأسوأ اشكاله، بسكوته عما يجري في البحرين من قتل وتعذيب وسجن واعتقال ومطاردات وانتهاك لحرمة المنازل، طالت حتى الاطفال الابرياء، اذ وصل عدد السجناء منهم قرابة (200) طفل لم يبلغوا الحلم، والرقم يعادل بنسبته الى نسبة عدد نفوس البحرين، سجن اكثر من (140000) طفل في الولايات المتحدة الاميركية و (500000) طفل في الصين، فاين ياترى دعاة الدفاع عن حقوق الطفولة؟ واين دعاة حقوق الانسان؟ واين دعاة حماية الديمقراطية؟ واين دعاة الدفاع عن الحرية والكرامة؟.

   واضاف نــــزار حيدر، الذي كان يتحدث الليلة على الهواء مباشرة لقناة (الثقلين) الفضائية:

   لماذا يملأ المجتمع الدولي الفضاء صراخا وعويلا اذا قتل مواطن في بلاد اخرى، ولا يحرك ساكنا او ينبس ببنت شفة وهو يرى الطفولة يسحقها نظام القبيلة الفاسد الحاكم في البحرين وبمساعدة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي كان قد ارسل قواته العسكرية المدججة بالسلاح الفتاك الى البحرين بعد حصوله على الضوء الاخضر من المجتمع الدولي، وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية، التي تدعي انها تعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة، كما انها تدعي بانها تبذل قصارى جهدها لحماية حقوق الانسان في دول المنطقة من خلال تشجيعها ودعمها للحراك الشعبي الذي تشهده دول المنطقة؟.

   ان ربيع البحرين من اكثرها سلمية، فمنذ انطلاقته ولحد الان لم يلجا الشعب الى السلاح ولم يدع قادته الى العنف، بل انهم تحملوا القتل والسجن وانتهاك حرمة البيوت والتهم والافتراءات ومع كل ذلك فان الظروف القاسية لم تجرهم الى اللجوء الى العنف، ولو ارادوا ذلك لفعلوا فليس من الصعب عليهم ان يحصلوا على السلاح ليقاوموا ويقاتلوا، الا انهم آثروا الصبر وتحمل المشاق على جر البلاد الى الاقتتال، ومع كل ذلك، فان المجتمع الدولي تعامل مع ربيع البحرين بكل وحشية من خلال تجاهل ما يجري هناك من جرائم بحق الانسانية، فلماذا مثلا لم يسع مجلس الامن الدولي الى مناقشة ما يجري هناك؟ لماذا لا تبادر الدول التي تدعي الحرص على حماية حقوق الانسان من القمع السلطوي في بلدانها الى طرح القضية في مجلس الامن فتتخذ ما يلزم من اجراءات كما فعلت في ليبيا مثلا او اليمن، او كما تفعل اليوم بشان الملف السوري؟ فهل يختلف شعب البحرين عن شعوب الدول الاخرى؟ ام ماذا؟ لماذا يبحث مجلس الامن وغيره من المؤسسات الدولية، وبايعاز وحماس منقطع النظير من الولايات المتحدة الاميركية وحليفاتها الغربيات امكانية تسليح (المعارضة) في سوريا او اقامة مناطق حظر جوي، فينشغل مجلس الامن بالملف السوري اكثر من عام ونصف، فيما لم يتذكر هذا المجلس البحرين ولا حتى بكلمة او بشطر كلمة؟ اي نفاق دولي هذا الذي تجلى في البحرين؟ لماذا يدعم المجتمع الدولي العنف والارهاب في سوريا وفي غير سوريا بحجة دفاعه عن الديمقراطية وحقوق الانسان، ولم يحرك ساكنا لصالح الشعب في البحرين على الرغم من ان حراكه سلميا مئة في المئة، منذ ان بدا والى الان؟.

   ان على المجتمع الدولي ان يبادر فورا لنصرة شعب البحرين، وان عليه ان يتدخل فورا لوضع حد للمجازر التي يرتكبها نظام القبيلة الحاكم في الجزيرة العربية والبحرين ضد شعب البحرين المسالم، والا فانه سيخسر ما بقي له من مصداقية لدى شعوب المنطقة على وجه التحديد، فمواقفه النفاقية هذه وكيله بمكيالين في تعامله مع الاحداث في المنطقة بات واضحا وغير مخفي فهي لم تنطل على احد، واذا ما استمر بذلك فسيجر عليه الويلات تلو الويلات، فالشعوب اذا ما عجزت مدة فانها لن تبقى عاجزة مدى الدهر ابدا. 

   ان نظام آل خليفة لا يدمر حاضر البلاد والمجتمع البحريني فحسب وانما يدمر كذلك المستقبل باعتقاله وسجنه وتعذيبه للاطفال، فالطفل هو ثروة المجتمع المستقبلية، انه الامل المنشود لكل المجتمعات، فهو ذخيرة المستقبل، كما انه عماده وثروته التي ينتظرها المجتمع، اي مجتمع، من اجل مستقبل افضل، ولذلك لم تتمتع شريحة من شرائح المجتمع في البلاد المتحضرة بحقوقها، كما تتمتع بها شريحة الاطفال، فهي الشريحة الوحيدة التي تتمتع بحقوقها ولا تتحمل اية مسؤولية، فالطفل ذخيرة المستقبل وليس مسؤول الحاضر ابدا، ففي الولايات المتحدة الاميركية مثلا، يعتبر الطفل ابن الحكومة تنفق عليه كل ما يحتاج، ان على صعيد الصحة او التعليم او السكن او غير ذلك، من دون مقابل، لان الحكومة هنا تدخر الطفل للمستقبل الذي يعتمد عليه بدرجة كبيرة، فاذا تلقى الطفل الرعاية المطلوبة من اجل بناء سوي، ضمنت الدولة مستقبلا زاهرا لمجتمعها، والعكس هو الصحيح، فاذا ترعرع الطفل في بيئة فاسدة او سيئة ولم يلق الرعاية اللازمة فان المستقبل سيكون اسودا بالنسبة الى المجتمع، والدولة كذلك، وهذا ما يواجهه المجتمع في البحرين، فعندما تتعامل سلطات آل خليفة مع الطفل وكانه مسؤول فتتهمه بالتآمر على الاسرة الحاكمة فتعمد الى سجنه واعتقاله وتعذيبه وتعريضه لشتى انواع الاهانات، فانها تدمر المستقبل فضلا عن الحاضر، فالطفل الذي يتحمل كل هذه المعاناة على يد (الدولة) وهو بعد لما يبلغ الحلم ولم يع الحياة بعد، كيف سينشأ ويكبر؟ وبالتالي كيف سيتعامل مثل هذا الطفل مع الحياة عندما يكبر وهو الذي قاسى العذاب ولاقى الويلات على يد (الدولة) قبل اوانه؟ انها جريمة مضاعفة تلك التي يرتكبها نظام القبيلة الفاسد الحاكم في البحرين.

   ان من المؤسف والمخجل في آن ان نرى كل هذا الاهتمام الدولي باحداث في المنطقة يقابلها كل هذا التجاهل لما يحدث في البحرين، اوليست الحرية والديمقراطية والكرامة قيم انسانية؟ فلماذا يحق لشعب ان يتمتع بها ولا يحق لغيره ذلك؟.

   ان قيم الديمقراطية قيم انسانية فهي ليست دينية او مذهبية ليتم التعامل معها على اساس ديني او مذهبي، فاذا كان الشعب على هذا المذهب تبنى المجتمع الدولي قضيته بكل السبل، بل انه يسخر كل المؤسسات الدولية بما فيها الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي لدعمه بالمال والسلاح والاعلام وفي كل شئ، اما اذا كان شعب من الشعوب على مذهب آخر، فان المجتمع الدولي يكون عندها مصداق قول الله تعالى {صم بكم عمي فهم لا يعقلون} لماذا؟.

   وهل ان جريمة الشعب في البحرين انه على غير مذهب حلفاء المجتمع الدولي، الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا، واخص بالذكر نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج؟.

   لماذا يحق لشعب من الشعوب طلب العون والمساعدة من الناتو مثلا او تركيا او حتى من اسرائيل ومختلف دول الغرب، الامر الذي تعده كل الاطراف المعنية حقا مشروعا لتحقيق اهدافه، بمن فيهم اولئك الذين عدوا عملية اسقاط الطاغية الذليل صدام حسين احتلالا وغزوا فراحوا يفتون ويحرضون على الذهاب الى العراق من اجل الجهاد والمقاومة، اذا بهم اليوم يحللون الغزو ويفتون بحلية الارتماء في احضان من هب ودب من اجل اسقاط هذا النظام او ذاك، فيما يدفع شعب آخر، البحرين تحديدا، الثمن غاليا فيتجاهله كل المجتمع الدولي ومؤسساته الانسانية والسياسية وغيرها، لمجرد انه متهم، ولم يثبت ذلك ابدا، بالتعاطف مع ايران لمجرد انه واياها على مذهب واحد؟.

   هل تريدون من شعب البحرين ان يغير مذهبه لتنتصروا لربيعه؟.

   لماذا تصفون ما يجري في البلاد العربية الاخرى تحررا وربيعا ونضالا ضد الاستبداد والديكتاتورية، وان (المعارضة) فيها وطنية بلا شائبة، اما في البحرين فالشعب، بنظركم، عميل وينفذ اجندات خارجية، وان المعارضة هناك طائفية وعميلة؟ ما لكم كيف تفكرون؟.

   وبصراحة اقول، فان المصداقية وحقيقة الاشياء والجدية في الالتزام بالشعارات باتت تقاس من خلال الموقف مما يجري في البحرين، وليس في اي مكان آخر.

   والاخطر في الامر هو ان دولة تحررت للتو من ربقة الديكتاتورية والنظام الشمولي البوليسي في اطار ما بات يعرف بالربيع العربي، اذا بها تتعامل بجفاء مع الربيع الذي يجتاح البحرين منذ اكثر من عام، فاذا بها، مصر، تمنع واحدة من ابرز الناشطات الحقوقيات البحرينيات، السيدة مريم الخواجة، من دخول مصر، فاية قيم جديدة يا ترى تبشرنا بها مصر الجديدة؟ الم يضحي الشعب المصري بالغالي والنفيس من اجل الحرية والكرامة واحترام حقوق الانسان؟ فلماذا تتعامل مصر الجديدة مع اشقائها البحرينيين بمثل هذا الجفاء وقلة الانصاف؟ ام ان من حقهم ان يتمتعوا بالحرية ولا يحق لغيرهم ذلك؟.

   وهل سيظطرنا المصريون الى الكفر بالربيع العربي وقيمه واهدافه وهم يتعاملون بمثل هذا الجفاء الاخرق مع حقوقية بحرينية تحاول ايصال مظلومية شعبها البحريني الى اسماع الراي العام المصري وغير المصري لايمانها باهمية هذا الراي العام وبثقله في العالم العربي والاسلامي؟ اين قيم الثورة اذن وقيم الربيع العربي واهدافه؟.

   اتمنى على المصريين ان يعيدوا النظر في تعاملهم مع قضايا اشقائهم في البلاد العربية، وفي البحرين تحديدا، وان عليهم ان يتاكدوا بان ملايين البترودولارات التي يقدمها لهم نظام القبيلة الفاسد الحاكم في دول الخليج رشوة لمثل هذه المواقف المشينة لا تعادل موقفا مشرفا واحدا يتخذونه ازاء القضايا المصيرية، فالبترودولار يزول اما المواقف المشرفة فلن تزول لانها تكتب بماء الذهب، فالتاريخ الذي يسجل المواقف المشرفة، لن يرحم المتخاذلين ابدا، وليتذكروا مصير الطاغية الذليل الذي اسقطه المصريون بربيعهم، واقصد به حسني مبارك، ففيه عبرة لمن يعتبر والعاقبة للمتقين.

    

اجمالي القراءات 7914