يرزق المتقين وغير المتقين

رمضان عبد الرحمن في السبت ٢٧ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

يرزق المتقين وغير المتقين

((..... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.....)) سورة الطلاق الآيات 2 + 3.

يعتقد بعض الناس أن الرزق لا يأتي إلا للمتقين فقط، وهذا اعتقاد خاطيء، إن الرزق يأتي من الله إلى المتقين وغير المتقين، وإلى كل مخلوقات الله، وسوف نضع بعض النقاط على هذا الموضوع، إن رزق المتقين يأتي على طرق متعددة، ليس مال فقط، أي ممكن أن يأتي عن طريق الصحة والرضا أو القناعة بأقل شيء، أو يرزقهم الله المال فيتصدقوا به على الفقراء، هؤلاء المتقين كما قال الله:

((تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً)) سورة مريم آية 63.

فليس بالضرورة أن التقوى يتبعها المال، ولكن التقوى هي أساس كل ما قال عنه رب العزة عن أهل الجنة، يقول تعالى:

((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) سورة القصص آية 83.

أي الذين صبروا في الحياة الدنيا، والصبر هنا بمعنى الرزق أيضاً، ولو بحثنا في القرآن عن كلمة التقوى أو المتقين سنجدها مكررة عشرات المرات، ولكن من الذي يبحث عن التقوى؟.. إن الذي يبحث عن التقوى المسلم الذي اتقى الله في كل شيء كما قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام:

((إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) سورة البقرة آية 131.

هذا هو الإسلام الحق الذي يريده الله لعباده، أنك تسلم لرب العالمين، أي تتق الله لينطبق عليك قول الله تعالى:

((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) سورة آل عمران آية 133.

الإسلام ليس شعار يقال أو يكتب في هوية، لأن الله يعلم من المسلم حقاً ومن الذي يخدع نفسه.

ثم يأتي دور الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها، فيقول عنهم رب العزة:

((مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ)) سورة هود آية 15.

ويتعهد الله إلى هؤلاء البشر الذين يريدون الحياة الدنيا فيقول: ((وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ)) أي لا يفتقروا أبداً، والقول هنا على كل من يريد الدنيا أو يقدسها على الآخرة، من مشركين أو مسلمين أسلموا اسماً فيمددهم الله بالمال والزينة كي لا يكون لهم جزاء في الآخرة إلا النار كما قال الله تعالى:

((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) سورة هود آية 16.

إذاً موضوع الرزق ليس مرتبط بالمتقين فقط، أو غير ذلك، ثم أن وصف أهل الجنة غير وصف أهل النار، وصف الله سبحانه وتعالى أهل الجنة وصفاً واحداً، وهو (المتقون) أو (اتقوا) ولذلك قال عنهم رب العزة:

((وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)) سورة الزمر آية 73.

وقال تعالى:

((ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً)) سورة مريم آية 72.

وهذا وصف من الله لأهل الجنة، ثم يصف أهل النار بأكثر من وصف، يقول تعالى:

((وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ)) سورة الزمر آية 71.

ويقول عز من قال:

((وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ))
سورة الروم آية 55.

أي الذين أجرموا في الحياة الدنيا بغير الحق، فعلى كل مسلم أن يدرك أن دخول الجنة ليس فقط انك تصبح مسلم أو مؤمن دون عمل صالح، وإلا لقالت الآية (وسيق الذين آمنوا) أو (أسلموا)، ولكن قالت الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي عملوا عمل صالح لهم ولغيرهم، إذاً الإسلام أو الإيمان دون تقوى يساوي صفر.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 13077