النقاب ليس من الإسلامبالدليل القاطع من القرآن الكريم

في الأربعاء ٠٦ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

النقاب ليس من الإسلام
بالدليل القاطع من القرآن الكريم

*******



قرأت كثيرا في موضوع النقاب ومدى فرضيته وتابعت باهتمام آراء المؤيدين والمعارضين وخاصة المعارضين المتخصصين من شيوخ الأزهر وأساتذته، ولكن للأسف لم أجد في آراءهم الحسم الكافي وخاصة من جانب شيخ الأزهر الذي صرح بعد أزمة النقاب الشهيرة بأنه ليس ضد النقاب بشكل عام ولكنه لم يعجبه أن ترتديه طفلة صغيرة في قاعة الدرس في معهد أزهري للبنات فقط!
لم يكن موقف شيوخ الأزهر حازماً وحاسماً، لأنه ببساطة إذا لم يكن النقاب من الدين كما يصرحون فكان الأجدى بهم التصدي له بقوة على اعتباره بدعة في الدين، ولكن العكس هو الصحيح والنقاب ينتشر انتشار النار في الهشيم وخاصة في جامعة الأزهر ومعاهده!

لفد قمت بعمل بحث مبسط في القرآن الكريم وكانت النتيجة مفاجأة لي بأكثر مما كنت أتوقع بآيات واضحة ساطعة يدركها الأعمى والبصير، والعجيب أنني لم أجد ذكر لأغلبها في قراءاتي لكل السادة المتخصصين ولعل ذلك سهو منهم أو مبالغة مني... وها هنا أقوم فقط بعرض بعض هذه الآيات مع ملاحظاتي عليها، لعل في ذلك الفائدة...


أولا: الوجه في القرآن:
تم ذكر الوجه في القرآن أكثر من (70) سبعين مرة، لم يأتي في أي منها أمر بتغطية الوجه - وأنا من الموقنين بأن المسكوت عنه في القرآن مقصود تماماً وليس سهواُ معاذ الله -
والمدهش أن ذكر الوجه كان مرتبطاً بشكل كبير ببيان حال الإنسان ومدى سعادته أو شقائه مثل "يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴿آلعمران: ١٠٦﴾" و "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴿الغاشية: ٨﴾" أو "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿النحل: ٥٨﴾"
وذكر الوجه كثيرا عند الأمر بالاتجاه لله وقبلته مثل "وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴿الأعراف: ٢٩﴾" و "وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴿البقرة: ١٤٤﴾" أو "وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴿لقمان: ٢٢﴾" أو الأمر الجلي في قوله عز وجل "فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام" وقد تكررت عدة مرات، ولعل فيها ما يفسر ضرورة كشف الوجه عند الكعبة المشرفة بل إني أعتقد أن الصلاة لا تجوز بدون كشف الوجه وتطهيره بالاتجاه للقبلة بقلب صاف مسلم لله عز وجل، ويجب على الإنسان نزع كل الأقنعة بما فيها أقنعة الكبر والغرور فما بالكم بالقناع القماشي؟! هل من اللائق أن يقف الإنسان بين يدي خالقه وهو يخفي وجهه؟!


ثانيا: الوجه وتعبيراته والعلاقة بين البشر
يذهب أغلب المعارضين إلى أن الوجه من أساسيات التعامل بين البشر وكما أشرنا سابقاً ففيه حال الإنسان وبيان ما تنطوي عليه سريرته وما يخفيه في قلبه والأمثلة كثيرة من القرآن مثل "عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ﴿عبس: ١﴾" أو "ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴿المدثر: ٢٢﴾" أو  "ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿النحل: ٥٨﴾" هذا فضلاُ عن آيات كثيرة تبين سرور المرء وابتسامه وضحكه وحزنه وكلها تعبيرات في الوجه تعبر عن ما في نفس الإنسان بدون كلام...  ولا ننسى التعبير القرآني المعجز في آخر سورة الفتح... "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ" والذي يضرب به المثل للدلالة عن صلاح الناس أوفسادهم كما يظهر من سيماهم.
وهناك سؤال آخر مهم هو... هل جمال المرأة هو أمر مخجل مما يدعو للإخفاء... والإجابة من آيات الكتاب المبين... "لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ﴿الأحزاب: ٥٢﴾" ويأمر فيها الله عز وجل رسوله بالتوقف عن الزواج حتى لو أعجبه حسن النساء... والحسن في الوجه كما نعلم جميعاُ!



ثالثاً: اللباس في القرآن
هناك آية جامعة مانعة في اللباس "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿الأعراف: ٢٦﴾" وفيها أمر الله الواضح باللباس الذي يواري السوأة مع مراعاة التقوى في اللباس وهذا بالتأكيد متغير من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر... وهنا أسأل هؤلاء المتنطعين على كتاب الله... هل الوجه سوأة يجب غطاءها؟!
أما آية سورة النور "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنّ" فالأمر فيها واضح بغطاء جيوب الصدر وليس الوجه بأي حال من الأحوال.
كما نلاحظ الحض على غض البصر كما حض الرجال على غض البصر أيضاً كما في " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴿النور: ٣٠﴾"

أما آية الحجاب الشهيرة "فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" من سورة الأحزاب فأنا متعجب بشدة لتفسيرها على أنها تأمر النساء بالحجاب أو النقاب والأمر فيها موجه للرجال أساساً وليس للنساء! والمعنى فيها واضح بأن يتجنب الرجال تخطي الحدود ومثل ذلك إذا قمت بزيارة صديق وفتحت زوجته الباب فالواجب على الرجل عدم تخطي الحدود وعدم دخول المنزل والحديث للزوجة عبر فتحة ضيقة من الباب، أو لعل الحجاب هنا هو حجاباُ رمزياُ يقيمه الرجل لتجنب شهواته ومثل ذلك كلام الله عز وجل "وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴿الإسراء: ٤٥﴾" والحجاب في الآية السابقة حجاباُ رمزياُ كما نفهم من السياق.


رابعاً: المرأة في القرآن
ذكرت المرأة كثيراُ في القرآن الكريم زوجة وأخت وبنت وأم وملكة وقديسة مثل سيدة نساء العالمين مريم العذراء التي قال عنها الله عز وجل "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴿آل عمران: ٤٢﴾" وهي كما يعلم الجميع كانت مكشوقة الوجه بآيات القرآن الكريم وكتبه السماوية السابقة ولم يرد أبداُ أن الله أمرها بغطاء الوجه وهي قدوة نساء العالمين!
وهناك سورة كاملة باسم "النساء" فيها بيان حقوق المرأة من زواج وطلاق وميراث وشهادة وهنا أقف عند آية هامة وهي "وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ﴿النساء: ١٥﴾" والسؤال هنا... كيف بالله عليكم يمكن الشهادة على امرأة أو حتى لصالحها إذا لم تكن تعرف شكلها وتعرف من هي وتستطيع وصفها وتحديد هويتها؟! والآية واضحة في قوله "أرْبَعَةً مِنْكُمْ" ولم يقل من أهلها أي إن المجتمع يجب أن يكون شاهداُ على كل من فيه من نساء ورجال مما يلزم بيان الهوية الشخصية ومعرفتها.
لذا فإنا أرى أن الحديث عن الحرية الشخصية في التخفي عن الناس هو نوع من التدليس.


خاتمة
ما تقدم من بحث هو ليس من باحث متخصص ولكنه بالتأكيد من مسلم مفكر... لعل فيه ما يفيد مجتمعنا المسلم...

مع تحياتي
أستاذ/ ولاء الشاذلي
خبير نظم معلومات

اجمالي القراءات 25576