قضاة تونسيون: القضاء التونسي يمر بأسوأ مراحله

في الأربعاء ٠٣ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

قال قضاة تونسيون إن القضاء في بلدهم يمر بأسوأ مراحله، بسبب "التدخلات في شأنه والضغوطات التي تمارس عليه في عديد المحاكمات السياسية"، إضافة إلى "خشية القضاة من العزل أو التجميد بسيف الإعفاءات".

وجرى أمس الثلاثاء تأجيل النظر في قضايا رفع الحصانة عن 13 قاضيا إلى 30 مايو/أيار الجاري، بطلب من قضاة التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وقال رئيس جمعية القضاة الشبان، مراد المسعودي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المجلس المؤقت للقضاء أجل النظر في القضايا استجابة لطلب هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين"، موضحا أنه "في حال فحص الملفات والتأكد من عدم جديتها، من المفترض ألا يتم رفع الحصانة، لكن التعويل على استقلال قرار المجلس الذي عين الرئيس سعيّد أعضاءه يبدو أمرا مثيرا للقلق".

وأضاف المسعودي أن "القضاء التونسي يمر بأسوأ فترة في تاريخه منذ الاستقلال، إذ أصبح مجرد وظيفة تشرف عليها وزارة العدل مباشرة، مع وجود مجلس أعلى صوري"، بدليل "عدم قدرته على فرض تمرير الحركة القضائية التي استولى عليها الرئيس قيس سعيّد، مما أدى إلى حرمان القضاة من ترقياتهم، فضلا عن عدم البت في مطالب النقلة".وتابع المسعودي أن "القضاة يعملون الآن تحت ضغط آلية الإعفاء التي سلطها سعيّد ضد من رفضوا الانصياع لمطالبه أو مطالب وزارة العدل".

وقال إن "عدم استقلالية النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية وخضوعها للإشراف المباشر لوزارة العدل أدى إلى تحولها إلى مجرد أداة بيد الأخيرة لتطويع الخصوم السياسيين"، مستدلا على ذلك بأن النيابة العمومية تسرع النظر في الإيقافات التي شملت السياسيين، "في حين أن عديد القضايا المؤيدة بالوقائع رفعتها المعارضة أو حتى بقية أفراد الشعب ولم يتم النظر فيها".

ولفت رئيس الجمعية إلى أن وزارة العدل "فبركت" ملفات جزائية ضد القضاة المعفيين "لتحاول إيهام الرأي العام بأن قرارات الإعفاء طاولت قضاة فاسدين"، مضيفا أنها "قرارات ظالمة طاولت أفضل القضاة وأشدهم تمسكا باستقلالية قراراتهم القضائية".من جهته، قال القاضي محمد عفيف الجعيدي لـ"العربي الجديد" إن القضاء المستقل يتطلب ضمانات الاستقلال الهيكلي، مضيفا أنه "جرى العبث بجل الضمانات بحل المجلس الأعلى للقضاء، والتنصيص على أن القضاء وظيفة". وأشار إلى أن سعيّد لديه صلاحيات التدخل المطلق في المسارات المهنية للقضاة، "وبمجرد تقرير يمكنه إعفاء أي قاض، وبالتالي فالضمانات الهيكلية لم تعد متوفرة".

وبين الجعيدي أن رفض السلطة تنفيذ أحكام إرجاع القضاة المعفيين إلى عملهم يعكس حجم وعمق الأزمة، مشيرا إلى أن السلطة السياسية رفعت إثر ذلك قضايا اتهمتهم فيها بالضلوع في قضايا لها علاقة بالإرهاب، معلقا: "لا توجد سريالية أكثر من هذا الوضع".

وقال إنه "رغم هذا الوضع الدقيق لا يزال جزء من القضاء يدافع عن استقلاليته، وهناك قضاة يؤمنون بالدفاع عن حقوقهم وحقوق المواطن في دولة القانون".

وقال القاضي الإداري السابق أحمد صواب، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يسبق أن شهد مرحلة للقضاء كهذه، "لا في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ولا حتى قبله"، مضيفا أن "حالة القضاة تتراوح بين الخوف والرعب".

وبين القاضي أن "العزل أصبح ممكنا بجرة قلم ودون اللجوء إلى المجلس الأعلى للقضاء، ما خلق حالة من عدم الأمان القانوني".

وكانت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين بمنظمة الأمم المتحدة، مارغريت ساترثوايت، أعلنت مؤخرا تأجيل زيارتها المقررة إلى تونس بين 16 و26 مايو/أيار الجاري "إلى أجل غير مسمى"، وذلك بطلب من الحكومة التونسية.
اجمالي القراءات 239