التغير المُناخي “خطر متصاعد” على المملكة.. وزيرة مغربية تحذر وتدعو للاستثمار في قطاعات صناعية

في الأحد ١٢ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

حذرت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح العلوي، من تأثير الخطر المتصاعد للتغير المناخي على البلاد، ودعت إلى ضرورة أن يتكيف اقتصاد المغرب مع الوضع الجديد، خاصة مع تزايد مواسم الجفاف في المغرب، وخطر النقص الشديد في المياه.

المسؤولة المغربية قالت إن توالي سنوات الجفاف في المغرب يعني أن البلاد بحاجة شديدة إلى زيادة الاستثمارات في تقنيات المياه، وتسريع وتيرة الاستثمار في قطاعات النمو الاقتصادي، مثل تصنيع السيارات، وفق ما نقلته صحيفة The Financial Times البريطانية، الأحد 12 مارس/آذار 2023.

فقد انخفض محصول المملكة من الحبوب العام الماضي بسبب نقص الأمطار، وفي الوقت نفسه اضطرت الحرب الروسية الأوكرانية الحكومةَ إلى دفع أسعار أعلى للقمح والطاقة، وأجبرتها على زيادة مخصصات الدعم.

تأثير الجفاف في المغرب على النمو
كما تشير بيانات البنك الدولي إلى أن نسبة نمو الاقتصاد المغربي انخفضت من 7.9% في عام 2021 إلى 1.2% في عام 2022. ويتوقع البنك نمواً بنسبة 3.1% في عام 2023.

فيما قالت وزيرة المالية المغربية إن البلاد شهدت سنوات من هطول الأمطار بكميات أقل من المتوسط بفعل التغير المناخي وسنوات الجفاف في المغرب، ما أجبرهم على مراجعة أفكارهم بشأن التعامل مع الأمر، وأشارت إلى أن الاضطراب اشتد في بعض الأوقات خلال عام 2022، و"كنا متخوفين حقاً بشأن القدرة على توفير مياه الشرب للجميع".

في معرض الحديث عن النهج الجديد للدولة حيال الأمر، قالت العلوي: "لقد كنا نتحدث عن الجفاف منذ سنوات طويلة كما لو أنه استثناء طارئ.. لكننا سنتعامل الآن مع الأمر كأننا ليس لدينا ما يكفي من المياه. وقد كانت سنة 2022 السنةَ التي قررنا فيها أننا يجب ألا نكتفي بخطط عمل لسنوات محددة، بل يجدر بنا أن نخطط لرؤية طويلة المدى".

حسب الصحيفة البريطانية، لطالما ارتبط النمو الاقتصادي في المغرب بهطول الأمطار؛ لأن ثلث سكان البلاد يعملون بالزراعة، حتى وإن كان قطاع الزراعة لا يمثل إلا 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
مع أن الشركات الزراعية العاملة بإنتاج محاصيل التصدير، مثل الحمضيات، تستخدم طرق الري الحديثة لتوفير المياه، فإن صغار المزارعين العاملين بزراعة الحبوب الأساسية للسوق المحلية يعتمدون على الأمطار.

بينما قال يوسف بروزين، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الدولي لإدارة المياه، إن سنة 2022 "كانت صعبة للغاية لأنها شهدت موسم الجفاف الرابع على التوالي"، ما استنفد مخزون البلاد الحيوي من المياه.

كما أشار بروزين إلى أن دراسات المناخ تكشف أن المغرب والمنطقة برمتها شهدا موجات جفاف أكثر انتظاماً، وتعرَّضاً لنقص المياه بدرجات أشد من ذي قبل.

في سياق المخاطر التي يواجهها المغرب، قال صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع إن المملكة طلبت تسهيلاً ائتمانياً بقيمة 5 مليارات دولار للاستفادة منه إذا لزم الأمر، في وقت تكافح فيه البلاد "بيئة عالمية شديدة الاضطراب".

مواجهة أزمة التغير المُناخي
كما قالت العلوي إن أزمة التغير المناخي وتوالي سنوات الجفاف في المغرب تتطلب تسريع الاستثمارات في محطات تحلية المياه والسدود وأنظمة إعادة تدوير المياه، و"نريد تحلية المياه من خلال شراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص"، مع دعم تكلفة المياه للأسر وتوفيرها للمصانع وكبار المستخدمين بـ"السعر المناسب".

بينما أشارت الوزيرة إلى زيادة اهتمام المستثمرين بمصادر الطاقة المتجددة، مثل الرياح والهيدروجين الأخضر المصنوع بالتحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة أيضاً. وتولد المملكة أكثر من ثلث احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة الخضراء.

فيما لفتت العلوي إلى أن البلاد سعت إلى تنويع الاقتصاد المغربي وزيادة الاستثمار في قطاعات جديدة، مثل تصنيع السيارات للأسواق الأوروبية، وقد تضمن ذلك تدريب آلاف العمال المهرة.

قالت شركة "ستيلانتس"، التي تملك العديد من العلامات التجارية لتصنيع السيارات (مثل بيجو)، إنها تستثمر 319 مليون دولار لمضاعفة الطاقة الإنتاجية في مصنعها بالقرب من مدينة القنيطرة.

في غضون ذلك، أشارت البيانات الرسمية إلى ارتفاع صادرات المملكة من السيارات بنسبة تزيد على الثلث، لتصل قيمتها إلى 10.6 مليار دولار في عام 2022.

إذ قال رشيد أوراز، الباحث الاقتصادي غير المقيم في معهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، إن مساعي تنويع الاقتصاد بالمملكة قد حققت "نتائج جيدة من حيث الإيرادات والصادرات والتوظيف"، لكنها لا تزال "أقل من المطلوب"، وصحيح أن الزراعة كثيفة الاستخدام للمياه "لم يعد لها الحصة المركزية نفسها في الاقتصاد، لكنها لا تزال شديدة الأهمية".
اجمالي القراءات 522