حجمها أضعاف الشمس.. لماذا امتلأ الكون المبكر بنجوم ضخمة وكيف صغرت بعد ذلك؟

في الأربعاء ٠٨ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

توصلت دراسة جديدة إلى أن الكون في بدايته لم يعرف سوى أحجام عملاقة من النجوم، ويرجع ذلك إلى الفيزياء المعقدة في الكون في ذلك الوقت، والتي ربما أدت إلى نشوء نجوم فائقة الكتلة.

وخلصت الدراسة الجديدة إلى أن النجوم الأولى في الكون قد تجاوزت كتلة الشمس 10 آلاف مرة، أي ما يقرب من ألف مرة أكبر من أكبر النجوم الموجودة اليوم. وتصل أكبر النجوم في الوقت الحاضر إلى 100 كتلة شمسية فقط.يذكر موقع "يونيفرس توداي" (universetoday) أن علماء الفلك قد تساءلوا على مر السنين عن الحجم المفترض للنجوم الأولى، وتنبأت بعض التقديرات المبكرة بأن تلك النجوم يمكن أن تكون أكبر بمئات المرات من كتلة الشمس، بينما اقترحت محاكاة لاحقة بأنه يحتمل أن تكون ذات حجم طبيعي أكبر قليلا، ولكن هذا لم يكن صحيحا وفقا للدراسة الجديدة.

ووجد الباحثون كذلك أن تلك النجوم العملاقة عاشت بسرعة وماتت في سن صغيرة جدا. وبشكل عام، كلما كان النجم أكبر كان عمره أقصر، وبمجرد أن ماتت النجوم العملاقة لم تكن الظروف مناسبة لتتشكل مرة أخرى.

ولكن لماذا حدث ذلك في المقام الأول؟ ولماذا لم تعد الظروف مهيأة في الكون لتولد مثل هذه النجوم العملاقة مرة أخرى؟
لماذا لم تتكون نجوم عملاقة مرة أخرى؟
وفقا لموقع "لايف ساينس" (LiveScience) العلمي، فإنه بعد مدة ليست طويلة من الانفجار العظيم، تحديدا منذ أكثر من 13 مليار سنة، حيث لم تكن هناك نجوم في الكون من الأساس، احتوى الكون فقط على خليط دافئ من الغاز الطبيعي الذي تكوّن تقريبا بالكامل من الهيدروجين والهيليوم.

وعلى مدى مئات الملايين من السنين بعد ذلك، في فترة عرفت بالعصور الكونية المظلمة، بدأ هذا الغاز المحايد في التراكم المتزايد في كرات من المادة الكثيفة.
وعادة ما تنهار كرات المادة الكثيفة هذه بسرعة لتشكل نجوما في كوننا المعاصر، ولكن هذا لم يحدث في العصور الكونية المظلمة، والسبب في ذلك يرجع إلى احتواء الكون الآن على شيء كان يفتقر إليه الكون المبكر، وهو الكثير من العناصر الأثقل من الهيدروجين والهيليوم، في حين لم يحتو العصر البدائي سوى على الهيدروجين والهيليوم تقريبا.

هذه العناصر الأثقل فعالة للغاية في إشعاع الطاقة بعيدا، مما يسمح للكتل الكثيفة بالتقلص بسرعة كبيرة، ومن ثم تنهار إلى كثافات عالية بما يكفي لتحفيز الاندماج النووي، وهي العملية التي تزود النجوم بالطاقة من خلال الجمع بين العناصر الأخف وزنا في العناصر الأثقل.

لم تتوفر هذه العناصر الثقيلة في الكون البدائي لأن الطريقة الوحيدة للحصول على هذه العناصر في المقام الأول هي من خلال عملية الاندماج النووي نفسها.

ووفقا لموقع ناسا (nasa)، فإن النجوم الضخمة للغاية حينما تنهار في طريقها للموت، يصبح اللب المنهار ساخنا بدرجة كافية لدعم التفاعلات النووية الأكثر غرابة التي تستهلك الهيليوم وتنتج مجموعة متنوعة من العناصر الأثقل حتى الحديد.

وهذا ما أدت إليه أجيال متعددة من تشكل النجوم واندماجها وموتها، فقد أدت إلى إثراء الكون ليصل إلى حالته الحالية وتوفر المواد الثقيلة التي تسهم في تشكل النجوم بعد ذلك. لذا، تشكل الجيل الأول من النجوم في ظل ظروف مختلفة كثيرا وأكثر صعوبة.

كيف تتشكل النجوم عادة؟
تولد النجوم داخل سحب الغبار التي تنتشر في معظم المجرات، وأحد الأمثلة على سحب الغبار هو سديم الجبار (Orion Nebula)، وتؤدي الاضطرابات العميقة داخل هذه السحب إلى ظهور عقد ذات كتلة كافية يمكن أن يبدأ الغاز والغبار في الانهيار تحت تأثير جاذبيتهما فتتخذ العقد شكلا كرويا، وتظل تلك الكرة الهائلة من الغاز والغبار في انكماش يصاحبه ارتفاع في درجة حرارة الغاز.

ويتكون الغاز في العادة من عنصري الهيدروجين والهيليوم وهما أخف العناصر، ويستمر ارتفاع درجة حرارة الغاز بسبب الانكماش فتتحول الذرات إلى أيونات وإلكترونات حرة في الحرارة العالية، وتسمى تلك الحالة البلازما.

وتظل كرة البلازما تنكمش تحت فعل جاذبيتها، ويتزايد ارتفاع درجة حرارتها حتى تكون كافية لبدء تفاعل عنصر الهيدروجين المتأين لتكوين عنصر الهيليوم، هذا التفاعل يسمى اندماجا نوويا، وتنتج عنه طاقة كبيرة جدا، فيبدأ النجم يضيء.

أما النجوم الأولى فهي لم تكن مجرد مصانع اندماج عادية، لقد كانت كتلا عملاقة من الغاز المحايد تشعل نوى اندماجها دفعة واحدة، وتتخطى المرحلة التي تتفتت فيها إلى قطع صغيرة، ومن ثم كانت الكتلة النجمية الناتجة ضخمة.

كانت تلك النجوم الأولى ساطعة كثيرا، وعلى الرغم من ذلك عاشت حياة قصيرة للغاية أي أقل من مليون سنة. بينما يمكن للنجوم في الكون الحديث أن تعيش مليارات السنين، بعد ذلك ستموت عمالقة النجوم في انفجارات المستعرات العظمى.

ولفهم لغز هذه النجوم الأولى، تحول فريق من علماء الفيزياء الفلكية إلى محاكاة حاسوبية متطورة للعصور المظلمة لفهم ما كان يحدث في ذلك الوقت.

ووجد الباحثون أن شبكة معقدة من التفاعلات سبقت تشكيل النجوم الأولى؛ بدأ الغاز المحايد، وهو الغاز الذي يحتوي على أقل وأدنى درجة من التفاعل مع المواد الأخرى، في التجمع معا، وأطلق الهيدروجين والهيليوم القليل من الحرارة، مما سمح لكتل الغاز المحايد بالوصول ببطء إلى كثافة أعلى.

لكن الكتل العالية الكثافة أصبحت دافئة جدا، وأدى ذلك إلى إنتاج إشعاع يفصل الغاز المحايد ويمنعه من التفتت إلى العديد من التكتلات الأصغر، وهذا يعني أن النجوم المكونة من هذه الكتل يمكن أن تصبح كبيرة بشكل عملاق.
اجمالي القراءات 364