مصر: تعليمات للنواب بعدم انتقاد السياسات الاقتصادية العليا

في الخميس ١٢ - يناير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

قالت مصادر نيابية مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، اجتمع أخيراً مع رؤساء اللجان النوعية، والهيئات البرلمانية للأحزاب، على خلفية تصاعد حدة انتقادات النواب للحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية، ومطالبة البعض منهم بتغيير السياسات الاقتصادية الراهنة جراء معاناة المواطنين من موجة الغلاء، وانفلات أسعار السلع الأساسية.

النواب المصريون ممنوعون من الانتقاد
وكشفت المصادر أن جبالي وجّه النواب بعدم انتقاد السياسات الاقتصادية علناً، المالية منها والنقدية، سواء في الجلسات العامة للبرلمان أو في وسائل الإعلام، إضافة إلى عدم التقدم ببيانات عاجلة أو أسئلة أو طلبات إحاطة بشأنها، ولو بشكل مؤقت، بدعوى أهمية الوقوف إلى جوار الدولة ومؤسساتها في أزمتها الحالية، والتصدي لمحاولات "زعزعة الاستقرار" من جانب البعض في الداخل والخارج.

وأضافت المصادر أن جبالي لم يبد اعتراضاً بشأن انتقاد النواب للحكومة ووزرائها في الملفات الخدمية التي تهم المواطنين، مثل التموين والصحة والتعليم والإسكان والإدارة المحلية، من دون التعرض إلى السياسات المالية أو النقدية للدولة، أو الحديث عن أولويات الإنفاق العام. ويأتي ذلك خصوصاً أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، قد حظي بموافقة سابقة من البرلمان.

جبالي لم يبد اعتراضاً بشأن انتقاد النواب للحكومة ووزرائها في الملفات الخدمية

وتابعت المصادر أن جبالي أكد، في اجتماعه مع رؤساء اللجان وممثلي الأحزاب، أن تحديد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار هو اختصاص أصيل للبنك المركزي المصري، ولا علاقة للبرلمان به من قريب أو بعيد، والذي اختصه الدستور بسلطات محددة مثل التشريع، وممارسة الرقابة على أعمال الحكومة، وإقرار الموازنة العامة للدولة، وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وترافق اجتماع رئيس البرلمان مع مطالبة بعض النواب الحكومة بتقديم استقالتها، بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية، على أثر تخفيض قيمة الجنيه للمرة الثالثة في أقل من 10 أشهر، وتسجيل سعر صرف الدولار، في تعاملات متقلبة يوم أمس الأربعاء، 30.20 جنيهاً في المصارف الرسمية، مقارنة مع 15.70 جنيهاً في 20 مارس/آذار الماضي، أي بنسبة خفض بلغت نحو 77 في المائة من قيمته.

الخبز في مصر (محمد الشاهد/فرانس برس)
اقتصاد الناس
مصر: انفلات جديد للتضخم وسط نقص السلع وتهاوي الجنيه
وطالب أعضاء في البرلمان بإقالة الحكومة، في جلسة مساءلة لوزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، الأسبوع الماضي، حول نقص المعروض من السلع الغذائية في الأسواق المحلية، وارتفاع أسعارها بصورة يومية.

ودعا النائب أحمد فرغل الحكومة بأكملها إلى تقديم استقالتها "بعد تحولها إلى وزارة للسوق السوداء، وتركها المواطن فريسة للغلاء"، على حد تعبيره. وقال فرغل: "المصريون باتوا لا يجدون الطعام، والأرز يباع بسعرين حالياً: واحد رسمي والآخر غير رسمي، كما أنه اختفى من الأسواق مثله مثل زيت الطعام". بينما قالت النائبة زينب السلايمي: "الحكومة فشلت في الملف الاقتصادي فشلاً ذريعاً، والأسعار أصبحت الآن في متناول المواطن الحرامي (اللص). سياسة الوزارة ستصل بالمصريين إلى مرحلة الجوع؛ هل تريدون أن تسرق الناس أو تنهب حتى توفر الطعام لأسرها؟!".

مصر توافق على شروط صندوق النقد
وجاءت محاولات رئيس البرلمان لثني النواب عن التحدث في السياسات الاقتصادية العامة للدولة، في ظلّ محاولات أخرى للتعتيم على موضوع موافقة الحكومة المصرية على شروط صندوق النقد الدولي، التي أعلن عنها الأخير من جانب واحد أول من أمس الثلاثاء، للحصول على قرض بقيمة نحو ثلاثة مليارات دولار. كما أعلن عن جدول متابعة أداء الاقتصاد المصري لربطه بالموافقة على قيم الدفعات التي سوف تستلمها مصر في إطار البرنامج الذي يستمر 4 سنوات.

وجاء في تقرير خبراء الصندوق، أن "مراجعة الصندوق للأداء الاقتصادي المصري ستتم كل 6 أشهر، في يونيو/حزيران وديسمبر/كانون الأول". وأشار الصندوق إلى أن "الاهتزاز في الاقتصاد المصري موجود بالفعل قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، والتي أظهرت الأزمات المتراكمة". وأكد خبراء الصندوق أن "أهم أسباب ضعف الأداء الاقتصادي: الاعتماد الكبير على استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصري لتمويل مشاريع حكومية، واعتماد مصر على روسيا وأوكرانيا في السياحة وواردات القمح".

تجري محاولات أخرى للتعتيم على موضوع موافقة الحكومة على شروط صندوق النقد

كما طالب الصندوق الحكومة المصرية بالالتزام بتخفيض النفقات وزيادة الدخل القومي، بالإضافة إلى تعديل السياسات النقدية والمالية العامة، ومنه: بيع ما تصل قيمته إلى ملياري دولار من أصولها إلى مستثمرين أجانب، وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي، على أن يتم خلال العام المالي المقبل، بيع أصول أخرى بقيمة 4.6 مليارات دولار، بعدها أصول أخرى بقيمة 1.8 مليار دولار في 2024-2025.

ومن ضمن الشروط التي وافقت عليها مصر أيضاً، والتي يخشى أن تتسبب في أزمات داخلية، شرط رفع الدعم تماماً عن الوقود وربط أسعاره بالأسعار العالمية، وفرض ضرائب إضافية عليه.

كما وافقت مصر على التحول إلى نظام سعر صرف مرن، وتخارج الحكومة من شركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال، والشركات المملوكة للجيش، وإزالة الإعفاءات الضريبية للشركات المملوكة للدولة، وتعزيز معاملة الشركات المملوكة للدولة بموجب قانون المنافسة.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد رد يوم الإثنين الماضي، على الانتقادات الموجهة إلى حكومته، قائلاً: "أقول لمن يفزعون الناس ويثيرون البلبلة: بطلوا هري (كلام لا يجدي)، واسمعوا منا ليس لأننا أصدق من الآخرين، ولكن لأننا ندرك حجم التحدي أكثر من غيرنا". وأضاف السيسي أن "أي اجتهاد من الآخرين بشأن الأزمة الحالية ليس مكروهاً أو مرفوضاً، ولكنه يتسبب في بلبلة، ويزعج الناس".

واستطرد السيسي، خلال فعاليات مؤتمر التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي: "مصر لم تدخل حروباً أو مغامرات ضيّعت فيها أموالها، ولكنها أحداث خارجية دفعت البلاد ثمنها، وإذا كانت الظروف صعبة، فإن المصريين لن يتخلوا عن وطنهم. والحرب الجارية في أوكرانيا ليست مصر طرفاً فيها، ولكنها تدفع الثمن مثل جميع دول العالم".
اجمالي القراءات 371