حصيلة كوب 27.. علاء عبدالفتاح بطل المؤتمر وطحن البيئة بلا طحين

في السبت ١٩ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

هل حقق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27)، في مدينة شرم الشيخ المصرية أهدافه؟ وهل تمكن النظام الحاكم بمصر من استغلاله في تجميل صورته وإعادة تدوير سمعته الدولية؟

دارت مناقشات المراقبين حول إجابة السؤالين خلال الساعات الماضية، بعد إعلان وزير الخارجية المصري "سامح فهمي" إرجاء ختام المؤتمر من الجمعة إلى السبت، على خلفية "خلافات" حول صيغة المقررات الختامية.

وتمحورت الخلافات بشكل أساسي حول تمويل إنشاء صندوق لتعويض الدول المتضررة عن الاحترار العالمي وتغير المناخ عن أضرارها عبر تمويل تدفعه الدول الغنية، وإقرار خفْض استخدام الوقود الأحفوري بكل أشكاله للحد من ارتفاع درجات الحرارة حول العالم.

فالدول النفطية، وعلى رأسها السعودية، قلقة من تحول مؤتمر المناخ إلى محفل مناهض للوقود الأحفوري بشكل عام، وهو ما عبر عنه مندوبها "خالد أبوالليف"، بقوله: "هذا المسار قد يشوّه صناعة الوقود الأحفوري"، حسبما أوردت وكالة "رويترز".

وتُعَد السعودية أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بمعدل يقترب من 11 مليون برميل يوميًا، ولا تريد خطة للتخلي تدريجيا عن استخدام معظم الوقود الأحفوري الملوّث للبيئة، وتؤيدها في ذلك إرادة بلدان ذات اقتصادات نامية، بينها الصين والهند.

لكن أغلب الدول الغنية الأخرى تدعم هكذا توجه، وهو ما انعكس سلبا على المؤتمر فيما حاول دبلوماسيون التوصل إلى حل وسط، ليظهر المشهد مكررا مما جرى في المباحثات الختامية لمؤتمر "كوب26" الذي عقد في غلاسكو بإسكتلندا، العام الماضي، وانقسم المجتمعون فيه حول قضية "التخلي عن استخدام الفحم كوقود".

وتتخذ أغلب دول العالم الصناعية الكبرى موقف التهرب من الصيغ الإلزامية في أي اتفاقيات مناخية منذ توقيع بروتوكول كيوتو للمناخ عام 1997، واتفاقية باريس للمناخ 2015، بل إن بعضها يهدد بالانسحاب من حين لآخر، كما فعل الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترمب".

ولذا يرى "داف جونز"، المحلل في مركز أبحاث المناخ البريطاني "إيمبر"، أن طحن "كوب 27" كسابقه بلا طحين، مشددا على أن أي رؤية جادة لتخفيض الانبعاثات الكربونية خلال هذا العقد لا بد أن تستهدف قطاع الطاقة التقليدية بالأساس، حسبما أوردت منصة "الطاقة" المتخصصة.

ويبدو أن الفشل يسدل الستار على المؤتمر، بعد عدم توصل المجتمعين إلى اتفاق خلاله، الأمر الذي دعى وزير خارجية مصر "سامح شكري" قرابة 200 دولة مجتمعة في مصر إلى "الارتقاء إلى مستوى الحدث"، في وقت هدد فيه الاتحاد الأوروبي بالانسحاب من المحادثات.

وأشار رئيس المؤتمر، وزير الخارجية المصري، إلى أنه يعلم أن هناك الكثير من "الاستياء" بين جميع الأطراف، لكنه دعا الدول إلى إبداء التصميم على التوصل إلى توافق، حسبما أوردت "رويترز".

كما كشفت مسودة البيان الختامي للقمة، التي أصدرتها الرئاسة المصرية، عن استقطاب حاد بين دول الشمال والجنوب، وعكست المواقف المتباينة بين الرؤى والتطلعات حول القضايا الرئيسية في المفاوضات.

فبينما تطالب دول الجنوب المتضررة، بصندوق مخصص لتمويل الخسائر والأضرار، وتمويل خطط التكيف المناخي، والعمل على خفض الانبعاثات، وهي القضية الرئيسية على أجندة المفاوضات، تبدي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحفظا عن إنشاء آلية تمويل منفصلة للخسائر والأضرار، في ظل وجود مؤسسات تمويلية قائمة يمكنها القيام بذلك.

وإزاء ذلك، ترى "بيرنيس لي"، الباحثة في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، أن "الولايات المتحدة أخفقت بشكل مستمر في تمويل المناخ وفي تحمّل مسؤوليتها كأكبر مصدر للانبعاثات في العالم فيما يتعلق بدعم العالم النامي"، واعتبرت أن قمة "كوب 27" لم تحقق أهدافها، حسبما أوردت شبكة BBC.

لكن إذا كان الحال كذلك بالنسبة لأهداف المؤتمر، هل تمكن النظام المصري من تحقيق أهدافه الخاصة؟ الصورة لدى وسائل الإعلام الغربية تجيب بلا، فيما يرى خبراء مصريون خلاف ذلك.

فوسائل الإعلام الغربية سلطت الأضواء بشكل مركز على "سناء"، شقيقة الناشط السياسي المصري المعتقل "علاء عبدالفتاح"، وقدمت قضيته للعالم بوجه عام، ولبريطانيا بوجه خاص، باعتباره حاصل مؤخرا على الجنسية البريطانية.

هذا الأمر، قدم صورة سلبية للحالة القمعية التي تسود مصر منذ الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني في تاريخ البلاد (محمد مرسي) عام 2013، بقيادة وزير الدفاع آنذاك، الرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي".

كما دعمت محاولة النائب المصري "عمرو درويش" إفساد مؤتمر صحفي لـ "سناء عبدالفتاح" على هامش فعاليات مؤتمر المناخ، الصورة السلبية لنظام "السيسي"، وكانت مثار تندر على شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام غربية أن الشرطة الاتحادية الألمانية حذرت وفد بلادها المشارك في فعاليات قمة المناخ من أن "الأمن المصري قد يتجسس على أعضاء الوفد".

وبعثت برسالة عبر البريد الإلكتروني، تحذر فيها مندوبي بلادها المشاركين في الحدث من "المراقبة العلنية والسرية من خلال التصوير الفوتوغرافي والفيديو من قبل عملاء مصريين".

وإزاء تداول الخبر نقلا عن مصادر رسمية، أعلنت مصر رفضها لهذا التحذير، ووصفته بـ "الأمر السخيف"، حسبما قال "وائل أبو المجد"، الممثل الخاص لرئاسة قمة المناخ، في مؤتمر صحفي.

وأوضح: "في الظاهر، يبدو الأمر سخيفا لأن هذا حدث مفتوح، وبالتالي، لماذا سيكون هناك أي نوع غير ملائم من المراقبة في حدث مفتوح حيث يمكن للجميع الدخول والمشاركة"، مشيرا إلى أن "وفودا من الدول النامية ينظرون إلى هذه التقارير باعتبارها محاولة متعمدة للإلهاء على ما يبدو".

وحتى على مستوى الحصول على تمويل كاف لتحقيق الأهداف المباشرة من تنظيم المؤتمر، بدا أن مصر لم تتمكن من النجاح على هذا الصعيد، وهو ما عبر عنه القيادي بالحركة المدنية (معارض) "مجدي حمدان" بقوله: "التمويل الذي حصلت عليه مصر بقمة المناخ مخيب للآمال، والحكومة توقعت تمويلا بـ50 مليار دولار، ولكن المبالغ حتى الآن 750 مليون دولار، من أمريكا وألمانيا".

لكن في المقابل، رأى خبراء الانتقادات التي لحقت نظام "السيسي" بمؤتمر المناخ في وسائل الإعلام الغربية "ليست معبرة بالضرورة عن الموقف الرسمي" للدول الغربية، وبالتالي فإن الرئيس المصري ربما نجح في إعادة تدوير نظامه.

وفي هذا الإطار، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية "السيد أبو الخير": "ليس ذلك لنجاحه (السيسي)، ولكن لضرورة وجوده بالوقت الراهن، والحاجة إليه لتنفيذ المخطط الذي جاء لأجله"، حسبما أورد موقع "عربي 21".

وأوضح: "هم يدركون تماما أنه (السيسي) نجح في تنفيذ ما طُلب منه، مع العلم أنه فاشل تماما بنظر الشعب؛ ولكن الحقيقة أنه استطاع تنفيذ كل ما طُلب منه، وفعل ما لم يجرؤ أي رئيس على فعله بمصر كدولة وشعب، كما أنه حتى الآن لم ينه مهمته"، في إشارة إلى تحقيق الرئيس المصري لمصالح محيطه الإقليمي والدولي.
اجمالي القراءات 379