تهدد بشلل اقتصادي.. موجة إضرابات تاريخية في بريطانيا

في الخميس ١٧ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

لندن- تعيش بريطانيا موجة من الإضرابات تعتبر من بين الأكبر في تاريخ البلاد، بعد أن اختارت قطاعات حكومية عديدة اللجوء إلى الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور، في ظل ارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات قياسية وحديث الحكومة عن زيادة وشيكة في الضرائب.

ولأول مرة في تاريخ بريطانيا، تخوض نقابات التمريض -التي تمثل حوالي 300 ألف ممرض وممرضة- إضرابا يمتد لأيام، ويأتي بالتزامن مع أعياد الميلاد وفصل الشتاء، حيث يكون الطلب على الخدمات الطبية على أشده، مما دفع الحكومة البريطانية لوضع خطة طوارئ وطلب مساعدة الجيش في أسوأ الأحوال.
كبر إضراب لعمال القطارات يصيب بريطانيا بالشلل.. وهذه الخسائر الاقتصادية المتوقعة
list 3 of 4
الحكومة البريطانية تتراجع عن قرارها خفض ضريبة الدخل على الأثرياء
list 4 of 4
بريطانيا تبحث عن اليد العاملة وهذه أبرز الوظائف المطلوبة
end of list
وستعرف بريطانيا إضرابات في 4 قطاعات حيوية في البلاد، هي: الصحة والتعليم والنقل والمؤسسات الحكومية، وكلها قطاعات توظف أكثر من نصف مليون شخص، مما يهدد بشلل المصالح الحكومية لأيام معدودة مع ما يصاحب ذلك من خسائر اقتصادية بمئات المليارات من الجنيهات.
شلل مفاصل الدولة
لا يكاد يمر أسبوع في المملكة المتحدة دون أن ينضم قطاع حكومي أو اقتصادي جديد لموجة الإضرابات، إلا أن أهمها يبقى إضراب الممرضين والممرضات، وكذلك إضراب الموظفين المدنيين البالغ عددهم 100 ألف موظف، وهؤلاء يعتبرون عصب الوزرات والمؤسسات الحكومية في عموم البلاد.

وصوتت نقابات الممرضين والممرضات على إضراب هو الأول من نوعه منذ تأسيس هذه النقابات قبل 106 سنوات، وذلك بعد رفض الحكومة التفاوض معهم حول زيادة أجورهم بنسبة 4% أو 5%، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى اضطراب حقيقي في عمل القطاع الصحي البريطاني مع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد.

ومن التصريحات المثيرة التي تعبر عن الوضع الصعب الذي يمر به العاملون في قطاع التمريض، حديث المدير التنفيذي لهيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS) عن كون القطاع يعرف موجة استقالات في صفوف الممرضين والمساعدين الطبيين، "وهناك عبارتان لازمتان لتبرير الاستقالة وهما: أمازون ومتاجر ألدي (ALDI)، حيث بات يفضل هؤلاء العمل مع هذه الشركات على البقاء في القطاع الصحي".

وانضم موظفو القطاعات الحكومية إلى المضربين بتصويتهم لصالح سلسلة من الإضرابات، ويعتبر هؤلاء الذين يطلق عليهم الموظفون المدنيون (Civil Servants)، هم أغلبية من يديرون كل المؤسسات الحكومية والقطاعات الوزارية، ويبلغ عددهم 150 ألف موظف، منهم 100 ألف وافقوا على خوض الإضراب، مما يعني أن ثلثي الطاقة العاملة في المصالح الحكومية ستتوقف بشكل كامل.

ويطالب هؤلاء بزيادة بنسبة 10% في الأجور، مع وعد حكومي بعدم تعديل شروط تسريح الموظفين الحكوميين، خصوصا مع الحديث عن خطة حكومية لتقليص النفقات الحكومية وعدد العاملين في المؤسسات العمومية.

وفي الوقت الذي صوّت فيه المعلمون بالإجماع على الإضراب في أسكتلندا، فإن أساتذة التعليم العالي في بريطانيا أعلنوا إضرابا لمدة 3 أيام. ويشارك في الإضراب 70 ألفا من موظفي الجامعات، مما يجعله أكبر إضراب في تاريخ الجامعات البريطانية، وسيؤثر على 2.5 مليون طالب في بريطانيا.

كما قرر سائقو القطارات في بريطانيا مواصلة خوضهم عددا من الإضرابات التي أثرت على حياة الملايين من البريطانيين، إذ يعارض عمال القطارات خطة لتسريح 2500 عامل خلال العامين المقبلين، من أجل توفير 2.5 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يعرف أكبر ميناء للحاويات في بريطانيا إضرابا لمدة 8 أيام. ويعتبر ميناء "فيليكس توي" (Felixstowe) أكبر ميناء في المملكة المتحدة، حيث يستقبل حوالي 4 ملايين حاوية سنويا، ويشتغل فيه 1900 موظف، ومن شأن توقف العمل فيه أن يعرقل سلسلة الإمدادات خصوصا في فترة أعياد الميلاد.

من المتوقع أن يعرف ميناء "فيليكس توي" أكبر ميناء للحاويات في بريطانيا، إضرابا لمدة 8 أيام (الفرنسية)
خسائر اقتصادية
وتقول المؤسسات التي يضرب موظفوها إنها تتكبد خسائر يومية. وعلى سبيل المثال، فإن إضراب القطارات يكلّف الاقتصاد البريطاني حوالي 100 مليون دولار، كما قالت شركة البريد الملكي (Royal Mail) إن كل يوم إضراب يكلف المؤسسة مليون دولار، وهددت بأنها ستضطر لتسريح 6500 موظف مع نهاية العام الحالي.

كما تسبب إضراب موظفي شركة "بي تي" (BT) للاتصالات في تأخير ربط حوالي 40 ألف خط للإنترنت بالألياف الضوئية.

وكشفت صحيفة "غارديان" أن الحكومة البريطانية قد وضعت مخططا للطوارئ للتعامل مع إضراب الممرضين والممرضات، تتضمن استدعاء عناصر من الجيش من أجل التعامل مع خطوط الاتصال بالطوارئ خصوصا خلال فترة أعياد الميلاد، إضافة إلى سياقة سيارات الإسعاف والاستعانة بالصليب الأحمر البريطاني واستدعاء رجال المطافئ أيضا.

رفض حكومي
وأمام موجة الغضب التي تجتاح موظفي جميع القطاعات الحكومية، فإن حكومة ريشي سوناك لها مخطط اقتصادي قد يزيد الطين بلة، حيث من المتوقع أن يعلن وزير الخزانة جيرمي هانت عن تقليص الإنفاق الحكومي بنسبة 2%.

ورغم أن الحكومة، قالت إن لكل وزارة الحق في التفاوض مع موظفيها حول زيادة الأجور، فإنها أوصت بعدم رفع سقف التفاوض وعدم تقديم أي عروض سخية، وذلك بالتزامن مع تحذيرات البنك المركزي من أن أي زيادات في الأجور قد تساهم في رفع نسبة التضخم، وهو ما يحاربه البنك المركزي بكل ما أوتي من قوة.
اجمالي القراءات 462