قبل فضائح كوب 27.. كيف حول السيسي مصر إلى بوتقة قمع؟

في الخميس ١٠ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

طغت انتقادات لاذعة لسجل مصر الحقوقي في عهد الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" على قضايا قمة المناخ السنوية للأمم المتحدة المنعقدة حاليًا في شرم الشيخ بمصر.

قامت جماعات حقوقية مصرية ودولية بحملات تحت شعار "لا عدالة مناخية بدون فضاء مدني حر"، مما يؤكد عدم احترام الحريات المدنية في ظل حكومة "السيسي".

على وجه الخصوص، سلطت قضية المعتقل المضرب عن الطعام "علاء عبد الفتاح"، الضوء على الانتهاكات التي ارتُكبت بحق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين القابعين في السجون المصرية.

وبالرغم من أن مصر من بين الدول الموقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لكن منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت مرارا وتكرارا الرئيس "السيسي" بالإشراف على أسوأ حملة ضد حقوق الإنسان في التاريخ الحديث للدولة العربية.

فيما يلي لمحة عامة عن حالة حقوق الإنسان في مصر منذ وصول "السيسي" إلى السلطة قبل تسع سنوات، بعد انقلابه الذي أطاح بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد وهو الرئيس الراحل "محمد مرسي".

حرية التجمع

في عام 2013، وقبل عام من توليه الرئاسة، أشرف "السيسي" بصفته آنذاك وزيرا للدفاع وقائدا للانقلاب على "مرسي" على حملة قمع دموية ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب، وأذن بقتل ما لا يقل عن 1150 متظاهرًا غالبيتهم من المتظاهرين السلميين في يوم واحد.

وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش عمليات القتل الجماعي، التي أصبحت تُعرف باسم "مذبحة رابعة" بأنها "جرائم محتملة ضد الإنسانية".

لم يُحاسب أي من ضباط الجيش أو الشرطة على عمليات القتل، بينما تمت إحالة المتظاهرين فقط إلى المحاكم، حيث واجهوا تهماً تتعلق بالإرهاب في محاكمات وصفت على نطاق واسع بأنها ذات دوافع سياسية.

بعد وقت قصير من مذبحة رابعة، أصدرت الحكومة المصرية قانون التظاهر، الذي رأت الجماعات الحقوقية أنه يجرم الاحتجاجات بشكل فعال ويمنح قوات الأمن حرية استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين.

ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال آلاف الأشخاص وإحالتهم إلى محاكمات جماعية بتهمة انتهاك القانون.

في سبتمبر/ أيلول 2019، شارك الآلاف في الاحتجاجات المناهضة لـ"السيسي" في جميع أنحاء البلاد، في أكبر احتجاجات منذ عام 2013. وفرقت قوات الأمن الاحتجاجات بالقوة، واعتقلت الآلاف، بينهم أطفال.

سلب الحرية

وفق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، بلغ العدد الإجمالي للسجناء في مصر في مارس/ آذار العام الماضي 120 ألف سجين، مع ما يقدر بنحو 65 ألف سجين سياسي، بينهم 26 ألفًا سجين على الأقل رهن الاعتقال السابق للمحاكمة.

وبينما لا يوجد إحصاء رسمي لعدد السجناء السياسيين، فإن حكومة "السيسي" احتجاز أي معارضين.

يتعرض العديد من المعتقلين تعسفيا للاختفاء القسري، الذي أصبح "ممارسة ممنهجة" في ظل حكم السيسي.

في غضون ذلك، اتهمت جماعات حقوقية السلطات بالتمسك بسياسة الإهمال الطبي والتعذيب وسوء معاملة السجناء السياسيين، مما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص منذ عام 2013.

وعانى الرئيس الراحل "مرسي" نفسه من اعتلال صحته خلال السنوات الخمس التي قضاها في الاعتقال، قبل أن ينهار أمام المحكمة ويموت في يونيو/ حزيران 2019.

واتهم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان السلطات المصرية بالقتل التعسفي لـ"مرسي" (رحل عن عمر 67 عامًا)، والذي قالت إنه احتُجز في "ظروف وحشية" في سجن طرة.

حرية تكوين الجمعيات

تعرض المجتمع المدني في مصر لضربة مدمرة منذ وصول السيسي إلى السلطة، إلى جانب مع قمع المعارضة السياسية مما حال فعليًا دون إنشاء أحزاب سياسية حقيقية، كما استهدفت القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية تقليص عملياتها.

يحظر القانون أنشطة مثل استطلاعات الرأي العام والبحوث الميدانية دون موافقة الحكومة ويمنح الحكومة سلطة حل المنظمات غير الحكومية التي تعمل ضد اللوائح الحكومية التقييدية.

غادرت معظم جماعات حقوق الإنسان المستقلة مصر وتعمل من الخارج خوفا من الملاحقة القضائية، في حين أغلقت المنظمة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي تعد أقدم منظمة حقوقية في البلاد، أبوابها في يناير/كانون الثاني بسبب الاضطهاد.

حرية التعبير والصحافة

تحت حكم "السيسي"، أصبحت مصر ثالث أسوأ دولة في سجن الصحفيين. وتعرضت وسائل الإعلام المستقلة للسحق، وبات توجيه أي انتقاد لـ"السيسي" أو حكومته جريمة عقوبتها السجن.

وفقًا لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، تسيطر الحكومة وأجهزة المخابرات على ما يقرب من نصف وسائل الإعلام الشعبية في مصر، والباقي مملوك لرجال الأعمال الموالين للحكومة.

أما المنافذ المستقلة القليلة المتبقية، مثل "مدى مصر"، التي احتُجزت محررتها "لينا عطا الله" لفترة وجيزة في عام 2020، فهي محجوبة على الإنترنت.

حرية التنقل

لجأت حكومة "السيسي" أيضًا إلى حظر السفر كأداة لقمع معارضيها. ويتسبب غياب القوانين المنظمة للمنع من السفر، في

وجود فراغ قانوني تستغله الأجهزة القضائية والأمنية.

وجدت جماعات حقوقية أن هذه السياسة تم استخدامها بشكل منهجي ضد العاملين في المجتمع المدني ومنتقدي السيسي.

الحق في الحياة

تحت حكم "السيسي"، أصبحت مصر ثالث أكثر دول العالم تنفيذا لأحكام الإعدام بعد الصين وإيران، وفقًا لإحصاء صادر عن منظمة العفو الدولية لعام 2020.

في عام 2021، أصدرت مصر أكبر عدد من أحكام الإعدام على مستوى العالم. قالت جماعات حقوقية إن العديد من المحكوم عليهم بالإعدام تعرضوا للتعذيب والاختفاء القسري والمحاكمات الجماعية المسيسة.

وفي غضون ذلك، اتُهمت قوات الأمن والجيش بارتكاب عمليات إعدام خارج نطاق القضاء دون محاسبة.

الحماية من التعذيب

لا يزال التعذيب ممارسة منتشرة على نطاق واسع من قبل الأجهزة الأمنية في مصر.

نشرت وسائل إعلام دولية العديد من التسريبات حول التعذيب في أماكن الاحتجاز، لكن لم يتم التحقيق في أي من الحوادث من قبل السلطات ولا يزال الجناة طلقاء.

وتركزت الأضواء الدولية على عمليات التعذيب في مصر، منذ أن اتهمت لجنة برلمانية إيطالية جهاز الأمن المصري باختطاف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" في القاهرة عام 2016.

وأظهر تشريح الجثة أنه تعرض للتعذيب قبل وفاته. وتنفي الشرطة المصرية أي ضلوع لها في عملية قتل الطالب الإيطالي الراحل.

يأتي ذلك فيما وثق مركز النديم المصري لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب في الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2021، حوالي 93 حالة تعذيب و54 حالة وفاة خلال عمليات احتجاز داخل اقسام الشرطة

وقالت هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي 2022 إن "قوات الأمن المصرية تتصرف دون عقاب، وتقوم بشكل روتيني باعتقالات تعسفية، واختفاء قسري، وتعذيب نشطاء سياسيين حقيقيين أو مشتبه بهم، وكذلك المواطنين العاديين".

الحقوق الاجتماعية والاقتصادية

سعى "السيسي" إلى التقليل من أهمية الحقوق المدنية والسياسية في مقابل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، فشلت حكومته في إعطاء الأولوية للتعليم والرعاية الصحية في ميزانيتها السنوية، مفضلة بدلاً من ذلك الإنفاق على مشاريع البناء الضخمة وسداد الديون.

وكان الانفاق على التعليم والرعاية الصحية دائما أقل من الحد الأدنى المنصوص عليه دستوريًا 3٪ و6٪ من إجمالي الدخل القومي الدخل.
اجمالي القراءات 358