اكتشاف ثقوب غامضة في قاع المحيط الأطلسي يثير حيرة العلماء

في الأحد ٠٧ - أغسطس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

خلال رحلة استكشافية حديثة إلى الأعماق التي لم يتم استكشافها بالكامل بعد لشمال حيد وسط المحيط الأطلسي (Mid-Atlantic Ridge)، عثر الباحثون البحريون على شيء غريب؛ ثقوب صغيرة محفورة في الرواسب، مرتبة في عشرات الخطوط شبه المستقيمة، الأمر الذي أعاد إلى الذاكرة تلك الثقوب الغامضة التي شاهدها العلماء سابقا في عام 2004 في نفس المنطقة.

ويمتد حيد وسط المحيط الأطلسي (Mid-Atlantic Ridge) لمساحة شاسعة تبلغ 16 ألف كيلومتر، وهو أطول حيد في العالم – على الرغم من حقيقة أن معظمنا لم يره مطلقًا ولا نعرف الكثير عن هذه المنطقة، ولهذا السبب هو محور رحلة "نوا ريدج 2022" (Ridge 2022)، من مايو/أيار إلى سبتمبر/أيلول 2022.ويذكر البيان الصحفي المنشور على موقع الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" (NOAA) أنه "أثناء رحلة الغوص رقم 04 من الرحلة الثانية للمهمة الاستكشافية "فوياج تو ذا ريدج 2022″ (Voyage to the Ridge 2022)، لاحظنا عدة مجموعات من الثقوب في رواسب قاع البحر تصطف في خطوط شبه مستقيمة على عمق حوالي 2540 مترا".

ويصف البيان الثقوب بأنها تبدو وكأنها من صنع الإنسان، مع وجود أكوام الرواسب الصغيرة حولها، وقد حاول العلماء إلقاء نظرة داخل الثقوب ووكزها بالأدوات الموجودة في الغواصة التي تعمل عن بُعد، لكنهم لم يتمكنوا. ولم يتضح ما إذا كانت الثقوب متصلة تحت سطح الرواسب.

ثقوب تثير حيرة العلماء
في التقرير الذي نشرته "ساينس ألرت" (Science Alert) عن الكشف يشير العلماء إلى أن الثقوب الموجودة في قاع البحر لا تكون محيرة للغاية في العادة، ولكن هذه الثقوب كانت منقطة بأسلوب أنيق ومتناسق بشكل لا يصدق، ولولا حقيقة أنها تقع على بعد 2.5 كيلومتر تقريبا تحت سطح المحيط الأطلسي، وفي مكان معزول، لكان من الممكن أن تكون بفعل بشري.

استخدم الباحثون على متن سفينة تحمل اسم" أوكيانوس إكسبلورر" (Okeanos Explorer)، غواصة آلية لاستكشاف الحيد البركاني تحت الماء شمال أرخبيل جزر الآزور، بالقرب من ساحل للبرتغال في 23 يوليو/تموز الماضي. وبعد أسبوع تقريبا، عثر الباحثون على 4 مجموعات أخرى من الثقوب على بُعد حوالي 483 كيلومترا، وعمق 1.6 كيلومتر.

ولأن العلماء ليسوا متأكدين من أصل هذه الثقوب، فقد قرروا أخذ رأي المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك لمعرفة ما قد يكون لديهم من فرضيات حول كيفية تشكل هذه الثقوب، وقد شارك الجمهور بمجموعة متنوعة من الفرضيات، بدءا من الكائنات الفضائية وأنواع سرطان البحر غير المعروفة ووصولا إلى الغاز المتصاعد من أسفل قاع البحر.

ومع ذلك، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها العلماء هذه الثقوب الغامضة، ففي يوليو/تموز 2004، وأثناء الاستكشاف على عمق 2082 مترا خلال رحلة استكشافية على طول حيد وسط المحيط الأطلسي الشمالي، اكتشف العلماء عدة مجموعات من هذه الثقوب.

وقد سلطت ورقة بحثية نشرت في يناير/كانون الثاني الماضي في دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس" (Frontiers in Marine Science) الضوء على كيف أن هذه الثقوب غير العادية تشير إلى الفجوات الموجودة في فهمنا الأساسي للنظم الإيكولوجية لحيد وسط المحيط، وقد تناول العلماء في الورقة البحثية بعض الفرضيات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

العلماء افترضوا أن الرواسب المرتفعة قد تشير إلى قيام كائن حي بالحفر والإزالة (نوا)
المصدر لا يزال مجهولا
وفي حين لم يتمكن العلماء في تلك الدراسة السابقة من تحديد مصدر الثقوب أو كيفية نشأتها بشكل قاطع، فقد افترضوا أن الرواسب المرتفعة قد تشير إلى قيام كائن حي يعيش في الرواسب بالحفر والإزالة، ربما عن طريق زائدة تغذية لحيوان كبير على سطح الرواسب.

وقد استخدموا مصطلح (lebensspuren) لوصف الثقوب، والذي يترجم إلى "آثار الحياة" ويشير إلى أنماط في الرواسب السطحية الناتجة عن الاضطرابات الحيوية (أو اضطراب الرواسب بواسطة الكائنات الحية)، وتذكرنا هذه الثقوب بتلك التي تم الإبلاغ عنها على الصخور البحرية العميقة.

ومنذ ذلك الحين، لم يكتشف المزيد عن الثقوب، لكن من المأمول أن تقدم هذه المهمة بعض الإجابات، وكجزء من الرحلة الاستكشافية الأخيرة، تمكن الباحثون من أخذ عينات من الرواسب حول الثقوب باستخدام جهاز الشفط الخاص بالغواصة على أمل أن يلقي الضوء على ما إذا كان هناك شيء ما يعيش هناك أم لا.

ويختم الباحثون بيانهم الصحفي بأن "الأصل النهائي للثقوب لا يزال لغزا، وبالفعل فإن المجهول الذي نواجهه غالبا ما يكون عميقا وغامضا مثل المحيط نفسه. ومع كل رحلة استكشافية لرسم خريطة واستكشاف أعماق المحيطات، نتعلم المزيد عن هذا النظام البيئي الحيوي للغاية في حياتنا كلها".
اجمالي القراءات 540