تفاعل واسع مع صورة حقوقي مصري بعد اعتقال دام 3 سنوات

في الإثنين ١٨ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

أثارت الصور التي جرى تداولها للحقوقي المصري، عمرو إمام، عقب إطلاق سراحه، السبت، بعد اعتقال لنحو 3 سنوات، جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، خاصة أنه بدا عليه التعب، وتغير الملامح، وعلامات الكِبَر، وغزا الشيب رأسه بشكل كبير.

وقام العديد من المغردين بنشر صورتين لعمرو إمام، تظهران الفرق بين حالته قبل وبعد اعتقاله، وهو ما أثار تعاطف الكثيرين.

— شبكة رصد (@RassdNewsN) July 17, 2022

وقررت السلطات المصرية إخلاء سبيل 6 صحفيين ونشطاء، من بينهم عمرو إمام، كانوا رهن الحبس الاحتياطي خلال الأشهر الماضية، وذلك بعد ساعات من لقاء جمع الرئيس الأمريكي بنظيره المصري في جدة تطرق إلى قضايا حقوق الإنسان.

وكانت قوات الأمن اعتقلت "إمام"، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 من منزله في حي المعادي بالقاهرة، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي ليومين، وذلك بعد أيام قليلة من انتقاده وتعبيره عن رأيه السلمي لوقائع القبض على الصحفية إسراء عبد الفتاح والمعاملة القاسية التي تلقتها حينها.

وظل "إمام" محبوسا احتياطيا، لأكثر من ألف يوم، بتهم أكدت منظمات حقوقية أنها "مُلفقة"، تتعلق بمشاركة "جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار وبيانات كاذبة" في القضية رقم 488 لسنة 2019 أمن دولة عليا. وتجاوز اعتقاله حد السنتين المنصوص عليه في القانون المصري للحبس الاحتياطي.

يشار إلى أن "إمام" عمل كمحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي توقفت عن العمل منذ 1 كانون الثاني/ يناير 2022، ومارس دورا بارزا كمحام حقوقي في الدفاع عن مئات المواطنين الذين جرى اعتقالهم على خلفية احتجاجات 20 أيلول/ سبتمبر 2019، والتي كان قد دعا لها الفنان والمقاول محمد علي.
معاناة قاسية
من جانبه، قال مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، شريف هلالي؛ إن "الصورة قبل وبعد الخروج من السجن هي كاشفة بكل المقاييس عن المعاناة التي عاناها عمرو، وغيره من سجناء الحرية، حيث ظل إمام محروما من حريته طوال ثلاث سنوات، وطوال هذه المدة لا يعرفون متى سيخرجون؟ وهل سيحالون إلى المحاكمة أم لا؟".

ولفت هلالي، في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن "سجناء الرأي يعانون نفسيا بسبب فقدانهم لحريتهم دون سبب يستحق النقاش، إلا لممارسة حقوقهم الدستورية"، مشدّدا على أن "المعاناة النفسية أشد وأكبر، وتظل مع السجين حتى بعد خروجه من السجن".

وأوضح الناشط الحقوقي أن "هناك سجناء آخرين خرجوا إما مُصابين بأمراض لا علاج لها، أو فقدوا حياتهم داخل السجن بسبب سوء الرعاية الصحية، الذين كان آخرهم عضو حزب الدستور أحمد ياسين".

وتابع هلالي: "في أثناء الحبس يكبر السجين سنوات فوق عمره، وتُترك ملامح كثيرة على وجهه وجسده، بسبب بُعده عن أسرته وأبنائه وزوجته، ويدفع السجين ثمن حبسه أكثر من مرة، وتدفع أسرته الثمن أيضا من القلق والإرهاق الجسدي والنفسي والمادي".

واختتم الحقوقي المصري تصريحاته بالقول: "كم من سجناء الحرية فقدوا ذويهم وهم خارج السجن. وهذا الوضع لا ينبغي أن يستمر؛ لأنه يمثل حالة استنزاف لمئات الأسر والمحبوسين احتياطيا، وهو إجراء استثنائي يجب أن يُطبق في أضيق الحدود

صدمة ودهشة
بدورها، عبّرت منسقة ائتلاف نساء من أجل حقوق الإنسان، ماجدة محفوظ، عن بالغ حزنها وتأثرها بالصور التي جرى تداولها للحقوقي عمرو إمام، وقالت: "لقد أصابتني تلك الصور بالصدمة والدهشة، رغم أن هذا الأمر أصبح متكررا ومعتادا بكل أسف"

ولفتت، في تصريح لـ"عربي21" إلى أن ما وصفتها بـ "سياسة تلفيق الاتهامات التي باتت ممنهجة، تتسبّب في ضياع الكثير من أعمار وأرواح المعتقلين الذين اعتقلوا بلا ذنب أو جريرة على الإطلاق، لدرجة أن البعض يتساءل: لماذا تم اعتقالهم؟ ولماذا تم إطلاق سراحهم؟ ومَن سيعوّضهم عن أعمارهم التي ضاعت، وصحتهم التي سُلبت وتدهورت"

وشدّدت محفوظ على استنكارها ورفضها التام لفكرة عقاب الحقوقيين والمعارضين السلميين عبر إدخالهم في دوامة الحبس الاحتياطي المفزعة، التي يخرج منها البعض وهم أشباه بشر، بعد تعرضهم لشتى أنواع التنكيل الجسدي والنفسي، موضحة أن "تلك الممارسات تُعد انتهاكا صارخا للقانون الدستور وبمشاركة النائب العام الذي لا يتحرك إزاء تلك الجرائم، بل يتواطأ عليه".
من جهته، أكد الحقوقي المصري ومدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل، أن "المعتقل هو أقذر مكان صنعه الإنسان لأخيه الإنسان. فيه يُسرق عمرك دون ذنب أو جريرة"

وأضاف أبو خليل، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر" أرفقها بصورتين لإمام: "عمرو إمام قبل وبعد 3 سنوات، سجن بتهمة الولاحاجة (لا شيء) في بلادنا المخطوفة من عصابة تمارس الإرهاب باختطاف الأبرياء واعتقالهم".


كما قالت الصحفية سلافة مجدي، التي جرى اعتقالها سابقا- في تدوينة عبر "فيسبوك"-: "السجن بيسرق أعمارنا، وبيأكل من روحنا.. يبان علينا العجز والانهاك صحيح، لكن صوتنا والمعافرة باقيين"، مضيفة: "عمرو إمام حُر.. عمرو لساه بيضحك وروحه الحلوة تشرح القلب. ربنا يعوضك فراقك عن ابنك وأحبابك"

في حين تساءلت الكاتبة الصحفية، نادية أبو المجد، عن مصير وأوضاع الأشخاص الذين جرى اعتقالهم في أعقاب الانقلاب العسكري، مضيفة: "تخيلوا ما حدث لروح ونفسية وشكل المعتقلين منذ 9 سنوات منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 في مصر".

أسوأ أزمة حقوقية

وتشهد مصر في ظل نظام السيسي أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود؛ فلا يزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، ومن بينهم صحفيون ومدافعون حقوقيون، معتقلون بتهم ذات دوافع سياسية، والعديد منهم في الحجز المطول قبل المحاكمة، وفق منظمات حقوقية دولية.

كما تستخدم السلطات المصرية غالبا تهم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة ضد النشطاء السلميين، وضايقت واعتقلت أقارب معارضين في الخارج.

في حين أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تفاقم الأوضاع المزرية في السجون المكتظة.
غير أن القاهرة عادة ما تنفي صحة الانتقادات الموجهة إلى سجلها الحقوقي، وتؤكد احترامها الكامل للحريات والحقوق باستمرار، معتبرة أن بعض المنظمات الحقوقية الدولية تروِّجها في إطار "حملة أكاذيب" ضدها، بحسب زعمها

جدير بالذكر أنه خلال الأشهر الأخيرة، تم إطلاق سراح عدد قليل جدا من المعتقلين على ذمة قضايا سياسية، خاصة في أعقاب دعوة "الحوار الوطني" التي أطلقها السيسي في 26 نيسان/ أبريل الماضي.
لكن تلك الإفراجات "المحدودة" أثارت غضب الكثيرين، خاصة الحركة المدنية الديمقراطية (أكبر كيان معارض داخل البلاد)، التي تبحث تعليق مشاركتها في جلسات "الحوار الوطني"، لأسباب متعددة على رأسها عدم الإفراج عن عدد "مُعتبر" من سجناء الرأي، كبداية ضرورية قبل المشاركة في الحوار الوطني.
وكانت الحركة المدنية تقدمت، مؤخرا، بقائمة أولى شملت الإفراج عن 1074 معتقلا، بمن فيهم سجناء الرأي البارزون من قيادات الأحزاب وبعض النشطاء، إلا أن النظام ضرب عرض الحائط بتلك القائمة، ولم يفرج إلا عن أعداد أقل بكثير جدا مما جاء في تلك القائمة.
اجمالي القراءات 889